الصفحات

2011/08/22

الشعلان تحاور المترجم د.وائل ربضي

أول رواية أردنية تترجم للغة الفرنسية
د.وائل ربضي مترجم رواية " أنت منذ اليوم" لتيسير السّبول إلى الفرنسية:" أفخر بأنّني أوّل من ترجم هذه الرواية المهمة إلى الفرنسية،والشكر لوزارة الثقافة الأردنيّة التي تبنّت هذا العمل وللسفارة الفرنسية والمركز الثقافي الفرنسي اللذين ينظمان حفل توقيعه يوم 20 / 10 / 2011 في المعهد الفرنسي.

أجرى اللقاء: د.سناء الشعلان/ الأردن.

* لماذا اخترت أن تترجم رواية " أنت منذ اليوم " لتيسير السبول؟
كانت رسالتي في الدكتوراة في جامعة أميان الفرنسية بإشراف الدكتورة جاكلين ليفي فلنسي بعنوان" التلقّي النّقدي لألبير كامو في الشّرق:مصر وسوريا ولبنان والأردن.وألتقيت بالعديد من الكتاب والنقاد والشعراء العرب أمثال نجيب محفوظ وصنع الله إبراهيم وإبراهيم أصلان ومحمود أمين العالم ويوسف القعيد ومؤنس الرزّاز وعديّ مدانان ورجاء النقّاش وقرأت العديد من أعمالهم وعند سؤالي لهم عن الكتاب الذي تأثروا بفكرة العبث والفكر الوجودي ذكر أغلبيتهم الكتاب الأردنيين أمثال غالب هلسا وتيسير السبول، وفايز محمود وجميعهم يشيرون صراحة أو ضمناً إلى تأثّرهم بكامو.وعندها فكّرت أن أترجم شيئاً من أعمال تيسير السبول إلى الفرنسيّة لاسيما في ضوء عدم وجود أيّ ترجمة لأعماله إلى الفرنسيّة وهو من أهم روائيّ الأردن.
* هذه الترجمة هي الترجمة الأولى التي تتبنّاها وزارة الثقافة الأردنيّة.فماذا تقول في هذا الشأن؟
لاشكّ أن هذه خطوة رائدة ومهمة،ومن الجميل أنّها تمت تحت مظلة وزارة الثقافة الأردنيّة.وفي هذا المقام أتوجّه بالشكر لكلّ من ساهم في نجاح هذا الإصدار وأخص بالذكر معالي الأمين العام للوزارة الأستاذ الشاعر جريس سماوي.وأتمنى أن يكون البوابة أو الحجر الأساس للكثير من الترجمات الأخرى في القريب العاجل.
* أين كانت أسرة تيسير سبول من مشروع ترجمة روايته إلى الفرنسيّة؟
لقد باركت الأسرة هذه الترجمة،وقدّموا لي كلّ الدّعم المتمثّل في تنازلهم عن كافة حقوقهم في ترجمة هذا العمل إلى الفرنسيّة وأجابو عن جميع أسئلتي ولا يسعني هنا إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للدكتورة مي اليتيم زوج المرحوم تيسير وأبنته الدكتورة صبا وزوجهاالشاعر والفنان غسان أبو لبن الذي أخرج الكتاب ولوحة الغلاف هي أحد أعماله الفنية.
* بعد أن أتممتَ هذه الترجمة الأولى من نوعها. بماذا تحلم؟
أحلم بأن تكون بوابة لتيار كامل من الترجمات للإبداع الأردنيّ من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسيّة وأن تستمر وزارة الثقافة بدعم مثل هذه المشاريع. إن وزارة الثقافة الفرنسية تدعم كل ما يترجم من نصوص فرنسية لأي لغة كانت.
* ما مشروعك القادم في الترجمة؟
الآن أنا في صدد ترجمة أعمال لأديبات أردنيات إلى الفرنسيّة في مشروع باسم" نساء أردنيات".وهناك توجّه إلى أن يصدر العمل تحت مظلة وزارة الثقافة الأردنيّة. ومشروع ثالث لعمل إنطولوجيا للكتّاب الأردنيين.
* ولماذا هذا المشروع بالتحديد؟
لأنّني أريد أن أقدّم بهذا العمل المبدعة الأردنية الجديرة بكلّ تقدير،والتي تهدم تلك الصّورة المغلوطة عن المرأة العربية التي يعتقد الآخر أنّها أسيرة ومطحونة ولا رأي أو قيمة أو قرار لها.وأنا بهذه الترجمة أريد أن أقول لكلّ العالم إنّ المرأة العربية لاسيما الأردنية مبدعة وذات قرار،ولها صوتها المؤثّر في مجتمعها.
* وما سبب اتجاهك إلى الترجمة إلى اللغة الفرنسيّة؟
لأنّ القارئ الفرنسي صاحب ذوق راقٍ،ويبحث عن الجمال،وليس عنصريّاً،وعنده فضول كبير تجاه التعرّف على آداب الأمم وإبداعاتهم.القارئ الفرنسي يعيش من أجل أن يقرأ،وقد عاينت هذه التجربة عن قرب عندما كنتُ أعمل في بيع الكتب في فرنسا لمدة 13 سنة،واكتشفت كم هو القارئ الفرنسي معني بالإبداع والثقافة.ولهذا كنتُ مصمّماً على تقديم المبدع الأردني إلى المشهد الثقافي الفرنسيّ.
* لماذا كان اختيارك لترجمة هذه الرواية بالتحديد من أعمال تيسير السبول؟
هذا العمل هو العمل الأصعب أسلوبياً والأنضج فنيّاً،والأشد أثراً في أعمال تيسير سبول. في هذا النص، استطاع سبول أن يجدد في الرواية ليس الأردنية فقط بل العربية أيضاً وذلك من ناحية الشكل والمضمون. فهو نص يخلو من اللغو والثرثرة ويذهب بالقارئ بعبارات بسيطة وجمل قصيرة وكلمات نتداولها يومياً للمعنى دون أن يستخدم الزخرف. ومن جهة أخرى يتناول سبول في هذا النص وبشكل جريء لمواضيع كثيرة من المشهد العربي لاسيما السياسيّ. والأهم من هذا وذاك أن في هذه الرواية طعم ونكهة أردنية. وقد انتهيت من ترجمة"صياح الدّيك" و"هنديّ أحمر" كذلك ترجمة قصيدته التي كانت في جيبه ليلة انتحاره؛وقد أعجبني فيها ذلك المقدار العجيب من العبثية.
* ما أهم التحديات التي واجهتك في هذه الترجمة؟
هذه الرواية مثقلة بالرموز الحضارية والاجتماعيّة والبيئيّة والفكرية والزمنية والسياسيّة بل واللغوية عبر اللهجات والسياقات اللغوية والتركيبيّة بل والنكات والحكم والمقولات فضلاً عن الأمثال والاستشهادات القرآنية،ولذلك كان لزاماً عليّ أن أراعي الفروق الحضاريّة في الترجمة إلى جانب توضيح الكثير من الأمور للقارئ الفرنسي الخالي الذهن منها بشكل كامل.
* ما أهمّ ما يميّز هذه الرواية؟
هذه الرواية تقدّما نقداً صريحاً للتاريخ العربي المعاصر وهي استنكار واضح للخيانات القومية والوطنية التي وسمت هذا التاريخ للأسف الشديد.
* برأيك الخاص .ماذا سيجد القارئ الفرنسيّ في هذه الرواية؟
أريد من هذه الرواية أن تفتح أبواب الأردن الثقافية وتكون شاهداً على ما نتمتع به من حرية فكرية وسيجد قلماً جريئاً،ورواية رائعة تدين تساقط رموز المشهد العربي،وتندّد بالهزيمة والخيانة بكلّ أشكالها.
* بعد هذه الصحبة الطويلة لك لتيسير السبول عبر الاطلاع على كلّ أعماله،ودراستها،وترجمة بعضها, بماذا تفسّر انتحاره؟
لابدّ أنّه انتحر احتجاجاً على الواقع العربي بما فيه من هزائم وخيانات وانكسارات ولم يستطع تحقيق حلمة في حمل وشم دولة عظيمة متحدة.
* هل هناك تقصير من المسؤولين الثقافيين الأردنيين في تقديم الأدب الأردني للمشهد العالمي؟
بكلّ تأكيد.فالكثير من هذه الجهات لاتقوم بدورها المأمول،وتهدر الوقت والأموال على ما لاينفع. نحن الآن بحاجة لتطبيق ما جاء في رسالة عمان ليصبح الأردن البد المثال على جميع المستويات.
*ماذا تشكّل لك ترجمة"أنت منذ اليوم" إلى الفرنسيّة؟
هذه الترجمة هي طفلي الثاني إلى جانب طفلي الأوّل الذي رزقت به إبّان صدور هذه الرواية،لأكون بذلك أباً لابنين دفعة واحدة.
* وماذا عن الترجمة من الفرنسيّة إلى العربية؟
لقد قمت بترجمة الكثير من الأعمال الشعريّة والمسرحيّة من الفرنسيّة إلى العربية، وبعض تلك المسرحيات مُثلت على خشبة مسرح الحسين، والمسرح الثقافي الفرنسي ومسرح أسامه المشيني ولاقت الكثير من النّجاح،مثل مسرحية" الكراسي" و مسرحية" مصابة بالوضوح" لسوسن دروزة ومسرحية مدرسة الشيطان للكاتب الفرنسي إيمانويل شميت التي ظهرت في جريدة الرأي والتي قمت بإخراجها ومسرحية خطيبة الماء للطاهر بن جلون التي ترجمتها وقمت بدور الشيخ فيها ومسرحية عقد هليين للكاتبة الكندية كارول فريشيت والتي ظهرت باللغة العربية في مجلة البيان وغيرها من النصوص.كذلك قمت بترجمة الكثير من الأشعار الفرنسية إلى العربية أمثال آراغون وجاك بريفير وبول أيلوار ونيروداو ظهرت في مجلة أقلام جديدة ومجلة البيان وأفكار.
* هل ترى أنّ الترجمة هي الطريق للتواصل البشري في الوقت الحاضر؟
بكلّ تأكيد،ولابدّ للشعوب التي تريد أن تتواصل مع البشرية،وأن تساهم في بناء المعمار الإنسانيّ أن تلجأ إلى ترجمة ثقافتها وإبداعها وفنونها إلى اللغات الأخرى كي تتيح لأعرض قطاع من البشريّة أن يطلع على مفردات حضارتها.
* من ناحية أخرى هل ترى أنّ الأدب قد يكون طريق للسلام بين البشر؟
لست متفائلاً في هذا الشأن؛فالواقع أشدّ بشاعة من هذه الأحلام الورديّة،ولكن يبقى الأدب هو أداة من أدوات الحقيقة والجمال في مشهد إنسانيّ يعجّ بالقبح.
* ماهي حكمتك التي قادتك إلى النّجاح في الحياة؟
هناك حكمتان قادتاني إلى النجاح :الأولى مقولة أفلاطون" إذا أردت أن تخلّد اكتب شيئاً يُقرأ،أو اعمل شيئاً يُكتب عنه".والحكمة الثانية ماقالته والدة البطل اليوناني الشهير" أخيل" لابنها عندما استشارها في حرب طروادة،فقالت له: يمكن أن تبقى هنا وتتزوج من أجمل النساء،وتنجب بنين وبنات وينجبون بدورهم بنين وبنات وسوف يحبونك كثيراً وعندما ستموت سوف يذكرونك ولكن عندما سيموتون بدورهم ينتهي ذكرك بمجرد موتم، أما إذا ذهبت إلى طروادة ستعرف المجد وسيكتبون قصصاً عن بطولاتك ولن ينسى العالم أسمك أبداً وستظلّ من الخالدين أبد الدّهر.عندها اختار "أخيل" أن يذهب إلى المعركة ليكون من الخالدين بالرغم من أنه يعلم بأن لا عودة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق