2014/02/28

جماعة يوتوبيا الأدبية تقاوم الغربة بالشعر والموسيقى

جماعة يوتوبيا الأدبية تقاوم الغربة بالشعر والموسيقى
أقامت ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻳﻮﺗﻮﺑﻴﺎ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺃﻣﺴﻴﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﺨﺎﻟﺪﻳﺔ في دولة الكويت ﺃﺩﺍﺭﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ .وشارك فيها الشعراء نادي حافظ ونبيل صبري وخلف كلكول وشامل العزيزي وربيع حامد وأحمد الحاج.وتخللت الأمسية فقرة فنية للمطرب الشاب وائل   سمير .
وقال عبدالله صبري عضو مجلس إدارة جماعة يوتوبيا الأدبية أن يوتوبيا تسعى إلي تقديم فعاليات ثقافية مغايرة في المرحلة المقبلة ستبدأها بندوة عن الحداثة في شعر المتنبي.
وعن الخطة المستقبلية ليوتوبيا قال رئيس مجلس الإدارة الشاعر أحمد عبدالحافظ أن يوتوبيا ستنظم ورشا تدريبية لتعليم العروض والرواية وستقيم مهرجانا شعريا كبيرا. كما أنها ستعطي أولوية لمناقشة الأعمال الأدبية وإقامة الورش النقدية وتبني المواهب الشابة.
يذكر أن جماعة يوتوبيا هي جماعة أدبية مصرية تقيم الفعاليات الثقافية داخل دولة الكويت وقد أسسها الشاعران أحمد عبدالحافظ وعبدالله صبري.

سندريلا..اليك اعتزاري ! قصة بقلم: أميرة الوصيف

سندريلا..اليك اعتزاري !
قصة / أميرة الوصيف 
عمل فنى  / سارة حسين


أتانى الصباح مهرولاً مُقبلاً رأسي وجبهتى السمراء ,حاضناً عيناى وملامحى ذات الميلاد المصرى والإقامة الإنجليزية .
" ياله من صباح عجيب " , هكذا كنت أتمتم وأغمغم فى هلوسه , لماذا رحل الليل بهذة السرعة المُربكة ؟ , هل أرادنى الله أن أشهد حدثاً مقدساً ؟! , أم أن عباقرة التنمية البشرية ألقوا بكل مالديهم من حبوب للتفاؤل فى الهواء فأزاحت قوتها سواد الليل وعجلت لنا بنور الصباح ؟!
زقزقة العصافير أين أنت من ملكوت شرفتى هذا الصباح ؟ , كنت أتساءل فى توجس وخيفة لا ينفصلان !
وكيف لنور الصبح أن يسطع دون نداءات عصافيرى حنطية اللون ؟
حسناً يكفى نحيباً على تغيبها اليوم , فلم تكن زقزقتها مصدر سعادتى الوحيد , بل كانت تلك السعادة الكاملة يختصرها مشهد جمالى آخر فى الشرفة المقابلة لشرفتى 
كم أعشق تصويب بصرى إلى هناك 
كم أتوق لرؤيتك كل صباح سندريلا الشرق
كم هى ملائكية الروح !
كلما رأيتها ترتشف فنجانها الصباحى أيقنت أن القهوه هى من بحاجة اليها لا العكس !
فسعاد هى المذاق , والقهوه حبوب مطحونة لا تجيد فلسفة الجمال الخاطف !!

هاهى أجراس اليقظه بداخلى تدفعنى دفعاً إلى الشرفة قبل أي عمل آخر, فأى عمل هذا الذى ينافس أولويات رؤيتك ياسعاد ؟ , وأى مهام تلك التى تجعلنى قاطن مدن التأخر عنك ؟ , تلك المدن الداعية للبؤس والجالبة للعويل !

ربما لوجهى علي حق فى أن أجعله مصافحاً للماء صباحاً , وربما لجسدى علي حق فى أن أدخل معه فى رحلة رياضية قصيرة بشوارع لندن اللامعة , لكنى لا أطيق الإحتمال أن أؤدى أشياء ذكرها لا قيمة له بالنظر إلى وقوفى بشرفتى وإستهلال يومى بإبتسامتك الرائقة التى ورغم كل شيء لازالت تزداد إتساعاً !
والآن هاهى شرفتك ذائعة الصيت بقلبي وعالمى الإنسانى , هاهى أحد بيوت الجنة , هاهى نافذة الأنوثة الكاملة , بل هاهى نبراس البصر والبصيرة 

وها أنا أقف بالشرفة عازماً على القاء السلام , وها أنا أضحك من داخلى , وأداعب روحى المتلهفة شوقاً لرؤية سعاد سندريلا عالمى 

ولكن ما الأمر ؟
انها لم تظهر بعد , تُرى ماذا جرى ؟!
أفقدت لندن سحرها الآخاذ الذى يأسرنى أنا على وجه الخصوص ؟!
فمنذ عشرة أعوام وأنا أرى وجهها السينمائي من شرفتى , أراه دون شاشة عرض ولا حراسات , ولا جماهير تتزاحم على مصافحتها !

منذ عشرة سنوات وأنا أراها تسير وحيدة 
منذ عشرة سنوات وأنا أقرأ الحزن بعينيها الآخاذتين 
منذ عشرة سنوات وأنا لم أشهد ببصري زيارة أحدهم لها .
دوماً تتكرر هذة المشاهد بلا ملل , أراها بشرفتها تحتسى فنجانها برقى لا يستهان به 
وتتأمل السحب الكثيفة وتتمتم بعبارات لا أفهمها 
أراها تقف تنظر خلفها وبجانبها فلا تجد أحد 
وتنظر أمامها فترانى أبتسم لها 
فترد الي الابتسامة فقط كى لا تؤذينى معنوياً 
ثم أمارس أنا مهنتى فى تصنع الإنشغال بتصفح صحيفة الجارديان حتى أمنحها تأشيرة الأمان لتفقد ذاتها فى ارتياح ولذة .
فتمسك حينها بمرآتها وتنظر لوجهها بخوف لايهمد , وإذا بى أجد دموعها تتدخل فى حلقات متتابعة من السجال !
أدرك حينها أن أحزانها أعلنت عليها الحرب , وأن سعاد أفجعتها تغيرات وجهها , وأراها تتلمس جسدها بيديها المرتعشتين ,فإذا بها تصاب بعدم إتزان لتحسسها جسد لم تعهد عليه من قبل !!

أمر يقودك إلى الجنون أن تجد أنك أصبحت مغترباً عن ذاتك التى لطالما عاهدتها !
أمر مُحال إحتماله على بشري أن يجد نفسه منبوذاً بعد أن كان رمزاً للمحبة !

لا أصدق أننى رأيتها تبكى ولم أجفف دمعها !
ولا أصدق أننى رأيتها تلازم شرفتها طويلاً ولم أنتزع منها سر الإختفاء 
ولكن ماذا علي أن أفعل , وكلما رأيتها وعزمت على الحديث وجدتها تختبىء خلف مرآتها , وتذرف دمعاً , وتشكو لسحب لندن قساوة البشر قريبهم وبعيدهم !!

ولكنى الآن أقسم بك أيها النور الإلهى المسمى بالصباح أننى سأحدثها للمرة الأولى مذ جاورتها السكن 
سأعتذر اليها نيابة عن الجميع , سأغمرها بالأحاديث الروحانية , سأشدو لها كل ماسبق وكانت تشدو به فى حدائقها الفنية , سأصف لها أرقى ثيابها 
سأعتذر لها نيابة عن الأهل , عن الأصدقاء , بل عن الوطن بأسره !!

الآن ياسعاد سأجفف دمعك , وأعيد إليك مهرك !
لم تخرج سعاد إلى الآن 
لاتزال شرفتها مُظلمة 
لاتزال العصافير متغيبة
ولا أزال أنا عازم على الإعتذار 
سأغمض عيناى للحظات أتخيل حينها مشهد لقائنا سوياً 
سأغمضهما لأرى بخيالى أولاً ماذا يمكننى أن أقول ؟!
أغمضت عينى وإستمدت روحى طاقتها فى الحضور , وأخذت أصرخ " اخرجى ياسعاد .. اخرجى ياسعاد " , لكن بلا جدوى !

ودون مقدمات
رأيت تجمهراً كبيراً بالأسفل 
"ما كل هؤلاء الناس , لم أرى مشهداً كهذا طيلة إقامتى هنا " 
وبينما تصطدم عيناى بشرفة سعاد , فإذا بها منفتحة على آخرها ولكن أين سعاد ؟ , أين شمس صباحى الدافئة ؟!
رأيتها بالأسفل حيث يتجمع سكان البلدة غارقة فى بركة دماء 
رأيتها جثة هامدة يحاصرها أفراد الأمن الإنجليزى , وأبواق الإذاعة , وكاميرات التليفزيون , رأيتها مكبلة بسكرات الموت المفاجىء !
ورأيتنى أبكى بهيستريا تفتقد التعقل والحكمه 
ووسط كواليس مرعبة , وجدتها تصوب بصرها إلى الشرفة , وكأنها تتساءل كيف لهذا أن يحدث ؟
لا أعلم كيف سقطت سعاد 
هل أسقطها صمتى عن الإعتذار ؟!
أم أسقطها صمتها عن الحديث أم من فعل ذلك صمت كلانا ؟
تمنيت أن يكون مارأيته خيال , وأن تكون شُرفتها كاذبة , وأقسمت أن أغمض عيناى ولا أفتحها خوفاً وألماً

2014/02/27

12 مارس القادم: لجنة ثقافة الطفل تنظم مائدة مستديرة تتضمن "شهادات ورؤى لكتاب الطفل "



بمشاركة 10 كتاب من خارج العاصمة:
لجنة ثقافة الطفل تنظم مائدة مستديرة تتضمن "شهادات ورؤى لكتاب الطفل "
تحت رعاية الأستاذ الدكتور سعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، تنظم لجنة ثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة برئاسة الكاتبة والمبدعة فاطمة المعدول مائدة مستديرة تحت عنوان "شهادات ورؤى لكتاب الطفل" يشارك فيها الأساتذة الأدباء: جار النبي الحلو، محسن يونس، السيد زرد، أحمد قرني، أمل جمال، انتصار عبدالمنعم، فاتن شوقي، عبدالله مرشدي، محمد مستجاب، عبدالرحمن بكر.. ويديرها أحمد طوسون عضو لجنة ثقافة الطفل.
المائدة تقام يوم الأربعاء 12 مارس 2014 الساعة 3 عصرا بالمجلس الأعلى للثقافة.. وتتضمن تجارب كتاب الطفل في محافظاتهم خارج العاصمة.
كما يعقب المائدة حوار بين الأدباء وأعضاء لجنة ثقافة الطفل، حول تطلعاتهم لعمل اللجنة والسبل التي تكفل تواصل اللجنة مع كل المهتمين بثقافة الطفل خارج العاصمة.

جائزة ناهض الريس الادبية


"ثمة أمل "قصة بقلم: خيري عبدالعزيز

ثمة أمل
 خيري عبدالعزيز
(1)
   قبيل الثورة
   على جانبي الشرفة الغربية, تخطف الأبصار صورتين مهيبتين للزعيم الملهم, بقميصه الأبيض ونظرته المستقبلية الواعده التي يخاطب بها أهله وعشيرته.. البيت جميل, وطلته على الطريق العمومي أكثر من رائعة, بما فيها من جلال وعظمة.. يبدو بين البيوت المجاورة, كما طاووس مهيب يتقدم حفنة من الدجاج, أو سيد يقود مجموعة من العبيد..
   السيد صاحبه هو رئيس مجلس المدينة, وعضوا مرموقا بالحزب الحاكم بالمحافظة.. منذ الطفرة الجينية الكبرى في حياته بانضمامه للحزب وما تلاها من تعينه بالمجلس, وهو محط إكبار ونظر, وقبلة عصية الوصول لكل أصناف الدجاج..
(2)
   صبيحة الثورة
   رغم أن الجو صحو, فإن البيت تكسوه غمامة من كآبة, والصورتين المهيبتين للزعيم الملهم, تم التخلص منهما من قبل السيد العضو بالحزب.. كان وجهه أصفرا ممتقعا حينها, وبدنه يرتعد..
  وكانت جموع الشعب في بقاع المعمورة تهدر مطالبة بالخلاص من براثن ظلم الأفاعي..
                                            (3)          
    أما بعد
    مثل ثعبان قطع ذيلة, وفقد أنيابه, وأصابته جروح عدة؛ أطل من بين فرجات خوص الشرفة.. وجدهم يتناحرون, وقد تفرق الطوفان إلى جداول وترع..
    كان بالكاد يتنفس, ولكن روعة المشهد أنبأته أنه ما زال ثمة أمل..
 

طبعة جديدة من رواية مملكة الجنة - اشرف مصطفى توفيق - الطبعة الثالثة



طبعة جديدة من رواية مملكة الجنة - اشرف مصطفى توفيق - الطبعة الثالثة


الرواية:
*       رجل قانون فى منحة دراسية فى فرنسا , يتقلب عليه الامر بين الشرق والغرب فى كل شيء (الحرية , القانون , النساء , الدين , التاريخ) , يسقط بين الزوجة"المصرية"،والعشيقة"المغربية"، والصديقة"الفرنسية" , يتعذب بين النص الديني والقانون الفرنسي وعند عودته هارباً فاشلاً فى كل شيء. يجد جنته،عالمه الصغير : شرقيته , زوجته ابنه الصغير "على"، ندمة . فلم تكن فرنسا الجنة ؟!. وأنما جنته فى الخروج منها والعودة للذات.
قالوا عن الكاتب وروابتة:
-  "مملكة الجنة" هو عنوان الرواية الصادرة مؤخرا لأشرف توفيق عن "إيتراك للطباعة والنشر والتوزيع" الرواية ذات منحي ثقافي واضح، يتراوح فيها الحديث بين طه حسين وكامو والتصوف والمعتزلة والمرجئة والجدل في مجلة "بوبوان الفرنسية" عن الإنجيل الذي يبشر بمحمد. من أجواء الرواية: "الاغتيال السياسي يظل بطلا لمعظم الأعمال الروائية.. هل يوجد أدب للجريمة السياسية؟! ويظل نداء قيصر القديم: "حتي أنت يا بروتس" في حاجة لتفسير؟!  قال المتطرف الإسلامي: لم أعرف نجيب محفوظ، ولم أقرأ له، ولكنه خنجر في جسد نظام قبل أن يكون غرس خنجرا في جسد إنسان!! وقال قبله مانسون حينما سأله أتباعه ما فائدة قتل شاروت تيت نجمة الإغراء في هوليود وفي وقت حملها؟! قال: لقد حان يوم "هيلتر سكيلتر"، وهي كلمة رمزية تعني بدء جرائم القتل انتقاما من المجتمع بمعني لا يهم من المقتول وإنما المهم نتيجة القتل؟!             جريدة اخبارالادب - مصر
- يكتب روايته بطريقة الكولاج بين الوثيقة والسرد , فيخرج لنا شكل روائي  جديد (الرواية - الكتاب). وأعتقد أن هوامشه الكثيرة ، ووثائقه القانونية،  وملفات المؤتمرات، سيكون للنقد شأن فيها لأننا فى النهاية امام رواية. مجلة عيون الادب - الكويت
من داخل النص:
كانت هُنَاكَ عجوز مكرمشَة الْوجه عند مدخل الْمَكَان .. عند الْقُلل الْفُخَّاريَّة الَّتِي تخرج منها إضاءَة خافتَة تتلَوَّن بلَوْن جوف الْفخار فترى كلَّ ألوان قوس قزح .. كانت "باردو" واقفَة شدَّت شعْرَها للخلف، مُتأنِّقَة، ولكن فِي حشمَة، تضع إيشارب مزركش حول رقبتها يبدو موضة. ولكن أدركت أنها خدعَة لمداراَة تجاعيد السِّنين حول رقبتها.. استقبلتُها بترحيب الْمصريِّين، أفهمتها بأن تلميذتها على وصول، وأني تلميذها فِي جامعَة ليون من طلبَة الْمنح الْفَرَنْسِيَّة الْمجَّانيَّة، ويُسعدني أن تكون على منضدتي لحين حضور تلميذتها الْفَرَنْسِيَّة، استغربت من استعمالي كلمَة تلميذَة على امرأَة ناضجَة فِي الثَّلاثِين؟! سأَلَتْ أسئلَة تقريريَّة عن علاقتي بها؟ وعني؟ وضَحِكَت على إجاباتي السَّاذجَة عندما شرحتُ باختصار ظروف معرفتي بِهَا، كانت مندهشَة من أني لا أعرف حتَّى اسمها؟! ولكنها استسلمت للمقادير، ولأسئلتي الْمبطنَة لحالَة هزَّة الْقلب، والإسقاطات الْمُروِّعَة داخلي وكَأنَّها تعلم مغزى وخطورَة ذَلِكَ على الْوجود! هِيَ لها خبرَة بكيف يتصرف طلبَة الْمنح الْمَجَّانيَّة فِي فرنسا عند بدايَة الأمر.
سألتها: (التَّحَرُّش الْجِنْسِي )؟
قالت: وفى عيونها ارتداد الثِّقَة بدلا من الْحيرَة.. التَّّحَرُّش موجود فِي مدرسَة الْقانون السكسوني وخَاصَّة أمريكا، ولكن فِي فرنسا النَّصوص كافيَة.
 تلعثَمَتْ فرنسيتي. وهِيَ تنتظر مناقشَة مطولَة .
 قلت: pbeaucou onnaitrec veux je, باختصار.. لنعرف الْمزيد.
قالت- التّحَرُّش يمكن نقله من الْقانون الْجِنَائِي إِلَى الْقَوَانِين ذات الطَّابع الإداري.. ولذا قررت وزيرَة الْمرأَة فِي أَلْمانيا جَعْل هَذَا الْقانون (ضمن قوانين الْعمل والوظيفَة) وبالتَّالِي فالعقوبَة فيه تأديبيَة، لا جِنَائِيَّة. وبالطَّبْع هَذَا عكس الْوضْع فِي أَمْرِيكَا.. ولكنه التّدبير الْمقدم للأمر فِي فرنسا.. فالأمر لم يُحْسَم عندنا؟!
في ألْمانيا، الْقانون موجود باسم الْوزيرَة (إنجلا مركل) وهو ينص على التَّّحَرُّش الْجِنْسِي بمكان الْعمل وهو: كلُّ تصرف جِنْسِي مُتَعَمَّد من شأنه أن يجرح مشاعر الْعاملات فِي مكان الْعمل.
(لاحِظْ أنه لم ينص على جرح مشاعر الْعامِلين الذُّكُور- فهو تمييز) إذا ما ترتب عليه رفض أو تأفُّف أو خجل النِّساء بالْمُؤَسَّسَة.. مثل: الأقوال الْجِنْسِيَّة، الْمطالبَة بالقيام بتصرفات جنسيَة، الْجنس الخفيف متمثلا فِي اللَّمَسات الْجَسديَّة، الْملاحظات الْمحتويَة على معان جِنْسِيَّة : كعرْض أو إحضار صور عاريَة بالْمكتب أو مكان الْعمل، أو استخدام التّليفون الخاص بالعمل فِي علاقات شديدَة الخُصُوصِيَّة (جِنْسِيَّة) .
كانت تقول بمُنْتَهى الاتزان ودون أن ترِفَّ عينيها- رغم اهتزاز نهداها الشّامخين كمركز ملاحَة مستتر، كان له شأن فِي الْمَاضي فِي إرْشَاد سُفُن الذُّكُورَة الضَّالَّة فِي الْبَرِّ- أو تلاحظ وقع هَذَا الشّرح على أعصابي.
سألتُ - وكَيْف يعلم الْقانون كيف ترفض الْمرأَة ؟
أجابتْ - الرَّفض فِي هَذَا الْقانون لا بد أنْ تُعَبِّر عنه الْمرأَة بشكل مادي، مثل: أن تتقدم بشكوى مكتوبَة، أو شفهيَّة لصاحب الْعمل، ويجب أن تكون محدَّدَة، أي أن تحدد الْفِعْل، ولا تكون شكواها عامَّة، وبعد ذَلِكَ يبقى على صاحب الْعمل أن يمنع هَذَا التَّّحَرُّش بصورَة عاجِلَة خلال طرق يختار منها وهِيَ : النَّقل – لفت النَّظر اﻹنذار – التّحويل إِلَى إدارَة أخرى ..طرق الْعقاب الإداري وليس لرئيس الْعمل الْحقُّ فِي غَضِّ الْبصر، أو عقد الصُّلح أو الْحِفْظ وإنما هذه الخيارات ﺇجباريَّة.
-         وماذا إذا رضيت الْمرأَة فِي أوَّل الأمر، ثم حدث ما يُعَكِّر الصَّفْو؟! أتصبح الْعقوبَة مُسلَّطَة على الرَّجل؟
- هذه الشّكوى تسقط إذا مر أكثر من ثلاثَة شهور على حدوثها حتَّى يستقيم الْعمل، ونبعد عن الْكيديَّة فِي الشَّكوى فهِيَ وﺇن كانت جريمَة ﺇداريَّة فإنها تخضع للتقادم.
حضرت الْفَرَنْسِيَّة.. مَلْهُوجَة.. سلَّمَتْ على باردو دون أن تَشْكُرَني أو تُعِيرَنِي اهتمامًا !! دَخَلتْ فِي الْحديث وهِيَ واقفَة تُسَوِّي شَعْرَها بأناملها وقد لاح إِبِطُهَا من فُرجَة الْقِطْعَة الْعُليا للتيير- نصف الْكم- تماما كالجيب الْميني الْمكمل له، تتحدث عن بحثها.. تنظر لِي وكأَنَّهَا تدرك سكرَة انتابتني، عينيها تقول لِي كفى فضولا؟!..
لها حاسَّة حدس تفوق حواسَّها الأساسية!
الفَرنْسِيَّة: اشتغلتُ على ما قاله "ويلسون" فِي كتابِه. وانتهيْتُ إِلَى وجود علاقَة بين الدَّافِع الْجِنْسِي والْمَلابِس ﺇذ إنها ممكن أن تقوم بدور الْمثير، وأن ذَلِكَ أدى إلى تغيير ملابس الْغانيات على مرِّ العصور.
برجريت: هل قُمْتي بدراسَة مَيْدَانِيَّة.. كدراسَة الْملابس الَّتِي كانت تلبسها الْمرأَة عند وقوع جرائم جِنْسِيَّة عَلَيْهَا (هتك الْعرض أو الاغتصاب) ؟
سجَّلت الْفَرَنْسِيَّة ملحوظَة باردو، فانتهزت الْفرصَة للكلام.
- روايَة نجيب محفوظ (السَّرَاب) تقول شيئًا قريبًا من هَذَا "فكامل" بطل الرِّوَايَة لا يستطيع أن يمارس الْجنس مَعَ زوجته الْجميلَة .. ولكنه يمارسه بسهولَة مَعَ خادمَة، وامرأَة شَعْبيَّة فالدَّافِع الْجِنْسِي لديه مرتبط بالْملابس الْفقيرَة أو الشّعبيَة .. وقد عالجه طبيبه النَّفسي فِي الرِّوَايَة على هَذَا الأساس.
برجريت - مسيو محفوظ نوبل .. نوبل ..آه أنت مصري ؟
لكزتني الْفَرَنْسِيَّة بمرفقها..
همست: شبق .. وعشوائي .. حشري أيضًا !
برجريت- الأدب مصدر مهم فِي علم الاجتماع الْجِنَائِي وأيضا علم الإجرام.
الفَرنْسِيَّة- excusez moi ..أعتقد أنه حان الْوقت لننصرف .
أخذت باردو بشكل طفولي، وكأَنَّهَا تنتزعها من الْكرسي، فقد أمسكت يدها، وأجبرتها على الْقيام، لا أعرف ﺇن كان أخذها نظارَة دكتورتها تم عن عمد أو بعفويَّة؟ فلقد استسلمت لها، ولم تُعَلِّق وواضح أن باردو لم تكن ترى بوضوح!! .. انتقلا إلى مِنْضدَة أخرى.. شعرتُ بمدى شراسَة الْفَرَنْسِيَّة، أهي فَرِسَة من هَذَا النَّوْعِ أم هِيَ أعراض الْعادَة الشّهريَّة؟!حينما نظرت إليها.. كانت لا تزال فِي نظرتها جرأَة الْمرأَة الَّتِي تعلم الصبي كيف يعرف ذكورته فيرفع جلبابه*؟
* فِي أسوان ينتشر بين النِّساء اعتقاد راسخ بأن تمثال(مَن) إله التّناسل عند الْفراعنَة. والْموجود فِي جزيرَة (الفانتين) ينطوي على قدرَة خارقَة تتجلى فِي إخصابه للنساء الْعاقرات وهُنَاكَ طقوسا خَاصَّة تتبعها كل امرأَة قبل الزيارَة، حيث تقوم سيدَة أخرى بتشريط كعب قدمها بالْموس حتَّى تنزل منه الدماء وتقوم بوضع (مستكَة ومحلب وجادي وشبة) فِي مبخرَة وتخطو عليها السيدَة سبعَة مرات ثم تنطلق إِلَى الْجزيرَة، فتركب الْمركب وتعبر به النَّهر شريطَة أن لا تتحدث مَعَ أحد على الإطلاق أثناء الذهاب والعودَة حتَّى تعود إِلَى منزلها وتلتقي بزوجها؟! وفى طريق الْعودَة يقولون: تكون فِي نظرتها جرأَة الْمرأَة الَّتِي تعلم الصبي كيف يعرف ذكورته..فلقد أعطاها الإله الخصوبة وما الرَّجل إلا فرصَة لعمل أعجوبَة الْقدر؟!


 


في رسالة دكتوراة حازت مرتبة الشرف: 55% من النخبة المصرية يرون أن المنظمات غير الحكومية الدولية تهدد الأمن القومي

في رسالة دكتوراة حازت مرتبة الشرف:
55% من النخبة المصرية يرون أن المنظمات غير الحكومية الدولية تهدد الأمن القومي 
د. عبد الخبير عطا رئيس لجنة المناقشة: الرسالة خطيرة ويجب إرسال توصياتها لأجهزة الأمن القومي
 
كشفت دراسة دكتوراة للباحث أحمد مصطفي كامل أن 55.5% من النخب المصرية يرون أن المنظمات غير الحكومية تهدد الأمن القومي وأنها مجرد وكلاء لحكومات وأجهزة مخابرات دول الموطن كما بينت الدراسة أن 6.5% فقط من النخبة هم من يرون في نزاهة ومصداقية هذه المنظمات وهو الأمر الذي يؤثر علي مستقبلها في مصر
جاء ذلك خلال مناقشة رسالة دكتوراة بجامعة أسيوط بعنوان "دور الاتصال التنظيمي في تكوين الصورة الذهنية للمنظمات غير الحكومية الدولية لدي النخبة المصرية ... دراسة تطبيقية" والتي حازت مرتبة الشرف والايصاء بالطبع والتبادل مع جميع الجامعات العربية، خاصة وما تكشفه الدراسة من أهمية بالغة ودقيقية في بنية وأنظمة المنظمات الغير حكومية والتي أوضح فيها الباحث أحمد مصطفي كامل أن 82.5% من النخبة يرون أن الجهود الاتصالية لمسئولي الاتصال بالمنظمات الدولية ضعيفة وأن وسائل انتشارها وتأثيرها تأتي من خلال استخدامها لوسائل الاعلام بل وما كشفته الدراسة من جهل ادارة الاتصال بهذه المنظمات بطبيعة ولغة وثقافة الجمهور المصري لدرجة أن معظم مواقعها كانت باللغة الانجليزية رغم عدم انتشارها حتي بين خريجي الجامعات
وأضاف الدكتور أحمد مصطفي كامل أن 29% من النخب المصرية حذرون في التعامل مع المنظمات الدولية الغير حكومية و19.5% لا يثقون اطلاقاً في هذه المنظمات وذلك بعد فحص عينات بحث شملت خبراء ومعنيون وأكاديميون بالقاهرة وأسيوط خلال الثلاث سنوات الأخيرة وخلال المناقشة أوضح الباحث بالأمثلة التطبيقية أسماء بعض المنظمات الدولية التي تعمل في مصر دون ترخيص وما يثار حولها وكذلك المنظمات التي تعمل من خلال وسيط داخل مصر وهو ما أعتبره من أخطر الأمور الداعية علي الأمن القومي.
ومن جهته طالب الدكتور عبد الخبير محمود عطا أستاذ العلوم السياسية ورئيس لجنة المناقشة ورئيس قسم العلوم السياسية السابق بكلية التجارة جامعة أسيوط بضرورة إرسال توصيات الرسالة ونتائجها لأجهزة الأمن القومي بما فيها المخابرات العامة والمخابرات الحربية ومباحث أمن الدولة وكذلك وزارة الخارجية المصرية، كما أشاد رئيس لجنة المناقشة بالباحث قائلاً "أنه يفتخر أن يكون مثله قام بالحصول علي الدرجة من جامعة أسيوط وأن رسالته بالغة الخطورة والأهمية والدقة" ومضيفاً "أن الرسالة بمثابة إرشاد علمي يصحح مسار  وضمان لحماية الأمن القومي"
كما أشادت الدكتورة أميمة عمران أستاذ ورئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة أسيوط بجهود الباحث ومعلوماته وقالت أن لديه خبرة وعلم في مجال المنظمات الدولية من واقع ممارسة ومتابعة وقراءة دقيقة علي مدار سنوات طويلة حتي من قبل قيامه بهذه الدراسة وهو ما بلور دقتها وأهميتها، وخلال المناقشة أشادت الدكتورة فؤادة بكري أستاذ العلاقات العامة بكلية الآداب جامعة حلوان بتميز الدراسة، كما أعتبرها الدكتور والخبير الدولي في الاعلام حمادة بسيوني أستاذ الإعلام بكلية الاعلام جامعة القاهرة أنها دراسة متميزة.
يذكر أن الدكتور أحمد مصطفي كامل يعمل مديراً للمكتب التنفيذي لرئاسة قطاع الإعلام الداخلي بالهيئة العامة للاستعلامات ومستشار لمنظمات مجتمع مدني في مصر فضلاً عن عمله السابق وتأسيسه للعديد من منظمات المجتمع المدني ومشاركته في العديد من المؤتمرات الدولية بمصر والمغرب وتونس والاردن والامارات في هذا التخصص.

يوسف العاني توأم المسرح العراقي.. بقلم: مثنى كاظم صادق



يوسف العاني توأم المسرح العراقي
مثنى كاظم صادق
ضمن سيروته التاريخية أصبح دليلاً للمسرح العراقي ، وكيف لا ؟ إذا كان يوم 24 / 2 / 1944 يوم ميلاده الفني في مسرحيته ( القمرجية ) وهو في السابعة عشرة من عمره ، إذ كان لامعاً منذ ميلاده الفني تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً ، حيث لا مسرح في العراق آنئذ سوى المسرح المدرسي !! ولعل العاني حينها ، قد أفاد من السينما من ناحية السيناريو وحركات الممثلين فيها في بداياته ؛ لأنه لم يكن قد درس الفن المسرحي بعد ، ومن هذا اليوم بدأت مثاقفته مع المصادر التي تتحدث عن هذا الفن الرفيع ؛ فضلاً عن التقاطاته العميقة واستيعاب ما هو محلي ؛ مما أضفت ـ المثاقفة ـ على المسرح العراقي طور التفاعل مع المجتمع ، ولاسيما أن العاني غالباً ما يمم وجهه نحو الهم الاجتماعي العراقي فجعله ذلك يوظف الأغنية الفلكلورية والشعبية والجملة المتداولة في نصه المسرحي ( مسرحية راس الشليلة ) مثالاً إذ تبرز علاقته المتوازية بين التأليف والتمثيل والإخراج حتى أصبح مبدعا فيها . في أعمال العاني ينصهر الفكري والشعبي في آن واحد ؛ بغية علاج أوضاع اجتماعية تسود المجتمع ، ومن خلال تجربته المسرحية الرائدة نطلع على ذاته الإبداعية الثرة التي تركت أثراً داخل دائرة المقاربة بين صناعة النص ، وتجسيده على المسرح ضمن إمبراطوريته الفنية التي تمتد نحو سبعين عاماً من العطاء ... أقول إمبراطورية ولا تأخذني الغلواء هنا ؛ لأن العاني لم يمتد إبداعه إلى المسرح فحسب ، وإنما قد امتد إلى التلفاز والسينما وأبدع فيهما أيضاً أيما إبداع , لكن الترابط بينه وبين المسرح ظل متواشجاً ، فللمسرح مقام أول عنده لا ينازعه مقام ، وفي مقام المسرح الطويل تمتد قامة العاني متوازية معه ، فهو صنوه حتى  أصبح العاني ثبتاً مرجعياً صار بمقتضاه أحد أساطين المسرح العراقي ، فلا نكاد اليوم نقلب مصدراً يتحدث عن المسرح العراقي ، حتى يبرز اسم العاني فيه ، فقد زود المسرح العراقي من جواهر تأليفه وألق تمثيله ووهج إخراجه حتى صار نسيج وحده ، يسعى المسرح بين يديه . يرتبط النص المسرحي عند العاني بالرؤية والمنهج من خلال الاجتذاب المحلي لنصوصه ، ولاسيما أن المسارات اليسارية كانت مؤثرة على إبداعه ؛ إذ إنه قد زار الاتحاد السوفيتي وألمانيا بعد خروجه من معتقل ( معسكر سعدية الشط ) مما جعله يطلع على مسرح ( بريخت ) فضلاً عن تأثره بالرحابنة عند زيارته لبنان بعد اعتقاله الثاني مطلع الستينيات ، فيما يخص توظيفهم للأغاني الفلوكلورية الشعبية فأفاد من الشعبي في سياق نصوصه على صعيد معالجة سلبيات المجتمع كما في مسرحيته ( المفتاح ). كما كانت قضية فقدانه الأم مبكراً أثراً فيما بعد على أعماله فقد قال ذات لقاء ما نصه : ( إنني لم أظهر يوماً في مسرحية من مسرحياتي أماً سيئة أبداً ... وإذا حدث وإن جاءت الأم سيئة ، لا أظهرها على خشبة المسرح ، إنما يأتي ذكرها عرضاً ) . العاني صاحب أسلوب وطريقة في جلب المتلقي لاعماله حتى لو كان العمل أجنبياً ، فهو يستطيع أن يطوعه بما يناسب المتلقي العراقي أو العربي . كما أن المصادر تشير أن الفنان يوسف العاني هو أول من كتب المونودراما ( مسرحية ذات ممثل واحد ) ذلك في عام 1949 في مسرحيته ( مجنون يتحدى القدر ) ولم يعلم وقتها أن ثمة فناً مسرحياً بهذا الشكل وله تسمية خاصة به!! وهي علامة فارقة من علامات موهبته المبدعة. وضمن عملية استغوار الهم العراقي من سياق النص والشخصيات كتب مسرحية ( الجومة ) التي منعت من العرض بعدما وصلت إلي مرحلتها النهائية ؛ لأن الرقابة قد تأولت بين شخصيتها ( الوالي الإمبراطوري الملكي ) وبين شخصية الحاكم وقتذاك إبان تولي ( طارق عزيز ) وزارة الثقافة ، لأن العاني لم يكن يكتب للنخبة السياسية ، بل كان مسرحه للجماهير كما نلحظ أن الشخصيات في مسرحياته تنهض بالاتجاه إلى الداخل فتنبش أعماقها لتجعل المتلقي يرى أزماتها ويتفاعل معها ؛ لأنه قد يرى ذاته في إحداها ، وهنا مكمن الإبداع الذي يستحق إن ينهض نحو العالمية فطوبى للفنان يوسف العاني .   

مقطع من رواية (اتفاقية الساعة)بقلم: د.سوسن أمين

مقطع من رواية (اتفاقية الساعة)
د.سوسن أمين
وكأن كل شيء بعد المأساة جائز (وأن أتنحى تماما ونهائيا عن أي دور سياسي..) كيف يعقل أن نقبل .. ألا يكفي عمي.
بصرختها التي أرعبتني وإسراعي إليها و أنا كلى يقين أنه لا يمكن أن  يخزلني لكنه لم ينتظر الصباح . كانت ليلته من  الصعوبة بحيث أتمها بالكاد ومع الأذان ودعته نسائم الحياة لتنضم خالتي  لجموع أرامل هذا المنزل ويخيم الحزن عليها بمخلابه الأبدي.
ارتميت عليه أحتضن البقية الباقية من الأب الذي لم أعرف غيره أبا .. برودة الموت ورهبته  تُحدث بالبدن قشعريرة غريبة كالواقف على بحر لجي تتخطفه الوحدة .. قدسية الرحيل برمتها أحاطت أجسادنا المكلومة فكستنا بالسواد من أول لحظة..لها تنحى لتتسلم القياد ولأول مرة .. كونه قعيداً لم تسلبه أبدا الهيمنة.
ــــــ صوت الرجل في البيت لا يوازيه شئ يا هدى حتى ولو كان همهمة.. يشعرك أن الدنيا  دنيا .

حتى بعد الحادث ورحيل ماجد والحزن الذي خيم بظلاله على الأسرة بأكملها وعدم مقدرته على المشاركة في الحياة أو الحركة إلا أنه ظل دعامة هذا البيت لنا ولكل الأسر من حولنا ..طنط آليجرا تستشيره في كل أمورها ..كيفية السيطرة على سامى وسمير بعد موت أبيهم في سن حرجة ..إيجاد مشترٍ للعزبة ..المعاملة  مع المستأجر الذي يحاول اغتصابها منها.. والموافقة على المهندس إسحاق بباوي كخطيب لسيسيل كان شيئاً أساسياً وإلا ما تمت الخطبة وخاصة أنه كان حديث التخرج وإمكانياته المادية ضعيفة.. لولا وساطتي عنده بدافع من سيسيل عجل بالموافقة .. وطنط بهية تأخذ رأيه في كل صغيرة وكبيرة وفى اختيار المستأجرين لشقتها المفروشة..الشلل انتصر على الأطراف لكن العقل ظل متقدا يعمل بكفاءته الأولى إلا أنه ظل لآخر أيامه يبحث عن ملابسات ما جرى  أكان عبد الفتاح مخمورا أم مخدراً أم أن ماجداً هو من كان يقود مستغلاً حب عبد الفتاح له بالرغم من تحذير عمى  بألا  يسمح لمن  لم يتجاوز السابعة عشر بالقيادة .

لن أنسى ما حييت منظره وهو ينصرف يوم الحادث ضاربا عنقه بكفه مؤكداً لعمى الولاء والطاعة .. عنتريته الزائفة أضاعت رقبته التي لم تفي بمسئوليتها ليستمر بعدها في البكاء ليومين كاملين دن أن ينبذ ببنت شفة..لتجده زوجته الثانية صباحا ميتا في سريرة..أكان انتحار أم موتاً طبيعيا ..ما عرفنا.. رحلا ليدفن معهما سرهما ومَن منهما كان المتسبب في تلك المصيبة؟ ظل السؤال المحير لنا جميعا ليومنا هذا .

ë    ë    ë

وكأن النكسة ما جاءت إلا لتخرجنا من بلدتنا الطيبة الهادئ طبعها.. العليل نسيمها..  وحينا  الوديع بجامعه الفسيح في نهاية المنعطف يؤم  فيه جدي المصلين ويعطى درسه  الأسبوعي عصر كل خميس..بصمته على ألا تغيب..حتى أَسمَّى ..أرادت أمي ..(مي)..  لكن هو كالسيف قاطع رغم أنف الجميع وإن جانبه التوفيق في بعض الأحايين.. كما في اختياره لاسمي.. وما اختاره لي من نداء أبدي..لأكابد العمر كله عناء شرحه وتفسيره. ولكنه هو بحق عالم السويس الجليل وبركة الأربعين وشيخ الإسلام كما يدعوه الجميع بل رفعه بعضهم لدرجة الأولياء..فهو إذا استسقى  هطلت الأمطار وإن دعى لأحد رزق البنين والمال وإن أذاه أحد أقتص منه في الحال فإن جاءه معتذرا ومقبلا يديه ما يكون من جدي إلا ترديد  (لا تسريب عليكم اليوم.. لا تسريب) .

ضاعت كل محاولاتنا لإثنائه عن البقاء فيها وحيداً تحت القذف هباء  وأصر على البقاء متمنيا الشهادة  مردداً (من يطول) . ندين له بالكثير.  فمنذ مولدي وأنا وأمي عالة عليه..بالرغم من ثراء أبي العريض ..أمي وأخوها التوأم جاءا نتاج هذا الصفاء والجمال والدعة ..جدتي أيضا كانت أسطورة في تقوى الله..أصولها التركية لم تكن تغيب عن من له عينان.. لمزيج الطيبة والحنان والجمال أسموها أم الإحسان فبالرغم من دخل جدي الضئيل كانت رمزاً للعطاء والسخاء وبذل المعروف للقاصي والداني.

ë    ë    ë

إحباطات استغرقتني طوال الرحلة.. الطريق البري من السودان لأسوان كان الفرصة لاستعادة الذكرى. عندما أعمل عقلي الآن فيما حدث أجد أن كل شيء أتى بما هو غير منطقي ..سنين من زحف العجز والموت واستنزاف عصارة الأمل ممن أرتضى تحمل المسؤولية كاملة وإن حاول الجميع رفع الحرج عنه والتخفيف عن كاهله.. حتى أمي صبرت ارتضت.. لكن هو لم  يتحمل عبء المسألة والمساءلة ..انفجار الشريان أسقطه جسداً بلا حراك في قيد لا يرجى منه  شفاء .. لمجرد أنه وافق على  ذهاب ماجد مع من .. لطالما تعجبنا من صداقته له وتلك الثقة وهو من هو.. خفيف العقل.. ضحل العلم..  دائم الهذر..بعيد كل البعد عن تحمل المسؤولية ومع ذلك لم  يكن يسمح لغيرة بالإطلاع على أخص خصوصياته ويفوضه تفويضاً كاملاً للتعامل  باسمه من دون استشارته أو الرجوع إليه.. بل الأكثر من  هذا.. أستخدمه ككاتب في الفترة المسائية كنوع من المساعدة لضآلة دخله الحكومي وفتحه أكثر من  بيت.. تزوج اثنتين و لم ينجب  من أي منهما فأقدم على الثالثة بالرغم من محاولات أبي إثناءه عن هذا.. وإمعاناً في التقريب أستخدمه كسائق له في أغلب الأحيان بالرغم من تحذيرات أمي الدائمة واتهامها إياه بتعاطي المخدرات وأنه ولابد سيقترف يوما ما مصيبة .
- حرام عليك.. لا تظلميه.. الرجل تاب.. فقط نفسه في الأولاد..
- كل صفاته كافية لطرده .
- ليس لهذه الدرجة.. ربنا يهدي .
- يحب السرعة والمغامرة..(سائق الهبل على الشيطنة ).. أخاف عليك وعلى الأولاد .
- غداً ألفت نظره وأنهره .
- ولماذا تتعب نفسك معه .. فقط أطرده  .
- كيف أطرده.. يحبه الأولاد.. ويحبهم كثيرا..العيش والملح له حق.. يكفى إخلاصه وولاؤه .

لتأتى النهاية مفجعة..إلا أن مصاب أبي في الاثنين كان أجل وأعظم فلم يتحمل .. انتشلني الوصول لأسوان من جب الذكريات لكن رؤية السد وبحيرته ومن قبلهما أعظم القرارات والانتصارات..القناة والجلاء..إنجازات أذهلت العالم. رؤوسنا التي طالت وقتها السماء كيف طارت من فوق أكتافنا منذ أيام.

اعتصرني قيظ يونيو في محطة أسوان وتسلسل شريط الأحزان.تظفرا على لإذابتي  قلبا وقالبا وتداعت على رأسي المنغصات .. أتون الماضي هيأني للسعير الآتي .. باختصار مرارة الواقع لا تناقض استحالة الأحلام ..كياني المهزوم يشتاق بارقة أمل أو بصيص من نور .. حررني من غفوتي حقيقية أن خداع النفس أمر ألف مرة من ألف انهزام والنداء الأخير على القطار..ما أصعب أن أتخلى عن طائرتي وأعود لوطني محبوساً بين جدران مقيداً إلى الأرض بقضبان مع أنى في رحلة شبيهة مع ميج كنت كمن يحلق في السماء .
برتابة خانقة تمضي  الساعات .

ë    ë    ë