القصة القصيرة تستشرف أمكنتها في الصالون الأدبي المغربي
القصة القصيرة تستشرف أمكنتها في الصالون الأدبي المغربي
اعداد سعيد بوكرامي
الأحد 8 مايو خصص الصالون الأدبي المغربي لقاءه القصصي السنوي الرابع لاستشراف أمكنة القصة من خلال شهادات للقصاصين حسن البقالي وفاطمة الزهراء الرغيوي وسعيد جومال. افتتح الجلسةالناقد محمد يوب. منوها بقيمة القصة المغربية كما وكيفا. ثم أعطى الكلمة للقاصة فاطمة الزهراء الرغيوي لتقديم شهادتها عن المكان في تجربتها القصصية. في البداية شكرت الأصدقاء في الصالون الأدبي على الاستضافة وعلى فرصة اللقاء الجميل رفقة أصدقاء القصة وكتابها.
ثم قاربت بعد ذلك مفهوم المكان في القصة عبر طرح سؤالين أساسيين:
أين تكتب،أي مكان تكتب فيه أو عنه. عبرت الكاتبة عن عشق خاص لعدة أمكنة أبرزها مدينة مراكش التي تحولت بفضل تفاعل وجداني وكيميائي من مدينة عابرة الى مدينة راسخة في القلب والوجدان معرجة على أمكنة أخرى ترى الكاتبة أن لها علاقة خاصة بها مثل شجرة الأوكالبتوس لأنها تعبر عن مرحلة ، سمحت لها أن تجنح نحو الخيال. فيها وبين أغصانها وحولها كان يمكن أن تتصور أي مكان آخر فتختلق بيوتا لم تزرها ومدنا لم تتعرف إلى ساكنيها وشوارعها.. لقد بدأت تجربة الكتابة وقتها وبين أحضان شجرة كانت محرابها الخاص. لم تكن تحمل قلما ولا ورقة ولكنها كانت تجرب الكتابة كعالم موازي لخلق القصص وكتابة الأمكنة، وبخيال شاسع أسس لعلاقتها بالكتابة. .قالت الكاتبة أيضا " يمكنني القول إننا نكتب المكان ونكتب داخل مكان. وفي كلتا الحالتين لن يتم اختياره عشوائيا لأننا نكتب انطلاقا من شغف ما يحدد مسبقا علاقتنا بما نريد حكيه وكيف وأين سنحكيه. لا أكتب في مكان محدد، لكنني أستحضر ما ذكرته عن الجدية والجهد والتركيز والخيال. ثم إنني أستعين بذاكرتي البصرية التي تساعدني في التقاط تفاصيل قد تبدو هامشية لناظر عابر وقد أخلق أخرى لأجمل المكان مع الإشارة هنا إلى أن الجمالية التي أتحدث عنها هي جمالية تخدم النص وليس بالضرورة الجمالية المتفق عليها. أحب الأماكن التي تحفزني والتي لا تدعني أعبرها بحياد وهي بالتالي الأماكن التي أحبذ الكتابة عنها أو فيها. "
بعد تناول الكلمة القاص سعيد جومال معتبرا أن المكان وعاء يحمل بنية حكائية هي في الأصل مكان واحد يقضي الكاتب حياته يكرره ويستعيده وإذا تعـذر عليه الكتابة عن أمكنة واقعية لإكراهات عدة فإنه يلجأ الى أمكنة افتراضية تستجيب لمزاجيته المتقلبة. ثم انتقل الى تقديم أمثلة عن المكان في مجموعته القصصية الباب الصادرة حديثا التي اعترها تمجد المكان وتحتفي به بل تطوبه سيدا على الشخصيات والحبكة والزمان نفسه. وقال أن الربات التي لا نستطيع تحقيقها تدفع الكاتب الى البحث عن أمكنة بديلة وجديدة مستخدمة أسلوب المقارنة والمفارقة والسخرية. مما يجعل الأمكنة القصصية وعاء حقيقيا لفلسفة الكاتب في الابداع والحياة.
بعد ذلك اعطى مسير الجلسة الكلمة للقاص المتميز حسن البقالي الـذي أضحى في السنوات الأخيرة علامة قصصية فارقة تنمو وتزدهر في صمت لكن بتألق ابداعي فريد من نوعه. قرأ الكاتب في البداية قصة قصيرة جدا للقاص شتيفان أوركين عنوانها " البيت" التي اعتمدها ارضية لطرح أفكاره حول المكان في القصة معتبرا أن الانسان من يخلق فضاءه انطلاقا من تمثلاته للاحياز المحيطة به وهي لا تتجاوز التصور ذاته الذي يترسخ في الذهن ترسخا لا مهرب منه. هذا التصور قد يختلف عند الكتاب اذ كيف يمكننا ان ننجح في نقل المكان من عالمه الاشاري الى عالم دلالي ومن من الوعي الحسي الى الوعي الجمالي؟ وعليه فإن الكاتب وامام هذه الوضعية الاشكالية يترك في الغالب للنص امر تدبير مكانه ينمو وفق توافقات وانبعاثات وصدفات. يعتبر الكاتب نفسه رحالة في الامكنة التي يمر بها أو تمر به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق