الصفحات

2012/01/19

سيد الوكيل يكتب: الثورة الداخلية في اللجان الثقافية

الثورة الداخلية في اللجان الثقافية
 سيد الوكيل

بالنسبة لي تلقيت تشكيل لجان المجلس الأعلى للثقافة في صمت وحزن، فهو لايعدو أن يكون استمرارا لفكرة أن التغيير لم يبدأ بعد، ولم نشهد ملامحه سوى أن الشارع المصري صارسلفيا بامتياز، ومتنكرا بكل بساطة لرصيده الحضاري . يعتبر هذا ـ بالنسبة لي ـ معيارا وتأكيدا على أن سياسات الحظائر الثقافية التي انتخبت عددا من المثقفين ليكونوا على حجر السلطة، خانت نفسها وتاريخها وخانت السلطة ـ أيضا ـ عندما اختبأت خلفها، وتركتها تخوض معركتها ضد الفكر السلفي وحدها، وبأساليب القمع الأمنية، فيماهي اكتفت باعتلاء المناصب والتكتل في اللجان وإقامة المهرجانات والمؤتمرات الدعائية. بينما كان الجميع يعرف جيدا أن مكانة مصر تتراجع على خارطة الثقافة العربية. هذه حقيقة، إن المثقفين لم يبذلوا جهدا كافيا لتنوير وتثوير الشارع المصري، ولم يمثلوا سوى ذواتهم النخبوية، التى سقطت بامتياز بيد الحرافيش والشباب على صفحات الأنترنت.

جاء تشكيل اللجان في المجلس الأعلى للثقافة مخيبا لكل الآمال، نفس الوجوه، ونفس الطريقة العقيمة في التفكير، قد يكون هناك بعض العذر ، لأن منصب وزير الثقافة، ومنذ الثورة ، كان قلقا ومازال شان كل المناصب الوزارية الأخري، ومع ضيق الوقت وانعدام فرص التخطيط، كان التفكير البسيط هو : ( اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش)، هكذا بقى كل شىء كما هو عليه في لجان المجلس الأعلى للثقافة، مع إضافة اسمين أو ثلاثة من الوجوه الجديدة، في كل لجنة ذرا للرماد في العين.

يقال، والله أعلم أن الجيتو القديم للمجلس مازال يحكم من وراء ستار، الجيتو القديم المتمثل في الدكتورين جابر عصفور وفوزى فهمي، وتلاميذهما في جامعة القاهرة والأكاديمية. ويقال إن هذا الجيتو هو المسؤل عن استبعاد الدكتور سعيد توفيق من رئاسة المجلس بعد أن أعلن أختياره وأبلغ به، لكن المؤكد ، أن ثمة جماعات ضغط تحرص على البقاء داخل المجلس، وعلى دورها القديم في رسم السياسات الثقافية لمصر، وأن أى وزير ثقافة كان ومازال يعاني من هذه الجماعات ذات القوة.

والآن، فالأمل معقود على الوجوه الجديدة، لتقود التغيير من داخل اللجان نفسها، رغم اختلاف الكثيرين على هذه الوجوه، فالبعض اعتقد أنهم غير جديرين بمقعد في لجنة، والبعض أعتبر أن منهم من تربي في حجر المجلس القديم وتمتع بعطاياه من جوائز وسفريات أو وظائف صغيرة.

لكن هناك حقيقة، فالجديد أقوي مهما كان عدده وحجمه، وأقدر على إزاحة القديم، والأبناء ـ دائما هم الطالعون ـ مهما كانت قداسة الآباء.

لايحتاج الأمر ( لفتاكة ) ليعرف الواحد منا، أن مصمم اللجان ،حرص على أن يضع في كل لجنة ريسا كبيرا، صحيح هو لم يسم رئيسا للجنة باعتبار الأمر متروكا لانتخابات داخلية ، لكن ثمة إيحاء يقول لكل لجنة: كبيركم فلان. والطريف أن أسماء الكبار دست بين الأسماء الأخرى وكأنما الأمر جاء مصادفة.

لكن على من؟ فالوجوه الجديدة في اللجان والروح الثورية التى تعيشها مصر الآن لم تبتلع الطعم هكذا ببساطة، فثمة إشارات إلى جماعات معارضة داخلية تنمو، وتستهدفت من أطلق عليهم الفلول التي لم ينلها التغيير وانتقلت بقدرة قادر من اللجان القديمة إلى الجديدة، ربما نجحت جماعات الضغط هذه في إحراج البعض فبادر بالانسحاب، وربما اضطرت إلى الدخول في مواجهة مع البعض الآخر، وكان آخرها أن نجحت جبهة المعارضة بلجنة الشعر، في إزاحة الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي الذي حجز مقعد رئاسة اللجنة بنفس الرسوخ الذي حجز به فتحي سرور رئاسة مجلس الشعب. صحيح أن الرئاسة ذهبت للشاعر ماجد يوسف الذي كان يحجز ـ بدوره ـ رئاسة قناة التنوير لسنوات وبنفس الرسوخ، ولكن ( اهى بدأت تندع) هذا ماقاله لي الشاعر الصعيدي جاد زكي الذي قاد المعارضة في لجنة الشعر ضد حجازي، الغريب أن أكثر الذين أبدوا لي ملاحظاتهم على لجنة الشعر كانوا يستفسرون بدهشة عن وجود شاعر صعيدي لفن الواو في لجنة الشعر بمجلس الحكماء والنخبة، وكنت أرد على دهشتهم بدهشة، هل قدر الثقافة المصرية أن تظل نخبوية؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق