الصفحات

2011/11/09

مثقفون مصريون : مصر لن تكون إيران أخرى

مثقفون مصريون : مصر لن تكون إيران أخرى
 
قد يمنع التزوير في الانتخابات المصرية، لكن لا أحد يستطيع منع تأثير العصبيات والقبلية والتلاعب بالشعارات الدينية في التأثير على إرادة الناخبين.
 
ميدل ايست أونلاين

القاهرة - من محمد الحمامصي

هل يمكن بناء الدولة بالدين؟
كانت إيران وثورتها حلما وأملا ونموذجا لكثير من قادة الجماعات الإسلامية في مصر خلال العقود الثلاثة من القرن العشرين وربما لا تزال، خاصة بعد انقلابها على النموذج التركي واستبعاده النموذج الباكستاني، وإذا كانت المؤشرات الأولية للاستعداد للانتخابات البرلمانية المصرية التي ينتظر إجراؤها 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، تكشف عن اقتراب وصول الإسلاميين لحكم مصر، فجماعات كالإخوان المسلمين والسلفيين والجماعة الإسلامية تمتد تحالفاتها إلى خارج الإطار الذي يجمعهم إلى أحزاب وأفراد مستقلين، وتستخدم الشعارات الدينية وتملك نفوذا ماليا مغريا فضلا عن العنف الذي تمرست عليه لسنوات طويلة طويلة، الأمر الذي يحسم الانتخابات لصالحهم وصالح حلفائهم وسط ضعف وتردي حضور الأحزاب الأخرى القديم منها والجديد، لذا فالسؤال الذي يفرض نفسه ماذا هم فاعلون في حال تشكيلهم الحكومة وصياغة الدستور والمجئ برئيس إن لم يكن منهم فعلى الأقل ليس مختلفا معهم، هل يمكن أن يتبنوا النموذج الإيراني؟ هل تتحول مصر إلى إيران أخرى؟، قد يرى البعض استحالة ذلك ويطرح نماذج آخر بخلاف النموذج الإيراني كالباكستاني والسعودي، لكن يظل النموذج الإيراني هو الأقرب لأسباب كثيرة منها أن لإيران حلفاء بين قيادات هذه الجماعات، وأن التغلغل الإيراني في مصر استطاع خلال العامين السابقين أن يكسب أرضية قوية في ظل تصاعد عدد المنتسبين للفكر الشيعي للمليون ونصف المليون بعد اختراق الجماعات الصوفية بدءا من علاء ماضي أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية المعروف بقربه منها، هذا فضلا عن استعداد النظام الإيراني الدائم لإعلان دعمه ومساندته للقوى الإسلامية.
على أية حال طرحنا السؤال على عدد من المثقفين: هل تتحول مصر لإيران أخرى بعد وصول الإسلاميين لحكمها؟
أقرب إلى النموذج الباكستاني




اشرف الصباغ

المحلل السياسي والأديب أشرف الصباغ أكد أن مصر لن تتحول إلى إيران في أي حال من الأحوال، وقال "لأن النموذج الإيراني غير قابل للتكرار بنتيجة عوامل تاريخية خاصة بالداخل الإيراني وبوضع إيران الدولي. نموذج إيران شبيه بالنموذجين السعودي والإسرائيلي غير القابلين للتكرار أيضا. ولكن النموذجين القابلين للتكرار هما النموذجان الباكستاني والتركي. ومصر أقرب إلى النموذج الباكستاني بعد انهيار ليبيا وإمكانية تحولها إلى أفغانستان أو عراق جديدين إضافة إلى الوضع الملتبس في السودان ووجود خلايا حزب التحرير الإسلامي التي تعمل بشكل رسمي تحت رعاية الحكومة السودانية.
إن مصر خلال السنوات الثلاثين المنصرمة فقدت الكثير من مقومات التقدم على عكس كل من إيران وتركيا اللتين قامتا بجهود كبيرة للحاق بركب العالم المتقدم تكنولوجيا وعلميا واجتماعيا. وبالتالي قد يكون النموذج الباكستاني هو الأقرب".
ورأى الصباغ أن الدور المصري محاط بالغموض وبمشاكل الماضي والحاضر في ظل ما يجري داخل مصر نفسها من جهة، وحصارها بالأحداث الليبية وبما قد يستجد في ليبيا من جهة أخرى. هذا إضافة إلى دفع مصر إلى مواجهات إن لم تزد من ضعفها فقد تدفعها إلى أحضان قوى إقليمية تطمح لأدوار بديلة لدور مصر، وتعيد القاهرة من جديد إلى نفس دورها في فترة حكم مبارك. هكذا تحاول واشنطن الاستفادة من التغيرات في المنطقة عن طريق ترميم الباب العالي (تركيا) القديم وتجديده.
ماذا لدى مصر من عناصر القوة الكامنة: الاقتصاد والتاريخ والجغرافيا والتكنولوجيا والسياسة والقوة العسكرية الحقيقية؟ ماذا لدى مصر من عناصر القوة الفعالة أو المؤثرة: الإرادة السياسية والعقلية الإستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي طويل المدى؟ إن حاصل ضرب مجموعتي العناصر هذه ببعضها البعض هو القوة التي تمنح الدولة دورها الإقليمي الذي يضعها على طريق دور دولي يحقق مصالحها القومية والوطنية.
وأضاف أن موضوع الانتخابات البرلمانية في مصر مثير للتساؤلات من حيث إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها من عدمه. ومثير أيضا في حال تمت مقاطعة هذه الانتخابات وترك تيار الإسلام السياسي مع بقايا الحزب الوطني تحت رعاية المجلس العسكري يخوضان هذه الانتخابات. ولا يمكن أن نتجاهل الدعوات الموجهة لمقاطعة الانتخابات باعتبارها خطوة تمثل وضع العربة أمام الحصان.
وشدد الصباغ أن الانتخابات قد تجري بالفعل، ولكنها لن تأتي بالإخوان المسلمين على غرار ما جرى في تونس وبنفس الزخم، لأن بقايا الحزب الوطني سيشكلون القوة الوحيدة التي ستنافس الإخوان وبمباركة من المجلس العسكري (والغرب، وبالذات الولايات المتحدة) الذي لا يريد لأي من القوتين الانفراد بالساحة السياسية، ولكنه في الوقت نفسه يعول على وجودهما، سواء في البرلمان أو في السلطة.
هذان التياران تحديدا سيساعدان المجلس العسكري على البقاء في السلطة بأشكال مختلفة وبإحكام قبضته على مفاصل معينة في الدولة. وسيكونان ركيزة النظام العسكري في مواجهة قوى اليسار أو الليبراليين، وصمام الأمان لإزاحة البرادعي وقطع الطريق عليه أو على أي قوى تابعة له للوصول إلى السلطة.
وقال "في كل الأحوال لن تنزلق مصر إلى النموذج الإيراني لأسباب خاصة بتركيبة الدولة المصرية تاريخيا، وبتركيبة المجتمع المصري. ولن تسمح
القوى الدولية ولا الإقليمية بذلك. ولكن قد يرى الغرب والولايات المتحدة أن تحول مصر إلى باكستان أمر مفيد للحفاظ على مصالحهما. بينما تفضل قوى إقليمية هذا النموذج للتخلص من النفوذ المصري والقفز على مصر سياسيا واقتصاديا وعسكريا".
مماينة ونفاق




حمدي أبو جليل

الروائي حمدي أبو جليل يتمنى وصول الإسلاميين للحكم، وقال "لن نتخلص منهم ومن تخلفهم واستبدادهم إلا لو وصلوا للحكم، لن يعرفهم الناس ـ للأسف ـ إلا إذا جربوهم ، وما يطمئن أن مصر ليست إيران وليست السعودية، مصر قلب العالم بدون أي مبالغات، وما تملكه تشاركها فيه الإنسانية عموما، وما يطمئن أكثر فشلهم ـ الإسلاميين ـ أينما نظرت حولك في السودان وفي أفغانستان وفي حماس، ثم إن النظام الذي أزاحته الثورة لم يكن ضدهم، بالعكس هو على مستوى الجوهر إسلامي منذ مؤسسه جمال عبد الناصر الذي كان عضوا في الإخوان المسلمين!.
ومن هنا أنا سعيد بظهورهم المكثف في وسائل الإعلام، وأتمنى أن يظهروا أكثر وأكثر، فأبلغ وسيلة لكشفهم هي كلامهم نفسه".
ورأى أبو جليل أن ما حمله برنامجهم من تبني الدولة المدنية "يعتبر من نفاقهم، الفكرة الأساسية بل المقدسة لديهم ضد الدولة المدنية القائمة على التنوع والتعدد وقبول الآخر، السلفي مثلا، السلف الحقيقي يعتبر أي نظام مدني دنس لا يجب الاقتراب منه فما بالك بالمشاركة فيه؟".
ويؤكد أن مصر لن تكون إيرانا "مصر تشل العالم بأسره لو تحولت إلى إيران وما تراه من "مماينة" من الإسلاميين الآن يرجع لأن مصر ليست إيران، وصدقني لن يأتوا بجديد، النظام السابق كان في جوهره إسلامي، ارجع إلى إعلامه مثلا. الأدق لن يمكنهم القيام بأي جديد والشعب الذي أزاح وجههم الآخر ـ مبارك وأعوانه ـ قادر على إزاحتهم ولن يزيحهم للآسف إلا لو اصطلى بنارهم".
مآل الثورة لم يتقرر بعد




فريد أبو سعده

ورأى الشاعر فريد أبو سعده أن أسوأ ما حدث أن الثورة الفريدة لم تصنع لها رأسا، لقد أطاحت برأس النظام ولم تصل إلى السلطة، وظلت السلطة القائمة ـالمجلس العسكري ـ تابعة للنظام القديم وسياساتها هي الترميم لا التغيير، وأضاف "لقد صرنا بين سطوتين: سطوة المجلس العسكري الذي يمارس وصايته على الثورة بعد أن تقدم كحارس لها، وسطوة يمارسها الإخوان والسلفيون باسم الدين، والجميع متوجسون من الجميع، والسؤال هو أي النماذج في المنطقة ستعيد القوى المهيمنة استنساخها : الأفغاني، الإيراني، أم الباكستاني أم التركي ؟ وقد أظهرت مسودة "السلمي" بموادها 9 و10- على وجه الخصوص- ميل المجلس للنموذج التركي، حتى أن البعض رأى في الوثيقة مشروع انقلاب عسكري !إن الاعتراضات العنيفة من كل القوى لا ترشح نموذجا كالنموذج الإيراني، وبالأحرى لا يمكن الكلام عن ولاية الفقيه، أو نموذج طالبان".
وقال أبو سعده "مصر دولة مدنية وما نراه من في المشهد السياسي من تقلصات السلفيين، أو الانتهازية السياسية من الإخوان، أو حتى عدم تحالف الليبراليين في مواجهة الأزمة. كل هذا يؤكد أن مآل الثورة لم يتقرر بعد، وأن المصريين مقدمون على تجربة – ربما مؤلمة - لكنهم سيتعلمون خلالها معنى الديموقراطية. وسيدرك المتأسلمون قبل المصريين أن المسألة ليست نقصا في التدين يمكن جبره (على طريقة الإسلام هو الحل) فتصبح مصر دولة عظمى، المتأسلمون بكل تياراتهم تكفيهم دورة أو دورتين ليخذلوا الأمة، الأمة التي نشأ فيها الضمير - على رأى بريستيد - قبل آلاف السنين. الأمة البرغماتية التي تعتقد في (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا. واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) وتنطق أمثالها هذه نقرة وهذه نقرة".
حائط صد أمام النموذج الإيراني




أحمد طوسون

ورأى القاص والروائي أحمد طوسون أنه لم يتم تمهيد التربة لإجراء انتخابات حرة تكشف عن إرادة حقيقية للمواطن المصري في اختيار ممثليه.
وقال "قد نمنع التزوير المادي الذي شكل ظاهرة في تاريخ الانتخابات المصرية، لكننا لن نستطيع أن نمنع تأثير العصبيات والقبلية ورأس المال والتلاعب بالشعارات الدينية في التأثير على إرادة الناخبين!، قد نضمن النزاهة لكننا لم نكفل نظاما انتخابيا ميسرا يساعد على عدم إهدار أصوات الناخبين ويساعد على سلاسة أداء العملية الانتخابية، كما أننا نفتقد البدائل في كثير من الدوائر بعيدا عن العواصم الكبرى.. فقد يختار الناخب مرشحا لأنه لم يجد بديلا أفضل وهو قصور يشوب اختيار الناخبين لمرشحيهم ويؤثر فيها".
ولفت إلى أن كثيرا من أوجه القصور قد نرصدها في الانتخابات القادمة "لكن لست مع المراهنين على اكتساح تيارات الإسلام السياسي لنتائج الانتخابات برغم أن تقسيم الدوائر بدا وكأنه صنع خصيصا ليكتسح الإسلاميون المشهد".
وأضاف "الشخصية المصرية الوسطية تقف حائط صد أمام تكرار النموذج الإيراني في مصر.. المواطن المصري متدين بالفطرة وأفقه في دينه من كثير ممن يدعون احتكارهم لفهم الإسلام وحصره في الإسلام الوهابي.
ورهاني الشخصي على وعي المواطن البسيط الذي أعرفه، ويعرف أن مصر كانت وستبقى الدولة العربية والإسلامية الأهم في المنطقة وأن الدين الإسلامي لا يعرف ما يسمى بالدولة الدينية وأن دولة القانون لا تتعارض مع الإسلام ومبادئه السمحة".
وافترض طوسون السيناريو الأسوأ والذي تميل إليه غالبية المراقبين وهو استحواذ الأخوان مع التيارات الدينية الأخرى على الغالبية في البرلمان القادم وتشكيل الحكومة، ورأى "أنه لا مشكلة عند كثيرين حتى وإن آتى الإخوان أو غيرهم بانتخابات نزيهة إلى الحكم، الإشكالية في أن يعتقد من سيشكل غالبية البرلمان القادم أنه سيشكل غالبية اللجنة التي ستضع دستور مصر الجديد.. الغالبية مهمتها أن تُشرع وتضع القوانين وفق الدستور الذي لابد أن يتوافق عليه كافة أطياف المجتمع وفئاته.. الدساتير تضع مبادئ إنسانية أساسية مشتركة لحماية حقوق من لم يحصلوا على الأغلبية وحقوق الإنسان وقواعد المساواة والعدالة والمواطنة والأقليات، ويجب عند وضع الدستور الجديد مراعاة التنوع الثقافي المصري الثري ومشاركة كافة القوى الوطنية بتنوعاتها على قدم المساواة، فلا يعقل أن تشرع الأغلبية لنفسها وتضع الدستور الذي سيمنع تغولها على من لم يرتقِّ سلم الحكم".
وأوضح "أشد ما أخشى منه أن يعتقد أحد بإمكانية الاستئثار بالمشهد وإقصاء الآخرين تحت دعاوى نتائج صندوق الانتخاب.. ساعتها لن تكون المخاوف قاصرة على التحول إلى النموذج الإيراني، إنما التخوف الأكبر أن تقودنا الانتهازية السياسية إلى صراع داخلي لا ينتهي بين قوى المجتمع المختلفة".
فارق كبير بين الثورتين




محمد خليل

ولفت الأديب محمد خليل أن توقعات مقاعد الإسلاميين في البرلمان القادم لا يستطيع أحد أن يتنبأ أو يتكهن بها حتى الإسلاميين أنفسهم لأسباب منها "أولا: تجربة برلمان الـ 88 مقعدا عام 2005 والتي كان الشعب وراءها بمنتهى القوة، وينتظر منها حدوث تغييرات لصالح الفقراء والمعدمين بعد المساندة الجبارة للوصول إلى هذا الرقم، ولكن للأسف لم يستطع الإخوان أن يحدثوا التغيير المنشود ويحققوا بعض أمنيات الشعب حتى ولو بموقف سياسي كبير كترك البرلمان مثلا احتجاجا على تصرفات النظام وقوانينه وألاعيبه، لكن لم يحدث شيئا من ذلك، ولذلك لم يقف الناس موقفا جادا مع الإخوان في الانتخابات المزورة في الدورة التي تلت ذلك مع وقائع الغش والتدليس والتزوير الذي قام به النظام بغباء سياسي في اتجاه التوريث وتحقيق مصالح رجال الأعمال وغيرهم من المنافقين والكذابين وغيرهم من الطفيليين الذين كانوا يشكلون (المخزون) الرئيسي للبرلمانيين والمجالس المحلية للنظام عند الحاجة".
ثانيا لأن الإسلاميين مختلفين فيما بينهم وكل منهم يعتبر توجهاته الأكثر صدقا وملائمة وخارطة طريق للنجاح "وهذا هو الظاهر"، لكن ربما يكون هذا الاختلاف يصب في غير مصالح التيار الإسلامي، وبالتالي لن يحققوا أكثر من 20% من مجموع مقاعد البرلمان، باعتبار أن باقي الأحزاب والتكتلات والائتلافات والفردي الجديد وفلول الوطني المدعومة بالقبليات ليست داخلة لتزجية الوقت، والجميع يسعون للحصول على نصيبهم من غنائم الثورة. أيضا قد تكون الجماعات الإسلامية من الدهاء السياسي بحيث يلعبون لعبة الشقاق والتناحر بغية تحقيق أكبر عدد من أعضاء البرلمان الذي يمكنهم من تشكيل الحكومة لإقامة الدولة الدينية التي لو حدثت فلن تسكت عنها باقي القوى والتي في هذه الحالة لن ترضى الجميع ولن تحقق طموحات الشعب، وبالتالي ستعيدنا إلى بدايات ثورة جديدة لا أحد يتكهن بما يمكن أن تصل إليه نتائجها.
أما عن تشكيل الحكومة في حالة الفوز بالأغلبية، فلا أعتقد أنهم سيتفقون على قيام الدولة الدينية التي من المفترض أنهم يعرفون جيدا أن عمرها سيكون قصيرا جدا وضد التطور الطبيعي وسنة الله التي أودعها في خلقه لتطور هذا الكون كما قلنا عند الحديث عن الدولة الإيرانية، وسوف تظهر خلافات كبيرة بين الإسلاميين وبعضهم البعض وستتفق باقي الأحزاب لتكوين تكتلات داخل البرلمان تواجه بها الإسلاميين لعدم التمكين من التوجه نحو قيام دولة دينية.
ثالثا نسبة الوعي وثقافة التنوير الآن أصبحت عالية جدا حتى بين غير المتعلمين أو الأميين بالحس الفطري المصري، وبذلك ستجد جميع الناس يفكرون ألف مرة قبل أن يقرروا من يفوز بأصواتهم حتى لو قبضوا ثمن هذا الصوت.
وأكد محمد خليل أن الثورة المصرية ليست الثورة الإيرانية، وطبيعة الشخصية المصرية تختلف اختلافا جوهريا عن طبيعة الشخصية الإيرانية، "هناك فرق كبير بين الثقافتين وبخاصة الثقافة الدينية التي هي أساس للثقافات الأخرى، فالثورة الإيرانية التي أطاحت بالنظام الملكي للشاه محمد رضا بهلوي عام 1979 وجاءت بالمعارض المنفى الإمام آية الله الخميني تختلف تماما عن ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 التي قام بها شباب مصر "المعجونين" بمصريتهم والذين فاض بهم الكيل، فأشعلوا فتيلها ثم احتضنها المخلصون من جميع أبناء الشعب وأججوها وحماها جيش مصر، إذن دوافع الثورة الإيرانية كما هو معروف قيام الدولة الدينية التي قادها الخميني وملاليه والقائمة حتى الآن، والتي تنتظر انفجار شعبي يرفض الخنوع للجمود والخوف الذي يعيش فيه، حيث يعانى الشعب الإيراني من "كتمة نفس" حادة وبحاجة إلى التنفيس، وهذه خيبة القادة والزعماء والرؤساء والملوك الذين يتصورون أنهم بعد التمكن من السلطة قد قبضوا على كل عقول الناس، وهيمنوا على مقدراتهم، وهى في حقيقة الأمر أول المقدمات التي تجعل الانفجار الثوري ضرورة إنسانية طبيعية.
ويراهن محمد خليل على أن مصر لن تتحول إلى دولة دينية بمفاهيم جامدة لا تتوافق مع سنة الله في كونه من حيث التطور الطبيعي كما حدث في الدولة الإيرانية ولن تستطيع أي جماعة إسلامية مهما عظم شأنها أن تحقق هذه الدولة بمفاهيم تختلف عن صلب وجوهر الشريعة الإسلامية الوسطية.
ولا عزاء للمثقفين
وقال المترجم والشاعر عبد الوهاب الشيخ "في الجمعة قبل الماضية صرح أنصار صلاح أبو إسماعيل في الميدان أنهم قد استغرقوا 6 ساعات لإقناعه بالترشح لرئاسة الجمهورية، وتلك مدة قياسية لصناعة زعامة، كما أكدوا على استخدامهم للديمقراطية لأنها الخيار المتاح وأن قناعتهم الفكرية لا ترضى بالبيعة بديلا ودعوا الحاضرين لبيعة أبو إسماعيل في الميدان".
وأضاف "هذا ما سيحدث بالفعل بصفتي صعيديا يرى الأمور بعيدا عن الفضائيات والأحاديث المتلفزة يبدو أن التيار الإسلامي سيحصل على الحصة الأكبر من الأصوات لا باعتبار أعدادهم الكبيرة بل باعتبار استنادهم إلى قاعدة عريضة من الشعب الذي يؤثر فيه الخطاب الديني بالدرجة الأولى. وقد ساهم ابتعاد الحركات الثورية والشباب الثائر عن الصعيد والأطراف واكتفاؤهم بالحديث في القاعات المكيفة في إخلاء الساحة أمام التيارات الدينية رغم ارتفاع أسهم الشباب على الأقل خلال الشهور القليلة التي أعقبت الثورة . نعم سيصل التيار الديني للسلطة كما حدث في إيران وكما حدث هناك سيسارع بإعلان رفضه للديموقراطية واكتسابه الشرعية من النصوص الدينية فحسب والتي ستكفل له تأييد شرائح عديدة من الشعب المصري، ولا عزاء للمثقفين!

هناك تعليقان (2):

  1. تحية طيبة
    أعتقد أن الشعب المصري العظيم هو الوحيد سيد قراره، أعجبتني كلمة في التحقيق ومفادها الثقة بالذكاء السياسي الفطري للمواطن المصري، ارض الواقع تشهد بمن ينزل إلي الحلبة ويقدم الفاعليات والخدمات والتوعية للمواطنين، والمصريون اذكياء بحيث يقوموا بالفرز الصحيح، ثم انه في النهاية يتحمل بالكامل نتائج اختيارته، بحيث يقوم بالتجريب لأي مرشحين أو حزب يعرض عليه (بعيدا عن استخدام عبارات غير محايدة بالنسبة لأي تيار كما في التحقيق!)، ثم يصحح اختياراته، ولا يوجد آلية بديلة سوي الصراع والتراشق الإعلامي، وحروب تكسير العظام بالتخوين والتشكيك في النوايا، سادتي الكرام لا يوجد سوي آلية وحيدة للفصل والفرز بين الآراء والاتجاهات والأحزاب وهو الصندوق الإنتخابي كما في جميع الديمقراطيات المتقدمة، فارادة الناخب هي الفيصل وهو وحده يتحمل تبعة اختيارة لأنه الجهة الوحيدة التي تكسب الشرعية وعفوا ليست جبهة أخرى تقوم بذلك.
    أما بخصوص وضع الدستور فالشعب وحده أيضا هو صانعه، ثم إن البرلمان سينتخب من يقوم بوضع الدستور (طبقا لما قرره الشعب أيضا في 19 مارس باغلبية 14.5 مليون مصري ليس شرطا أن التيار الإسلامي قادهم جميعا من أقرانهم للتصويت بنعم، بل إن ما لا يقل عن 12 مليون ويزيد مصري قرروا بذكائهم أن تقليص الفترة السائلة للدولة بعد الثورة هو أفضل الحلول فاختاروا الحل الأفضل لحالة المجتمع وإن لم يكن الحل الأمثل مطلقا) ثم إن الدستور منتج هذه اللجنة الفنية يعرض علي الشعب مرة اخري في الإستفتاء الشعبي، وهذه الآلية أفضل من قيام سلطة الفترة الإنتقالية بتعيين اللجنة الفنية، كما تحاول وثيقة السلمي تمرير الموضوع.
    وما زلت أؤكد أنه لا وصاية علي الشعب المصري الكريم، وانه الوحيد صاحب الحق في صنع مصيره. ولننظر ماذا سيفعل هذا الشعب !
    خالد جوده

    ردحذف