الصفحات

2012/04/24

"الأعـــــــــــــــــــــــــور" قصة قصيرة بقلم: محمود مرعى


الأعـور 
محمود مرعى / الأقصر.  

نظر إلى نظرة استغراب وتعجب، ثم عادت علامات اللامبالاة تظهر على وجهه ثانية،وقال بصوت منكسر " سيجارة يافندى " نظرت إليه واعتذرت له متعللا بعدم التدخين، لم ينظر الى ، ومضى عبر الشارع وجلس على المصطبة التى تقابل المقهى، كان رث الثياب أشعث، ولكن كانت ثيابه من الأقمشة غالية الثمن، ولولا أن الجلباب الذى يرتديه كان واسعاً لظننت أنه قد تم تفصيله له خصيصاً، ولكن لم تكن ثيابه هى الشئ الغريب الوحيد، كان يضع على عينيه نظارة شمسية من النوع غالى الثمن، وكانت جلسته على المصطبة ليست جلسة عادية كانت كالتى نراها فى المسلسلات التى تحكى حياة الأثرياء من الجنوب، ومرت سيارة أهالت بعض التراب على وجهه، فأخرج الحافظة الخاصة بالنظارة الشمسية وقام بتنظيفها جيداً، وفى هذه اللحظة لم أتمالك نفسى فسألت عم حسين الجالس بجوارى عن هذا الرجل الغامض، نظر إلى وقال نعم انك جديد فى البلدة، انه الحاج حامد سابقاً، حامد الشحاذ حالياً، شدنى الحديث عنه، فاستمر عم حسين فى حديثه، لقد كان من الأثرياء وكان يملك الكثير من الأراضى فى القرية وكان له بيت جميل لا تخطئه العين قائم حتى الآن فى مدخل القرية انه ذا الأسوار العالية، ولكن طمعه وظلمه للناس أوصله إلى ما هو عليه الآن،أذكر فى احد المرات القليلة التى جمعتنى به وببطانة السوء التى التى كانت حلوله، إن عم سيد فراش المدرسة كان يعمل فى إحدى دول الخليج العربى، وفى احد الأجازات قرر شراء حديد التسليح لبيته الذى ينوى بناءة مكان بيته القديم وبعد الشراء نصحه البعض بحفظه فى مكان جيد حتى لا يتعرض للتلف، وبعد البحث اهتدى إلى المخزن الخاص بالحاج حامد، الذى رحب وسمح له بتخزين حديد التسليح عنده، ومرت السنون وعاد عم سيد إلى البلد وقام بهدم منزله القديم وجهز نفسه لتشيد المنزل الجديد الذى قضى سنوات عديدة حتى يقوم ببنائه، وعندما ذهب إلى الحاج حامد ليسترد أمانته، نظر إليه وقال بكل حزن وأسى إن الفئران قد أكلت الحديد كله وانه كثيراً ما كان يسمع أصوات كأن احدهم يقوم ببرد الحديد وتقطيعه ولكنه ما كان يعتقد أن الفئران سوف تأكل الحديد كله ولا تبقى منه على شئ، قام عم سيد واقفاً وقد أصابه الذهول، وصرخ الفئران تأكل الحديد كيف هذا، فقام هنداوى قائلاً،إن للفئران أسنان كأنها المناشير والمبارد وهى قادرة على تقطيع وأكل كل شئ، لقد سمعت أنها قرضت قضيب السكة الحديد، وكادت أن تحصل كارثة لولا ستر الله عز وجل، وحكيت العديد من القصص حول الفئران وقدراتها الخارقة، وزينت بطانة الحاج حامد لكل الموجودين أن الفئران تستطيع عمل أى شئ وكل شئ، وخرج عم سيد من منزل الحاج حامد صارخاً حسبى الله ونعم الوكيل، وهذه قصة من القصص العديدة التى تحكى عنه وعن ظلمه وعن بطانة السوء التى حوله.
وفى هذه اللحظة قام الحاج حامد سابقاً من مجلسه، ولا أعرف لماذا تبعته، وسرت خلفه حتى وصل لأرض مزروعة بالذرة، وبعد خطوات كان احد أعواد الذرة ملقى على الأرض، فقام حامد بالتقاطه، فرآه صاحب الغيط ،ومسكه من ملابسه كأنه قد قبض على لص أثيم، وقال له كيف تجرؤ على اقتلاع عود الذرة من الأرض، فقال له حامد بعد أن تجمع حوله بعض المزارعين أنه وجد هذا العود ملقى على الأرض، وأنه لم يقتلعه ولكن الفئران هى التى قرضته، فقال له هنداوى الفئران تأكل عود الذرة ، يالك من كاذب يا" أعور" فنظر حامد إليه وقال " كان خيرى مغطى على عينى".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق