الصفحات

2012/01/21

مثقفو مصر: ثورة 25 يناير وحريق المجمع العلمي أهم أحداث عام 2011

مثقفو مصر: ثورة 25 يناير وحريق المجمع العلمي أهم أحداث عام 2011
القاهرة - إيهاب مسعد
أكد عدد من مثقفي مصر أن عام 2011 بدأ بحدث عظيم هو ثورة 25 يناير، وانتهي بكارثة هي حريق المجمع العلمي، وبينهما حدثت أحداث مهمة، منها خروج المثقف من عزلة القراءة والكتابة ليشارك في صناعة ثورة 25 يناير، كذلك انتهاء أسطورة فاروق حسنى وعزله من منصب وزير الثقافة بعد أن ظل قابعا في ذلك المنصب أكثر من عشرين عاما، وتعاقب أربعة وزراء في ذلك المنصب حتى الآن، كذلك رحيل عدد من المبدعين الكبار أمثال: خيري شلبي وأنيس منصور وأحمد بهجت والناقد عبدالرحمن عوف وظهور الائتلافات الثقافية المستقلة.
من جانبه، يؤكد الروائي خليل الجيزاوي أن أهم الأحداث الثقافية لعام 2011 هي خروج المثقف من عزلة القراءة والكتابة ونزوله إلى الشارع ليصبح جزءا من الشعب المصري حتى يشارك في صناعة ثورة 25 يناير وتجسيده لحالة إبداعية مصرية خالصة في ميدان التحرير وجميع ميادين مصر في الفترة من 25 يناير حتى 11 فبراير 2011.
ويتابع الجيزاوي قائلا: إنه رافق اعتصام ملايين الشباب بميدان التحرير على مدار خمسة عشر يوما بداية من يوم 28 يناير حتى مساء 11 فبراير 2011 وراقب تطور الموقف السياسي وتصعيد الضغط وتقديم التضحيات اللازمة بلا تردد، رغم أن الثورة لا تزال في الميدان تصارع من أجل تحقيق أهدافها وتحقيق الانتصار الكبير على الثورة المضادة، وهو ما ظل ينادي به طوال عشر سنوات على الورق وكتبه بالفعل في روايته «مواقيت الصمت» التي بدأ في كتابتها في مارس 2005 وتم نشرها بالدار العربية للعلوم في بيروت عام 2008 وأنهى روايته بجملة «لقد طالت مواقيت الصمت.. فمتى.. متى تحين مواقيت الكلام؟!».
وأفضل ما جاء في 2011 هو احتفال الشعب العربي بمئوية نجيب محفوظ في 11 ديسمبر2011 عبقري الرواية الذي وضع الرواية العربية على خريطة الرواية العالمية.
ويقول الكاتب الإعلامي محمد جراح: تقريبا خلا عام 2011 من الأحداث الثقافية الكبيرة والمؤثرة لكنه رغم ذلك هناك مجموعة من الأحداث الثقافية، منها حرق المجمع العلمي المصري! كذلك قبول جابر عصفور منصب وزير الثقافة ليكتسب لقب الوزير الذي كان يشتاقه، وهو حدث يعد بمثابة خطيئة كبرى، أيضا سرقة المتحف المصري في بدايات الثورة، وتعيين زاهي حواس وزيرا للآثار ثم إلغاء الوزارة ثم عودتها مرة أخرى وزاهي من جديد على رأسها، ثم إلغاؤها من جديد وانتهاء أسطورة زاهي حواس، وأخيرا انتخابات اتحاد الكتاب حيث مجلس جديد بوجوه قديمة يقود الاتحاد في عصر الثورة.
ويرى الروائي والمدون أحمد طوسون أن الثورة المصرية كانت الحدث الأكبر والأهم ثقافيا ليس في العام المنصرم فحسب، بل في الثلاثين عاما الأخيرة باعتبار الثورة فعلا ثقافيا بالأساس، أما على صعيد الأنشطة والفعاليات فسنجد أن أهمها ارتبط أيضا بمبادرات أهلية بعيدا عن المؤسسات وبالحراك الثوري في الشوارع والميادين، ولعل أبرزها «احتفالية الفن ميدان» التي نظمها مجموعة من الأدباء والمثقفين المستقلين بميادين ومحافظات مصر.
ويضيف أن وزارة الثقافة المصرية شهدت حالة من العمل الروتيني وتسيير الأعمال، نظرا لتغيير أكثر من وزير وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وما زالت المؤسسات الثقافية تمارس ذات النهج القديم في عملها النمطي الذي يفتقد إلى الخيال والإبداع ليتواكب مع الحراك الذي يعيشه الشارع، بل تمارس القيادات رغم تبدل مواقعها وظائفها واختياراتها الاعتماد على مبدأ أهل الثقة وليس أصحاب الكفاءات وكأن شيئا لم يحدث قبل الثورة أو بعدها.
أما خسائر الثقافة المصرية في عام 2011 أيضا فمتعددة، بداية من حالة النهب التي تعرضت لها الآثار المصرية في مراحل الانفلات الأمني وانتهاءً بحريق المجمع العلمي. كما شهد العام رحيل عدد من المبدعين والكتاب، يأتي على رأسهم الحكّاء والمثقف الكبير خيري شلبي.
ويختم طوسون فيقول: إن عام 2011 رحل ثقافيا دون أن يترك أثرا إيجابيا واضحا وربما ساعد الحراك الثوري الذي نعيشه في كشف وتعرية المؤسسة الثقافية وانحسار أثرها على النخبة دون تأثير حقيقي في جموع الجماهير، كما تبين لنا من نتائج الانتخابات التشريعية في مرحلتيها الأولى والثانية، ودعنا نأمل أن يكون عام 2012 بداية لتصحيح مسار الثقافة المصرية.
أما الشاعرة دينا عاصم فتقول: إن الثقافة المصرية حصدت في عام 2011 عددا لا بأس به من الأعمال الأدبية بعضها كان مرفوضا خروجه للنور ثم جاءت الثورة وحررته وبعضها جاء متنبئا بالثورة أو واصفا لها ومتحدثا باسم أبطالها وللأسف تمت مصادرة بعض الكتب الروائية بزعم احتوائها على ألفاظ خادشة مثل رواية السينمائي رأفت الميهي «هورجادا».
ولكن من أهم الكتب التي صدرت رواية «أجنحة الفراشة» للكاتب محمد سلماوي الذي يتنبأ فيها بالحراك السياسي الذي أدى إلى اشتعال الثورة. كما صدر كتاب «لماذا لا يثور المصريون؟» الذي يحتوي مقالات مهمة تشرح وتحلل سبب عزوف المصريين قبل يناير عن الخروج من صمتهم، وبه مقالات لكتاب كبار مثل سكينة فؤاد وإبراهيم عيسى وأسامة الغزالي حرب، وهم من الأسماء التي مهدت لتحرير العقول وكشف الفساد ولاقت على يد المخلوع اضطهادا وملاحقة.
وجاء كتاب البرادعي «عصر الخداع» ليكشف فيه الكثير عن حرب العراق والخليج والكثير من التفاصيل عن العلاقة بين المخلوع وصدام حسين. كما تمت إعادة منع رواية «مقتل الرجل الكبير» للصحافي إبراهيم عيسى، مما يثبت أن النظام ما زال يحاول الرجوع بعد فترة تجمد وأنه لم يُقض عليه نهائيا.
من جانبه، يقول الروائي والناشر إسلام مصباح: سنة 2011 جاءت لنا بالثورة المصرية، وهذا يجعلنا على الفور في حالة انتماء وامتنان لهذا العام السعيد بالنسبة لدول الربيع العربي، فثورة 25 يناير في أحد أوجهها هي ثورة ثقافية، المثقف الحقيقي ليس أكثر الناس قراءة أو معرفة بالمعلومات، بل هو صاحب وجهة نظر، إذن ثورة 25 يناير هي ثورة المثقفين.
ويضيف: ربما لم تشهد صناعة الكتاب أي تطور، وربما كثير من دور النشر توقف أو أفلس، وأغلق الكثير من المكتبات أبوابها في انتظار الجديد.
من جانبه، يشير الناقد الدكتور شريف الجيار إلى أن عام 2011 نتيجة لثورة 25 يناير أنتج لنا مجموعة من الإنتاجات الأدبية في القصة والرواية والشعر، فمن الكتب التي صدرت عن ثورة يناير كتاب «ثورة الغضب» لمراد ماهر ورواية «أجنحة الفراشة» لمحمد سلماوي بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الدواوين الشعرية مثل ديوان «إنجيل الثورة وقرآنها» لحسن طلب و»ارفع رأسك عالية» لحلمي سالم، وكذلك عودة الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي لكتابة الشعر بعد توقف لأكثر من عشرين فأصدر ديوان «طلل الوقت» الذي يناقش فيه فكرة الزمن وما حدث في مصر بعد ثورة 25 يناير.
ويضيف: كما بدأنا عام 2011 بثورة 25 يناير ختم العام بكارثة بكل المقاييس، هي حريق المجمع العلمي، ذلك الصرح العظيم الذي يمثل لنا مخزونا ثقافيا منذ عام 1798 «الحملة الفرنسية»، لما فيه من مخطوطات ووثائق نادرة، ولا بد أن يرمم ما تم إنقاذه من الكتب لأنها الأهم بالنسبة للثقافة والمصريين بل العالم العربي والعالمي.
ويرى الروائي محمد رفيع أن عام 2011 شهد حدثا عظيما هو ثورة 25 يناير التي تخلصنا بفضلها من نظام مستبد، وبفضل الثورة ظهر العديد من الائتلافات الثقافية المستقلة التي من أهمها ائتلاف الثقافة المستقلة الذي يقدم الثقافة للناس في الشوارع من خلال «احتفالية الفن ميدان» التي تقام يوم السبت الأول من كل شهر في عدد من المدن المصرية، فتقدم أنشطة متنوعة من فن تشكيلي ومعارض للكتب ومسارح للغناء، فكلها أنشطة تقدم للجماهير في الميادين المصرية بعد أن حرموا منها طوال عهود سابقة، وكذلك إقامة احتفالية كبرى بمناسبة مئوية نجيب محفوظ بمشاركة 100 روائي وقاص مصري وذلك في ثلاث مدن مصرية في وقت واحد.

هناك تعليق واحد: