الصفحات

2008/10/04

نـم نـم .... تاريخـنـا مهم


نـم نـم .... تاريخـنـا مهم


أحمد طوسون


- نم نم .. أيها النمل
نم نم .. إلى العمل
- نم نم .. أيها النمل
نم نم .. إلى العمل
كانت كبيرة الشغالات بمملكة النمل تتفقد النمل أثناء عمله وتغنى , والنمل يعمل نشيطا وهو يغنى معها .
- نم نم .. أيها النمل
- نم نم .. إلى العمل
الكل فى مملكة النمل يحب العمل والنظام ويعرف قيمة الوقت وأهميته , يستيقظ النمل مبكراً , ينظفون أماكن نومهم وأنفسهم ويؤدون ما عليهم من صلاة ثم يخرجون إلى الساحات الفسيحة ويؤدون التمارين الرياضية التي تساعدهم على الاحتفاظ بنشاطهم طوال اليوم ثم يخرجون فى طوابير طويلة إلى العمل , النمل الصغير إلى المدارس والنمل الكبير إلى المصانع والمزارع ودائما تجدهم فى طوابير وجماعات , فأهم ما يميز النمل حبهم للجماعة، لأن يد الله مع الجماعة .
وبينما كانت كبيرة الشغالات تمر على النمل لتطمئن على أحواله وجدت نملة صغيرة تقف وحيدة ولم تذهب إلى مدرستها , تعجبت كبيرة الشغالات وقالت: ( لماذا لم تذهب هذه النملة إلى مدرستها , لا أحد فى مملكة النمل يجب أن تفوته دروس العلم التي ينتفع بها وينفع المملكة بها ) تضايقت النملة الكبيرة , وذهبت إلى النملة الصغيرة وسألتها عن السبب الذي منعها من الذهاب إلى المدرسة ؟
نظرت النملة الصغيرة إليها وقالت :
- إنني مريضة ولم أستطع الذهاب إلى المدرسة.
فكرت النملة الشغالة وقالت في نفسها إذا كانت مريضة فلا يجب أن تذهب إلى المدرسة حتى لا تنقل العدوى بين زميلاتها وزملائها , أشفقت النملة الشغالة على النملة الصغيرة من المرض ومدت لها يدها وقالت :
- تعال معي يا نملة لنذهب إلى الطبيب ليجد لك علاجاً .
سجت النملة الصغيرة يدها وقالت :
- لا .. لا انني بخير , لقد كنت أضحك معك فاليوم هو أجازة مدرستي.
فكرت النملة الشغالة وقالت لنفسها إننا في يوم الاثنين ولا توجد مدارس تجعل أجازتها يوم الاثنين وقالت لابد أن هذه النملة تكذب لتهرب من مدرستها ومملكة النمل لا أحد فيها يهرب من عمله حتى ولو كانت نملة صغيرة ، نظرت النملة الشغالة إلى النملة الصغيرة وقالت لها :
- أنت تكذبين يا نملة والكذب عادة سيئة لا مكان لها بيننا وإذا لم تقولين الصدق سأصحبك إلى ملكة النمل لتحكم عليك بالبقاء وحيدة فى حجرة صغيرة حتى لا تكذبين مرة أخرى .
خافت النملة الصغيرة وقالت :
- لا .. لا سأقول الصدق، إنني لا أحب المدرسة ولا أرغب في الذهاب إليها .
تعجبت النملة الشغالة وقالت :
- ولم لا تحبين مدرستك يا نملة
قالت النملة الصغيرة :
- ولماذا أعمل وأتعب لأكبر وأشترك مع باقي النمل في بناء مملكتنا وبعد ذلك يمر حيوان أكبر وأقوى منا فيدوس على بيوتنا ومصانعنا ويدمرها . . إننا مخلوقات ضعيفة لا قيمة لها أو لعملها ولن يتأثر العالم إن لم يتعلم النمل أو يعمل أو مات النمل جميعا.
انزعجت النملة الشغالة من كلام النملة الصغيرة وأسرعت إلى النملة الحكيمة تحكى لها ما سمعته من النملة الصغيرة , ابتسمت النملة الحكيمة وقالت :
- لا تنزعجي أيتها النملة الشغالة , سأعالج الأمر بنفسي
قالت النملة الشغالة :
- لكنني أخشى أن تنقل النملة الصغيرة هذه الأفكار إلى زميلاتها وزملائها من النمل.
- لا تخشي شيئا يا نملة، النمل لا يؤمن بأية أفكار إلا بعد أن يبحثها ويتأكد من صدقها ويناقش مدرسيه فيها , وسأذهب بنفسي وأقابل النملة الصغيرة.
خرجت النملة الحكيمة ومشت فى مملكة النمل وهى تتوكأ على عصا صغيرة تساعدها على الحركة بعد أن ضعفت أقدامها ولم تعد قادرة على السير دون مساعدة العصا ، سألت النملة الحكيمة بعضا من النمل عن النملة الصغيرة , أخبرتها نملة عائدة من مدرستها أنها رأتها تجلس وحدها بجوار كومة صغيرة من التراب خارج وادى النمل، وصلت النملة الحكيمة إلى المكان الذى تجلس فيه النملة الصغيرة و اقتربت منها وقالت :
- السلام عليكم أيتها النملة
لم ترد النملة الصغيرة السلام واكتفت بالنظر إلى النملة الحكيمة ثم عادت إلى كومة التراب تلعب بأناملها الصغيرة , ابتسمت النملة الحكيمة وقالت :
- كيف حال نملتي الصغيرة ؟!
التفت النملة الصغيرة وقالت :
- هل تعرفيينى أيتها النملة العجوز لتسألين عن حالى ؟
ضحكت النملة الحكيمة وقالت:
- نعم أعرفك أيتها النملة الشقية، وحتى لو لم أكن أعرفك كان عليك أن تردى السلام والتحية بأحسن منها .
ردت النملة الصغيرة بعد أن شعرت بالغضب :
- لكنى لا أعرفك ولم أقابلك من قبل فى مملكة النمل .
وضعت النملة الحكيمة عصاها جانباً وجلست إلى جوار النملة الصغيرة وربتت على كتفها وقالت :
- معك حق يا نملتي الجميلة، فأنا لم أعد أخرج كثيراً ، فأقدامي تؤلمني عند المشي وأنت لا تأتين عندي مثل باقي النمل .
- ولم آتىّ إليك وأنا لا أعرفك ؟!!
ضحكت النملة الحكيمة وقالت :
- لأن من يريد المعرفة يأتي عندي
التفتت النملة الصغيرة بعيداً عن النملة الحكيمة وقالت :
- إنني لا أريد أن أعرف شيئاً ، فما قيمة المعرفة حتى أبحث عنها ؟؟
- يا نملتي الصغيرة إن المعرفة تكشف لك قيمة الحياة وقيمة العمل وقيمة الوجود من حولك وتكشف لك نفسك قبل كل شيء وقيمتها .
هزت النملة الصغيرة رأسها وقالت تستنكر كلام النملة العجوز :
- وهل لحشرة صغيرة - لا قيمة لها - مثل النمل أهمية في هذا العالم.
- لا يا نملتي الصغيرة ، كل المخلوقات لها أهميتها ودورها في الحياة ، والنمل ليس حشرة ضعيفة، الضعيف هو الذي يجهل قيمته ولا يؤدى عمله على الوجه الحسن ولا يعرف تاريخه.
ضحكت النملة الصغيرة من كلام النملة الحكيمة وقالت :
- وهل للنمل تاريخ ؟!!
قالت النملة الحكيمة :
- نعم، للنمل تاريخ كبير وعظيم على الأرض وكذلك للكثير من الحشرات التى تعتبرينها ضعيفة، ويكفي أن الله ( سبحانه وتعالي ) كرم الحشرات وجعل بعض سور القرآن الكريم باسم حشرات مثل سور النمل والعنكبوت والنحل . . ولقد درست يا نملة فى المدرسة قصة العنكبوت وكيف أنه نسج خيوطه على الكهف الذي كان به الرسول ( ص ) حتى يخدع كفار قريش ويمنعهم عنه أثناء هجرته ( ص ) من مكة إلى المدينة .
كانت النملة الصغيرة تستمع باهتمام لما تقوله النملة الحكيمة وقالت مقاطعة لها :
- انظرى أنت نفسك قلت أن العنكبوت قام بدور فى الحياة، أما النمل فلم يقم بشىء يستحق أن يحيا به على الأرض.
قالت النملة الحكيمة :
- أنت مخطئة يا نملة، إن للنمل تاريخاً عظيماً ويكفى أن القرآن الكريم ذكر قصتنا مع سيدنا سليمان فقد قال تعالى فى سورة النمل [ حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنَّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ] الآية 18
انظرى كيف أن النمل منذ سكن الأرض وهو يشيد ويبنى ويقيم النظم والقوانين والقواعد التى استعان بها الإنسان- وهو الذي كرمه الله على باقي المخلوقات، انظري كيف كانت النملة تحرس واد النمل حتى إذا شاهدت خطراً تحذر النمل ليدخل مساكنه ويتجنب الخطر القادم ، وقد كرم الله (سبحانه) النمل و أسمى السورة القرآنية سورة النمل تكريماً منه ( سبحانه ) لنا .
قالت النملة الصغيرة مندهشة :
- ولكننا مخلوقات ضعيفة
قالت النملة الحكيمة منزعجة :
- من قال إننا مخلوقات ضعيفة ، الضعيف هو الجاهل الذي لا يتحلى بالعلم والعمل ، ألم تسمعى عن حكايتنا مع الجن وهو من المخلوقات التي نظنها قوية.
قالت النملة باشتياق :
- وهل لنا حكاية مع الجن ؟؟
- نعم يا نملة وقد ذكرها الله تعالى في قرآنه الحكيم إذ يقول سبحانه فى سورة سبأ [ فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض(
[1]) تأكل منسأته([2]) ،فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين ] الآية 14
لقد علم النمل بموت سيدنا سليمان قبل أن يعلم الجن الذى كان يعمل فى هوان ظناً أن سيدنا سليمان ما زال حياً ولم يعلم بموته إلا بعد أن أكل النمل عصاه التى يتكأ عليها.
أرأيت يا نملة إن النمل تفوق على الجن بكل قوته وجبروته ، القوة يا نملة هى قوة العقل والعلم والعمل ، كما أن كل المخلوقات لها دورها فى الحياة الذى خلقها الله من أجله وعليها أن تؤديه على أكمل وجه .
قالت النملة الصغيرة وقد ارتاحت لما قالته النملة الحكيمة :
- معك حق أيتها النملة الطيبة ومن اليوم سأعود إلى مدرستي وأذاكر واجباتي وأحرص على العلم والمعرفة لأقوم بواجبي الذي خُلقت من أجله على أكمل وجه وأكمل تاريخ النمل العظيم بحاضر ومستقبل لا يقل عن عظمة التاريخ بالعلم والعمل . .
- ولكنك أيتها النملة الطيبة لم تقولي لي أين أجدك إن أردت أن أسألك عن شيء لم أفهمه.
فرحت النملة الحكيمة بالنملة الصغيرة وقالت لها :
- ستجدينني في بيت الحكمة .
- بيت الحكمة ؟‍‍‍‍؟‍‍‍‍‍
- بيت الحكمة هو مكتبة المملكة، التي بها كل ما تحتاجينه عن ماضيك وتاريخك الذي لا غنى عنه لمستقبلك .
ومن ساعتها تحرص النملة الصغيرة على أداء عملها وعلى زيارة المكتبة وقراءة كتب التاريخ وكافة كتب المكتبة لتتزود بالعلم والمعرفة وتجدها مع باقي زميلاتها وزملائها من النمل في المدرسة يغنون.
نم نم . . تاريخنا مهم
نم نم . . تاريخنا مهم

([1] ) دابة الأرض : النمل، ويرى بعض العلماء إنها نوع آخر من الحشرات .
([2] ) منسأته : عصاه التي يستند عليها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق