الدكتور عبدالله إبراهيم يحاضر في جامعة تكريت عن الدراسات السردية
برعاية الأستاذ الدكتور علي صالح حسين رئيس جامعة تكريت، استضافت وحدة النشاطات الثقافية وبالتعاون مع قسم اللغة العربية في كلية التربية الناقد العراقي المقيم في الدوحة الدكتور عبدالله إبراهيم لإلقاء محاضرة بعنوان(( الدراسات السردية في النقد العربي الحديث)) وذلك يوم الاثنين الموافق29/11/2010 وعلى قاعة عبدالله بن المبارك في كلية التربية، وابتدأت الجلسة بكلمة للدكتور غنام محمد خضر رحب فيها بالحاضرين، وشكر فيها الضيف على تلبيته هذه الدعوة، ثم عرّف بنشاطات وحدة النشاطات الثقافية الجامعية، وطلب بعدها من الدكتور القاص فرج ياسين إدارة هذه الجلسة وتقديم الضيف، فبدأ د.فرج حديثه قائلاً ((أُرحب بضيفنا الناقد الدكتور عبدالله إبراهيم أجمل الترحيب، وأُشير إلى موقفين يجب التوقف عندهما في بدء تعاطينا مع هذا اللقاء، هل نحن من نضيف الدكتور فنسجل ذلك مفردة في قائمة أنشطتنا الثقافية؟ أم أن الدكتور هو من يضيفنا على مائدته في أبسط إشارة إلى حضوره بيننا، ثم تكلم عن مجموعة نقاط تمركزت حول شخصية د.عبدالله إبراهيم العلمية، منها المشروع النقدي الجديد في العراق الذي شارك في تأسيسه وأذاع بيانه التأسيسي في ثمانينيات القرن المنصرم، وغيرها من النقاط والمراحل المهمة، متخصص في الدراسات السردية ونقد المركزيات الثقافية وحوار الثقافات، وتأثيرات العولمة عمل في الجامعات العراقية والليبية والقطرية، شارك في عشرات الندوات والمؤتمرات الدولية، كما حصل الدكتور عبدالله إبراهيم على جائزة شومان للعلوم الإنسانية عام 1997))، وبعد أن أنهى الدكتور فرج ياسين كلمته بدأ الأستاذ المحاضر بمحاضرته معرباً عن سعادته وهو يحاضر داخل وطنه الذي غاب عنه عقدين من الزمن، أما ما جاء بورقة عمله فقد انقسمت على خمسة محاور وخاتمة، وسنذكر هنا أجزاء بسيطة من المحاضرة، على أمل أننا سننشرها كاملة في وقت لاحق..
1. في المفهوم.
تقترن دلالة السرد، في العربيّة، بالنسج، وجودة السبك، وحسن الصوغ، والبراعة في إيراد الأخبار، وفي تركيبها. وتتردّد هذه المعاني مجتمعة أو متفرّقة في المعاجم اللغويّة، وفي مصادر الأدب العربيّ. وقد كرّس القرآن الكريم هذا المعنى في قوله تعالى: "أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ–11 سبأ". أي أحكم، يا داوود، نسج الدروع، وأجِد في تثقيبها، وكن متقنًا لصناعتها، فاجعلها تامّة الجودة. وحسب التأويل القرآنيّ فقد كانت الدروع صفائح ثقيلة من الحديد تعيق الحركة، ولذلك أمر الله النبيّ داوود بأن يسردَها، أي أن يصنعها حلقاً متداخلة بعضها في بعض، فتيسّر حركة المقاتل بها عند الحرب.
ومن المعنى اللغوي جرى اشتقاق الدلالة الاصطلاحيّة للسرد الذي يحيل على الإجادة في حبك الكلام، ومراعاة الدقّة في بنائه، فالسَّردُ تَقدِمةُ شيء إلى شيء في الحديث بحيث يؤتى به مُتتابِعا لا خلل فيه، أي أنه نَظمُ الكلام على نحو بارع التركيب تتلازم عناصره فلا تنافر يخرِّب اتساقها، والسارد هو مَنْ يجيد صنعة الحديث، ويكون ماهرا في نسجه. ورد عن عائشة قولها: لم يكن النبيّ "يسردُ الحديثَ كسردِكم" لأنه كان يورده متماسك الأجزاء، فلا يخلُّ آخره بأوله، ولا تفسد نهايته بدايته، ويكون متنه مُحكم البناء والقصد. لا يراد بالسرد الإتيان بالأخبار على أي وجهٍ كان، إنما إيرادها بتركيب سليم معبّر عمّا يُراد منها أن تؤدّيه، فينبغي سوقها بأسلوب يفصح عن مقصودها دونما لَبْس
2. مراجعة الدراسات السردية.
تكشف مراجعةُ الدراسات السردية في النقد العربي الحديث أمرا ملفتا للنظر، له صلة مباشرة بالحراك الثقافي العام، فقد قوبلت بالترحاب والرفض معا، ومرّ وقت طويل قبل أن تتخطّى بعض الصعاب، وتراوغ سوء الفهم، وتنتزع شرعيّتها في الأوساط الثقافيّة والأكاديميّة. وإذا عدنا إلى السياق الثقافيّ الذي ظهرت فيه خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين، لوجدنا انشطارا في المواقف حولها، فمن جهة أولى، نقلت النقد من الانطباعات الشخصيّة، والتعليقات الخارجيّة، والأحكام الجاهزة، إلى تحليل الأبنية، والأساليب، والدلالات، ثم تركيب النتائج في ضوء تصنيف دقيق لمكوّنات الخطاب السردي، وبذلك تكون قدّمت قراءة مغايرة للمادة السرديّة، إذ أحكمتْ موضوعَها، وحدّدت أهدافها، وتوغلت في عمق النصوص.
3. الرؤية والمنهج.
على أنه من المناسب، في هذا المقام، الوقوف على الرؤية والمنهج اللذين يمكن الإفادة منهما في الدراسات السردية، وبما أن موضوعها هو السرد العربي، فيلزم القول بأن دراسته تشكّل موضوعا مناسبا للبحث في الكيفيّة المنهجية التي تستعاد فيها عمليّة بناء ظاهرة أدبية - ثقافيّة كبيرة بدأت تتجلّى للعيان منذ العصر الجاهليّ. فكيف يمكن تقصّي الجذور الأولى لأنواعها السردية؟ وما المنهج المناسب لتحليل مستوياتها البنيوية، والدلالية، والأسلوبية، منذ أول عهدها حتى العصر الحديث؟
4. الظاهرة السردية ومبدأ التواصل.
على أن هذا المنهج يلزمه الاستناد إلى رؤية نقدية ترى في السرد ظاهرة أدبية تقوم على التواصل والتراسل، وهي في تفاعل دائم مع سياقها الثقافي، ومع عموم المتلقّين لها في المجتمع الأدبي، وثم ينبغي الحذر من دراستها باعتبارها ظاهرة مغلقة على ذاتها، منقطعة عن غيرها، فذلك يقتلعها من حاضنتها الثقافية، ويعزلها عن مرجعياتها التاريخية المنتجة لأفكارها وموضوعاتها وأساليبها، فيحسن النظر إليها بوصفها ظاهرة تواصلية يتحقق فيها الشرط الأدبي، وتؤدي وظيفة تمثيلية بوساطة التخيّل.
. السياق الثقافي والعوالم الافتراضية.
وحينما نعاين الظاهرة السردية نجد أنها تقوم بمجملها على قاعدة التواصل، وبناء عالم افتراضي ذي محمولات ثقافية، فهي تؤسس لعلاقة تفاعل بين النصوص ممثّلة بالكتّاب، والقرّاء مُمثّلين بالمتلقّين لها، فتكون المادة السردية مناقلة بين هذين الطرفين على سبيل الإنتاج والتلقّي، والتأويل، والمشاركة في فضاء متخيل من الأحداث والوقائع. وفي ضوء هذا التصوّر عالج "أمبرتو إيكو" العوالم الافتراضيّة الممكنة التي يقترحها السرد باعتبارها أبنية ثقافيّة في إشارة للصلات المحتملة بين العوالم المتخيّلة والعوالم الواقعيّة "إنّ أيّ عالم حكائيّ لا يسعه أن يكون مستقلاّ استقلالا ناجزا عن العالم الواقعيّ"، بل إنهما يتداخلان ويأخذان المعنى الخاصّ بكلّ منهما من الخزين الثقافيّ للمتلقّي، لأنّ الواقع نفسه بنيان ثقافيّ، ويصبح أمر التراكب بينهما ممكنا وذلك بتحويلهما إلى كيانات متجانسة
6. خاتمة
يتمّ التراسل بين المرجعيّات الثقافية والنصوص السردية على وفق ضروب كثيرة من التفاعل، فليست المرجعيّات وحدها التي تصوغ الخصائص النوعيّة للنصوص، بل إنّ تقاليد النصوص تؤثر في المرجعيّات، وتسهم في إشاعة أنواع أدبيّة معيّنة وقبولها. ويظلّ هذا التفاعل مطّردا في إطار منظومة اتصاليّة تسهّل أمر التراسل بينهما، بما يحافظ على تمايز الأبنية المتناظرة لكلّ من المرجعيّات والنصوص، وأساليبها، وموضوعاتها، وهي أبنية سرعان ما تتصلّب وترتفع إلى مستوى تجريديّ يهيمن على الظواهر الاجتماعيّة والأدبيّة، فيحصل انفصال بين هذه النماذج التجريديّة من تلك الأبنية، وحراك الأفعال الاجتماعيّة والأدبيّة، فتضيق هذه بتلك، قبل أن يعاد تشكيل العلاقات وفق أنساق جديدة، فتنبثق أنواع سردية تستجيب لهذا الحراك، وتقوم بتمثيله،
وفي نهاية المحاضرة قدم السيد رئيس الجامعة درع الجامعة للدكتور عبدالله إبراهيم تثميناً لجهوده المبذولة وحرصه الشديد على تقديم محاضرة قيمة في رحاب جامعة تكريت، كما تعكس هذه المحاضرة الدور البارز الذي تلعبه رئاسة جامعة تكريت في دعم الأنشطة الثقافية والانفتاح على الأدباء والنقاد البارزين والاستفادة من خبراتهم، لاسيما وان وحدة الأنشطة الثقافية التي يترأسها الدكتور محمود العباد من الوحدات المستحدثة في جامعة تكريت بأمر الأستاذ الدكتور علي صالح حسين رئيس الجامعة، ذلك لأن هذه الأنشطة تعكس التوجه العام للجامعة في الانفتاح على الآخر والاستفادة من الخبرات الخارجية والداخلية. وانتهت المحاضرة بهذا الشكل لكن حديث الناقد لم ينته إذ استمر في حديثه حيث التقى بمجموعة من الباحثين والأكاديميين في الجناح الذي خُصص له في المركز الاجتماعي التابع للجامعة فسلط الضوء على واقع الدراسات السردية في النقد العربي الحديث، وتكلم أيضاً عن مشروعه النقدي وعن أهم التحولات التي رافقت هذا المشروع، كما اطلع أيضاً على عناوين طلبة الدراسات العليا، وأعطى ملاحظاته القيمة عليها، واتسمت هذه الجلسة بالعلمية والثقافية العميقة، وأجاب من خلالها على مجموعة كبيرة من الأسئلة وتحاور طويلاً مع الحاضرين بهذا الخصوص، فكانت الجلسة مثمرة ومفيدة وقيّمة.
ياااه كم اتحسر واغضب على زمن علا فيه من قال لأمثالهم المتنبي:
ردحذفأذم إلى هذا الزمان أهيلــه........
صالح الجميلي رئيس جامعة ؟؟؟!!!! واااه اااه يازمن