الصفحات

2010/11/19

عن التحرش الثقافي المصري الجزائري!

عن التحرش الثقافي المصري الجزائري
بقلم أحمد طوسون

لا أعرف سببا منطقيا واحدا لانزلاق عدد من المثقفين هنا وهناك للصراع المصري الجزائري بعد مباراة كرة قدم.. شأنها شأن كل المباريات التي تحتشد بالعنف والهمجية والتعصب من جانب الغوغاء!
ولعل سبب تخلفنا نحن العرب أن لاعب الكرة عندنا أهم من عالم الذرة وقدمه أهم من أقلام المفكرين والمثقفين، وراتبه السنوي يكفي للقضاء على مشاكل بلدة فقيرة سواء كانت في مصر أو في الجزائر، بينما المثقف عندنا لا دخل له ويتعرض لابتزاز المؤسسات والحكومات ودور النشر.
ومنذ الخلاف الكبير عقب مباراة مصر والجزائر قرأت الكثير من السقطات لمثقفين هنا وهناك تحولوا من مثقفين إلى مشجعي درجة ثالثة.. يتلفظون بألفاظ نابية ويثيرون الشغب كلما حط قلمهم على صفحة جريدة أو أمسك أحدهم بميكرفون فضائية!
وكنت أظن أن حالة الغليان التي يعيشها مثيرو الشغب الثقافي ستنتهي مع الأيام ويعود المثقفون إلى عقولهم التي فقدوها عندما فكروا بأقدامهم ونزواتهم ونعرات العصبية الجاهلية ونسوا كل ما احتشدت به رؤوسهم من أفكار وقيم ظلوا طويلا يتشدقون بها في المؤتمرات والمهرجانات عن القومية العربية والمصير المشترك والعدو الواحد.
لكن فجأة ظهر للبعض عدو جديد كان بالأمس شقيقا!
وأصبح البعض يكتب محرضا العامة على عدوه الجديد أكثر مما كتب طوال حياته عن عدوه الأصلي الذي أراق الدماء وسلب الأرض وما زال.
وفي ظل ما أتابعه من مقالات لا أظنها وليدة جهل بقدر ما هي وليدة تحريض أعمى استغل نعرات تعشش في الوجدان العربي لعب عليها جهلة فتحت لهم الفضائيات النوافذ وأفسحت لهم الجرائد الصفحات ليسودوها بأحبار حروفهم التي تنفث السم والحقد.
أشعر أحيانا أن بعض المواقع والصحف التي تنشر مثل تلك السخافات لا بد أن وراءها ذراعا أخرى لم تمسك يوما بندقية دفاعا عن الأرض التي سلبت، أو قلما أنار الطريق بكلمة تساعدنا نحن العرب للخروج من نفقنا المظلم.
بل إن هذه الصحف والمواقع والفضائيات كانت أكثر فاعلية وتأثيرا ونجاحا في بث الفرقة وروح التعصب الأعمى بين البلدين من جهاز الموساد الذي عاش يلعب اللعبة نفسها في التفريق بين الأشقاء لكنه لم ينجح النجاح الباهر الذي حققه هؤلاء!
يا عزيزي المثقف عد إلى رشدك ودورك التنويري النهضوي بدلا من بث بذور الفتنة أثابك الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق