الصفحات

2010/12/24

الأديب قاسم مسعد عليوه يدعو لمساندة حملة حماية تراث بورسعيد المعمارى من أجل التنمية

تراث بورسعيد المعمارى من أجل التنمية
قاسم مسعد عليوة
تحت هذا الشعار، الذى اجتمعت عليه إرادة نحو خمسمائة مثقف من أبناء محافظة بورسعيد، بدأت منذ أكتوبر الماضى حملة لحماية تراث بورسعيد المعمارى، والتوعية بأهمية هذه الحماية وعظم شأن عوائدها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ليس على المدينة وحدها وإنما على مصر كلها، وقد شكل هؤلاء لجنة تحضيرية، قامت بعدة ترتيبات أسفرت عن تبنى جمعية أدباء وفنانى بورسعيد للفكرة وانضمام أربع جمعيات أهلية أخرى.

لقد نشأت المدينة بحكم موقعها وظروفها التاريخية حاملة لطرز البناء فى القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الميلاديين، وهي طُرز إنسانية في المقام الأول قبل أن تكون أوربية أو مصرية أو إسلامية، وإن كانت كذلك بالفعل؛ وظلت المدينة بمبانيها الخشبية والحجرية محافظة على هذه الطرز التي أصبحت فريدة من نوعها، فبورسعيد حسبما أثبت إخصائيون عالميون هى المدينة الوحيدة فى العالم التى تضم مبان خشبية مكونة من أربعة وخمسة طوابق ما زالت مأهولة بالسكان، وبها أقدم فنار خرسانى مثمن الأضلاع يبلغ ارتفاعه 185 قدماً فى العالم إذ إقيم فى العام 1868م. لكن ها هى معاول الانفتاح الاقتصادى آخذة فى تدمير هذه المآثر المعمارية التى لا تقدر بثمن، مجموعة إثر مجموعة، ولا يمكن ـ حال هدمها ـ استردادها أو البناء على شاكلتها مرة أخرى، وها هى جرَّافات المضاربين على الأراضى والمتاجرين بآلام الناس من سماسرة عقارات ومقاولين ورجال أعمال وملاك تجرفها جرفاً.

إن هدف الحملة هو صد الهجوم الوحشى، الآخذ فى اجتياح كل ما هو قيم وجميل فى المدينة لصالح القماءة والتشوه وفقدان الهوية؛ وفى سبيل تحقيق أهداف الحملة، عقدت الندوات والمؤتمرات والمعارض وتم الاتصال بالمسئولين وتحققت نجاحات معقولة فى زمن وجيز، وآخر هذه النجاحات الترتيب لعقد مؤتمر فى ديوان عام محافظة بورسعيد يوم 22 ديسمبر الحالى (غداً) بالتعاون مع جهاز التنسيق الحضارى الذى نسجل له ولرئيسه الأستاذ سمير غريب اهتمامه بنشاط الحملة وتعاونه معها.

وكان الجهاز قد أوفد فى العام 2008م. لجنة متخصصة إلى بورسعيد أسفر عملها عن حصر 1500 مبنى ينبغى الحفاظ عليها طبقاً لما نص عليه القانون رقم 144 لسنة 2006م. فى مواده التى تحتم الحفاظ على التراث المعمارى، ولو علمتم أن المحافظة قامت بتقليص هذا العدد، الذى يراه أعضاء الحملة أقل مما هو فى الواقع، إلى 900 مبنى فقط، وقبل ذلك كانت قد قصرت حصرها عل 69 مبنى دون غيرها (!!)، بالإضافة إلى أن محافظ بورسعيد لم يوقع حتى الآن قائمة الحصر هذه ليتم اعتمادها من مجلس الوزراء، وإلى توالى تراخيص الهدم والسماح لكثيرين بتخريب مبانيهم حتى يسهل استخراج هذه التراخيص، لو علمتم هذا لأدركتم حجم الضغوط الهائلة التى تمارس على الإدارة المحلية، وتمارسها الإدارة المحلية، لعرقلة الجهود الرامية إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا التراث المعمارى الفريد.

إن الجرائم التى ترتكب بحق معمار المدينة لا تؤثر على شخصيتها واقتصادها فحسب، وإنما تؤثر على شخصية واقتصاد الوطن بأكمله، فضلاً عن أنها تمثل خرقاً صريحاً للمادة الثانية من القانون رقم 144 لسنة 2006م. التى تحظر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمبانى ذات الطراز المعمارى المميزالمرتبطة بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية أو التى تمثل حقبة تاريخية أو التى تعتبر مزاراً سياحياً؛ وواقع الأمر أن جميع هذه الصفات متوفر فى مبانى بورسعيد التى تتحرك الحملة من أجل حمايتها، لكن الإدارة المحلية تضرب بهذا القانون هو وقانون المبانى رقم 119 لسنة 2008م. ولائحتيهما التنفيذيتين عرض الحائط، وما من متابع وما من محاسب.

أعضاء الحملة يدركون أن المشكلة ليست بالهينة، بل إنهم يصفونها بالعويصة، فأسعار الأراضى والعقارات بلغت فى المدينة أرقاماً تفوق كل تصور، ومساحات البناء بالغة الضيق، والزيادة السكانية فى اضطراد، ومواقع هذه المبانى غاية فى الامتياز، والملاك يعانون من الضائقة الاقتصادية، والمقاولون والاستثماريون عليهم مجاراة تروس الآلة الرأسمالية وإلا هلكوا.. كل هذا يدركه أعضاء الحملة، مثلما يدركون أنه بالعزم المخلص والتخطيط السليم والتعاون المثمر يمكن تجاوز أعتى العقبات.

لذا يناشد القائمون بالحملة كل مخلص فى هذا الوطن أن يتضامن معهم وأن يعاضد جهودهم ويساندهم وهم يبحثون عن حلول عادلة وسريعة، محلية ودولية، تكفل الحفاظ على التراث المعمارى لمدينة بورسعيد بحيث تصب فى نهر التنمية التى هى مبتغى وهدف كل مخلص لهذا الوطن.

ساندونا..

ساندوا حملة حماية تراث بورسعيد المعمارى من أجل التنمية.
قاسم مسعد عليوة

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق