الصفحات

2009/12/31

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية- العدد الأول

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية- العدد الأول
(الصديق الشاعر والمبدع أحمد المريخي رئيس لجنة الإعلام بمؤتمر الإسكندرية بذل ومعه مجموعة الأصدقاء الأدباء محمد الحمامصي، أشرف عويس، إبراهيم النحاس، جمال حراجي جهدا رائعا لإصدار نشرة يومية أثناء فعاليات المؤتمر.
أرى من الأهمية أن نفرد لصفحاتها مكانا هنا.
فشكرا للصديق أحمد المريخي وفريق تحرير النشرة
أحمد طوسون)
فاروق حسنى وعادل لبيب يفتتحان مؤتمرنا

ليست مصادفة، كما قد يظن البعض، أن يأتى الشعر مع عودة الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة لافتتاح مؤتمر أدباء مصر فى دورته الـ 24، ولكن تقديرا للمشهد الشعرى المصرى الذى يسترد الآن عافيته وتوهجه على امتداد مصر المحروسة.
كل الأجيال تبدع، تختلف رؤاها وخصوصياتها وتقنياتها، لكنها تبدع، جنبا إلى جنب قصيدة العمود وقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، وعلى الرغم من أن هناك رفضا متبادلا من قصيدة جيل لجيل آخر، لكنها سنة الحياة، أن يتحفظ جيل ويتمرد جيل، أن تخرج القصيدة بين جيل وآخر من السياق دون أن تفقد أبوتها. ومؤتمرنا الذى يفتتحه اليوم الفنان فاروق حسني، يأتى حاضنا لكل الأشكال الشعرية، لكل القصائد، لكل الآراء، يفتح قلب التجربة الشعرية المصرية ليكشف كنوزها فى كل مكان من أرض مصر.
إلى جانب الفنان فاروق حسنى يقف اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية الذى يعد حبه للثقافة والأدب جزءا من تاريخه المشرف، وكذا الناقد د.أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ابن الحركة الثقافية، وكذا ناقدنا الكبير د. عبد المنعم تليمه, وأمانة المؤتمر برئيسها الشاعر فتحى عبد السميع وأعضائها ومدعويها من الشعراء والنقاد والإعلاميين. إن محاور المؤتمر تفتح الطريق إلى قراءة المشهد الشعرى المصرى مستقبلا، وهو مشهد ـ دون تعصب ـ الأنضج والأثرى والأكثر حيوية ونضارة فى المشهد الشعرى العربي.
من أجل «مؤتمر أدباء مصر»
أدباء مصر هم جسدها الحى من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وروحها التى تتجلى متوهجة إبداعا وثقافة وفنا على العربية أينما وجدت، وأنفاسها التى تملأ آفاق التاريخ قديمه وحديثه، هؤلاء الأدباء المبدعون هم النهر الخالد المتجدد دائما والذى لم ينقطع عطاءه منذ فجر الحضارة الأول ولا يزال ممتلئا وقادرا على العطاء.
ليس هذا من قبيل الإنشاء أو المديح الزائف، ولكنها الحقيقة التى تدعمها تجليات الإبداع والفكر والفن، أقول هذا وأؤكد عليه لا متوجها إلى مؤسسة ما أو قيادة ما أو نظاما ما، ولكن متوجها إليهم هم: الأدباء، فما عشته خلال عامين فى الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم، كشف النقاب عن ملاحظات لابد أن توضع بعين الاعتبار ليس من قبل المؤسسة المحتضة للمؤتمر وحدها، ولكن من قبل الأدباء أنفسهم، الذين يشكلون نخبة، تم اختيارها ديمقراطيا من كل مواقع الثقافة المصرية. إن الديمقراطية التى تتمتع بها أمانة مؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم، ديمقراطية لا تعرف العوج، تتميز بالنزاهة والشفافية والأدب فى الحوار والنقاش، الأمر الذى جعل كل قراراتها غير قابلة للطعن أو التشكيك، بدءا بانتخاب الأمين العام وانتهاء باختيار موضوع المؤتمر ومكرميه ورئيسه ومدعويه وغير ذلك. الاختلاف حول أى من موضوعات جدوله المطروحة للنقاش حين لا يصل لنقطة الالتقاء والاتفاق، يكون التصويت هو الحل الأمثل، وهكذا لا يستطيع أى من الأعضاء القول بعدم نزاهة هذا القرار أو غيره حول هذا الرأى أو غيره.
من هنا فإن الحفاظ على هذه الديمقراطية وعدم التشكيك بها أمر لا يقبل النقاش والجدل حوله، ولابد لكل أعضاء الأمانات التى ستتوالى على هذا المؤتمر أن تحافظ على هذا الحق القوى الذى يكفل القوة لكل عضو. لقد ضمنت استقلالية الأمانة قوة لمؤتمرها على مدار سنوات طويلة، ومن ثم فإن هذه الاستقلالية المدعومة بقوة الديمقراطية أمر لا ينبغى التفريط فيه أو العبث به، وللأسف فإن تفريط هذا أو ذاك فى هذه الدورة أمر مثل ثغرة للشك والطعن، الأمر الذى يجب مراجعته والتشدد بشأنه فى الدورة القادمة. إن العلاقات الشخصية والتكتلات التى تلعب دورا غير صحى أحيانا ينبغى أن تتنحى جانبا، لأن تراكماتها السلبية يمكن أن تودى بالمؤتمر وثقله الثقافي، وتاريخه أيضا الذى شارك فى صنعه أجيال من المبدعين المهمين والمتميزين. مع ملاحظة أن أى تشكيك أو طعن أو خلاف يجب أن يتم احتواءه داخليا حتى لا تتعرض صورة المؤتمر وأمانته للاهتزاز ومن ثم يمكن أن تفقد مصداقيتها وثقلها فى لعب دور أقوى. على الرغم من أن تقاليد المؤتمر وأمانته ترفض مصادرة الأفكار والآراء، إلا أننا ينبغى أن نلحظ أن هناك آراء وأفكارا نجلها ونحترمها ونجل ونحترم أصحابها قد تم تجاوزها، بعد أن قتلت نقاشا وبحثا وجدلا، فمن الصعب أن آتى برؤى طرحت فى الستينيات والسبعينيات والثمانينات وجزء لا بأس به من التسعينيات لأطالب بطرحها ومناقشتها، خاصة وأن الهم الأساسى للمؤتمر ومستقبله ينبغى أن يرتكز على الكتابة أشكالها وأساليبها ورؤاها وتقنياتها وآليات تطورها وتجديد دمائها، وهموم ومشكلات كتابها الإبداعية والثقافية. أن تكون أمانة المؤتمر على قلب رجل واحد، هذا يكفل لها قوة فى كافة مخاطباتها سواء داخل الهيئة المحتضنة ورئيسها وقياداتها، أو مخاطباتها للمواقع الثقافية والجهات الرسمية فى الدولة والمعنية بدعم إقامة المؤتمر وتنظيمه. لنكتب ونتحاور فيما يخدمنا كأدباء ويخدم مؤتمرنا ويحفظ له القوة للاستمرار لا فيما يهدمه ويشرزم خطواته، لنكن صرحاء وصادقين مع أنفسنا، أن أى مساس بالمؤتمر وأمانته ـ حاليا ومستقبلا ـ سوف يؤثر سلبا على قواعد بنائه الذى شارك فى تشييدها أدباء كبار من كل ربوع مصر على مدار سنين طويلة، وأنه ليس من مصلحتنا أن نفقد منبرا وواجهة وبيتا أو أن نسعى إلى هدمه على رؤوسنا من أجل خلافات قد تكون شخصية بالأساس.. لن تخسر الدولة ولا وزارة الثقافة ولا الهيئة العامة لقصور الثقافة شيئا إن تهدّم منبرنا وأصبحنا جزرا منعزلة، فقط نحن الذين سنخسر، ويكفى خسرانا أن يشار إلى أن أدباء مصر فشلوا فى الحفاظ على استمرار مؤتمرهم قويا وقادرا على العطاء.

بعد ربع قرن من ولادته
لكى يستمر المؤتمر قوياً وفاعلاً

لأنهم أصحاب المؤتمر وبهم استمر 24 عاما من العطاء، ويهمهم أولا وأخيرا استمراره قويا وفاعلا ومؤثرا فى الحركة الإبداعية المصرية، فإن استطلاع آرائهم يشكل أفقا رئيسا نتعرف من خلاله على رؤاهم لما هو قائم وما هو آت، لنصل إلى خارطة يمكننا أن نرى عليها محاور المستقبل، نقوّم بها ضعيفها ونحفظ بها قويها، ونستقبل بها هموم ومشكلات تطور الكتابة ونحفظ بها المؤتمر لأجيالنا القادمة.
الأديب محمد خليل يقدم ثلاثة مقترحات من أجل استمرار مؤتمر أدباء مصر قويا وفاعلا وقادرا على تحمل مسئولياته:
أولا : ضرورة أن تتحول الأمانة الى مجلس لأدباء وكتاب الأقاليم .. بمعنى ان تكون الأمانة مجلسا موازيا لمجلس إدارة الهيئة، وأن يجتمع هذا المجلس بصفة شهرية ويكون المؤتمر ركنا أساسيا فى أعمال هذا المجلس لطرح ومناقشة كل ما يهم الحركة الأدبية والثقافية للأدباء وتقديم رؤية ثقافية وأدبية سنوية لنشاط الهيئة فى مجال الأدب والثقافة والإبداع بصفة عامة و يشترك رئيس الهيئة فى هذا المجلس بصورة أو أخرى لنقل هذه الرؤية إلى مجلس إدارة الهيئة لمناقشتها وإقرارها .
و سبق وطرحت هذه الفكرة على الرئيس السابق للهيئة فى اجتماعه مع رؤساء أندية الأدب المركزية ووافق عليه وطلب إصدار قرار تنفيذى فى اليوم التالى ولا أدرى لماذا دخل الثلاجة ؟
ثانيا : فى مستوى الأمانة وعندما يتم تحويلها الى مجلس ينبغى ان يتم انتخاب الأعضاء انتخابا مباشرا سواء من أعضاء الجمعية العمومية أو باتفاق ادباء كل محافظة على اختيار او انتخاب من يمثل المحافظة فيما بينهم أو يتم انتخاب أعضاء كل إقليم فى مؤتمر الإقليم وعدم حرمان أعضاء هذا المجلس أو الأمانة من الترشيح لدورة جديدة لأن هذا يعتبر سابقة غير قانونية وإخلالا بالمفاهيم الديمقراطية وبالقوانين المنظمة للانتخابات فى اى مكان أن يكون لشخصية ما حق التصويت وحرمانها من حق الترشيح ..كما أرى أن تكون مدة المجلس أو الأمانة أربع أو ثلاث سنوات حتى يتمكن من تقديم رؤية متكاملة فى هذه المدة التى يمثل فيها حركة أدباء مصر .
ثالثا : اتصور انه ليس من عمل الأمانة البحث عن مكان انعقاد المؤتمر.. لكن الأمانة عليها أن ترشح وتختار مكان الإنعقاد.. لانها ليست مجلسا تنفيذيا .. لكن الهيئة مسئولة عن الاتصال بالمحافظ للاتفاق معه على قبول الإنعقاد على أرض محافظته وعلى كل التفاصيل .. وضرورة ان يتوفر للمؤتمر فى ميزانية الهيئة كل عام التكلفة المالية التى تحقق الإنعقاد فى أى مكان فى حالة اعتذار المحافظ عن المشاركة المادية.
ويقول الأديب أحمد طوسون: لا خلاف على أن مؤتمر أدباء مصر هو ضمير المثقفين اليقظ وحائط الصد ضد التطبيع الثقافى مع العدو الصهيوني، ولكى يبقى المؤتمر قويا وفاعلا وقادرا على تحمل مسئولياته لابد أن تصبح له ميزانيته المستقلة حتى لا تصبح موافقة محافظ على استضافة المؤتمر أو رفضه تتحكم فى تسيير أعمال المؤتمر وتهدد فعالياته. وسبق أن وعد الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة فى إحدى دورات المؤتمر بالأقصر منذ سنوات بتخصيص ميزانية مستقلة للمؤتمر لكن ذلك لم يتحقق حتى الآن!
ويضيف طوسون: أرى أنه من الضرورى عقد اجتماع سنوى لجمعيات نوادى الأدب على مستوى الجمهورية لوضع تصوراتهم ومقترحاتهم لتطوير المؤتمر والدفاع عنه والحفاظ على كيانه ورفعها للأمانة.. لأن المؤتمر ليس حكرا على أمانة بعينها يمكنها أن تعدل فى لوائحه بصورة قد تضيع مكاسب حققها المؤتمر وحافظ عليها طوال دوراته السابقة.
أيضا من المهم أن يخصص المؤتمر محورا من محاور جلساته فى دوراته المتعاقبة لبحث شأن يمس الهم العام إلى جوار المحاور الأدبية المتخصصة حتى لا ينعزل المؤتمر عن قضايا الأمة والوطن.
يرى حسونة فتحى أن هناك ضرورة لإجراء تعديلات فى بنود لائحة المؤتمر بما يضمن حق المحافظات والأقاليم فى اختيار من يمثلهم دون قيود، وكذلك تقليل عدد المعينين من الشخصيات العامة والإعلاميين والاكتفاء فقط بمن يفى بالغرض. ويؤكد على منح الأمانة كامل الحرية فى إختيار رئيس المؤتمر وفق الحيثية الأدبية دون شرط موافقة رئيس الهيئة. فضلا عن تبنى الهيئة للإجراءات الخاصة بمكان انعقاد المؤتمر، وكذلك إبرام كافة الاتفاقات مع المحافظين بمساندة عضو الأمانة فى المحافظة التى اختارتها الأمانة لانعقاد المؤتمر.
ويقترح حسونة فتحى تشكيل لجنة من الأدباء والعاملين بالهيئة تمارس أعمالها بعد انقضاء المؤتمر تختص باتخاذ ما يلزم من إجراءات ومقابلات ومخاطبات لتنفيذ التوصيات التى أقرها المؤتمرون. ويرى ضرورة إجراء الاجتماع الأول للأمانة المنتخبة أثناء المؤتمر الذى تم انتخابهم فيه وذلك لتحديد المعينين من الشخصيات العامة والإعلاميين للحفاظ على حق أحدهم فى أن يكون أميناً عاما للمؤتمر بالانتخاب أسوة ببقية الأعضاء.
القاص والراوائى فكرى داود يرى أنه يتحتم على هيئة قصور الثقافة، توفير الاعتمادات المالية اللازمة، لإقامة المؤتمر سنويًا فى موعده، دون سؤال المحافظين، ويقول: إن هذا يضمن أمران فى غاية الأهمية، هما: الاستمرارية دون الحاجة إلى الغير، وحرية اختيار مكان الانعقاد تبعًا للأوليات والموضوعات المطروحة للمناقشة أو المناسبات الهامة.. أقول هذا، وأنا أعلم تماما أن تمويل المؤتمر كاملا، يقل عن تمويل اى نشاط آخر، فى الهيئة أو الوزارة، كالمسرح أو الفن التشكيلي، مع كامل التقدير لكل منهما.
أما فيما يتعلق بالموضوعات الرئيسية والبحوث والمحاور فيجب ألا تقتصر الاهتمامات، على الموضوعات الأدبية الصرفة فحسب، وإنما لابد من الاهتمام بالقضايا القومية، والاجتماعية والثقافية الكبرى، التى تجتاح العالم– ونحن جزء منه– وأن يتم ذلك فى إطار من الديمقراطية، والانفتاح، وقبول الآخر، مع وضع التقنيات الحديثة فى الاعتبار، ومراعاة تأثيرها فى الحركة الثقافية ككل، وتخصيص محاور لذلك. إلى جانب محور المحافظة المضيفة. ويضيف داود: يجب أن يتقلص عدد الحضور، فلا يتجاوز المائتين، حتى تقل تكلفة الانعقاد إقامة وإعاشة، بحيث تستطيع الهيئة أو الوزارة، توفير الاعتمادات المناسبة، ومن ثم تتقلد حرية اختيار مكان الانعقاد ووقته.
أما بالنسبة لنوعية الحضور، فلابد من تغيير اللائحة، بحيث يتحتم أولا وجود عدد من الرواد فى مجالات الفكر المختلفة، فتخصص لهم محاور أساسية، يناقشون فيها فكرهم، من خلال بحوث أعدوها، أو بحوث أعدها غيرهم حول هذا الفكر، فلا يأتى حضورهم شرفيًا لاعتلاء المنصات واتخاذ الصور. وأنا هنا لا أفرق بين رائد يعيش فى القاهرة، وآخر يعيش فى محافظة نائية فالريادة لا دخل لها بالمكان.
أما القسم الآخر من الحضور، فيكون من نوادى الأدب، ويراعى فيه التنوع بالثلث، بين المؤسسات أصحاب الخبرة، وبين الجيل التالي، وبين جيل الشباب، الذى له منجز حقيقي، ولو كان كتابًا واحدًا.
ويختتم داود ملاحظاته قائلا: يجب البحث عن عقليات إدارية واعية تقوم على قيادة الأقاليم والمواقع الثقافية، يكونوا عونًا رئيسيًا لأمانة المؤتمر ولإدارى الهيئة الأعلى، من أجل إنجاح المؤتمر، فهناك ويا للأسف من هم ببعض المواقع لا يصلحون لأى شيء، فما بالنا بالثقافة.
وينادى الشاعر والمترجم محمد المغربى بضرورة تخصيص ميزانية منفصلة وثابتة للمؤتمر سنويًا فضلاً عن الحفاظ على المؤتمر باسمه وشكله مع تطوير آلياته، والوقوف أمام أية محاولة لتقسيمه أو تشتيته. ويطالب المغربى بتفعيل عدد من اللجان منها لجنتى التنظيم وفض المنازعات، مع دعم لجنة الإعلام. كما يرى أن التخويف من حجم ميزانية المؤتمر ومناداة البعض بتخفيضها ما هو إلاّ فزاعة لأجل مآرب أخرى، إذ أن مقارنة ميزانية المؤتمر بما ينفق على أنشطة أخرى تكشف أنها أقل من عادية رغم ما يحمله المؤتمر من قيمة للثقافة والمجتمع.
أما الشاعر إبراهيم موسى النحـّاس فيقول: رغم الدور المحورى يواجه المؤتمر فى الآونة الأخيرة بموجة من الانتقادات الحادة من البعض يخلو الكثير منها من الموضوعية والقراءة التاريخية الواعية للمنجز الثقافى للمؤتمر سواء فى هذه الدورة أو الدورات السابقة وبعضها الآخر ينطلق من رغبة حقيقية فى التطوير وفى مزيد من النجاح للمؤتمر كى يحقق نجاحات تضاف لنجاحاته السابقة ومن منطلق احتكاكى المباشر بالواقع الإبداعى من ناحية وكونى شرفت بأن أكون أحد أعضاء الأمانة من ناحية أخرى أرى أن هناك مجموعة من الإجراءات الضرورية بل والمُلـّحة التى يجب على الأمانات القادمة أن تتخذها لتطوير المؤتمر يمكن إيجازها فيما يلى :
1- عدم تشكيل لجان الأبحاث من الأكاديميين فقط بل لابد أن تضم أدباء من الأمانة ليتسنى لهؤلاء الأدباء وضع آليات لتحديد محاور المؤتمر الفرعية ومن سيكتب فيها وموضوعات المائدة المستديرة والمشاركين بها فلا يكفى أن تقوم لجنة الأبحاث بكل هذا الجهد وتكتفى بمجرد عرض هذا المنجز على أعضاء الأمانة لأخذ الموافقة عليه .
2- وضع ميزانية خاصة ومستقلة للمؤتمر من وزارة الثقافة بحيث يتم إعفاء الأمانة من أى حرج مع المحافظين الذين وقع اختيار الأمانة لمحافظاتهم كمكان لانعقاد المؤتمر .
3- الاّ يكون للمؤتمر محورا رئيسياً واحداً فقط بل أرى أن المؤتمر يمكن أن يحتمل ثلاثة محاور, أول هذه المحاور «أدبى صرف» والثانى يربط الأدب بقضايا المجتمع والثالث عن الإبداع فى المحافظة المضيفة ويُعلن الثلاثة باعتبارها محاور رئيسة .
4- التنسيق بين المؤتمر العام ومؤتمرات الأقاليم ومؤتمرات المحافظات سنويا بحيث تصب جميعا فى محاور المؤتمر العام مؤتمر أدباء مصر منعاً للتخبط وتكرار المحاور بين المؤتمرات .
5 – إعادة هيكلة نوادى الأدب وإعادة النظر فى اللائحة المنظمة لها لأن تلك النوادى بما لها وما عليها هى التى تصب فى النهاية فى خلق كيان المؤتمر بشكل أو بآخر .
6 – تفعيل مقترح اختيار عاصمة ثقافية كل عام من بين محافظات مصر وهذا هو المشروع الجديد الذى طرحه بعض أعضاء الأمانة الحالية بحيث تشهد تلك العاصمة الثقافية حراكا ثقافيا طوال العام حول آفاق الإبداع والثقافة بها ويتم انعقاد المؤتمر فيها كأحد زوايا هذه الفعاليات .
7 – تقسيم جلسات اجتماعات أمانة المؤتمر لنصفين الأول يناقش قضايا الإبداع وقضايا المواقع الثقافية بالمحافظات والثانى يناقش آليات تنظيم وانعقاد المؤتمر.
أما .د شعيب خلف فيرى أن المؤتمر يستمد حيويته من الإعداد المتكامل ومن ثم يقترح أن يكون هناك تنسيقاً كاملاً بين اللجان على أن تعطل لجنة مهمام آخرى.
ويضيف شعيب: على الأمانة المقبلة أن تستفيد إلى أقصى مدى بالديمقراطية التى ستشكل بها مؤتمرها فى دورته القادمة.
الشعر ثمرة تعامل خاص مع اللغة

إنه الشعر.. تشكيل لغوى يتجاوز فيه الشاعر المستوى الدلالى العادى للمفردات والصيغ والتراكيب إلى المستوى الرمزى الناهض على الاستعارات والمجازات والرموز، يتغيا الشاعر إقامة موازاة رمزية يعادل بها المحسوس والمألوف والمرئى والدارج والمادى لينقل المعانى والدلالات القريبة إلى مغازيها وجواهرها، وفى هذا السعى يتحول- حسب اقتدار الشاعر وموهبته- التقريرى إلى تصويرى والأصلى إلى مجازى.
وبديهى أن الشاعر- والفنان بعامة- يتوسل بإجراءات بناء عمله وبأدوات تشكيل جمة لتوصيل موقف من الماثل والواقع والعصرى والكونى، وتنص البلاغة الحديثة على أن «الموقف» فى العمل الفنى نسق مركب يضم عناصر ذاتية شعورية عاطفية فكرية روحية تتداخل مع عناصر موضوعية ترتد إلى الواقع والبيئة والمجتمع والعصر والتاريخ، من هنا ينفتح العمل الشعرى- والفنى بعامة- على دلالات بغير غاية وبغير نهاية، ومن هنا أيضا فإن القراءة المدربة تقع فى العمل على عوالم ثرة فكرية وروحية وأخلاقية ودينية وأسطورية وواقعية واجتماعية. محال- فى القراءة المدربة- الوقوف عند عنصر مفرد من عناصر الموقف ولا عند قرينة مفردة من القرائن التشكيلية، والمتلقى شريك للمبدع بمعنى أن المبدع ينتهى من عمله فيسطع- بالاقتدار التشكيلى- موقفه. ويستقبل المتلقى العمل، فيعيد إنتاجه حسب ذائقته الجمالية ورؤاه الفكرية وحسب «طلبه» ومن طلب شيئا وجده: من المتلقين من يطلب متعة جمالية خالصة، ومنهم من يطلب «هدفا» أو «غاية» إصلاحية، سياسية، أخلاقية، دينية، تعليمية.. إلخ، ولذلك فإن للعمل الواحد متلقين بغير حد ولا حصر. كل منهم يعيد إبداع العمل «على صورته هو» حسب موقفه الاجتماعى والفكرى وحسب رؤاه للذوات والعلاقات، وحسب مستوى تطوره الروحى ووعيه الكونى وحسب معرفته بحقائق التشكيلات الجمالية ودقائقها.
يتأسس على هذا كله: أن حرية المبدع بغير تحديد ولا حدود، وأن حق القارئ ثابت بغير حصر ولا قيود. إنما القراءة التى تعتمدها الدوائر العلمية- هى التى ينهض بها أهل الاختصاص من العلماء والمفكرين والنقاد- تتوسل بالدرس المنهجى لتتوقف، تتداخل فيه طائفة من العناصر الذاتية والموضوعية، ويحمله تشكيل لغوى له مقرراته وقواعده وقوانينه.
عبد المنعم تليمة

البعـــــــــــض رآها ثرية والبعض مضطربة
مشهد قصـــيدة النثر المصرية قوى وخصب

سوف نختلف وسوف نتفق مع قصيدة النثر وشعرائها، لكن سيظل الأمر بالنهاية مجرد اختلاف واتفاق وليس نفيا أو تحجيما أو تعتيما، فهذه القصيدة وشعراؤها باتت تحتل مكانة لا يمكن التعريض بها أو المساس بحقوقها، فالمشهد العربى لهذه القصيدة حاضر بقوة، ليس مجرد قوة النشر سواء فى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية فقط ولكن قوة الإضافة والتنوع والثراء الذى تحفل به، فمن اليمن جنوبا إلى لبنان شمالا ومن الخليج شرقا إلى المغربى العربى غربا، هناك مشهد يحتاج إلى مؤسسة نقدية كبرى لقراءته وتحليله ورصد تجلياته وجمالياته، والمشهد المصرى جزء من ذلك، يحفل بالعديد من الرؤى والأصوات والتمايزات، لكنه يظل المشهد الوحيد الذى يعانى من الرفض وعدم القبول أحيانا والاضطراب والاهتزاز أحيانا أخرى، حيث لا يزال شعراؤه كل منهم يمثل عالما مختلفا، كل منهم فى اتجاه يحاول القبض على صوته، فى ظل غياب حركة نقدية جادة وتهميش مؤسسى ورسمى من شعراء يدعون تمثيلهم للشعر المصري، وفى هذا التحقيق نستطلع رؤى الشعراء من مختلف الأجيال، نتوقف عند رأى النقاد المتابعين عن كثب لتطوراته، حيث يبدو الأمر كذلك مختلفا فى الرؤية والتقييم.. فكيف يرى الجميع المشهد وبما يقيمونه؟!.
فى البداية نتوقف مع الشاعر حلمى سالم أحد أبرز شعراء السبعينيات وأحد كتاب قصيدة النثر حيث يقول: قصيدة النثر فى مصر ظلمت منذ القديم وليس الآن، ظلمت منذ أن قال العرب عنها أنها لم توجد فى مصر إلا فى أواخر الثمانينات بينما الحضور العضوى لها موجود من أول القرن العشرين، فى كل عقد كان يوجد شاعر قصيدة نثر فى مصر، وقصيدة النثر الآن موجودة خلال الثلاث عقود الأخيرة بغزارة وحضور وقوة وخصوبة شأنها شأن التجربة العربية الشابة المماثلة لها ولكنها أيضا ظلمت لأن التجربة العربية الشابة المماثلة لها أتيح لها من المنابر الثقافية والإعلامية ما روجها ونشرها وساعدها بينما لم يتح لقصيدة النثر الشابة ذلك فى مصر، لأن الحركة فى مصر أبطأ من أى حركة فى أى مجتمع آخر. ولذلك أعتبر أن قصيدة النثر المصرية الراهنة فى لحظة مزدهرة، وبشكل عام أرى أن حركة الشعر العربى فى لحظة مزدهرة على غير ما يعتقد الكثيرون، حيث يرى البعض أن الشعر يتوارى ويتراجع، وقرينتى على ازدهاره ذلك تنوعه وتعدده على الرغم من أن هذا التنوع جعل فيه بعض الركاكة ولكن ذلك طبيعي، لأن تقليب التربة (بيطلع لك زلط وحشيش وطين وذهب وماس) ولكن هذا التقليب نفسه علامة صحة وحيوية، وإذا لم نفهم ذلك فإننا نغفل الإدراك السليم للظاهرة، إذن حركة قصيدة النثر فى لحظة مزدهرة بسبب تنوعها أى لم تعد هناك مازورة واحدة للحكم على الشعر، وذلك تقدم رهيب فى نظري، صحيح يحدث نتايج سيئة من زاوية أخرى، لكن طوال ألفين عام كان لدينا مازورة واحدة نحكم بها، شعر جيد وشعر رديء، منذ الخمسينيات مع انفجار حركة الشعر الحر، وهذه ميزتها الكبرى فى رأيي، هى كسرت المازورة الواحدة ومن يومها وحتى الآن هناك ستمائة مازورة للشعر، بما يعنى أن ألوهية ولاهوتية الشعر انكسرت وأصبحت موازيره بشرية، هذه علامة صحة وازدهار استراتيجية قد لا نرى نتائجها الآن، إنما يمكن أن نرى هذه النتائج بعد عشرة أو عشرين عاما.
كلام مرسل وأحيانا هلوسات
الشاعر والمترجم د.طلعت شاهين يرى أنه من خلال متابعته لما يكتب فى مصر فى السنوات العشر الأخيرة تحت مسمى الشعر بشكل عام لا علاقة له بالشعر كنوع أدبى دون الدخول فى مواصفات تقليدية أو محدثة، ويضيف: معظمه كلام مرسل وحكايات وأحيانا هلوسات حتى انه فى كثير من الأحيان يبدو اقل مستوى من النثر، وأصحابه يطلقون عليه الشعر المنثور أحيانا، وأحيانا أخرى له مسميات متعددة أخرى لم أفهم معناها حتى اللحظة. والأمر لا يقتصر فقط على الكتابة نفسها ولكن من خلال التعرف على الكثيرين من هؤلاء تجد ثقافتهم قليلة جدا وسماعية سواء من المقاهى أو الندوات القليلة التى يقال فيها اقل القليل من النقد، أو عروض الكتب السريعة المنشورة فى بعض الصحف على عجل، وبالطبع هذا لا ينطبق على بعض الاستثناءات التى تخلص لفن الكتابة بشكل عام وتحاول أن تنجو بنفسها من هذا الخضم المحيط بها ولكنها لا تستطيع بكتاباتها القليلة أن تنجو من تأثير المحيطين بها.
وهذا ليس رأيا متشائما ولكنها للأسف سمة الأجيال الجديدة التى كان يجب أن تستفيد من التقنيات الحديثة التى وضعها الزمن بين يديها، ولكن يبدو أنها غرقت فى ما وفرته لها تلك التقنية لتصنع شهرة زائفة من خلال الانتشار الأفقى من خلال الكتابة فى المجلات الالكترونية أو المدونات أو حتى وضع مواقع خاصة بها، لأنها تكلف أقل بكثير من طباعة كتاب قد لا يقرأه أحد ولكن متصفحى النت كثيرون، فاكتفى البعض بالجلوس أمام جهاز الحاسب الآلى ومراسلة كل من ينشر مجانا وبلا حساب، ولا أعتقد أن هذا يصنع شعرا ولا نثرا.
مشهد مأزوم
و يقول الشاعرعلى منصور: ربما يبدو مشهد قصيدة النثر فى مصر مأزوما إلى حد بعيد، وربما يبدو للوهلة الأولى شديد الارتباك حتى العشوائية، فالأصوات كثيرة، والتشابه طاغ، والحدة تكاد تمسك بخناق الجميع، ولا تكاد تمر شهور قليلة دونما معارك تفتقر إلى الكثير من بديهيات الحوارات الفاعلة، سوى أن إمعان النظر والتروى أمام فيض النصوص والأسماء ربما يكشف عن ثراء حقيقى لا يجد من يدل عليه، صحيح أن قصيدة النثر تكاد تشكل المشهد الشعرى الراهن، إلا أن هذا لم يفلح حتى الآن فى زحزحة المؤسسة عن موقفها العدائى تجاه شعراء قصيدة النثر الذين يجدون أنفسهم حتى اللحظة منبوذين من المؤسسة الثقافية الرسمية!!
الغريب فى الأمر أن هذه المؤسسة على موقفها العدائى من شعراء قصيدة النثر المصريين لا تفتأ تحتفى وتكرم شعراء قصيدة النثر العرب، تستضيفهم فى المؤتمرات وتمنحهم الجوائز وتطبع أعمالهم الكاملة وتستشهد بهم وحدهم عند الحديث عن قصيدة النثر بينما شعراء قصيدة النثر فى مصر ـ وطنهم ـ لا يزالون يطبعون أعمالهم على نفقتهم فى دور النشر الخاصة . ولا يزالون عاجزين عن الحصول على (جائزة دولة تشجيعية) لنصهم !!
المشهد أيضا لا يخلو من انسحاق تحت وطأة التشرزم والانكسار العربيين من جهة وغياب الأمل وفقدان النموذج من ناحية أخرى.. مشهد محاصر بديكتاتورية من الخلف وعولمة متوحشة من الأمام.. مشهد ليس فى إمكانه سوى الرثاء لنفسه أو الغناء لضعفه!! ومن هنا يمكن أن تتلمس دوافع حالات الإحباط والتمرد التى تتراوح بينهما النصوص مرورا بالعدمية أحيانا والاحتفاء بالجسد أحيانا أخرى!!
بالطبع هناك أصوات، وإن كانت نادرة، تمكنت من كتابة نص اللحظة باقتدار مستندة إلى موهبتها ووعيها، وهناك أصوات ليست سوى أصداء لعزف قديم، وهناك أيضا الكثير من اللغط!! مع هذا تستطيع أن تتلمس أكثر من قصيدة نثر فى مصر، فمشهد قصيدة النثر فى مصر من أكثر المشاهد ثراء فى المنطقة العربية لولا الجريمة التى تمارس ضدها فى الداخل الأمر الذى شجع على حصارها أيضا من الخارج على صعيد الترجمة أو الترويج لأكذوبة أن الشعر فى مصر أدنى منه خارجها.
أخضرُ ومراوغ
وتصف الشاعرة فاطمة ناعوت المشهد بأنه أخضرُ ومراوغ وتقول: المشهد الشعرى الجديد فى مصر، تحديدا القصيدة الجديدة، أراه مشهدا أخضر مراوغا. أمّا كونه أخضر فلأنه يانعٌ متجدد عبر ذاته غير مستقٍ رواءه مما سواه. لا يحاول أن يتلفت كثيرا، سواء إلى الوراء فيقّلد السلف، أو إلى الجوار فيقلد التجربة اللبنانية أو السورية أو الخليجية أو المغاربية. وأما كونه مراوغًا فلأنه، برغم أنه لا يشبه إلا نفسه، إلا أنه لم يكوّن ما نقدر أن نسميه «تيارا». بمعنى أن الفردانية، فيه لدى كل شاعر من هذا الجيل الجديد التسعينى وما بعده، أكثف وأوسع من أن ينتظمها جميعا تيارٌ جماليّ أو فنيّ أو مضمونيٌّ محدد واضح المعالم نستطيع معه أن نؤسس لقصيدة النثر المصرية إطارا منهجيا نضع له مسمى محددا، مثلما نستطيع أن نفعل مثلا مع التجربة الشامية أو الخليجية. هنا ملمح ثراء بظني، وإن وسمه البعض بالشتات. على أننى أظن أن هذا الوسم هو نقديُّ المنطلق. يعنى أطلقه نقاد كسالى. لأن عدم الانتظام ضمن إطار نقدى أو جمالى محدد يصعّب عمل النقاد حال تعاطيهم نصوص كهذه، فيهابونه بقدر ما يكيدون له. وربما هذا يفسر إلى حد ما عزوف النقاد عن تناول هذه التجربة المشاكسة المراوغة التى تخفى جمالها فى حرُونها وتمردها واختلافها أكثر مما تخفيه فى ائتلافها ودِعتها وإمكانية ترويضها.
الصمت أفضل
الناقد د. مجدى توفيق أحد أبرز المتابعين لمشهد قصيدة النثر فى مصر يقول: أغرب ما يثير دهشتى حين أتأمل مشهد قصيدة النثر اليوم أنه لم يَعُدْ مثيراً للنقاش بقدرٍ كاف، أو بقدرٍ ملحوظٍ، أو ربما لا يثير النقاش بأى قدر. كنتُ لسنواتٍ طويلةٍ من التسعينيات أسمع مَنْ يعترضون على قصيدة النثر، ينفون عنها انتماءها إلى عالم الشعر، يؤكدون أنها، فى أفضل الأحوال، نثرٌ فنيٌّ. وكنا نطيل مناقشة هذا الرأي، يشعر محبو قصيدة النثر بالضيق له. أما اليوم فأسمع حول قصيدة النثر صمتاً عميقاً يسمعه الأصم بوضوح. وقد يقول محبو قصيدة النثر أن هذا الصمت أفضل، ولكنى أخشى أنه علامةُ ركودٍ فى الحياة الأدبية، وغياب للحماسة. وهذا حلمى سالم، ورفعت سلام، يعلنان انتصار قصيدة النثر فى مقالين آخيرين ولا أحد يرغب فى أن يعترض بشيءٍ من الاعتراضات التى كانت تُثار فى وجوه الشعراء من قبل. ومن المؤكد أن المسابقات التى بحثت عن شاعر العرب، أو أمير الشعراء العرب، لن تعكس الانتشار الحقيقى الهائل لقصيدة النثر، واندراج الكثرة الكاسرة من دواوين الشعر إلى هذا اللون من الكتابة. بل إن الصراع الداخلى الذى كان مسموع الضجيج من قبل بين أجيال هذه القصيدة، يرفض فيها الجيل الأصغر أبوة الجيل الأكبر، ويؤكدون أنهم مختلفون، ذوو حساسيةٍ أخرى، وتجربةٍ مختلفة، لم يعُدْ، كذلك، صراعاً مسموعاً، أو محسوساً. فى الوقت نفسه الدواوين تتوالى، والقصائد فى الصحف والمجلات كثيرة، ولا أحد يحظر قصيدة النثر، أو يعيبها، أو ينصح بتركها، أو يميز جيلاً من كتابها فوق جيل. الأمرُ فى تقديرى يشبه تياراً يجرى فى النهر منساباً متدفقاً، ولكن بغير حماسة.
بلا ملامح
الناقد د.جمال التلاوى أستاذ النقد الأدبى المقارن بكلية الآداب جامعة المنيا يقول: ربما يغضب منى الأصدقاء الشعراء، أنا لا أتصور أن هناك ملامح قصيدة نثر مصرية، وإنما هناك ملامح لقصيدة نثر عربية، ربما إذا شئنا الدقة، ملامح لقصيدة واحدة، ربما هناك نموذج تدور حوله قصيدة النثر، أقصد ربما هناك مرجعية عليا تأخذ منها قصيدة النثر، كل يضيف بما يستطيع، أقصد ليست لدينا ملامح قصيدة نثر عربية أصيلة، نحن نأخذ من بعضنا البعض، نحن نأخذ من روادنا، وروادنا أخذوا من رواد آخرين غربيين ونحن ندور حول بعضنا البعض، وليس هذا المشهد فى قصيدة النثر فقط ولكنه موجود أيضا فى قصيدة التفعيلة، نرجع إلى دراسات لرواد قصيدة التفعيلة ونجد صورا بعينها كانت تتكرر عندما بدأوا فى الستينيات والسبعينيات، مفردات بعينها كانت تتكرر ليس فى دواوين شاعر واحد ولكن فى دواوين كل الشعراء، هذا نمط عربي، ولكن لا نستطيع أن نقول هذه قصيدة متفردة قد أضافت على غيرها، نحن لا نلغى جانب الموهبة الفردية، لكنا ندور فى فلك مثال واحد .
وعندما نتحدث عن الإبداع، أى إبداع، نضيف.. ليست كل كتابة إبداع، أقصد الإبداع الحقيقى الذى يضيف ويختلف عن الآخرين، كم ديوان قصيدة نثر قد أضاف إضافة حقيقية، وكم شاعر قصيدة نثر أضاف إضافة حقيقية وتجاوز كل من قبله فى قصيدة النثر، هناك جهود فردية ومواهب فردية ربما نلمحها فى قصائد فى ديوان أو فى دواوين لحركة شعر قصيدة النثر، لكن ليست هناك ملامح كاملة نستطيع أن نقول هذه مصرية خالصة أو حتى عربية خالصة دون أن ننظر لمثال ما تلتف حوله وتأخذ منه هذه التجارب، ولا أتصور ولا آمل أن يكون ذلك محبطا لشعراء قصيدة النثر ولكن ربما يكون هذا تحفيزا لهم .

المكرمون

نبدأ بالمكرمين من الراحلين من شعرائنا، وفاء وعرفان لما قدموه للحركة الإبداعية المصرية من قصائد متميزة ورؤى مختلفة، ولحضورهم الإنساني الجميل الذي عايشناه سنوات طويلة، فتحية لهم، آملين أن تكون إبداعاتهم موضع النقد والدرس والتحليل، لكي تتعرف عليهم الأجيال القادمة.

وليد منير

وكأنه وهو يكتب قصيدتَه بأدائها المسافر فى الدلالة، والممتد إلى الباطن، والمستثير لوهج الاختلاف، كان يدرك أن قصيدته تلك مكثّفةٌ كحياته، وأن الكونَ كلٌّ لا أجزاء، وأن الشعر والبقاء.. ظِلاّن سيتركهما وراءه.
مرق الشاعر من بين ذلك كله، كما يتخلل الماء من بين أصابعنا، فأطبقناها على قبض ريح.
تكرّمه الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، من بين الراحلين، شاعرًا، وباحثًا، وناقدًا.
وليد منـير أمين
• ولد فى فبراير من عام 1957م بمدينة القاهرة.
• درس النقد والدراما بأكاديمية الفنون المصرية.
• حصل على بكالوريوس الهندسة الكهربية ـ جامعة الأزهر، عام1980م.
• حصل على درجة الماجستير فى النقد الأدبى فى موضوع «خصائص اللغة الشعرية فى مسرح صلاح عبد الصبور» ـ المعهد العالى للنقد الفني، عام 1987م.
• حصل على دكتوراه النقد والدراما، فى موضوع «جدلية اللغة والحدث فى الدراما الشعرية الحديثة، عام 1990م.
• أعد رسالة ما بعد الدكتوراه عن العلاقة بين الشعر وفن التصوير، بجامعة فريدونيا الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1997م.
• عضو مؤسس فى الجمعية المصرية للنقد الأدبي.
• عمل أستاذا للأدب العربى فى كلية التربية النوعية، ثم رئيساً لقسم الإعلام التربوي، ثم وكيلاً للكلية لشئون المجتمع والبيئة.
• نشر العديد من أبحاثه فى المجلات والدوريات العربية مثل: فصول ـ أقلام ـ شئون أدبية ـ النص الجديد.. وغيرها. ومن اصداراته الشعرية: « والنيل أخضر فى العيون, قصائد للبعيد البعيد, بعض الوقت لدهشة قصيرة, هذا دمى هذا قرنفلي. سيرة اليد, قيثارة واحدة وأكثر من عازف, طعم قديم للحلم, مشكاة فيها مصباح, الروح تعزف الموسيقى.
وفى المسـرح: « حفل لتتويج الدهشة ـ خمس مسرحيات شعرية قصيرة, شهرزاد تدعو العاشق إلى الرقص ـ مسرحية شعرية طويلة.
وفى النقد والدراسات الأدبية: « ميخائيل نعيمة, نص الهوية, النص القرآنى من الجملة إلى العالم.
كامل عيد رمضان.. شاعر المقاومة

كان الصمتُ المتأمل، ألمَ احتوائه للعالم، والرغبةَ العارمة فى عناقه، ومحبة الاندماج والتوحد معه، عرف طريقَه المبكرة نحو الشعر والكتابة، وأخذتْه السنون فى خضمّ أحداثها، لتخلق منه مناضلاً وطنيًّا حرًّا، تمنّى نيْل الشهادة، فمات شهيدَ الشعر فوق أرض الفيروز.. فى «عريش» سيناء، تكرّمه الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، من بين الراحلين، وهى تفتقدُ فيه الرجلَ الذى لا تزال روحه تطوف فى كل الأرجاء.
كامل عيد رمضان
ولد فى 23/ 10/ 1936 بقرية سحيم ـ مركز السنطة - طنطا بالغربية، تعلم ما قبل المدرسة فى كتاتيب قرية سحيم والسويس، كانت باكورة إنتاجه الشعرية بالفصحى (الشعر العمودي) عام 1954 أثناء الدراسة الثانوية، وفى عام 1959 بدأ الكتابة بالعامية المصرية، محلل كيميائى بشركة النصر للبترول بالسويس وشركة أدنوك بدولة الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي)، حاصل على ليسانس الحقوق، جامعة القاهرة، 1990.
• الدواوين المطبوعة
أوبريت «شعب لن يموت» (مديرية شباب محافظة السويس) فازت بالمركز الأول على مستوى محافظات الجمهورية ـ 1970، أوبريت «السويس حبيبتي» (محافظة السويس- خاص للفرق الفنية) وهى عن نصر أكتوبر، عرضت لمدة ثلاثة أسابيع بمسرح 26 يوليو بالقاهرة، ومثلها بمسرح سيد درويش بالإسكندرية وسجلت وعرضت بتليفزيون جمهورية مصر ـ 1973، أصل الحكاية (ديوان شعر)، أحلام مستحيلة (ديوان شعر)، ترجمة الأوبرا الصينية «الحب تحت أشجار الصفصاف» ـ 2007، ترجمة طبائع الأزمنة وشرائع الأمكنة (تحت الطبع).
• الجـوائز
• شهادة تشجيعية ـ عام 1969م ـ المؤتمر الأول للأدباء الشبان الذى عقد بالزقازيق، شهادة تقديرية من وزارة الثقافة ـ عام 1979م ـ عيد الفن والثقافة ـ عن أدب الحرب، شهادة تقديرية من تليفزيون القناة الرابعة ـ عام 2001م ـ عن إقليم القناة، جائزة وشهادة من الثقافة الجماهيرية ـ 2003م ـ مؤتمر أدباء مصر ببورسعيد، جائزة تقديرية من المجمع الثقافى فى أبو ظبى 1990م ـ للمساهمة فى أدب الحرب على الكويت، العديد من الجوائز التقديرية من النوادى والجمعيات بمحافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد.

محمد العتر شاعر البسطاء

واحدٌ ممّن أسهموا فى تأسيس المؤتمر العام لأدباء مصر فى الأقاليم، وواحد من قلة من المخلصين الجادين المدعّمين للحركة الأدبية فى أقاليم مصر.
لم يكن الإنسانُ فى داخله يزاحم الشاعرَ أو الروائيَّ فحسْب، بل كان يدفع جسده إلى خوض متاعب جمة، لقاء مَغْنم زهيد، كإقامة ندوة، أو حضور لقاء، أو المشاركة بالكتابة، ولو كان ذلك فى أقصى بقعة فى مصر.
عُنى فى كتابته بالوطن والعدل والروح الإنسانية، وتحقُّقها فى زحمة صراعات الحياة.
تكرّمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، تقديرًا لعطائه المخلص، ودوره الكبير فى خدمة الأدب فى الأقاليم.
محمد حسن العتر ولد فى 8/ 9 / 1940م بمحافظة دمياط, لم يلتحق بأى مستوى من مستويات التعليم الرسمي, التحق بالكتاب وعمره 6سنوات وحفظ القرآن شفاهة وعمره ثمانى سنوات فى كتاب إحدى السيدات فى مدينة دمياط.. بدافع تعلم كتابة الشعر وقراءته؛ التحق بإحدى المدارس الليلية لتعلم القراءة والكتابة وكان عمره ثلاثة وعشرين سنة.
• مارس عدداً من الأعمال اليدوية بين مرحلتى الطفولة والمراهقة, امتهن فى بداية حياته مهنة يدوية شاقة هى نشار لأخشاب النخيل, عمل موظفاً خدمياً بديوان عام محافظة دمياط منذ سنة 1963 وحتى سنة 1991, انتقل إلى العمل بإحدى الوحدات المحلية بقرية كفر البطيخ ما بين سنتى 1991 إلى 1993, عمل موظفاً بمديرية ثقافة دمياط منذ سنة 1993 وحتى إحالته إلى المعاش سنة 2000.
المشاركات الثقافية التنظيمية
1- المشاركة فى تأسيس التجمع الأدبى المستقل باسم جمعية رواد الأدبية سنة 1967.
2- الانتقال بالجمعية إلى جمعية رواد قصور الثقافة سنة 1970.
3- المشاركة فى تأسيس مجلة «رواد» الأدبية فى مديرية الثقافة بدمياط.
4- المشاركة فى تأسيس «إصدارات الرواد الأدبية» من مديرية الثقافة بدمياط.
5- شارك مشاركة إيجابية فى الإشراف على تنظيم سبعة مؤتمرات أدبية فى دمياط.
6- شارك فى تنظيم عدد من مؤتمرات اليوم الواحد بدمياط.
8- كان له دور فى التأسيس لمؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم.
9- شارك فى تنظيم الدورة الأولى لمؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم التى عقدت بالمنيا سنة 1984.
الدواوين المطبوعة:» كلام للطين 1983, صفحة من كتاب العشق ـ 1992, ترحال - 1995, نغبشة – 2000, الطالع 2004.
له تحت الطبع ديوان «النخل نخّ».
الروايات المطبوعة: سفر الموت، (سيرة ذاتية للقاص يوسف القط)، حارة النفيس، غيبوبة، باب الحرس - 2008.
له تحت الطبع: « نور فى ظلمة النهار، أيام بلا شمس، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
الجوائز والتكريم
1- التكريم فى مؤتمر أدباء مصر الدورة السابعة بالإسماعيلية، سنة 1991.
2- التكريم فى مؤتمر دمياط الأدبى الخامس، سنة 1996.
3- درع محافظة دمياط فى ملتقى دمياط الثقافي، 2003.
4- حفل تكريم نادى الأدب بدمياط بحضور أدباء من مختلف أقاليم مصر، 22/1/2007.
5- حفل تكريم بقصر ثقافة سوهاج ، سبتمبر 2008.
* تزوج فى 25 /7 / 1959م.

الأخيرة
رسالة إلى أدباء مصر
مؤتمرنا.. وجذور الفوضى المصرية!!

حرىٌّ بنا أن نعلم أن لائحة مؤتمر أدباء مصر تم تعديلها فى دورة مؤتمر أدباء مصر بالأقصر عام 2003، وفى دورة المؤتمر ببورسعيد عام 2005 تم إقرار اللائحة بتعديلاتها الجديدة؛ أما التطبيق فأقرته الجمعية العمومية فى دورة الغردقة عام 2007 بعد انتخابات الأمانة الحالية التى قامت بدورها فى تطبيق التعديلات وتنفيذ بنودها فى الدورتين السابقة والحالية.. وقد كان الهدف من التعديل تطوير وتفعيل المؤتمر وتجديد حيويته. وليس خافيًا على أحد أن كثيرًا من اللغط تمت إثارته خلال الأسابيع القليلة الماضية، وكله يتعلق بإشكاليات وبنود تم إقرارها من قِبل الأمانات السابقة بتأييد ودعم من الجمعية العمومية.
هذا اللغط- الذى تصاعد دون قرائن- يأتى وكأن المؤتمر مازال فى طور التكوين، بينما تشير تلك الدورة إلى ربع قرن على ميلاده، وهو ما يؤكد بشكل أو بآخر على عشوائية تفكيرنا.. فنحن ننسى المشكلات التى من أجلها قمنا بإقرار التعديل، فيؤدى تناسى المشكلة إلى تعميقها من حيث لا ندرى.. ومع الوقت تضمحل حاجتنا إلى استنباط هذه الدروس أصلا لنصبح أسرى نوع من الأسى على النفس والميل لإدانة العالم من حولنا وكأننا لم نكن مسئولين عما جرى لنا ولا تصير لدينا حاجة للتعلم من الأخطاء الكبيرة والصغيرة بما يضيف إلى رصيد معارفنا أو يؤسس لنا منصة خبرات مفيدة لتغيير القيم والرؤى والميول والسلوك. بل وتقع ثقافتنا نفسها ضحية تلك العشوائية، إذ إننا نحمّل الأشياء أكبر مما تحتمل، ولا أعنى هنا التقليل من قدر المؤتمر لكننى أرى أن البعض يتجاهل أنه مؤتمر مُقنِّن، بمعنى أنه ذو لوائح وقواعد وإمكانات محددة ودور محدد أيضًا. فهذا المؤتمر ليس نقابة ولا إتحاد كتاب، وليس جمعية أهلية، إنما نشاط ثقافى وفعالية تسعى لأن تكون مستقلة وتدرك أنها تتم برعاية المؤسسة الثقافية أى برعاية رسمية.
لذلك وجب علينا أن ندرك ذلك وأن نستغل– إذ جاز التعبير– المؤسسة فى المساحة التى تفيد هذا المؤتمر، لا تلك التى تعمل على نسفه.. ولن أضرب مثلاً بالتعاون مع المؤسسة فى إطار محترم ومن أجل الصالح العام، فكلنا يدرك أسماء تعاونت مع المؤسسة من أجل رفعة الثقافة والأدب، ليس أولهم المفكر الكبير د. طه حسين، وليس آخرهم الناقد الكبير د. عبد المنعم تليمه الذى وافق على رئاسة هذا المؤتمر فى تلك الدورة.
علينا إذن أن ننظر إلى المؤتمر فى سياقه، ولا نتعامل معه على اعتبار أنه «دولة داخل الدولة»، وإذا كان هناك فساد فى هذا المؤتمر فهو فساد نُسأل عليه جميعًا، ليس فقط كأعضاء أمانة لكن أيضًا كجمعية عمومية لها حق تشكيل تلك الأمانة بكامل إرادتها.
ولعل فيما خلُصَ إليه المفكر الراحل د. محمد السيد سعيد فى تشخيصه لحالة الفوضى المصرية لعبرة واضحة، فنحن- بحسب كلامه- نسخر من الذين صمموا المراكب والقطارات والطائرات، ونعتقد أننا نفوقهم ذكاء عندما نجبر الأشياء على تحمل ما لا تحتمل، أو أن يتم تسييرها بغض النظر عن النظم التى تجعلها مأمونة وقادرة على توصيل الناس إلى حيث يريدون فى هذه الدنيا وليس فى الآخرة. وينتهى الأمر بصدمة تفيقنا على حقيقة أننا نحن الذين لم نفهم كيف نتعامل مع ناتج العلم الحديث، لأننا لا نحترمه فى شىء.
أحـمـد المـريـخـى

روحه من أرواح القائمين عليه

(1) سوف يستمر المؤتمر ما دام يؤدى دورا فى حياتنا الثقافية ، وما دام
الأدباء الجادون يلتفون حوله ، ويحرسونه بأفكارهم ومجهوداتهم . المؤتمر بنجاحه فى صنع تاريخ له ، وباهتمام الحركة الثقافية المصرية به ، صار علامة يصعب تحطيمها . لكن يمكن تشويهها .
(2) المؤتمر بالقائمين عليه ، فلو كانوا جادين ومحترمين ومتفتحين كان بالضرورة ناجحا ، ولو كانوا على العكس كان فاشلا ، فمن أرواحهم يستمد روحه . وأكبر خطر على المؤتمر يتمثل فى اختيار أمانة ضعيفة على المستوى الثقافى والشخصى ، أكبر جريمة أن تقوم انتخابات الأمانة على التربيطات والعلاقات الشخصية التافهة ، ولا تقوم على اختيار المناسب الذى يضيف ويرفع البناء لا من يهدم بوعى أو بدون وعى ، هذا مؤتمر أدباء مصر وينبغى أن يكون لائقا بهذا الاسم الكبير ولن يتم ذلك إلا باختيار أمانة جادة وواعية ونزيهة . بيدنا نجاحه وبيدنا فشله .
( 3 ) المؤتمر ليس مجرد موضوع ومحاور ، المؤتمر تظاهرة ثقافية كبيرة تشارك فيها كل الأقاليم رمزيا ، وتدعم الكثير من القيم الثقافية الهامة والمفقودة ، أو المترنحة ، كتكريم المجتهدين وأصحاب العطاء الثقافى ، ونحن نعرف أن من أهم ما فى المؤتمر ذلك التواصل الحميم والحوار بين الأدباء ، كما أن المؤتمر غالبا ما يعرض موقف الأدباء من معظم القضايا المطروحة ، وله معارك وانتصارات يتشبث بها كالموقف الرافض للتطبيع وغيرها ، وتلك المواقف لا بد وأن تكون معبرة عن المشهد الأدبى بشكل عام ، كما انه يحتضن تجربة ديموقراطية ويختبرها من خلال الصفوة بمساحة حرية كبيرة تقبل حتى التعارض مع بعض المواقف الرسمية ، كل ذلك ينبغى الحفاظ عليه ، ولا بد لدور أمانة المؤتمر ان يكون أكبر من مجرد الإعداد للمؤتمر ، فهؤلاء أبناء مخلصون للثقافة المصرية ينتشرون فى كافة المحافظات ، ولابد وان يكونوا عونا لوزارة الثقافة فى اكتشاف سلبيات و مشاكل بعيدة ، أو تقديم رؤى ثقافية تعتمد على خبرة مباشرة بالواقع فى كافة أنحاء الجمهورية.
( 4) إن تطوير المؤتمر سهل ، فالأفكار كثيرة جدا ، لكن من المهم أيضا تخيصيص ميزانية مستقلة للمؤتمر ، تمنح الأمانة حرية اختيار المكان لأسباب فنية وثقافية ، لا لأسباب مالية .
(5) من المهم أن يكون عمل الأمانة تراكمى ، بمعنى الحفاظ على ما تم إنجازه لا البدء فى كل مرة من الصفر ، وتغيير الأمانة بالكامل يفصل بين مجموعتين ، ولا بد من العودة للنظام القديم حيث التجديد النصفى ، بحيث يغادر نصف الأمانة ويبقى النصف ، حتى تصبح الأمانة فى كل الدورات كلا متلاحما ، وآمل من الأمانة الجديدة وضع آلية لذلك .
فتحى عبد السميع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق