الصفحات

2012/03/16

نهى محمود تكتب عن: "باب للدخول" إلى عوالم محمد محمد مستجاب

 "باب للدخول" إلى عوالم محمد محمد مستجاب
بقلم: نهى محمود
كيف تبدو الكتابة عن كتابة رجل أحبه وأخطط للزواج منه !
كيف تبدو الكتابة عن " مجموعة قصصية " عليها إهداء رقيق ليّ !
يبدو الأمر محرجا ، وغارقا في الشبهه .
لكنها " باب للدخول " المجموعة الثانية لمحمد محمد مستجاب .
محمد الذي أشتريت مجموعته الأولى بعد أن قرأت مقاله الذي كتبه في ملف مجلة الثقافة الجديدة عني بعد جائزة دبي .
المقال كان اسمه " الملكة " ، فكرة الملف كلها كانت بمثابة جائزة لي .
كاتبة شابة تقرأ ما يكتبه عنها الآخرون ، في مصر لا نتحمس للملفات إلا عن الموتى .
كتب عني اصدقائي بمحبة زائدة ، وعذوبة تليق بأرواحهم الجميلة ، لكن مستجاب لم يكن صديقي ، ولم نكن قد التقينا مرة واحدة .
تهاتفنا فقط خلال ثلاث سنوات مرتين أو ثلاثة .
فزنا معا بجائزة قديمة ، كانت اول جائزة اتقدم لها ، وحصلت على المركز الأول ، وحصل هو على المركز الثاني .
بعد تعارفنا شاهدت الصور ، وأتضح انه كان هناك منذ أمد ولوقت طويل ، لكنها لعبة الإستغماية الخالصة التي يحبها القدر ، من مفارقات الحياة تجئ الكتابة والحب .
تقابلنا في ليلة كان قمرها بدرا .
لن تعرف معنى أن يكون القمر بدرا إلا إذا سكنت في مدينة تصادق السماء كما تفعل المدينة الجديدة التي نسكن فيها .
أكتشفنا أننا جيران ، تقابلنا بعيدا عن وسط البلد لنتحدث عن المجموعة ، ليكتب لي إهداء ، ولأناقشه عنها .
هل كان ذلك كافيا ، كبداية لتلك الحكاية .
كان كافيا ، خاصة عندما نظرت له فجأة واخبرته كيف تأمن وتزور ساحرة في ليلة مكتملة القمر ، كنا نسير في شارع هادئ بلا بشر ، بعض السيارات والنجوم وصوت الشجر ، في طريقنا للمقهى .
وجل لحظة ، ربما تلعثم ولم يرد .
أخبرني لاحقا انه عندما عاد للبيت فكر هل كنت اخيفه !
قال لنفسه بصوت عال " لا اخاف من الساحرات أنا ذئب
أعرف اني وعدتك الا احولك لكتابة ، لكن على أحد ان يقص الحكايات في هذا العالم .
لم يكتب عني أحد من قبل ، بتلك الطريقة ، بكيت من التاثر في المرة الأولى التي قرات فيها مقاله عني .
وبكيت من الفرح في كل المرات التي مس فيها قلبي برقته واهتمامه ، لم اقل له كلاما مشجعا عن مجموعته الأولى ، هي مختلفة عن ذوقي في القراءة
بدت جملة دبلوماسية أكثر مما يستحق صديق ، هاجمته بمحبة في ذلك اليوم ، لا اخجل ان اخبر اصدقائي الموهوبين عن مشاعري نحو كتابتهم ، أخبرته ان كتابته ناقصة ملح ، وكنت اقصد أن روحه كلها تنقصها لمسة إمرأة .
لم اكن اعرف شئ عن قلبه بعد ، كنا أصدقاء منذ أيام ، لكنه بدى لي مفتقد لذلك الوهج الذي لا تخطئه العيون .
نحتاج للحب والدفء والصداقة لنكتب ونختبر العالم .
ومحمد كان ينتظر من العالم ان يتقدم نحوه خطوة ، قبل أن يبدأ هو بالتودد للكون .
قدمت له نصيحة خالصة ، واعتبرته صديقا من ذلك اليوم .
وظللت أنتظر ملح الكتابة .
لأنه صديق تابعت مقالاته في القاهرة ، كانت مميزة ، لها نفس طويل ورؤية مميزة ، لا تشبه ما نكتبه نحن في هذا الجيل ، هي تقارب جيلا يسبقنا ، رصينة وقوية ، وتأخذ من روحه وتعطيه ..
في تلك المقالات يبدو محمد واثقا ، بمذاق مضبوط .
احببت مقاله عن " نعمات البحيري" كان قويا فيه ، متألما لكن قوي بما يكفي ليكشف لنا عن دماء القلب .
البوح يحتاج لشجاعة ، وذلك الرجل يملكها أحيانا ، أو تتلبسه هي عندما يمس من العمق ، عندما تحركه الحكاية ، والبشر .
الكتابة التي تحب محمد ، ويحبها .
جاءت في مجموعته الثانية ، باب للدخول ، صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ، بإهداء لوالده الراحل محمد مستجاب ولمصر ولحبيبته نهى محمود
وكان مفتتحها – تعويذة – أعرف انه اراد أن يداعب بها الساحرات في هذا العالم .
أنا احببت هذا المجموعة جدا ، تبدو شهادتي لها / له .. مجروحه تماما ومشبوهه ، لكنها صادقة .
أنا واصدقائي لنا نساء سريين ، كل واحد منا يحتفظ بإمرأة في قلبه ، بائعة جرائد في موقف عبد المنعم رياض تلك إمرأة هاني ، والسيدة التي تكنس سلم الكوبري الذي يمر القطار أسفله هي أيقونة طاهر ، بائعة الشاي الممتلئة تخص صديقا ثالثا ، انا تغويني إمرأة بيضاء نحيلة في مكان آخر تبيع الخبز والجبن القديم في مدخل سوق التوفيقية ، ومستجاب يحتفظ ببطلة قصته باب للدخول . بعد خطبتنا ذهب بي للرصيف الذي تجلسه عنده تبيع الخبز ، وقال لي بزهو ، هي دي بطلة باب للدخول ، الغريب اني شعرت أنها لا تجلس في الشارع وانما داخل القصة ، الباب الحديد جوارها كان حقيقيا ، والحارس غير الموجود كان يلقي بظلاله المانعة على المشهد .
قصص المجموعه كلها لها لغة رشيقة ، وكتابة عذبة ، مختلفة عما تسبقها .
والإختلاف وحده نجاحا جميلا ، في قصة السياج ، سمح لي أن أتخيل مقهى أحبه وقطة يمكنني أن اتماس معها ، ومع ضعفها وحيلتها .
وفي قصة الحجر ، كانت الأشياء تتحرك ، واللغة ترصد إنفعالات وطن
في قصة التتار كانت لغة شاعرية مست قلبي ، ومنحتني جمالا .
لكني أحببت قصة الرحلة أكثر من كل قصص المجموعة ، كانت متدفقة وبها روح رجل لا يهاب الكتابة ، بعض الجراة في اللعب مفيدة ، وبعض الملح والحب والدفء يفي بالغرض.
و بعض الأبواب التي نجرب الدخول عبرها ، بعض الحيل والأمل ، والرغبة الخالصة في إختبار الحياة . البعض من كل شئ يصنع عالما يستحق أن نعيشه ونفرح كثيرا به ، ونحتمل خيباته طالما معنا من نحب .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق