إلى شهداء كنيسة القديسين
شعر/ أحمد قرني محمد
الموتُ في بلادِنا مطلقُ السراح
يعودُ في يديه كلَ ليلةٍ
رفيق
وبعده وقبله صديق
دونما نواح
كأننا على الرصيفِ لا نراه
الحزنُ لا يجفُ في عيونِنا
لا يرتدي عباءةَ السفر
يعد كلَ ليلةِ أنشودةَ الرحيل
ويسألُ المطر
هل كان في مقدورِنا أن نمنعَ الخطر!
أسيرُ في مدينتي
أحملُ الأشعارَ في حقيبتي
وأسألُ المساء
هل يشرقُ الصباحُ من بعيد
دون ميتٍ جديد ؟!
في بيوتنا لا يهدأُ البكاء
لا تحن تلكم الأشجارُ للغناء
أوجاعُنا تئنُ في الضلوع
لم يبق في عيونِنا دموع
كي نعلنَ الحداد
نلونَ الأشعارَ بالسواد
ونرتدي أحزانَنا
ونغسلُ الدروبَ بالبكاء
عندما يطلُ من عيونِنا الخريف
بوجهه المخيف
يذبلُ الحنينُ في عروقِنا
وينهضُ السكات
كأنه الخريف
يطلُ حين نحملُ الرفات
يودعُ الصحاب
تصرخُ البيوت
يطأ طأُ الكتاب
هل كان في مقدورِنا أن نمنعَ الخطر؟!
أن نعلنَ احتجاجَنا في لحظةِ السفر
هل كان في مقدورِنا أن نغلقَ
الأبواب
قبل لحظةِ الغياب ؟!
إنها الأحلامُ لا تجئ مرتين
لا تعبرُ النهرين
لا تضحكُ الضلوعُ ضحكتين
لا يفرحُ الفؤادُ فرحتين
أو تطلقُ الأشجارُ آهتين ..آهتين
وتسكنُ الأحزانُ في بيوتِنا
وتهربُ الأفكارُ في المحن
وترتدي أشجارُنا الخريف
كأنه الكفن
من يسكت الآهات في ضلوعِنا
من يطردُ الأوجاعَ من شوارعِ الوطن
إنها الأحلامُ فوق صفحةِ الفرات
ونحن واقفون في انتظار
لحظةِ النجاةِ... أو
لحظة الموات
هل تدركُ الأرواحُ ما يكون؟
أم إنها لحظةُ الجنون
لحظةُ اكتشافِها لسرِها
المكنون
حين تعبرُ الحياةَ والضجيج
خطوةً خطوةً إلى السكون
وتسألُ الأوراقَ
هل تستغيثُ
قبل أن تفارقَ الغصون؟!
الموتُ في بلادِنا مطلقُ السراح
يسيرُ في شوارعِ المدينة
يفتشُ البيوتَ عن أصحابِنا
عن أحلامِنا
الموتُ في بلادِنا انسحاب
ابتعادٌ واقتراب
الموتُ لحظةُ انفراج
الموتُ في بلادِنا احتجاج
لم أقرأ أروع من هذه القصيدة من زمن بعيد .. تحياتي لكاتبها
ردحذف