الصفحات

2011/07/29

"جسـر جدتــــــــي ميمونـــــــــة " قصة لمحمد الكامل بن زيد

جسـر جدتــــــــي ميمونـــــــــة 
محمد الكامل بن زيد
1– ارق
هذا الذي عرف الحديث ساءه آخر الحديث، انكمش على نفسه حتى غاب في زقاق الحي...المصابيح الزرقاء انطفأت حزنا عليه ... حمل عوده ورحل .. اختار أغنية ( حيزيه ) منفاه
وجاء الصيف
غاب الشتاء
انتظر الربيع
ومات الخريف
اشتعلت المرايا في الجدران ، تساقطت من الأعين  جماجم لا عنوان لها. ولا حصر لها، تواصلت الصيحات  بهبوب رياح سامة... أراد الناس ستر عوراتهم ،ستر فضيحتهم... تجاوزتهم الرياح... وفي لحظة ما ... سأل الطفل  رضيع أمه العجوز... يا ليت صاحب الحديث يعود؟؟
2- عيـــــــون
خلف الشبابيك يتناءى لنا نحن أطفال الحي ، همسات مبهمة، حركات خفية  لم نفقه لها شيئا،لها مسالك غامضة، تقتلع من جذور الأرض ... عالما مكتهلا ... لحظاته فارغة ... تركنا على إثرها لعبتنا المفضلة لنختار لعبة أخرى... نقترب خفية....بغتة... يتواجد لدينا اقتراح ... نكون فرقتان، واحدة حمراء اللون والثانية بيضاء، الفرقتان متساويتا العدد..... أعددنا كل صغيرة وكبيرة، رسمنا على الجدران إشارة بحجم تفاحة الحي ..بدأت اللعبة سريعا ..من يلحق أولا ويلمس  جدران الشبابيك أولا.... فهو الفائز
عند نهاية اللعبة تذكرنا أن لا حكم لدينا...
..... صباح الغد .....
وجدت نوافذ الشبابيك مقتلعة... مهزومة.
 قال شيخ الحارة :
- فعلوها .... 
3- مطـــــــــر
حدثني عنها ومضى
لم أسمع لم أر...لم أفهم... فكله لظى
سألت نفسي: أيظن... أنني...أيظن
 فاتحة الكتاب هي ... هكذا قال لي....وهو خاتمتها .... على ما أظن
عشقها في ثانية ، أقسم اليمين إنها ثانية واحدة وكفى
ترك خلفه صورتها... تململت يدي حين أمسكت بها
- إنها رائعة .. إنها أحلى
4- إعــــــلان
اشتهيت أن أشرب قهوة ... ثقيلة ...توافق مزاجي هذا اليوم ...
-               أيها النادل واحدة مضغوطة من فضلك
الجوار يحادث الجوار.... الأقدام تحت الطاولات  مللن الجلوس .... نفيت بقايا السجائر إلى خارج المقهى ... والكلمات السهمية في الجرائد  شطبت جميعا ...
وقال أحدهم ……
-  تذكرت لدي موعد في المقبرة
لحقه آخرون
بعد لحظات عاد النادل مبديا التأسف :
-  كم ملعقة سكر ؟؟ ...
 
5- جدتـــــــي ميمونـــــة

لا يحلو لجدتي ميمونة سرد الحكايا إلا وهي تحلب عنزة الحي ثم هي تمخض القربة .. نلتف حولها بصدق وأمانة.... نتصارع على من يكون الأقرب منها .. تبدأ حكايتها دوما بـ : كان يا مكان .... ثم تغوص في الذي كان لتعود بعد لحظات والدمع القاصي يقطر من محجريها لترد آخر القول : كان....
ذهب زمن طويل لم أزر جدتي ميمونة... جزعت لدقات قلبي العنيفة ...
سألت أبي الممزقة أقدامه ...
فهمس بحرقة:
- جاءوا فكان الذي .....؟؟

6- رؤى

رفع الستار عن نافذة خشبية مصنوعة بأنامل الأرابيسك.... كل ألوان الطيف تزركشها ... بين جوانبها وقف القمر والشمس في عناق أبدي ...
قالت شهرزاد :
- سيدي شهريار هذه ليلتي
ضحك ضحكة خبيثة :
استعدي إذن دمك حلال.....-

7- أمنيـــــــــة  

صحوت ذات ليلة مقمرة ... تمددت الرياح في الأحراش حتى اختفت ...نظرت ناحية زوجتي النائمة وهي تحتضن أطفالي الثلاثة .... دعوت في قرارة نفسي، الهي يا رب السموات والأرض ... أدمها نعمة  واحميهم من غدر الزمان... فبهم  أبصر المنفى .. ولا ينهار صوتي.... ولا يتغير شكل الشمس... فتحت المذياع
قالت المذيعة:
-  سنقدم لكم أيها السادة المستمعون .. أغنية جميلة بعنوان ( السلام ) تأليف الشيخ عبد السلام ... الحان الشاب عبد السلام، غناء الطفل المعجزة عبد السلام

8 – الجســـــــــر

جاءني النادل...يهرول من بعيد...
- سيدي ..عفوا ... القهوة الثقيلة ... جاهزة
 حدقت في تقاسيم وجهه مليا.. أردت الانصراف إلى الرصيف الآخر.. أمسك ذراعي بشدة... وأصر أيما إصرار أن اشرب القهوة عندهم، بعد أن غادرتهم لعشرة أيام
- لا وجود لمقبرة... والغائبون عادوا
هكذا أتم حديثه .. بعد أن وضع الملعقة في فنجان القهوة .. الثقيلة ..

9- اشراقـــــــــة

قال المصور ...
ابتسم... سنأخذ لك صورة ...
استقمت في جلستي .... ومسحت شعري  رأيت صديقي مارا من هناك... دعوته بشوق ... رحب بلهفة....
جاء جاري ...
عاد أخي ....من السفر..
قالت العجوز: ألدي مكان...؟
ردت عليها زوجتي: انتم معي ...
ابتسمت ولأول مرة ابتسمت منذ سنوات...
 هذه...... عائلتـــــــي-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق