الصفحات

2012/04/27

"دوائر" قصة بقلم: ناصر خليل


دوائر
ناصر خليل
الليل بكل وحشية يلتهم أحلامنا ويبتلعها في جوفه ونحن كالبلهاء ننتظر النهار. ما جدوي أن تشرق الشمس فلا تجد ما تغازله سوي شواهد القبور .
ما بين الجبل الذي يرقد بداخله الصامتون  والشارع الذي يئن من صرخات القتلي ...
وقفت علي الجسر والجسد ينتفض والشمس علاها شحوب .عيناها حائرتان  ما بين الجبل الصامت والشارع الصارخ الذي في نهايته تقع القرية حيث مسقط رأسها ...أغمضت عينيها...
كأنها  تري لحظة ميلادها وسط صرخات الرافضين ونظرات الكارهين لها دون سبب .صفعات تنهال علي وجهها الغض مع أول خطأ لها من هذا الذي قيل لها أنه أباها .....
تأتي صرخة من سائق متهور يقود عربته بسرعة جنونية  يسب عابرا للطريق فجأة ..
التقطت حجرا فألقته في الماء صنع دائرة صغيرة  ..
غاصت أحلامها كانت الدوائر تحاصرها وتخنق كل شيء بداخلها .
نظرت الي الجبل ثم تساقطت بقايا دموع من العيون المجهدة .
-         كل الأعمال من نصيبي أنا .. لا أختار اشيائي.. فستايني
أوقات راحتي ....قطعة خشب بالية أنا   فمن يكترث !!
أدور كترس في ساقية العائلة .محرم حتي البوح بما في داخلي.
   أحاول أن أخرج من الشرنقة التي صنعتها أمي لي  وحبستني بداخلها الي الأبد.............
الشمس وحدها في نهاية الأفق تقاتل جيوش الظلام . استلت أخر سيوفها اللامعة  ولكن الأسود يحاصر كل شيء يطغي شيئا فشيئا . اقتنعت الشمس انها معركتها الأخيرة فأثرت الإنسحاب  واختفت خلف الجبل 0التقطت حجرا القته في الماء ....
حين تسلل أشهر لص في العالم وسرق قلبها   الغض وأحبت فتي  من أهل القرية المجاورة . علموا بالأمر .كانت عاصفة متسلسلة .
كرة ثلج تتدحرج  من أبيها لأمها فتنتهي عند أخيها ... العيون تطفح بالقسوة ..
الألفاظ تخرق أذنيها فتصيب النفس بجراحات لا اندمال لها .
وجهها الغض وجسدها الطري لم يسلم من  الصفعات والركل .
ضاع الطريق  لقد عبر من هنا  اقتلع جميع اللافتات ونزع العيون من الأحذية  فتاهت الأقدام في الليل الملعون .تلاشي كل شيء.
لم تعد تسمع  شيئا  سوي الصوت الذي يتردد صداه في أعماق نفسها  .
الذكريات الأليمة  تهرول فوق صفحة الماء ...لا تتذكر يوما واحدا  جميلا ولا حتي ذكري واحدة  جميلة .....
فجأة تتراقص صورته علي صفحة الماء  فتهرب كل الذكريات الأليمة  تنجح الإبتسامة  في الوصول إلي شفتيها ويشع النور من عينيها ويبدأ صدرها في الهبوط والصعود في إيقاع متسارع تمد يداها إليه  ثم ترجعهما خائبتين ...
وقفتْ علي حافة الحاجز  المعدني .
ألقت نظرة علي الشارع الصاخب  فعلا وجهها الحزن ثم استدارت ببصرهانحو الجبل الصامت فابتسمت.
كان جسدها  يتمايل في الهواء كورقة صغيرة في مهب الريح  وحين سقط واختفي خلف الصفحات الزرقاء  صنع دائرة  ولكن الدائرة هذه المرة كانت أكبر...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق