المجلس الأعلي للثقافة.. ينظم في الفترة من أول نوفمبر القادم إلي الرابع من الشهر نفسه. أول ملتقي دولي للقصة القصيرة. ومع تعدد المحاور التي اقترحها منظمو الملتقي. فإن للأدباء وجهات نظرهم في الملتقي جميعاً. بحيث يتلافي الأخطاء التي شابت ملتقيات سابقة في الرواية والشعر. وكما يقول د.حسن فتح الباب. فإن فن القصة القصيرة يعد ذروة الإبداع في الفنون السردية. وهو أصعب منالاً من الرواية. ويقوم علي التركيز والتكثيف وبلورة موقف أو حدث يصب فيه الكاتب خلاصة رؤيته للنوازع الإنسانية والوجودية. بحيث يصيب الجوهر لا المظهر. وهناك فيما قرأت مواهب بازغة في هذا الفن. لكن الكثرة الغالبة من النقاد لا يلتفتون إليها. بل يركزون اهتمامهم علي الرواية. باعتبارها كما قال جابر عصفور ديوان العرب. بدلاً من الشعر. وقد أدي ذلك إلي انصراف كثير من كتاب القصة الشباب إلي تحويل قصصهم إلي روايات. وتلك ظاهرة مؤسفة. إذ لا يرقي عملهم إلي مستوي الرواية. لذلك فإن الملتقي المزمع عقده لفن القصة القصيرة ينبغي أن يكون من أولوياته نقد هذه الظاهرة. والتدليل علي ذلك بنماذج من القصة القصيرة التي يشوبها الافتعال. علي نقيض تلك التي تضيف إلي الذخيرة التي أبدعها الرواد. ومن الدراسات التي اقترح تناولها علاقة القصة القصيرة بالشعر. وحث الكتاب المبدعين علي استيعاب الأعمال الشعرية الكبري للإفادة من تقنياتها. هذا الملتقي يحقق غايته إذا لم يكتف الباحثون بالتنظير. بل يهتمون بالتطبيق. ويحددون العلاقة بين الفنون السردية المختلفة. كما يتحقق النجاح إذا اكتشفوا طاقات شبابية جديدة. كما ينجح إذا لم يقتصر الملتقي علي أدباء ونقاد العاصمة والإسكندرية. بل يشمل أدباء الأقاليم. لاسيما أولئك الذين يقدمون تجارب جديدة.. ويري الشاعر حسن طلب أن هذا الملتقي يختلف عن الملتقيات السابقة بأنه الأول الذي يخصص علي هذا المستوي. بحيث يمكن القول إنه قد تراكمت آليات معينة تسمح بأن تتراجع سلبيات اللقاءات السابقة. والملتقيات التي تمت في الشعر والرواية. مع تقدير أنها كانت تحسن نفسها. وتنتقي المحاور التي تعالج من خلالها قضايا الشعر والرواية. المشكلة بالنسبة لملتقي القصة القصيرة أنه الأول. فلابد أن نفكر في كيفية تجنيبه مشكلات التجربة الأولي. نستطيع أن نركز علي ما تطرحه الساحة الثقافية. ممثلاً في المقولة التي تعلن أن فن القصة القصيرة في انحسار. علينا أن نبحث هذه القضية. وما إذا كانت صحيحة أم لا. وثمة كلام عن القصة القصيرة جداً. أو الومضة. وهي التي تجمع بين خصائص الشعر والقصة. وتدخل في الفنون العابرة للأنواع. لأن الكثير من المبدعين من الشباب يكتبون القصة الومضة.. هذه القضايا تستحق أن نقف عندها. كي يكون الملتقي بعيداً عما طرح في السابق. أو يكون بحثاً في التنظير فقط. وهناك مسألة تأثير الإعلام علي الأدب بعامة. والقصة القصيرة بخاصة. فالمدونات تأخذ طابعاً قصصياً. وتجعل من القصة ترجمة ذاتية للمسكوت عنه. والمدونات تستوعب الكثير من الأفكار الجديدة للكتابة. تأثير هذا لابد أن يدرس أيضاً. أخيراً. فإني أتمني أن يضع الملتقي نصب عينيه هذه المشكلات التي صنعها الواقع الأدبي. وخاصة القصة القصيرة.. ويذهب القاص والروائي أحمد الشيخ إلي أنه من المفترض أن خريطة الكتاب معروفة بشكل جيد. لذلك يثور السؤال: علي أي أساس تكون هناك توليفة وتركيبة. هي في الوقت نفسه مجموعة يعهد إليها بتنظيم هذه المؤتمرات. فتدس أسماء تكاد تكون مجهولة. ونقاد ليس لديهم دور في الحركة النقدية. وفي العادة ينزوي الحوار الجاد. والكتاب الجادون يتم تهميشهم. فعندما يضم المؤتمر كتاباً كباراً في الملتقي. يبقي الحوار والأبحاث علي مستوي عال. لكن الإداريين هم الذين يبعدون المبدعين. وهذه مأساة متكررة. وفي كل مؤتمر نشكو نفس الشكوي. ولا يوجد أحد من المسئولين يتحاشي الأخطاء السابقة. وكل ما نتمناه ونحن كتاب القصة القصيرة ذات القيمة علي مستوي الوطن العربي والعالم كله. نتمني أن يتحقق في حياتنا ما يحدث في أمريكا اللاتينية. بإسقاط التجاهل والتعتيم وإغفال كبار كتاب القصة من الحسابات. ولا ندري أسباب هبوط مثل هذه المؤتمرات. هل هي سمة عامة. متكررة؟ المسألة ليست شخصية ولا ذاتية بالنسبة لي. فالمبدع يتحقق بالكتابة. لكن هذا يؤدي إلي حالة من حالات التصور الفعال. وتقديم صورتنا للمشاهدين من خلال الأبحاث والحوارات ذات الثقل. نحن نتمني أن يقولوا لنا: تعالوا. ولا نريد في الوقت نفسه أن يدخلوا معنا نكرات. بل تدعي قامات يتم التحاور معها. فعمل الملتقي هو عمل حضاري علينا أن نستثمره. ونقول للعالم كله إننا قادرون علي تقديم أنفسنا. والتحاور الحضاري مع غيرنا من المبدعين والنقاد. نريد قدراً من الموضوعية. لا أتحدث كما قلت عن نفسي. فأنا حالة من حالات لم توجه لها دعوة. وهو تصرف ينطوي علي غباء متعنت. أتحدث عن المنتج لا الشخص. وهذا يحدث كثيراً لغيري. ونتندر عليه. ونعتبره شكلاً من أشكال المسخرة. لكن ماذا نقول إذا كان المسئول عن الأمر لا يحسن كتابة القصة القصيرة؟! ويري د.أحمد عتمان أن يراعي في المؤتمر تمثيل كافة الأقطار العربية. أي يضم العديد من الأدباء وكبار النقاد من الوطن العربي. وكذلك بعض المستشرقين. وعليهم وضع معايير محددة للحكم. ولاختيار الفائز. هذه اللجنة لا تقتصر علي المصريين فقط. بل تضم العرب. وكذلك عناصر أجنبية. ولا تتكرر الوجوه التي نجدها دائماً في كل مؤتمراتنا سواء في الشعر أو في الرواية. المفروض أن نجد أساتذة متخصصين في القصة القصيرة. ويجب مراعاة التنويع بحيث تكسب الثقافة المصرية وجوهاً جديدة. فهؤلاء الذين يحضرون باستمرار. دائماً ما تربطهم حسابات وعلاقات. علينا أن نتخلص من كل ذلك إذا كنا نريد أن يكتب لهذا المؤتمر الأول نجاحاً حقيقياً. وعلينا أن نبتعد عن العناوين والأسماء الموجودة في القوائم الجاهزة. لابد أن يعد للمؤتمر بأن يرسل لكل المؤسسات العلمية الثقافية والجامعات دعوات عامة لكل من يرغب في الاشتراك. لابد أن ترسل الدعوات للناس. بحيث توزع علي الجميع. وأنا أتحدث عن الندوات والمتقدمين للاشتراك فيها بأبحاث. توضع هذه الأبحاث أمام لجنة علمية رصينة تدرسها. وتقرر قبولها من عدمه. وأقترح أن تشمل الدراسات لغات أجنبية مادام المؤتمر يفسح المجال لتلك اللغات. نريد أن نكسب المزيد من الجمهور والنقاد في الخارج. ويمكن ترجمة الأبحاث الأجنبية باللغة العربية أيضا.. ويعدد الروائي حسني سيد لبيب عوامل إنجاح أول ملتقي للقصة القصيرة: تمثيل جميع تيارات القصة القصيرة وعدم الاقتصار علي جماعة بعينها تتسيد الجلوس علي المنصة. تقديم الندوات واللقاءات بما تتضمنه من دراسات جادة. احتفاء الدوريات بفعاليات المؤتمر. وعرض نصوص قصصية علي صفحاتها. تغطية المؤتمر في الدوريات المختلفة. مشاركة الجمعيات الأدبية مشاركة فعالة. مراعاة أن يأتي المؤتمر بجديد. ولا يتأتي هذا إلا بتنزيه المشاركين من الأهواء والأغراض التي مللنا تكرارها في كل مؤتمر. تشجيع نشر القصة القصيرة المترجمة بشتي تياراتها. تشجيع الدراسات النقدية في مجال القصة القصيرة.. وباختصار شديد والقول للدكتور سعيد الوكيل أنا علي يقين أن المجلس الأعلي للثقافة. بوضعه الحالي. وبتركيبته العلمية والثقافية والإدارية. وتبعيته لوزارة الثقافة. غير قادر علي عمل مؤتمر علمي رصين يليق بوجه الثقافة المصرية. لقد دأب المجلس طيلة السنوات الماضية. علي أن يمارس شهوة الاستعراض. حتي التي لا تليق بمؤسسة تسعي إلي تحقيق تأثير ثقافي حقيقي. ومن ثم فإن الكلام عن شروط ومحاذير وهواجس وآمال وتوقعات. هو ضرب من دفن الرءوس في الرمال. ويشير د.سعيد حسن بحيري إلي أهمية مناقشة الأشكال الجديدة للقصة القصيرة التي تجمع بين القصة والقصة التي يكملها القارئ. والتي تسمي قصة الحاسوب. أي تدخل القارئ في القصة. وترك المؤلف القصة يستكملها القارئ. وهو نوع من الكتابة الجديدة لم يعرفها فن القصة من قبل. أنا أميل إلي معرفة موقف الناس والنقاد من هذه الأنواع الجديدة من النصوص. ولابد من اشتراك النقاد الجدد. فلديهم دراية بمثل هذه الصراعات الأدبية الجديدة. كالقصة الومضة. والقصة التي تتداخل فيها الأنواع الأدبية الأخري. والفنون العابرة للأنواع. نقلا عن صفحة قضايا أدبية جريدة المساء |
مجهودك كبير في مدونتك يا استاذ احمد
ردحذفتحياتي وتقديري