الفائزة بجائزة زايد لأدب الطفل : بدأت أكتب بعد المعاش
"عام الجوائز" الاسم الذي أطلقته دكتورة عفاف طبالة على 2011، حيث فاز كتابها "البيت والنخلة" الصادرعن دار "نهضة مصر" بجائزة فرع أدب الأطفال التي تمنحها جائزة الشيخ زايد للكتاب، بعد شهرين من فوز عملها "العين" والصادر أيضا عن نفس الدار بجائزة مؤسسة "أنا ليند" الأورومتوسطية السنوية لأدب الأطفال. كتبت د. عفاف سيناريو برامج منوعة وكانت منتجا فنيا لأعمال تسجيلية وروائية قصيرة حصدت جوائز هامة بمهرجانات الإذاعة والتليفزيون بمصر وتونس، كما اهتمت بالكتابة للطفل وحازت جوائز عالمية عن قصصها . في حوار "محيط" تقول د. عفاف أنها لا تجد مشقة في الكتابة للطفل لأنها تعتبر نفسها طفلة كبيرة ، وشجعها على المضي بهذا المجال أن أول كتبها "السمكة الفضية" حاز جائزة عالمية، ولكنها لا تنكر أن الموهوبين في هذا المجال لا يجدون دعما من دور النشر خاصة في مصر بحيث تصل كتاباتهم للسوق ويحدث إقبال عليها. وقد طبعت "مكتبة الأسرة" لطبالة خمسة آلاف نسخة من كتابها "دوم تاتا دوم" نفدت جميعها في وقت قصير لأن سعرها كان مناسبا للأسرة المصرية أيضا، لكن هناك أزمة في ترشيح الأعمال التي تستحق هذا الدعم برأيها . - "العين" قصة قصيرة تحكي عن فكرة الضمير من خلال طفل يسمى "عمرو"، بعد خروجه من المدرسة يشعر أن هناك عيناً تتبعه، وهو يحاول الهرب منها، ثم يذهب إلى جده "حسين" ليساعده على الاختباء منها، وتتكشف الأحداث لنعرف أن شعور الطفل ينبع من أنه أخذ شيئاً من صديقه دون إذنه، وأخفاه معه، ومن ثم العين التي تتبعه هي ضميره، الذي يؤنبه ويعذبه، وبعد أن ينصحه جده بأن يعيد لصديقه ما أخذه منه، يجد أن العين التي تتبعه اختفت. ورغم بساطة القصة إلا أن فكرة الضمير واضحة بها، دون وعظ أو نصائح بشكل مباشر، لأن هدفي الأول من الكتابة هو إمتاع الطفل، وأن يتعايش مع القصة حتى يصدقها حينها فقط ستنفذ قيم القصة إلى نفسه. فهناك فرق بين المقال والقصة التي تترك تأثيراً أطول لدى الطفل، وحين أشرع في الكتابة لا أفكر في القيم التي تحكم القصة، لكنها تتشكل على الورق. محيط: ألم يشكل ضعف الأضواء على كتاب الأطفال ضغطا عليك ؟ - الأضواء ليست هدفي ، فقد بدأت الكتابة متأخرا بعد أن بلغت سن المعاش بسنوات، وكنت أكره موضوعات التعبير في صغري، وبعدما طلب مني أحفادي تسجيل ما أحكيه لهم على الورق بدأت أكتب وكان كتابي "البيت والنخلة" احدى قصصي لأطفالي التي قال الروائي خيري شلبي أنها رواية تصلح لكل الأعمار.
ومؤخرا، اكتشفت أن القصة بها مشهد يعبر عن الثورة، فالطفل البطل سيمتحن، لكن زوجة العمدة لا ترغب في نجاحه، ولذلك تتفق مع "صول" البوليس أن يمنعه من دخول الامتحان، وبالفعل يحبسه "الصول"، ويقرر أهل القرية الضغط على هذا "الصول" حتى يطلق سراح البطل ويذهب للامتحان، كل فرد من أفراد القرية يحاول التأثير بشكل فردي على هذا الرجل الذي يذعن لرغباتهم في النهاية فيؤدي الطفل الامتحان، فالوقوف أمام الظلم بشكل جماعي يؤدي إلى تحقيق العدل في النهاية. محيط: لماذا نفشل في تقليد الدول المتقدمة بتحفيز الطلبة على القراءة ؟ - القراءة في الغرب عادة، الطفل قبل أن يخلد إلى النوم يقرأ، لأن والدته عودته على ذلك منذ الصغر ، أما في العالم العربي فكم ام تحرص على أن تغرس هذه العادة في صغيرها ؟ ، كما أن الأمية لدينا متفشية. أيضاً المكتبات في المدارس فقدت دورها، لأن القائمين عليها تعاملوا معها بوصفها هدفا، وليست وسيلة من أجل تدريب الطلاب على عادة القراءة. أرى أن نعود أطفالنا على القراءة في المرحلة الأولى من عمرهم، وأن نهتم باللغة العربية في المدارس، وتعويد الطفل على التعبير عن نفسه بشكل صحيح .. نحتاج لثورة بالتعليم مماثلة للثورة المصرية الكبيرة على النظام ، ثورة لكتاب مدرسي متطور ينتقده الطلاب أنفسهم فيتغير.
- برامج الطفل تعتمد على الرسوم المتحركة ولأنها صناعة مكلفة ، نرى البرنامج جاف تتحدث به مذيعة لأطفال و من هنا يفتقد أي عنصر جذب حقيقي . محيط : ما رأيك بسلسلة روايات "هاري بوتر"؟ - أرفض أسلوب كتابتها الذي يعتمد على فكرة السحر ، ولكني معجبة بالتسويق الجيد لها والذي أدى لطفرة المبيعات، ووجود سوق كبير يستهلك ما تكتبه وقائمون على صناعة الكتاب يحولون القصص لأفلام، ما جعل المؤلفة جي كيه رولينج من ضمن أثرياء العالم، وكل ذلك غير معمول به في عالمنا العربي. وأؤكد أنني أفضل مخاطبة الطفل بالعقل والمنطق وليس بقصص السحر، وحين أجنح للخيال في قصصي أفسره بالمنطق العقلي، حتى أحث الطفل على إعمال عقله وليس مشاعره فقط . محيط : ما تحديات كاتب الطفل العربي وكيف تتغلبين عليها ؟ - الغرب يكتبون ما يقولونه ، بينما كاتب الطفل يكتب باللغة الفصحى وهي مختلفة عن التي نتحدث بها أو اللهجة العامية ، ورغم إنحيازي بالطبع للفصحى ولكن ذلك يشكل عائقا أمام انتشار الكتاب . من ناحية أخرى نجد الرسوم في كتب الغرب للطفل متطورة ومتنوعة وجذابة ، وقد بدأ في مصر مؤخرا جيل جديد من الشباب يطور من الرسومات، مثل الرسام وليد طاهر، وغيره. على المستوى الشخصي أثّر عملي كمخرجة بكتاباتي فأصبحت وكأنها صورة تتحرك، ولذلك أحرص على عقد جلسات عمل مع الرسامة التي تنفذ لي كتبي، حتى نتشاور في شكل الرسومات. وتعد ابنتي وأصدقائي هم فئران تجاربي، لأنهم أول من يقرأون لي وينصحونني حتى يخرج العمل في أفضل صورة. كما أن الكاتب الغربي يهتم عادة بدراسة خصائص المرحلة العمرية التي يخاطبها نفسيا وطبيا وهذا يساعده في الوصول إليها . ولدينا تراث هائل عربي من قصص الطفل، ولكن ليس كله صالحا لأن يروى للصغار ، فمثلا قصص "ألف ليلة وليلة" بها صور وألفاظ خادشة لا تناسب طفل . وأسعى في قصصي لأن تكون صالحة لأي زمان ومكان، وللأسف نجد أبناءنا يدرسون كتبا لم تعد لها فائدة ولغتها ركيكة وحبكتها رديئة بعد أن كانوا يدرسون كتاب "الأيام" لطه حسين.
- القصة تدعو للنظر للماضي بتأمل و إلى المستقبل بأمل، و تدور القصص الثلاث في شكل متوالية تكون في مجموعها ما يشبه الرواية عن فتاة كان يقلقها - و هي صغيرة - أن يراها أقرانها غريبة و جبانة و "فتانة" لكن الأيام تكشف لها أنها في الحقيقة ليست غريبة، لكنها مختلفة، و أنها ليست جبانة لكنها مترفعة عن الصغائر، تهرب من المعارك الزائفة و ليست "فتانة" لكنها صادقة وغير قادرة على الكذب. واعتبر البعض أن القصة للشباب، ولكني لا أفكر فيمن أخاطبه وفئته العمرية لأني أستمتع بفعل الكتابة نفسه. محيط: ما محاذير الكتابة للطفل؟ - أن يكون العمل خاليا من الألفاظ الصعبة، وألا يضم معان أو قيم خارجة، والابتعاد عن المثالية من خلال أبطال العمل، حتى يقتنع به الطفل ويستطيع محاكاته، وألا يتضمن وعظاً وإرشاداً بطريقة مباشرة، بل يساعد الطفل على الاكتشاف. محيط: ما جديدك؟ - قصة بعنوان "سيكون لي أصدقاء" وهي استكمال لسلسلة قصة "العين" عن البطل عمرو، والجد حسين، واستوحيتها من ابني عمرو، فحين كان طفلاً ونسافر إلى المصيف كان بمجرد وصولنا يرغب في الخروج من البيت للعب مع أصدقائه، وحين كنت أبادره بالسؤال لكنك لا تملك أصدقاء هنا، كان يجيبني قائلا: سيكون لي أصدقاء، وما هي إلا ساعات قليلة وأجده مع أصدقاء جدد كثر، والقصة تساعد أن يكتسب الطفل أصدقاء، في مواقف ومناسبات مختلفة. أيضا أكتب قصة "عود السنابل" التي تعد رواية صغيرة. ** حصلت طبالة على ليسانس اللغة الفرنسية من جامعة القاهرة وأعقبت ذلك بدراسات مكثفة حتى حصلت على درجة الدكتوراة في الإعلام، وما بين عامي 1996 و2001 كانت ترأس قناة النيل للدراما . |
الصفحات
▼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق