الصفحات

2010/10/04

محمود مغربي يكتب: محطات.. فى ذكرى وداع الشاعر والباحث كرم الابنودى

محطات.. فى ذكرى وداع
الشاعر والباحث كرم الابنودى


يكتبها :
محمود مغربى
إن المبدع الكبير الشاعر الراحل كرم الأبنودي ( 1946 - سبتمبر 2007 )يعد أحد المساهمين في إثراء الواقع الثقافي والأدبي في إقليم صعيد مصر.. فهو أحد الشعراء المجيدين الذين يمتلكون قصيدة وارفة العطاء، قصيدة رومانسية تحتفي بالجمال والحق والعدل في كل صوره وتجلياته. أيضا هو أحد الباحثين في تراثنا الشعبي الظاهر والخفي في أقاليم صعيد مصر. كذلك هو صاحب 'قلم' لماح شارك في تناول العديد من قضايا الثقافة الأدبية والفنون الشعبية والإنسانية. كذلك لفارسنا كرم الأبنودي تفاصيل عطاءات عديدة سأتحدث عن بعضها في المحطات التالية التي سعدت فيها برفقة كرم الإنسان والمبدع.
'محطة أولي.
'كرم' المطرب في حفل أضواء المدينة أتذكرني وأنا في فبراير 1970 كغيري أحاول جاهدا أن أجد مكانا لمشاهدة حفل أضواء المدينة في سينما ومسرح قنا والذي أقيم بمناسبة العيد القومي للمحافظة وكان محافظ قنا في ذلك الوقت الراحل عبد المنصف حزين ابن قنا. بعد محاولات فاشلة عدت بخفي حنين ولم استطع الدخول لمشاهدة المطربين عن قرب والاستماع إلي أغانيهم. وكان من بينهم محرم فؤاد، الكحلاوي، عابدة الشاعر وغيرهم، عدت إلي منزل أبي في مدينة الشئون أن ذلك، دخلت غرفتي البسيطة حزينا، تأملت جدرانها الطينية، نظرت جيدا في صفحة السماء، تحسست بأصابعي مفتاح الراديو بحثت في المحطات وكانت المفاجأة، الحفل مذاع علي الهواء.. وهاهي قد تحققت رغبتي المحمومة في سماع هؤلاء المطربين لأعوض بعض خسراني المبين في مشاهدهم، وأثناء اندماجي في الإصغاء إلي تفاصيل الحفل يفاجئني مقدم الحفل بأن يقدم إلي الحضور والمستمعين أحد ابناء قنا إنه المطرب 'كرم الأبنودي' اندهشت كثيرا، قلت لنفسي والله جميل في قنا مطربون أيضا و استمعت إلي صلاة أغنية للمطرب كرم الأبنودي والتي غناها من أشعار الشاعر حمدي منصور وألحان الفنان عبده إسماعيل، تلك هي المحطة الأولي التي عرفت من خلالها كرم الأبنودي.
محطة ثانية.
حفل تنصيب اتحاد طلاب كلية الآداب بقنا في عام 1981 بدعوة من أسرة كلية الآداب شاركت كغيري من شعراء المحافظة في حفل تنصيب اتحاد طلاب كلية الآداب والذي فاز به في ذلك الوقت الشاعر والطالب محمد أبو الفضل بدران ( أستاذ الأدب العربي حاليا في العديد من الجامعات المصرية والعربية والأجنبية) وكان معنا في هذا الحفل الكبير شعراء وأدباء قنا أذكر منهم الأديب محمد نصر يس، محمد عبده القرافي، أمجد ريان، سيد عبد العاطي، قرشي عباس دندراوي، عبدالرحيم كمال وغيرهم.. وكان المحافظ عبد المنصف حزين والقيادات الشعبية والتنفيذية في مقدمة الحضور، ورغم رعبي الشديد من هذا الجمع فأنا أصغر الشعراء المشاركين وتلك هي المرة الأولي التي سأقف فيها أمام الجمهور لأنشد شعرا ويا للعجب يكون الإنشاد أمام آلاف من الطلبة والمسئولين ومحبي الشعر، وأنا أعيش خوفي من المواجهة الأولي إذ بي أسمع مقدم الحفل الشعري يقدم لنا الشاعر كرم الأبنودي سألت وقتها الشاعر محمد عبده القرافي وكان بجواري: هل هذا الذي ينشد شعرا هوكرم المطرب في حفل أضواء المدينة؟ قال: نعم. ليخرج كرم الأبنودي إلي منصة الشعراء وبحضوره الجميل ينشد علينا قصيدته الشهيرة (كرهت اللبن) التي تعد أقصوصة شعرية عذبة..
محطة ثالثة.
مكتبة الابنودي في كل مرة أذهب فيها إلي مكتبة الأبنودي كنت أشاهد الكثيرين يتناقشون في الشعر والفنون. فكان أمام المكتبة مايشبه الصالون الأدبي فيه أساتذة الجامعة، طلبة وطالبات كل. ذلك في تواصل حميم، وفي غفلة من كل هذا كنت أشاهد ذلك التاجر الشاطر الذي لايفلت منه الزبون القادم إليه لأنه صاحب خبرة لهذا الفن ­ فن التجارة ­ هو صاحب حضور بسيط أخاذ لا تملك معه سوي الخروج من المكتبة وأنت في حالة شراء.
محطة رابعة.
. المحاسب في بنك التنمية والأئتمان الزراعي بعد فترة عرفت بأن كرم الأبنودي ليس شاعرا فقط أو تاجرا أيضا بل عرفت أن عمله موظفا ببنك التنمية والائتمان الزراعي بقنا، دهشت كثيرا في أي حقل يعيش هذا الرجل، الشعر أم التجارة أم حقل الأرقام في بنك؟
محطة خامسة
. العودة لقصر الثقافة رويدا رويدا يعود كرم الأبنودي ليشارك معنا في الأمسيات الثقافية بقصر ثقافة قنا القديم علي فترات متباعدة، وعندما أفتتح القصر الجديد الحالي بدأ المشاركة بفاعلية وحصل علي عضوية مجلس الادارة، وشارك في إدارة الحركة الثقافية.
محطة سادسة.
أخبار قنا وفي العمل الصحفي تحديدا من خلال عموده الشهري في جريدة أخبار قنا استطاع أن يقدم لنا الكثير وناقش بفكر مستنير قضايا عديدة وقد تفاعل مع كتاباته الكثيرون من القراء كذلك بسهولة ويسر قدم للثقافة الشعبية وأعتقد أن جمع هذه المقالات سوف يصنع منها كتابا مهما للقاريء.
محطة سابعة.
عاشق التراث الشعبي دون مقدمات يخرج علينا كرم الأبنودي باحثا للموروث الشعبي من خلال صفحات كتابه (فن الحزن) الذي صدر عن سلسلة الدراسات الشعبية بهيئة قصور الثقافة، ليقدم لنا تفاصيل عديدة عن الحزن الجنوبي، ليضيف كرم الأبنودي لمكتبة الدراسات الشعبية مادة جديرة بالاحترام والقراءة. محطة ثامنة.. الشيء والضد معا ولم تمر شهور قليلة حتي خرج علينا بديوانه ( الشيء والضد معا) والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب لتكتمل بداخلي صورة الشاعر التي عرفت بعضا منها من خلال قصائده المتفرقة هنا وهناك. محطة تاسعة.. المكشوف والمستتر في أحزان وأفراح الصعيد كعادته دائما فجأة يخرج علينا بكتابه ( المكشوف والمستتر في أحزان وأفراح الصعيد) 2004 ليعيد إلينا أغاني الأفراح التي رافقت طفولتنا وصبانا في أحيائنا الشعبية وقرانا الجنوبية يعيدها في زمن الفضائيات التي سرقت براءة أطفالنا وصبا بناتنا، وبهذا الكتاب المهم استطاع كرم الأبنودي الباحث أن يثبت أن أقدامه راسخة في هذا الجانب من التراث الشعبي والموروث الجنوبي الخلاق ليقدم لنا مادة شديدة الثراء ليقول لنا إن الأغنيات والتفاصيل القديمة أيضا صالحة لإثارة الدهشة، أيضا يظل له جهد الباحث الذي جاهد كثيرامن أجل الحفاظ علي تراث وموروث شعبه.
محطة ثامنة
رغم رحلة المرض لم تقف ولم تركن للوحدة للتجتهد كثيرا وتقهرالظروف وتنجز كتابك الهام(الامثال الشعبية الجنوبية .. قنا نموذجا) لتخرج لن الامثال الشعبية من مرقدها بعد ان غيبتها المدنية والحداث وتفرح بصدوره من سلسلة الدراسات الشعبية بهيئة قصور الثقافة وتذكر اديبنا الروائى الكبير خيرى شلبى المشرف على تحرير السلسلة بكل الخير لجهده ونسعد معك بامثالنا الشعبية وهى بين يدينا لتشهد على ثراء هذا التراث الجنوبى وأهله
محطة أخيرة
رغم الغياب ياكرم مازلت بيننا
هاهى عطاياك الثريةتصدح بالنشيد



محمود مغربى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق