الصفحات

2012/01/31

صباح الخير أيّها الإعلام الجديد بقلم: زينب البحراني

صباح الخير أيّها الإعلام الجديد
بقلم: زينب البحراني
كغوص للمرة الأولى في عالم ينبض بالإدهاش كان لقائي الأوّل بمفهوم التواصل التكنولوجي دون حدود. كنت يومها في زيارة لأحد المجمعات التجارية الحديثة خارج السعودية قبل أعوام قليلة، وما أن وضعت قدمي داخل المجمع التجاري حتى غدت حواسي محاصرة بالأضواء، والألوان، والأصوات، والكلمات المتحركة من الجهات الست، عدا عن المتسوقين المنشغلين بآلات الألعاب الإلكترونية الحديثة، أو كتابة رسائل نصية على هواتفهم المحمولة التي لا تكاد تفارق أيديهم، أو الرد على رسالة واردة، ورجال الأعمال المتأنقين الذين يتحركون بسرعة ونشاط عجول أثناء إتمامهم صفقات بيع، وشراء، ومساهمات، ومفاوضات سريعة باترة من خلال هواتفهم المحمولة أو أجهزة اتصالهم الذكية، أو تتنقل أصابعهم وأبصارهم بين صفحة إلكترونية وأختها خلال لحظات قصيرة على حواسيبهم المحمولة بينما تومض سماعات الاتصال اللاسلكي المثبتة على آذانهم وهم يتناولون كوب قهوتهم الصباحي على مقعد صغير في أحد مقاهي الوجبات السريعة.
بدا الأمر أشبه باحتلال سلمي منظم للحواس بأسلوب عبقري يملأ نفس المتلقي إحساسا باللذة والبهجة دون أن يعي كونه هدفا لخطة إعلانية/ إعلامية مدروسة بعناية، وخرجت من المجمع التجاري بعد إتمام مشاغلي كمن يخرج من قلب المحيط بعد رحلة غوص وجيزة اضطرته لحبس أنفاسه، وشرنقت مسام روحه بالدهشة أثناء مواجهة أولى لعالم غريب. كان الارتطام بتلك الحضارة الافتراضية الجديدة كبيرا، وكان وقعه في أعماقي هائلا إلى حد مؤثر. وربما كان لشخصية الفتاة القادمة من عالمها الضيق الصغير في بيئة محافظة على جميع الأصعدة لمواجهة عالم ثلاثي الأبعاد، وثلاثي الاتساع، وثلاثي التأثير؛ دورا في مضاعفة هذا الأثر في عالمي الداخلي الذي كان أقل ازدحاما بالضجيج. ووجدت نفسي أسعى بكل شهيتي للمعرفة في محاولات لاكتشاف زوايا هذا العالم الافتراضي الذي بدأ يكتسح العالم الواقعي ويفرض عليه واقعا جديدا لابد من الخضوع لقوانينه المتغيرة في كل ساعة، ويحول كل عالم بشري لا يتصل به إلى عالم أمّي يخطو حثيثا نحو شيخوخته الحتمية، ويجبر كل إنسان يود وقاية مستقبله من التخلف على البقاء شابا مدى الحياة في قابليته للترحيب بكل جديد في هذا المجال وتعلمه، ويدشن له صرحا قابلا للتمدد في المجال الإعلامي بمختلف وسائله المسموعة والمقروءة كي يصل إلى المتلقي في مكانه قبل أن يسعى المتلقي إليه، لنجد أنفسنا في مواجهة يومية مبكرة لمستجدات ألأخبار عبر وسائل اتصال نرحب بها قائلين: "صباح الخير أيّها الإعلام الجديد"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق