الصفحات

2010/10/05

"إلى أول جندي رفع العلم"

"إلى أول جندي رفع العلم"
شعر: صلاح عبدالصبور

تملـّيناك ، حين أهلَّ فوق الشاشة البيضاء ،
وجهك يلثم العلما
وترفعه يداك ،
لكي يحلق في مدار الشمس ،
حر الوجه مقتحما
ولكن كان هذا الوجه يظهر، ثم يستخفي .
ولم ألمح سوي بسمتك الزهراء والعينين
ولم تعلن لنا الشاشة نعتا لك أو إسما
ولكن، كيف كان اسم هنالك يحتويك ؟
وأنت في لحظتك العظمي
تحولت إلي معني
كمعني الحب ، معني الخير ، معني النور ، معني القدرة الأسمي.
تراك ،
وأنت في ساح الخلود ، وبين ظل الله والأملاك
تراك ، وأنت تصنع آية ، وتخط تاريخا
تراك ، وأنت أقرب ما تكون
إلي مدار الشمس والأفلاك
تراك ذكرتني ،
وذكرت أمثالي من الفانين والبسطاء
وكان عذابهم هو حب هذا العلم الهائم في الأنواء
وها هو عاد يخفق في مدي الأجواء .
وخوف أن يمر العمر، لم يرجع إلي وكره
فهل ، باسمي وباسمهمُ لثمت النسج محتشدا
وهل باسمي وباسمهمُ مددت إلي الخيوط يدا
وهل باسمي وباسمهمُ ارتعشت بهزة الفرح
وأنت تراه يعلو الأفق متئدا
وهل باسمي وباسمهمُ همست بسورة الفتح
وأجنحة الملائكة حوله لم تحصها عددا
وأنت ترده للشمس خدنا باقيا .. أبدا
هنيهات من التحديق حالت صورة الاشياء
فى هذه العينين
وأضحى ظلك المرسوم منبهما
رأيتك جذع جميز علي ترعة
رأيتك قطعة من صخرة الأهرام منتزعة
رأيتك حائطا من جانب القلعة
رأيتك دفقة من ماء نهر النيل
وقد وقفت علي قدمين
لترفع في المدي علما
يحلق في مدار الشمس،
حر الوجه مبتسما.

9 أكتوبر 1973

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق