الصفحات

2011/03/01

مكتبة الإسكندرية تشهد افتتاح مؤتمر "مصر تتغير"

مكتبة الإسكندرية تشهد افتتاح مؤتمر "مصر تتغير"
سامح سيف اليزل: يجب أن يعود جهاز الشرطة للشارع وأتوقع تغييرات جذرية في مباحث أمن الدولة قريبًا
سراج الدين: مكتبة الإسكندرية تتمتع باستقلالية كمؤسسة ثقافية والمركزي للمحاسبات يراجع أعمالها
خالد داوود: أدعو التيار الإسلامي إلى التعامل مع الواقع الجديد بانفتاح وشفافية وقبول الآخر
أحمد بهاء الدين: الثورة فريدة لكنها غير مكتملة ويجب إسقاط باقي رموز النظام السابق
أحمد الجمال: يجب الالتفات للعوامل الاقليمية والدولية المحيطة بمصر وتطهير القوى والأحزاب
الإسكندرية في 1 مارس– شهدت مكتبة الإسكندرية مساء أمس افتتاح مؤتمر "مصر تتغير"، الذي تنظمه في الفترة من 28 فبراير إلى 1 مارس، ويشارك فيه نخبة من المثقفين والباحثين والسياسيين ومجموعة من الشباب المصري. يتناول المؤتمر القضايا محل النقاش الموسع في الوقت الراهن وفي مقدمتها المرحلة الانتقالية الحالية، وموقف الأحزاب والقوى السياسية، والإعلام المتحول سياسيًا، والتعديلات الدستورية. ووقف المشاركون في بداية المؤتمر دقيقة حدادًا على شهداء ثورة 25 يناير.
افتتح المؤتمر الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية. وشارك في الجلسة الافتتاحية كل من اللواء سامح سيف اليزل؛ رئيس مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث الأمنية، وخالد داوود؛ عضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين، وأحمد بهاء الدين شعبان؛ عضو مؤسس لحركة كفاية وعضو جبهة مساندة ثورة 25 يناير، والصحفي أحمد الجمال؛ وحسن أبو طالب؛ مدير معهد الأهرام الإقليمي للصحافة، وأدار الجلسة الدكتور خالد عزب؛ مدير إدارة الإعلام بمكتبة الإسكندرية.
ووجه الدكتور إسماعيل سراج الدين تحية للشباب المصري؛ أبطال ثورة 25 يناير، قائلاً أنهم فجروا ثورة لم يشهدها التاريخ من قبل، وأنهم أبهروا العالم بقدرتهم على التظاهر السلمي، وأظهروا المعدن الأصلي للمصريين بالتكاتف والتآزر والاتحاد والايمان بأهمية المشاركة. وأشار إلى أنه لطالما آمن بقدرة الشباب على إحداث التغيير وتحقيق الإنجازات، موضحًا أن الشباب هو الذي قام ببناء المكتبة، حيث أن متوسط عمر العاملين بها هو 29 سنة.
وأكد على ثقته في قدرة الشباب على تولي مناصب قيادية في الفترة المقبلة، بالاستعانة بخبرات المثقفين والمفكرين، مبينًا أن المساندة تختلف جذريًا عن القيادة، وأن دور المثقفين في المرحلة المقبلة هو مساندة الشباب، وأنه من الخطأ أن يفرض أي شخص أو جهة الوصاية على الشباب، أو الاستيلاء على مسار الثورة. ولفت إلى أن الديمقراطية تعني التعددية وتقبل الآخر، لذا يجب الابتعاد عن اتهام الآخرين بالعمالة والتخوين في هذه المرحلة الحساسة، مؤكدًا أن علاج الخلافات والتخوف من وجود ثورة مضادة يكون بتحقيق مزيد من الديمقراطية والحرية.
وتحدث سراج الدين عن دور المكتبة في الفترة المقبلة، قائلاً أنها ستوفر لجميع أفراد المجتمع ساحة للحوار البناء، انطلاقًا من ايمانها بالتعددية وحرية التعبير وتقبل الرأي والرأي الآخر. وشدد على أن المكتبة تتمتع باستقلالية كمؤسسة ثقافية، فهي بموجب القانون رقم واحد لسنة 2001، شخص اعتباري عام مقره الإسكندرية ويتبع رئيس الجمهورية باعتباره الرمز الأعلى للسيادة الوطنية، وليس رئاسة الجمهورية، وبذلك فهي مستقلة عن كافة الوزارات ورئاسة الجمهورية كمؤسسة.
وأكد على أن أعمال المكتبة معروفة ويراجعها الجهاز المركزي للمحاسبات بالإضافة إلى مكتب مراجعة خارجي معتمد، كما أن لها مجلس أمناء يحكمها، ويرأسه رئيس الجمهورية أو من يختاره من الشخصيات العامة، مشيرًا إلى أن الدكتور عبد العزيز حجازي؛ رئيس الوزراء الأسبق، يباشر حاليًا هذا الدور. وشدد على أن المكتبة لا يحميها إلا رضا الشعب عنها، وأن الشباب هو الذي أكد على شرعية هذا المكان عندما قام بحمايته أثناء الثورة.
وقال سراج الدين إن مكتبة الإسكندرية خصصت مكانا بساحة الحضارات أمام قاعة المؤتمرات لإقامة نصب تذكاري لشهداء ثورة 25 يناير؛ حيث تعكف لجنتان على اختيار التصميم الملائم وحصر أسماء الشهداء الذين ستكتب أسماؤهم. وأضاف أن المكتبة تعمل حاليًا على توثيق ثورة 25 يناير من خلال الصور والفيديوهات والوثائق والمنشورات الرسمية وغير الرسمية وغيرها من المواد، مرحبًا بأي مساهمات في هذا الإطار. وأعلن أن المكتبة تعتزم تنظيم مؤتمرًا عربيًا موسعًا في شهر ابريل المقبل، يشارك فيه المثقفون والنشطاء من مختلف البلدان العربية، للوقوف على ملامح صورة العالم العربي التي ترسم من جديد.
وفي الجلسة الافتتاحية، قال الدكتور خالد عزب إن هذا المؤتمر الحواري ينطلق من فكرة أن مصر تتغير في ظل هذه المرحلة الانتقالية والتحول من نظام إلى نظام، خاصة مع عدم وضوح الرؤية في ظل مطالب التحول للديمقراطية الشاملة. وأشار إلى أن الثورة كان لها تأثير "التطهير النفسي للشعب"، وبالتالي زادت القدرة على الحوار وتقبل الآخر.
ومن جانبه، عرّف اللواء سامح سيف اليزل ثورة 25 يناير عمليًا بأنها "تغيير ثوري"، وهو قيام مجموعة طواعية باتخاذ قرار استراتيجي لتغيير النظام، موضحًا أن جميع التغيرات الثورية في تاريخ العالم كانت الأفضل تاريخيًا. وقال إن الجيش كان شريكًا في الثورة وليس مراقبًا حيث أن تدخله ساعد على تقليل نسبة الضحايا بشكل كبير، مبينًا أن دور الجيش لن يتعدى المرحلة الانتقالية.
وأكد سيف اليزل على أهمية وجود جهاز شرطي في مصر رغم حساسية الموقف الأمني وفقدان الثقة بين الشعب والشرطة، ولذلك يجب أن تعود الشرطة لعملها لكن بشكل جديد وأسوب تعامل مختلف مع المواطنين، مع تقليل عدد أفراد الأمن المركزي الذي يصل إلى مليون و200 ألف فرد، وأن يقتصر دور مباحث أمن الدولة على الحصول على معلومات لتأمين الوطن فقط. وتوقع حدوث تغييرات جذرية في مباحث أمن الدولة قريبًا. وقال إن الدولة المدنية هي مطلب الجميع حاليًا، بوجود أحزاب سياسية واضحة المعالم ودستور متفق عليه وإعلام حر في ظل التأكيد على حرية الرأي. وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة زيادة كبيرة في عدد الأحزاب السياسية في مصر، مؤكدًا على أهمية أن تكون الأحزاب الجديدة فاعلة وأن يجد الشباب حزب قوي يمثلهم.
وفي سياق متصل، أشار خالد داوود إلى وجود عدد من الملفات الأساسية الحاسمة في التجربة الديمقراطية القادمة، ومنها النظام الأمني؛ ودوره في حماية الشعب لا النظام، والدستور؛ الذي يجب أن يوضع بطريقة تتخلص من مساوئ النظام القديم الذي همّش بعض السلطات كالقضائية والتشريعية، وأن يكون دستور مدني بنسبة 100%. وأكد أن التيار الإسلامي عليه أن يتعامل مع الواقع الجديد بانفتاح وشفافية، وقبول الآخر، والتخلص من الجمود الايديولوجي وعدم السعي إلى الهيمنة على الواقع السياسي. وقال إن الشعب لا يجب أن يكون له سقف مطالب في المرحلة المقبلة، فلا حدود للتغيير المراد تحقيقه، ويجب العمل على تنفيذ كل المطالب وتحقيق التغيير الجذري، والحذر من الجهات التي تحاول سرقة الثورة وإجهاضها، مؤكدًا أن مصر مؤهلة لصنع شرق أوسط جديد. ونوه إلى ضرورة تفكيك جهاز الأمن وإعادة صياغة ثقافته من جديد لتكون الشرطة في خدمة الشعب فعليًا، بالإضافة إلى تغيير الوزارة الحالية لأنها لا تصلح لقيادة هذه المرحلة الانتقالية نظرًا لتوليها أعمالها في ظل وجود النظام السابق.
وفي كلمته، أكد أحمد بهاء الدين شعبان أن هذه الثورة فريدة ولكنها غير مكتملة، فبعد سقوط رأس النظام يجب إسقاط بعض الرموز المرتبطة به والتي لازالت قائمة. وشدد على أن ثقته بالشباب لا حدود لها، وأنه قادر على إتمام التغيير المطلوب في المرحلة المقبلة. وحذّر من الانزلاق في تيار تصفية الحسابات في هذه المرحلة، لكن دون تجاهل المفسدين أو التسامح مع المجرمين، وأن يتم ملاحقتهم ومحاسبتهم قانونيًا. وقال إن الفترة الانتقالية التي تعيشها مصر الآن لا يمكن بالضرورة أن تحقق حياة ديمقراطية حقيقية، ولذلك يجب استغلال هذا الوقت لبلورة حركات جديدة وبناء الأحزاب، حتى لا يتم الاعتماد على بناء ديمقراطي متعجل، مشيرًا إلى أن مصر لديها فرصة تاريخية أن تبدأ تجربة تعددية دون إقصاء أو عزل أي طرف.
وفي سياق متصل، دعا أحمد جمال إلى إحياء ذكرى عشرات المصريين اللذين كافحوا من أجل الديمقراطية، ومنهم الدكتور أحمد عبد الله رزة؛ الذي توفي منذ أربع سنوات وكان قد تخرج في قسم العلوم السياسية من جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة، وهو مؤسس مركز الجيل للشباب في "عين الصيرة" بالقاهرة، وصاحب كتاب "الديمقراطية على عكاز". وأكد أنه من الضروري الالتفات للعوامل الاقليمية والدولية المحيطة بمصر وبحث المدى الذي وصل إليه الاختراق الإسرائيلي للشئون المصرية في ظل حكم النظام السابق، في ضوء التصريحات الإسرائيلية الداعمة له. وشدد على أهمية وضع ضوابط للمرحلة الانتقالية وتطهير القوى والأحزاب السياسية وبناء وجدان اجتماعي له أبعاد ثقافية وفكرية وضوابط لخدمة الوطن.
ومن جانبه، تحدث حسن أبو طالب عن عدد من النقاط لإدارة التحول نحو الديمقراطية، وهي الانتقال إلى الحوار الوطني والخروج من دائرة تصفية الحسابات؛ والإيمان بفكرة التمسك بالحرية والأمن معًا وعدم مقايضة إحداهما بالأخرى، وتحديد دور الضغط الشعبي وطبيعة دور القوات المسلحة في المرحلة المقبلة. وأكد على أهمية تحديد الهدف بالوصول إلى دولة ديموقراطية مدنية تؤمن بالحرية والكرامة الانسانية وتقوم على مراعاة العدالة الاجتماعية ودور المؤسسات. وتطرق أبو طالب إلى ما أطلق عليه "التطهير في الصحافة القومية"، حيث رأى أن الصحافة القومية ظُلمت ظلمًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، وأن الحفاظ على هذه المؤسسات يعد مسئولية وطنية لأنها تعكس تاريخ عريق، مؤكدًا أن هذه المؤسسات تضم الكثيرين من الشرفاء الذين تضامنوا مع الثورة قلبًا وقالبًا وتعرضوا للعديد من الضغوطات والتهديدات نتيجة لموقفهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق