الصفحات

2012/04/14

وإن... بقلم : الحسن بنمونة.


قصة قصيرة:
وإن...
                                                                                        بقلم : الحسن بنمونة.



      تقديم :
            هذه القصة مبنية على قصة أخرى هي قصة القاص الصديق أحمد بوزفوروإن. حافظت على العنوان عينه ،وعلى الكلمة التي تثير الحنق في نفس من يسعى إلى اقتناص الحسنات. ولم أحافظ على الفكرة لأنني آثرت أن أجدد القصة وأحاورها وأنبش في الكلمات والجمل والأفكار التي لم ترد في القصة الأصل ، ونحن ندري أن الأدب كله مبني على الآخر . يسمون هذا بالتناص وأنا أسميه بالسرقة المستحبة التي تريد أن تقول إن القراءة تتم بهذه الطريقة لا غير ، فمن لم يسمع منا بالقارئ الافتراضي ؟
                                                            وإنْ...

أحمد بوزفور.



قالت بنات العم: يا سلمى ،وإن
كان فقيرا معدما ؟ قالت : وإن..
-
على الدص،لا يملك حتى ما ينقي به أسنانه.

-
وإن.

-
ومنحوس ،صكع. حاول أن "يحرق" خمس مرات ولم يفلح.

-
وإن.

-
أنت لا تعرفين أنه مطلق،سبق له أن تزوج وطلق،وله مع

مطلقته ثلاثة أطفال.

-
وإن.

-
وحش سادي. يضرب النساء بعنف،ويلتذ برؤية دمائهن

بل ويشرب منها.

-
وإن.

-
ويسكنه عفريت اسمه( وإن ) هو الذي ربطك به هذه

الربطة "الزغبية "،وسوك فمك الجميل بهذه الكلمة الببغاوية.

-
وإن.

-
أنت لست سلمى أنت ( مريضة ) وتحتاجين إلى طبيب لا إلى

زوج.

-
وإن.

-
لو كان على الأقل شابا، أو وسيما ولكنه- سبحان من خلقه – كهل بشع ، مربع مستدير، كأنما ولدته أمنا الغولة.

-
وإن.

-
لن نعرفك إذا تزوجته ،سنصلي عليك صلاة الجنازة،وندفنك في

مقبرة النسيان.

-
وإن .

-
قولي لنا على الأقل: ما الذي يجعلك مربوطة به هكذا؟

-
أحبه.

-
وإن.

-
وإذا لم أره مرة في اليوم على الأقل تفشل ركبتاي،ويهبط قلبي إلى معدتي،تدور بي الأرض وأسقط ما في
يدي.
-
وإن.

-
وإذا رأيته تفشل ركبتاي،ويهبط قلبي إلى معدتي ، وتدور بي الأرض،وأسقط ما في يدي.

-
وإن.


   قصة الحسن بنمونة.


_ يا صديقي ...لاحظ أنني أستعمل هنا( يا) رغم أنك قريب مني..في الواقع أنت تبدو لي كنقطة في السراب..تبدو لي شارد البال ..مكفهرا، مغبرا كأنك مررت بورش كشط الرمال، حانقا كأنك مقبل على حرق بدنك ، وهو بالمناسبة لا يساوي حبة خرذل..أنت تعرف أنني صديقك من زمان ..عملنا معا في أوراش البناء وحقول البطاطس والبرتقال..يا زمان الوصل ..كأنك لا تكترث لكلامي ..كأنني أنفخ في بوق والناس نيام ..على الرغم من أنك لا تبالي بكلامي فأنا مصر على إسداء النصيحة إليك..لأنك صديق طفولتي ..وأنت تعرف أننا نبتنا في أرض واحدة ..أصلي الجمعة في المسجد ..أتدري لماذا ؟ حتى أنال حسنة من عند الله ..في الواقع نحن كلنا مخطئون..من ليس بخطاء فليرفع إصبعه ..نستحم يوم الجمعة بماء الطهارة لعل وعسى..أنا كما تعرف أنت ويعرف أصدقاؤنا لا أحب اللف والدوران ..سأسدي إليك خدمة ..عسى الله أن يضعها في ميزاني ..وأنت تعرف أنه ثقل بالأخطاء التي تثقل كاهلي..تلك المرأة التي تدعي أنك تريد الارتباط  بها ..

_ ما لها يا صديقي الذي يستحم يوم الجمعة بماء الطهارة ..؟
_ لا تسبق الأحداث قبل أن تقع ..تلك المرأة ، ألا تدري أنها لعوب ..
_ وإن ..
_ لعوب، لاعبة ماهرة تحسن الهجوم والدفاع، والكر والفر، والحلب والصر والإقبال والإدبار ..تأخذ ولا تعطي ..تأكل ولا تبقي حتى الفتات للقطط ..فكيف تقول إنك تود لو ترتبط بها ..أهو الحب ؟ اللعنة عليه وعليك أيها الضبع ..
_ وإن..أنا أحبها وأحب لعبها ، وأعرف أنها محراث وسيول وجفاف ..ماذا أفعل ؟ لنقل هو الحب والسلام.
_ تعمل وتتعب بدنك أيها الحمار ، تنهض باكرا وتصعد الطابق الرابع وتنزل مرهقا ..بناء صار متعهد بناء عمارات لإسكان الشعب المغلوب على أمره ..نسيت أنك إنسان...مواطن صالح يقوم بعمله على أحسن وجه..معروف في أوساط البناء والهدم..متطلع إلى الحياة بشوق بدوي..هي  تريد أن تركب ظهرك لتصل إلى الغاية ..هي من أنصار الغاية تبرر الوسيلة..أو من أنصار الوسيلة تبرر الغاية..نسيت السابق والمسبوق ..لا تسخر مني ..وأنت ما شاء الله ..طيب كالطيبة عبنها ..كالحمل يلقط الحشيش في صحراء..كالحمار يحمل أسفارا..أنا أكيل لك الضربات حتى تستفيق من سباتك أيها البغل ..
_ وإن..أنا ممسوس بالحب ..لا أعرف معناه ..ولكنني دخلته صاغرا طائعا ..أحتمل الطعنات ..أموت لأجلها فداء للوفاء القاتل ..تقتلني فأشتعل لذة..ماذا أفعل ؟ أنا لا أدري إن كنت موجودا أو ميتا..
_ أنا أقدم لك هذه النصائح حتى أقتنص حسنة أضيفها إلى حسناتي التي أجمعها بشق الأنفس ..لأن الناس الآن لم يعد يهمهم أن تدخل الجنة ..يريدون لك الاحتراق في نار جهنم  ...أيها الأوغاد..لا علينا ..اللهم مغفرتك..أنت تعرف أنني أصلي الجمعة في المسجد وأوزع التحايا والسلام والسلام عليكم..أريد أن أكون مواطنا صالحا لأدخل الجنة..وهذه الأفعال كلها كما قرأت وسمعت وما أكثر استماعي لأهل النصيحة والخير ..! تحسن صورة المرء ..والدنيا شاسعة بأفكارها وبلوائها ..فمن لم يكن منكم أيها الإخوة خطاء فليرفع إصبعه ؟  وعلى أي حال فالله غفور رحيم..
_ وإن..
_ قد تدس السم لك في الطعام ..في الكسكس الذي يسلب لبك..في القهوة التي تحبها كما تحب هذه المشرومة..أنا لا أنكر أنها حسناء ..بيضاء الوجه كالمصباح في بيت الفقير..بضة كالبطة في مسبح عمومي، طويلة القامة كعمود كهربائي..هو الجمال دوما يعود على صاحبه بالضرر..لن تتركك وشأنك قبل أن تمتص رحيق بدنك ..ستلعب بك كما تلعب الرياح بالأشجار ..
_ وإن.. فلعبها يدغدغ عواطفي النائمة ، يضحكني ، يسرني ..أنا أحب الحياة يا صديقي الذي يرى أن الوسيلة تبرر الغاية..
_ أه ، يا صديقي تبدو عازما على الارتباط بها كما يرتبط الدم بالعروق ..ويرتبط الكلب بسيده..أو لا تدري أنها اقترنت بعشرة رجال ؟
_ عشرة رجال ؟
_ أجل ..أتكذبني؟
_ وإن..
_ دخلت السجن بعلة التجول ليلا دون رفيق..
_ والرجال العشرة إما أنهم قتلوا أو غرقوا في المسبح البلدي أو فروا لا يلون على شيء..
_ وإن..
_ كذابة تطلق الكلام على عواهنه ..ولا تستحي أن تقتل القتيل وتمشي في جنازته..تأكل من بضاعة الدكان ولا ترد الأمانة لصاحبها..والأسعار كما تعرف يا صديقي مفتخرة بنفسها لأنها لا تنحني ..فإذا لم يلتفت إليك الموت ليريحك من العذاب عشت عجوزا بئيسا ..وأنا بالمناسبة نبشت في سيرتها فصدمت بالأعاجيب ..فلتدر أنها أكبر منك سنا ، وهي في عمر أمك ..طبعا أنا لا أنكر أنها حسناء.. بضة كالبطة ..وما إلى ذلك من الصفات الحسنة..ما تراه يا عزيزي قناع ..أخاف عليك من أن تراه ليلا فتبلع قلبك..
_ وإن..
_ أنا أقدم لك هذه النصائح خوفا عليك من غدر الزمان فأنت صديقي وأنا كما تعرف أستحم بماء الطهارة..أنت في الواقع تعرقل حركة سير حسناتي ..كأنك شاحنة رومانية ..وأنا اقتنصت ألف حسنة لأنني نظفت بدنا بدون قدمين في الحمام البلدي..أزلت عنه أوساخ قرن من الزمان ولهذا قال لي محسن مثلي إنني حصلت على ألف حسنة ..حلمت ليلتها بأنني أحلق في السماء بدون جناحين .. وأنقذت رجلا من براثن لصوص الأزقة المظلمة..كدت أنال ألا أخرى ولكنني أضعتها لأن الرجل لم يشكر لي فضلي عليه فشتمته ..أضعت ألفا وقد عضضت لساني عسى أن يزن كلامه حتى لا يفقد الآلاف..وها أنت يا صديقي الحمار ..لساني يزل ..تعرقل حركة..
_ وإن..
 _ قتالة تعاني هوس القتل التسلسلي ..لا تتورع عن قتل الرجال بدعوى أن تولد من جديد..لها عشرون حفيدا أكبرهم حصل على وظيفة سراق الليل..أخشى عليك من بطشه..
_ وإن..
_ قد تستفيق ليلا لترتدي قناع مصاص دماء ..وها أنت أيها الكلب المسعور تتحسر على أيام الشباب والحرية ..
_ وإن..
_ والله ما رأيت صديقا أكثر عنادا منك ..لك رأس صلدة كالصخر..تعرقل حركة سير حسناتي التي أجمعها بشق الأنفس..تبا لكما  فلتحترقا  بنار الفقر ..وأنا يا إلهي ماذا  اقترفت ؟ ما كان علي أن أصدر كل هذا السباب واللعنات..أضعت الحسنات التي لملمت شتاتها بشق الأنفس.. فلأبدأ من جديد.
     يا إلهي أنا الآن أبكي ..كنت أحدث نفسي التي أكلت سحر (وإن).

                                                                      الدار البيضاء .31 .03 .12 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق