الصفحات

2016/11/28

صدور مجلة الجوبة 53 : منطقة الجوف وعلاقتها بالإمبراطورية الرومانية و حوارات مع سعد الثقفي وبدرية الوهيبي

سراج يصدر "نصوص الأرص" وسلام: صوت مسرحي فريد في زمن بلا مسرح

سراج يصدر "نصوص الأرص" وسلام: صوت مسرحي فريد في زمن بلا مسرح
الراوي: "عمل بالغ التميز فى مجال استلهام سيرة بنى هلال، واختيار ذكى لمنطقة من أشد مناطق أحداث السيرة تراجيدية (مأساوية)
السعدون: "الكاتب لم ينشغل بالمادة التاريخية على حساب الإشكالية الحضارية التي أراد توظيفها"
يصدر الشاعر المسرحي أحمد سراج عن دار الأدهم كتابه المسرحي "نصوص الأرض" شاملًا مسرحيتين، مكملًا بذلك مشروعه المسرحي الذي بدأ بإصداره "زمن الحصار" 2002، ثم "القرار" 2009، ثم "فصول السنة المصرية" 2012، و"القلعة والعصفور"، وهو النص الذي تُرجم وعُرض في مهرجان "صوت العالم" بأمريكا، ثم نصوصه التي لما تنشر "زاد، فخ النعامة، رسالة إلى السجين (مونودراما)، الجميزة (مونودراما)".
وعن النص كتب الشاعر والمترجم رفعت سلام "بلا شعارات أو خطابة، يخترق أحمد سراج مسرحيًا قلب المعضلة المصيرية المزدوجة، التي تواجه راهننا المصري/ العربي، الدفاع عن الأرض/ الوطن، ومشروعية السلطة الحاكمة؛ بحنكة إبداعية فريدة، تذكر بالقامات المؤسسة للمسرح العربي الحديث: محمود دياب، سعدالله ونوس، ألفريد فرج، عزالدين المدني، وسواهم، فهو لا يبدأ من الصفر، بل من حيث انتهوا؛ ليكمل مسيرة رصينة، مؤرقة، كانت قد انقطعت برحيلهم.
وعناية واعية بتأسيس الشخصيات الدرامية والحدث المسرحي، وصولَا إلى ذروته الأخيرة، المضيئة لتضاريس العالم المتصارع، عالم متفجر بالشهوات الجامحة للغزو، وامتلاك السلطان، والتواطؤات الداخلية، والأحلام المهدرة التي لا تموت.
صوت مسرحي فريد في زمن بلا مسرح، بما يعيد الاعتبار للنص المسرحي كنص أدبي إبداعي، يقف منتصبًا - بلا معين - في مواجهة فساد العالم".
أما صلاح الراوي الشاعر وأستاذ الأدب الشعبي، الحاصل على جائزة الدولة، فكتب عن بطل الغروب: "عمل بالغ التميز فى مجال استلهام سيرة بنى هلال، واختيار ذكى لمنطقة من أشد مناطق أحداث السيرة تراجيدية (مأساوية).. هكذا يصورها مبدع السيرة الشعبية (الشاعر الشعبي).
نختيار أحمد سراج لمقتل كلٍّ من الخفاجي عامر وخليفة الزناتي اختيار مرهف، فرض تكثيفًا شديدًا جدًا فى التناول، أو بمعنى آخر أتاح هذا التكثيف (المرهف أيضًا والمرهق أيضًا).
على أن هذا الاختيار لمنطقة محددة (وهو اختيار تم بعناية وتوجُّه واضح لتحقيق الفكرة الأساسية للمسرحية ومضمون رسالتها التي قصد إليها مؤلف النص المستلهم) لا يعني أنها منطقة منتزعة من سياق السيرة أو من بدنها الحي الكبير المتشعب، بل المترامي الأطراف (مما يعرفه المتخصصون فى دراسة السير الشعبية عمومًا ومن بينها "السيرة الهلالية")، بل الماثل على نحو ساطع فى هذا العمل المسرحي المتميز هو أن المؤلف قد توفر على قراءة دقيقة للسيرة حتى نهاية ديوان "التغريبة" على الأقل/ واستوعب حركة أحداثها ودوافع وآليات الصراع فيها بعيدًا عن السطح الذى ضلل كثيرًا ممن أقدموا على استلهام هذه السيرة الشديدة التركيب، بل التعقيد.
يبقى شىء بالغ الأهمية يجب تسجيله هنا فى هذه الإطلالة السريعة (نسبيًا.. ليس على العمل، بل عن العمل)، وأرجو ألا يغيب عن قارئ هذا النص المسرحي هذا الذى أود التأكيد عليه هنا، وهو أن أحد أهم مفاتيح التعامل مع هذا النص (قراءةً أو نقدًا أو عرضًا "إخراجًا") هو المنطلق الرئيس (أو لنقل أداة التحليل الأم التى استخدمها المؤلف لتناول نص السيرة الشعبى) كان فى رأينا هو "هجرة الرمل إلى الطمي أو هجوم الرمل على الطمي"، وهي إحدى أهم أفكار، أو لنقل أهم قوانين التحليل الجغرافي/ التاريخي التي انتهى إليها نابغة علوم الجغرافيا الشهيد جمال حمدان في كتابه المسكوت عنه إلى حد كبير "استراتيجية الاستعمار والتحرر"، هذا بصرف النظر عن كون الكاتب المسرحي أحمد سراج قد اتصل بهذا الكتاب اتصالًا مباشرًا من عدمه.
وإلى أن يسمح الوقت بتقديم قراءة تفصيلية لعمل جدير بالالتفات العلمي والفني (النقدي) أود أن أقول (وهو قول المتخصص المتابع بدقة) ودون تردد: إن الاجتهاد فى قراءة السيرة والاجتهاد فى استلهامها استلهامًا أمينًا (وذكيًا ومحدد الرؤية) يرشح هذا النص المسرحي الصغير حجمًا والكبير قيمة لأن يكون أهم وأدق نص فني تعامل مع السيرة الهلالية استلهامًا لها أو توظيفًا لعالمها الإبداعي.
فيما كتبت الناقدة والأكاديمية البحرينية أنيسة السعدون عن بطل الغروب: استغلت مسرحية بطل الغروب أفقا تاريخيـا ينهض على إشكالية الأنا والآخر، أو المستعمر والمستعمر، وهذا الأفق التاريخي، بكل تجاذباته وما ولده من صراع في المسرحية منذ مشهدها الأول القلق، إلى نهايتها المستقطبة لصراعات أخرى، يمكن إسقاطه على الحاضر؛ ليتحول التاريخي إلى جدلي بغاية مساءلة الواقع الاجتماعي والسياسي. فالكاتب لم ينشغل بالمادة التاريخية على حساب الإشكالية الحضارية التي أراد توظيفها، والتي هدف من ورائها إلى التوعية بضرورة إعادة صياغة الواقع وتغييره إلى الأفضل.
الفعل الدرامي متماسك جدًا، وينهض على البناء الأرسطي المعروف؛ إذ كان الإهداء بمنزلة "مقدمة تهيئ لنا الجو العام، وتشي بأبرز المرتكزات التي تنهض عليها المسرحية، وما يمكن أن تفرزه من علاقات وتحولات"، ويمكن التقاط هذه المرتكزات من الكلمات الأولى من كل سطر من سطور الإهداء كونها تمثل أبرز أسئلة المتن المسرحي: "الفارس والطمي والحق"، ثم تنطلق الأحداث من نقطة تحول في حكم الزناتي حيث يقتحم مجلسه الهلاليون ويطالبونه بالتخلي عن الحكم والأرض لهم، وهو استهلال مشحون بالتوتر ومسكون بالصراع منذ البداية؛ مما يضع المتلقي وجهًا لوجه مع الفعل الدرامي، وهي مهارة بارعة تثير المتلقي، وتهيئه للأحداث الحاسمة لاحقًا، وتجعله مشدودًا إليها، ويبقى لهذا المشهد الاستهلالي صراعه الخاص الذي يتشابك مع الصراع العام في جميع المشاهد، والمتجسد في الصراع بين الزناتي حامي حمى تونس، والهلاليين الغزاة، وبهذا تتأزم الأحداث حتى تصل إلى ذروتها عندما فقأ دياب عين الزناتي برمح، وأسقطه على الأرض وجره إمعانًا في إذلاله، لتختتم المسرحية بصوت بطل الغروب (الزناتي) الذي يثير فينا الخوف والشفقة. أما بالنسبة إلى الشخصيات فقد أتت ضمن نمط تصويري يزودنا به الكاتب منذ مفتتح المسرحية، فالزناتي الذي تجاوز المائة لا يبدو للسن أثر فيه، وسعدى جميلة ترتدي زي القتال غالبًا، وأبو زيد الهلالي يبدو في حركته ضعف لتأثره بلدغة حية، والجازية جميلة تتحرك بوقار وتتحدث ببطء... إلخ، وهذا التقديم الموجز يعفي الكاتب من الوصف الدقيق والعميق للشخوص، ويصرف أنظارنا إلى الطابع المميز لكل شخصية، ولئن تباينت تلك الشخصيات من حيث الأدوار؛ إذ أدى كل منها مواقف دالة تؤثر في البنية الحدثية، وتكشف جوانب مختلفة من الصراع؛ فإنها جاءت نمطيـة من حيث صيغها ودلالاتها وبعض وظائفها؛ ما يجعلها تواجه قيمًا ومواقف يألفها المتلقي، ويدرك كيف سيكون تعامل الشخصيات معها.
اللغة جاءت واضحة تنسال بعفوية مبدعة، والحوار جاء مكثفًا جدًا، وفيه اقتصاد رصين بحيث لا يُنطِق الشخصية بأكثر مما ينبغي أن تنطق به، فلكل جملة ثقلها في بناء الأحداث، ونسج سدى المسرحية، وتصعيد نسقها الدرامي. كما نزعت المسرحية في بعض مشاهدها إلى توظيف لغة الشعر، وقد نجح الراوي - الذي كان في الغالب يمثل عين الكاميرا - في استعمال الشعر للتعبير عن مواقف مأزومة زادت من توتر الأحداث، مثل مشهد قتل عامر الخفاجي. كما عدل عامر نفسه إلى لغة الشعر لحظه احتضاره للبوح بأساه وأنينه وشدة حنينه إلى أرضه العراق بطريقة إيقاعية تبث الحيوية في النص، وتثير انفعالنا، نحن المتلقين، نحو أصداء فاجعة الخفاجي الفارس الضحية، وتلخص لنا أفكارًا متعددة ومتشعبة ترسم علاقة الذات (الخفاجي) بالأرض (العراق) بلغة شعرية موجزة تجنح نحو استبطان الداخل عبر حديث نفسي ذي إيقاع حزين له أبعاده الفكرية وملامحه الجمالية الدالة."

2016/11/26

الذات والعالم في "ليس القميص أبيض "لبستاني النداف مقاربة سيميائية تأويلية بقلم: ناصر خليل



 الذات والعالم في "ليس القميص أبيض "لبستاني النداف
مقاربة سيميائية  تأويلية
بقلم:  ناصر خليل
رفعت السيميائية- التي خرجت من رحم البنيوية -  شعار "سلطة النص "  وسخرت مناهجها وأدواتها  في تحليل النص من رموز وإشارات وعلامات وأيقونات ولم تول اهتماما بالحمولة المرجعية والمقصدية لتلك العلامات والإشارات ، حتى ظهرت  نظرية " الهرمينوطيقا" فأعادت للحمولة المرجعية والمقصدية وكذلك الذات والعالم الخارجي فاعليتها في تأويل النص .
اشتقت كلمة (الهرمينوطيقا) من الفعل اليوناني (Hermeneuein) و يعني (يُفسر) و(يوضح)، و الاسم (Hermeneia) يعني (التفسير)   و (التوضيح). و الأصل اليوناني للكلمة  " استعمال آليات و مساعدات لغوية للوصول إلى كُنْه الأشياء، و اللغة هي الآلية الأولى لعملية الفهم."   (1)
الهرمينوطيقا محاولة لتأويل النص أو كما يقول شلاير ماخر "إن مهمة الهرمينوطيقا هي فهم النص كما فهمه مؤلفه، بل أفضل مما فهمه" (2)، إذن مع (الهيرمنيوطيقا) يتم التوجه إلى شخص القارئ وقدراته في استيعاب معطيات النص الدلالية والبحث عن الآلية التي ساعدته على إدراك ذلك.
السيميائية التأويلية  التي تجمع بين السيميائية المهتمة ب"كيف يعبر النص عما يقول"  والتأويلية المعنية ب "كيف يفهم القارئ ذلك النص"  ترى أن النص عالما رمزيا مفتوحا متعدد المعاني والدلالات ولا يتأتى هذا إلا عبر الرموز والإشارات  والعلامات  (سيمياء الحقول ) ،إذن يمكن القول  "  التأويليون يبدءون من حيث ينتهي السيميائيون "
تعتمد هذه المقاربة على منهج هرمينوطيقا ريكور و سيميائية التأويل  في تناولها لنصوص مجموعة "ليس القميص أبيض " التي تتألف من اثنتا عشر (12)قصة يحويها كتاب من القطع المتوسط في ست وتسعون صفحة  للقاص بستاني النداف .
عندما تكتمل التجربة الإبداعية و ينهي الكاتب قصته أو قصصه يكون هناك شيئا جديدا قد  تشكل  مغاير ورافض لأن يضاهى  بما سبقه فلقد خُلق شيء جديد ،عالم فريد  يسعى المتلقي بدوره إلى إدراك مغزى ومقصدية  ما أنتجه هذا الكاتب في إطار التجربة الإبداعية التشاركية ،إنها عملية تفاعلية و "هذا التفاعل كفيل بجعل القراءة فاعلة ومنتجة كما انه يضمن التواصل المطلوب بين الطرفين.. والقارئ في علاقته بالنص يكون موجهاً بطريقة ما من النص عبر مجموعة من الصيغ والإشارات وما إلى ذلك مما يتضمنه النص المقروء. لكن هذا لا يعني أن النص يقمع نشاط القارئ ويوقفه، بل هناك مجال يتحرك فيه القارئ أيضاً"(3)   
إذا أخذنا في الاعتبار  دائرة ريكور الهرمينوطيقية وهي ما قبل الفهم ، التفسير ، التأويل  في تعاملنا مع هذه المجموعة القصصية نلاحظ أن  العلاقة بدأت باكرا  بحقل سيميائي ( عتبة العنوان )"ليس القميص أبيض " فالمؤول هنا رغم أنه في مرحلة توقع الدلالات أو ما يصفه ياوس بـ (أفق التوقعات ) ولم تكتمل فرضياته التأويلية إنما يمده هذا الحقل السيميائي  بإشارة مرجعية إلى أن هناك علاقة ما  بين  الذات (ذات المؤلف – ذات المتلقي )  والعالم ويقصد بالعالم  هنا- سياق يحتوي المكاني المحدد والجغرافي بالإضافة إلى المتخيل واللامرئي -  قد تبدو جدلية حول  مدلولات كون القميص أبيض من عدمه  ويبدوا واضحا في  التفسير الحرفي أو سياقها اللغوي والنحوي وذلك لأن  "المجال اللساني للغة شرطا في الإمكانية التي تحمل التأويل إلى اللغة وتهيئ استقبالية المعنى الذي يتأسس وجودا عندما تتعاين ألفاظه في السياق اللساني لخطاب ما" (4).
( ليس) فعل ماض جامد يفيد النفي و تعطل عمل فعلها ، وكلمة (أبيض ) الممنوعة من الصرف  بما يثيره المنع من جو الحرمان والقهر في هكذا حالة ،   ولكن ما تحمله الجملة من حمولات  وإشارات مرجعية ، فهل تنفي الذات عنها الأمل والتفاؤل أو تنفي عنها تهمة العالم لها بالجنون حال القميص الأبيض المقلوب ،  أم هي  منسحقة ومقهورة تحت وطأة هذا العالم وتقرر في خنوع أن (ليس القميص أبيض )  وتحاول سحب المتلقي إلى بؤرتها بإعطائه وسيطا رمزيا وقناة تواصل لنقل واقع محتوم حتى يحفز نشاطه التأويلي  عبر إرهاصة  العنوان قبل  المعطى السيميائي  الأكبر  (النص ) .
لكل سارد   قارؤه  الضمني   الذي يكتب القصة معه في لا وعيه لأنه " ليس هناك من هو حر على الإطلاق ،كلنا نكتب لجمهور ما ولأناس نتوجه إليهم في أذهاننا " (5)،  يفاجأ السارد هؤلاء بعتبة نصية مستحدثة  حيث ينحت في فضاء بداية مجموعته القصصية نصبا تذكاريا  لذات متماهية  مع ذات السارد  لعامل اليومية  الذي فقد حياته وهو يعمل في حفرة لكسب قوت يومه  دون أن يثير ذلك ضجيجا أو يشعر به العالم اللاهي ، تلك الإشارة السيميائية  ستمد المتلقي بحمولة دلالية عن صراع الذات مع قسوة العالم وبلادته الذي لا يأبه ولا يتوقف للحظات أمام حادثة موت هذا العامل المسكين ، إنها كغيرها من العتبات النصية رسالة موجهة من ذات المؤلف إلى الذات الجمعي حيث أن "  للعتبات أهمية كبرى في قراءة النص وتأويله والإلمام بجميع تمفصلاته البنيوية  المجاورة من الداخل والخارج ، التي تشكل عمومية النص ومدلوليته الإنتاجية والتقابلية ..."(6)
ثم يتبعها بعتبة نصية أخرى  "الإهداء "  يهدي إلى ذلك العامل الذي لا يعرف الكاتب اسمه  مجموعته بل يتمادى ويهديه اسمه  ويتبادل معه موقعه فيصير هو العامل والعامل هو الكاتب في إشارة إلى اتحاد هما في ذات واحدة  ووقوفها في وجه العالم البغيض الكريه .
علاقة الذات والعالم في هذه المجموعة تتخذ أشكالا متعددة في طبيعة تلك العلاقة أو أدوات التعبير عنها  ففي قصص "دخان " و"ليس القميص أبيض "  العلاقة جدلية وأداة التعبير عنها سرد  درامي قاتم ، في قصة "دخان "  يلقي العنوان بظلال ضبابية على الذات  (ذات البطل ) التي هي ليست في حاجة  لما يزيد من حيرتها  وعدم قدرتها على رؤية العالم بوضوح  ويعمق داخلها أن محاولة الهروب من قيود الواقع ستبوء بالفشل ، تظهر " الأنا "  فتجسد تلك الحالة بمقطوعات سردية منها " بيته يطل على الشاطئ الموحش الذي يتلقى ضربات الأمواج في غضب ، النافذة المختبئة وراء الستائر تتدثر بها  في صبر وأناة ، الأمواج الخائفة من الليل والرعد ترسل صرخاتها المرعبة تحت ستار البرق لتخيف منازلنا القابعة تحت ظلام الليل ، تلك المنازل المرتجفة من برد الشتاء القارص الذي يملأ الطرقات التي تخلو من المارة – إلا ما ندر – والتي أصبحت مرتعا للكلاب الضالة  التي أعلنت سيطرتها على كل الأماكن التي تعانق جيوش الظلام . الأعمدة العمياء المتفرقة في المكان الشاسع تبحث عن لمبات تضئ لها طريقها المعتم ، الأسلاك المهترئة تحتضر تحت أزيز الأمطار ."  (ليس القميص أبيض  ص  9)
العالم الذي يسيج  أسوارا حول الذات ويحرمها من حبها إلى الأبد
" ـ سامحني حبيبي،أنا لا أستطيع الوقوف ضد رغبة والدي .
      ـ هل تقبلين أن تتحولي لبضاعة رخيصة!
       ـ نحن نمر بضائقة مالية،ولا يوجد حل للخروج من أزمتنا غير الزواج من هذا الثري العربي .
 ودعها في ذلك اليوم وودعت كل أفراحه ولحظاته الجميلة التي أقلعت معها في الطائرة وتركت له بعض سحب الدخان في الأفق" (ليس القميص أبيض  ص  12)0
يستمر الجدل  الصاخب بين الذات والعالم  في قصة "ليس القميص أبيض " ،لقد فاقت مأساوية الذات الواقعية الحدود ،فالعالم من حولها متوحش يمارس صنوف القهر  بإتقان مما أوقع الأنا في ارتباك فهذا القهر يفوق قدرتها على تجسيده  ووصفه ولكنها تسير بمحاذاته ترسم صورة للذات "   تحتدم المعركة بيني وبين الكوابيس الشرسة التي ترسل إلي آلاف الكلاب المسعورة، التي تطاردني وأنا أركض مذعورا منها ،تلاحقني الكلاب ،وما بين فك أولها وجسدي طرفة عين وزفرة باهتة لأسير تأكد أنه واقع كفريسة في شرك صياديه لا محالة ." (ليس القميص أبيض  ص  21)


ثم ترسم صورة للعالم "   أنظر حولي، أجد أقداما وأجسادا فارعة تحيط بى وعيونا مستعرة تكاد أن تفتك بجسدي الضئيل المنهك الذي لم يستطع أن يحملني فوق الأرض ، تنهال على أياديهم بالضرب المبرح ،أمارس عليهم آخر حيلي الدفاعية عندما أبلل ملابسي ، وكأني الثعلب أخرج رائحة نتنه تجعل الآخرين يهرولون بعيدا عنى بعد أن يكتموا أنوفهم  ويلعنون قائمة أهلي حتى جدي السابع عشر ." (ليس القميص أبيض  ص  22)
لا تجد الذات سبيل خروج لها في القصتين  وظهر ذلك في النهاية "  ثم تحتدم المعركة بيني وبين الكوابيس الشرسة التي ترسل إلي آلاف الكلاب المسعورة التي تطاردني وأنا أركض مذعورا منها ،باحثا عن حضن أمي .   "(ليس القميص أبيض  ص  30)
"الأنا " المعذبة من رؤية "الذات " تئن من وطأة  دهس العالم لها  ومن تجرعها  كئوس الظلم والعذاب وإن اتفقت مع سابقتها في العلاقة الجدلية مع العالم إلا أن أداة التعبير عنه اختلفت  فجاء السرد ممزوجا بروح السخرية  في قصص " عبد المنعم العجل " و" عبده القمع " و" أن تموت أو لا تموت " و " لسه في أوله " و "سأ ...سأ..." ،هناك سخرية دون ضجيج منفر من تشوهات أفرزها واقع سياسي أليم،  في قصة " عبد المنعم العجل " إنها محاولة لتوشيج الصلة بين القارئ والنص حيث  "إن جوهر منظور التلقي هو إعادة الصلة الحميمية والضرورية بين النص ومتلقيه"(7) ،  الأم رغم شظف العيش والفقر المدقع  تحاول أن تفرض على حفيدها محاولة هروبها من واقعها  إلى ماض هي تعلم أنه لن يغير شيئا في واقعها  من  تشبيه الجد "عبد المنعم العجل " بعبد الناصر "   ـ تعال نحطهم في الميزان سوا جدك ضرب الباشا التركي بالقلم وعبد الناصر طار ورا الملك إللي جده بياع مدغه ،جدك وعبد الناصر زي بعض كده،وتشير بيديها الاثنتين ويلامس سبابة اليمني سبابة اليسري ." (ليس القميص أبيض ص  17)
لم يغير شيئا  من طبيعة العلاقة الجدلية بين ذاتها والعالم "
أنظر إليها فأراها تسرح في صمتها ثم تسقط دمعة علي خدها لتجاور  رماد" الكانون" فأعرف أن الحزن بدأ يستبد بها وأن فعل السنين  وشظف الحياة وبؤسها بدأ يظهر في بؤبؤ عينيها" المجموعة ص 18
في قصة " أن تموت أو لا تموت "  الذات متشظية أمام العالم  تحاول ألا يسحقها  وتثبت له أنها  مازالت تقاوم  بحيلها ومن السخرية منه " أمام شاشة التليفزيون  المشطورة لنصفين حاولت  الصمود ،على اليمين صورة الرئيس الذي يلقي خطابا ، وعلى اليسار كان المتظاهرون يلقون بالحجارة والمولوتوف على قوات الأمن ، والتي كانت هي بدورها ترد عليهم الصاع صاعين بينما عربات الإسعاف تعمل في دأب . لم استطع الصمود والمتابعة ، غلبني النوم ؛ فنمت .  في اليوم التالي انقسم أصدقائي  نصفين" (ليس القميص أبيض  ص  39)إنها محاولة من السخرية من واقع سياسي أفرزته وقائع معينة .
 قصص " شي لله يا سيدنا " و"إلا ما ندر " و "طيران منخفض " و"القادم "  محاولة  للتمرد علي الواقع الذي يفرضه العالم  لا التعامي عن وجوده أو إنكاره بالكلية.
في قصة شي لله يا سيدنا  تحاول الذات التمرد على  واقعها  بمحاولة الهروب إلى عالم غيبي  غير مرئي يكون فيه الحل بالنسبة لـ  "شامخة " و"أبو السكيان " زوجها لا إراديا عن طريق أحد الأولياء – الخضر -  "تأخذ الأشياء وتدخل تقبل ابنها الخضر وتضع شق التمرة في فمها فتجد لها طعماً رائعاً ورائحة فيها كل طيب الدنيا،  تغمض عينيها من فرط حلاوتها ،ينسال اللبن من صدرها فيلتقم الرضيع حلمتها فتدحجه بنظرة ونصف ابتسامة وتقول: 
-        شي لله يا سيدنا ." (ليس القميص أبيض  ص  92)
و تستمر المحاولات في باقي النصوص لخلق بيئة مناسبة للمتلقي  و" وضمان قراءة فاعلة تفسح المجال للقارئ قصد التجول في مدائن النص وسراديبه"(8) ورغم أن الخطاب مفتوح لآفاق التأويل والفهم  مما يصعب مهمة التأويل  ،والعقل التأويلي يتعامل مع النص من منطق أنه لا يمكن احتواؤه لأنه تتقاطع عنده التأويلات وفيه تنفجر الدلالات إلا أن هذا لا يمنع من قراءات تأويلية متعددة للنص ، فالعبرة بالمؤول ومدي امتلاكه لأدواته وجهوزية سفينته التي ستمخر عباب النص  .

المصادر والمراجع
بستاني النداف ، "ليس القميص أبيض " دار إبداع للنشر والتوزيع " س نشر إقليمي ،القاهرة 2016
(1)   عادل مصطفى: فهم الفهم، مدخل إلى الهرمينوطيقا، نظرية التأويل من أفلاطون إلى غادامير،رؤية للنشر و التوزيع، القاهرة، 2007، ص34.
(2)   عيد توفيق: في ماهية اللغة و فلسفة التأويل، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع، بيروت، 2002، ص87.
(3)   أثر استقبال نظرية التلقي على النقد العربي الحديث: د. إسماعيل علوي إسماعيل، مجلة الأقلام، عدد 4، سنة 1998،ص30.
    (4)- رجاء عيد، ما وراء النص، مجلّة علامات، السعودية، المجلد الثامن، ع:30 ، شعبان، ديسمبر 1999 ،.
     (5)- انظر شهادة أحمد طه في كتاب "شعراء السبعينيات " ص32
06)- جميل حمداوي (يناير 2012)، العتبات النص ، مجلة عتبات الثقافية ، تم استرجاعه في نوفمبر 2015على الرابط
    (7) محمود عبّاس عبد الواحد، قراءة النص وجماليات التلقي،دار الفكر العربي، القاهرة، ط:01، 1996، ص:17.
  (8) - رجاء عيد، ما وراء النص، مجلّة علامات، السعودية، المجلد الثامن، ع:30 ، شعبان، ديسمبر 1999،.




اليوم بدار الأدباء: مائدة حوار حول أدب الطفل وأزمة النشر

اليوم بدار الأدباء: مائدة حوار حول أدب الطفل وأزمة النشر

تقيم رابطة كتاب ورسامي أدب الطفل مائدة حوار حول: أدب الطفل وأزمة النشر يشارك فيها مجموعة من المتخصصين في ثقافة الطفل، وسترتكز دائرة النقاش حول: آليات تقليص نشر كتاب الطفل "الحكومي خاصة" مع سرد لتجارب المسئولين عن نشر سلاسل قصصية أو كتب للأطفال، ومنهم: أحمد زحام، عبده الزراع، محمد الشافعي اليوم السبت الساعة 6 بدار الأدباء

هيستيريا الجسد" لهاجر تهامي.. جديد المكتب المصري للمطبوعات

هيستيريا الجسد" لهاجر تهامي.. جديد المكتب المصري للمطبوعات

تصدر قريبا عن دار "المكتب المصري للمطبوعات"رواية "هيستريا الجسد" الصحفية والكاتبة الروائية هاجر تهامي وقام الفنان حسين جبيل، بترجمة محتويات الروايه من الانتهاكات النفسيه والجسدية والتي تتعرض لها المرأه طوال عرض الرواية الي غلاف يعكس مدي النظرة الذكورية المرأه. وتتناول الروايه بعض القضايا الشائكة التي تحدث داخل المجتمع والتي تتعرض لها المرأه من اغتصاب وهتك العرض والنظرة الذكورية لها. كما تناقش الرواية قضايا زنا المحارم وتبادل الزوجات، فضلا عن الختان من منظور نفسي ومجتمعي، والمشاكل النفسية للمرأة الناتجة عن العنف

درّة الزيبان الإصدار الثالث للشاعر أحمد جلال



درّة الزيبان الإصدار الثالث للشاعر أحمد جلال


هذا الدّيوان يعدّ الإصدار الثالث للأستاذ الشاعر النّبيل أحمد جلال ، بعد إصداريه الأوّلين ( في زمن الأصيل ) ديونه الأوّل ، و( ملحمة الزعاطشة ) ديوانه الثاني ، وجاءت ( درّة الزيبان) لتكون درّة بحقّ في رصيد الشاعر أحمد جلال ، الذي يكتب بروح الفؤاد وريحانه ، ينتقي للقارئ من طيب شاعريته السّمحة ، وجمال روحه الصّافية ما يمتع ويفيد..
وقد صدر الدّيوان عن ( دار علي بن زيد للطباعة والنّشر بسكرة ) ، في ستّ وتسعين صفحة ، محتويّا بين دفتيه اثنتين وعشرين درّة بهيّة سنيّة من روائع القصيد الجميل، نذكر منها ( درّة الزيبان / عروس الزوابي / غادة الأوراس / رفقا بالطفولة / مرثية شيخ المؤرّخين / أوتار قلبي / من رحم الصّمت ).
ومن تواضع الأستاذ الشاعر أحمد جلال وسماحة نفسه أنّه شرّفني بتقديم ديوانه هذا (درّة الزيبان ) ، فكتبتُ كلمات خجلى في حقّه وفي حقّ شعره عساها تُلقي بعض الأضواء على شيء من ذلك الشعر وتقرّبه للقارئ ، وهذا ما قلته فيه:
تقديم لديوان درّة الزيبان
بقلم: عبد الله لالي 
هذا الدّيوان ( درّة الزيبان ) لصديقنا الشاعر النّبيل الأستاذ المربّي أحمد جلال؛ حديقة زاخرة  بالشعر ومزهرة بالفنّ الأدبي الرّاقي ، حوت من كلّ فنّ زهرة شذيّة ومعانٍ نديّة، وصور بديعة خالبة ، وأنا أسمّي صاحبها الشاعر أحمد جلال الشاعر ( النبيل ) ، وأعتبر هذا الاسم مفتاح الدّخول إلى شخصيّته والتعرّف على أسلوبه ومعجمه الفنّي ، فإنّ أخصّ ميزة فيه ، وأهم علامة فارقة تلمح من بين ثنايا كَلِمِه خاصية ( النّبل ) ، والتي هي خاصية نادرة وعزيزة في زمننا هذا ، فهي كخاصيّة القيادة والريادة ، لا تجد منها عددا كبيرا في النّاس إلا في الأزمنة القليلة ولذلك قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم :
" النّاس كأبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة "
وإذا كان لكلّ شخصيّة مفتاح تفتح به أقفالها كما يقول العقّاد في عبقريّاته ، فإنّ مفتاح شخصيّة شاعرنا الفذ الأستاذ أحمد جلال هي ( النّبل ) في أسمى صوره وأبهاها..
ومن ذلك المفتاح يمكن أن نفهم قصائد هذا الدّيوان الذي احتوى اثنتين وعشرين قصيدة، تنوّعت بين الوطنيّات والإسلاميّات والإخوانيات ، وشؤون المجتمع وهموم الوطن العربي والإسلامي المختلفة ،  إلى الشعر الثوري إلى الوجدانيّات وغيرها من مختلف أغراض الشعر.
وفي كلّ تلك القصائد تتجلّى خاصية النّبل وما تنطوي عليه من حبّ وعاطفة فيّاضة ولين الجانب وخفض الجناح لكل النّاس، ومعالجة الأمور بحكمة ورفق.
وقد تكون الحكمة هي الخاصية الثانية التي هي صفة من صفات النبالة أيضا ، ولذلك طالعنا الشاعر في أولى قصائده بهذه العتبة الجميلة الرّائعة:
قـــيْــــسُ  الَّلآلي والــــــدُّررْ
                         يُــرخِـي الـحِـبـالَ ويَـصْطبِــرْ    
 يمثّل الشاعر نفسه ( قيسا )، لكنّ ليلاه ليست أنثى من البشر ، بل هي درر القصائد التي يرخي لها حبائل الصّيد، ويصطبر عليها حتى يستخرجها وقد استوت على سوقها تعجب (الناظرين ).
في هذا الديوان تغنّى الشاعر بكثير من رموز الوطن ، فتحدّث عن بسكرة عروس الزيبان والتي سمّاها (  عرُوس الزّوَابي )، وتغنّى بقرينتها وشقيقتها، بل أختها التوأم عاصمة الأوراس ( باتنة)، وذلك حين قال (يـا أُختَ بَـسكَرةَ الـوَدُودِ ) من قصيدته ( غادة الأوراس )، كما حضرت الرموز التّاريخيّة في الدّيوان بقوّة مثل (  ابن خلدون / عبد المجيد حبّة / أبو القاسم سعد الله ) وغيرهم وخصّ مؤرّخ الجزائر أبا القاسم سعد الله بقصيدة كاملة رثاه فيها بعد وفاته.
وعندما يفخر الشاعر النّبيل فإنّه يفخر بأشرف مهمّة في الحياة وأنبلها، إنّها مهمة تربيّة الأجيال فيقول:  
ورَبـيــعُ عُـمـريَ كـلُّـهُ مُــذْ شـرْخـــهِ
                         أوْقـفْــــتُـــهُ لِلـــنَّــــشْءِ، في تَـــرْبـيـــتِي
وقلب الشاعر الكبير وأفقه الواسع ونظرته البعيدة لا تغفل عن قضايا العالم العربي والإسلامي، وتكون قضيّة فلسطين والقدس محورها الأساسي، فيخصّها بخالص شعره ، مبديا مشاعره الحماسية المرهفة في قصيدة ( النّصر آت )، والتي يختمها ببيت من نار ونور يقول فيه:
       أيَـظـــنُّ حــاقِـــدُ أنّــــكِ لا تُــنــصَــري
                   لِـيـمُـــدَّ حَـــبْلاً في السَّمـا ولْـيَقـطَــعَــنْ
وفي هذا البيت تناصّ قويّ جدا أشار إليه الشاعر في عتبة القصيدة وهو في قوله تعالى:
" مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَن لَّنْ يَّـنْصُرَهُ اللَّهُ فيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ  بِسَبَبٍ اِلَى السَّمَآءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَـنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَـغِيظُ"  الآية 15 من سورة الحج .                
وهو استمداد رائع وساحر من كتاب الله تعالى، يدلّ على ثقافة الشاعر الإسلاميّة العميقة، ويشير إلى يقينه الرّاسخ في النّصر الموعود..
ومن درر الدّيوان وروائعه قصيدته ( نجوم ) التي يذكر فيها بداية الدعوة المحمّديّة ويمدح نبيّ الهدى صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك قوله:
       كــــرَّمَ الإسلامُ أرضـــًا وطِــئـَـتْــهــــا          
                       قدَمــاهُ، حــلَّ غــيْـثــًـا مـــدَّ غــرْسَا
واتصل مدحه به أيضا في قصيدته ( سيّدتي العجوز ) ، فكان ذلك من الحبّ الخالص والوفاء النقي والإيمان الصّادق.
وذَكَرني في ديوانه وأخجلني ، إذ ضمنه قصيدته التي مدحني بها والتي بعنوان (كـّرِمْ لآلـيـنَـا ) ، بمناسبة تكريمي في المولد النبويّ الشريف من قبل جمعيّة المنتدى، وأنا لا أستطيع أن أوفّيه حقّ شكره أو أجزيه على فضله إلا أن أقول (شكرا ..شكرا )..
وفي الدّيوان صور فنيّة بديعة تحتاج إلى وقفة نقديّة مطوّلة ليس هذا مكانها ، ونكتفي منها في الختام بهذه الصورة الفريدة لنجعله ختاما عبقا شذيّا :
حـتّى إذا ضـيّـعْـتُ كُـلّ مَــراكِــبـي
                         لا بُـدّ  مِن قـلبي إلـيـكِ مـطـيّــــتِي
وهذا الدّيوان هو ثاني ديوان للشاعر أحمد جلال بعد ديوانه ( في زمن الأصيل )، وثالث إصدار له بعد ديوانه الأوّل وملحمته الرّائعة ( ملحمة الزعاطشة ). نتمنى له القبول عند الله ثمّ عند القرّاء بعد ذلك قراءة وتفاعلا ..