الصفحات

2012/05/20

أَحْلامُ يَقَظَة لشهيد مستقبلي... شعر/ أحمد حسن



أَحْلامُ يَقَظَة لشهيد مستقبلي...
شعر/ أحمد حسن - مصر

الدِّينُ يُسْرٌ لِلْعِبَادِ! فَيَسِّرِي
وَضَعِي عَلَى خَدَّيْكِ بَعْضَ الأَحْمَرِ
مَنْ قَالَ إِنَّ دَمِي حَرَامٌ
-
لَوْ أَنَا زَيَّنْتُ خَدَّكِ مِنْهُ-
شَيْخٌ عَسْكَرِي
حُطِّي عَلَى خَدَّيْكِ مِنْ خَدِّي الَّذِي سَوَّتْهُ كَفَّا ضَابِطٍ فِي الْمَخْفِرِ
حَفْلُ انْتِصَارِكِ فِي انْتِظَارِكِ...
حَمّرِي شَفَتَيْكِ (يَا بِنْتَ الْبُنُوتِ) لِتَحْضُرِي
جُرْحِي غَدَا كَأْسًا بِعُمْقِ رَصَاصَةٍ مِنْهُ اشْرَبِي رُوحِي عَصِيرَ تَحُرُّرِ
وَالْعَيْنُ حَلْوَى! قِطْعَتَانِ!
تَذَوَّقِي طَعْمَ الرُّؤَى بِحُبُوبِ دَمْعِي السُّكَّرِ
وَرَجَايَ أَنْ تَتَذَكَّرِي أَنْ تَبْسِمِي لِعُيُونِ أُمِّي فِي الْعَزَاءِ...
تَذَكَّرِي!
أُمِّي وَأَعْرُفُهَا:
تَرُدُّ بِدَمْعَةٍ خَجْلَي، وَتُخْفِضُ رَأْسَهَا بِتَأثُّرِ!
وَتَقُولُ إِنَّ ابْنِي أَحَبَّكِ فَوْقَ مَا يَقْوَى الْمُحِبُّ وَلَمْ يَزَلْ عُودًا طَرِي
أَعْطَاكِ وِرْثَكِ رُوحَهُ مَعَ جِسْمِهِ فِي حِضْنِ أَرْضِكِ
أَسْمَرًا فِي أَسْمَرِ
وَأَنَا وَرِيثَةُ ذِكْرَيَاتٍ مَرَّرَتْ فَمِيَ الَّذِي لَمْ يُسْمِعَنْكِ سِوَى اؤْمُرِي
كُرْسُيُّهُ فِي رُكْنِ حُجْرَتِهِ عَلَى أَمَلٍ بِمِسْمَارٍ! وَصَبْرِ مُنَجِّرِ
وَشَبِيهُ مِفْتَاحٍ بِصُنْدُوقٍ! هُمَا قَلَمٌ لِفَتْحِ قَصِيدَةٍ فِي دَفْتَرِ
وَقَمِيصُهُ الْمَكْوِيُّ قَبْلَ رَحِيلِهِ كَالْجُرْحِ مَفْتُوحٌ وَغَيْرُ مُزَرَّرِ
وَحِذَاؤُهُ الْبَادِي غَبِيًا مُخْلِصًا يَحْتَاجُ فِي فَهْمِ السُّرَى لِمُفَسِّرِ
يَشْكُو لِعَيْنِي الآنَ قِلَّةَ لُبْسِهِ وَغِيَابَ رِجْلِ ابْنِي لِعَدَّةِ أَشْهَرِ
وَهُوَ الّذَي قَدْ كَانَ يَشْكُو دَائِمًا إِتْعَابَهُ فِي الْجَرْيِ دُونَ مُبَرِّرِ
فَتَبَسَّمِي!
أُمِّي تَرَانِي فِي ابْتِسَامِكِ غُصْنَ إِيمَانٍ بِأَرْضِ تَبَصُّرِ
سَتَرَيْنَ عَيْنَيْهَا كِتَابَيْ غُرْبَةٍ سَطْرَاهُمَا الأَهْدَابُ...
بَيْنَهُمَا انْظُرِي!
وَتَدَبَّري شِعْرَ الْمَوَاجِعِ فِيهِمَا تَعَبًا مَحَلِّيَّ السّقَامِ....
تَدَبَّرِي
فَالدَّمْعُ دَوْمًا حِبْرُهَا السِّرِّيَّ لايَبْدُو لِقَارِئِهِ وَلا بِالْمِجْهَرِ
لابُدَّ مِنْ دَمْعٍ بِعَيْنَيْ قَارِئٍ
حَتَّى يَبِينَ الْحُزْنُ بَيْنَ الأَسْطُرِ
أُمِّي وَبِنْتُكَ
مُقْلَتَاهَا زَمْزَمٌ لَكِ، وَالْخُدُودُ الْحُمْرُ صَحْنُ الأَزْهَرِ
فَإِذَا بَكَتْ فَتَوَضَّئِي؛ لِتَصِحَّ أَرْ كَانُ الصَّلاةِ عَلَى ابْنِ بَطْنٍ مُقبَرِ
وَتَذَكَّرِي أَنْ تَقْسِمِي مِنْ كَعْكَةِ النَّصْرِ الْمُعَدَّةِ فِي احْتِفَالٍ مُبْهِرِ
لِلأُمِّ مَا يَكْفِي، فَمُنْذُ رَحَلْتُ مِنْ سَنَةٍ، وَفُوهَا الْمُرُّ لَمْ يَتَغَيَّرِ
فَمُهَا كَكُوبِ الرِّيقِ يَشْرَبُهُ الأَسَى بِلِسَانِ حَرٍّ فِي الْمَشَارِبِ مُفْتَرِي
عَامٌ قَعِيدٌ فَوْقَ كُرْسِيِّ الزَّمَانِ مَضَى
وَصِحَّتُهُ طَعَامُ تَدَهْوُرِ
نَفْسُ الْعُيُونِ الْمُمْطِرَاتِ عَلَى بَسَاتِينِ الْقُصُورِ..
وَعِنْدَنَا لَمْ تُمْطِرِ
لَمْ تَذْكُرِي!
لَمْ تَنْظُرِي!
وَتُشَمِّرِي فِي وَحْلِ حَارَتِنَا، وَلَمْ تَتَعَثَّرِ
تَأْتَينَ دَارِي فِي رِدَاءِ الْعَسْكَرِ
وَأَرَاكِ بِالشَّفَّافِ فِي (ڤيلّا) ثَرِي
وَأَبِي بِمُسْتَشْفًى حُكُومِىٍّ بِطَابُورٍ يُعَالَجُهمْ دوَاءٌ بَيْطَرِي
وَقَفُوا طَوِيلاً، وَالظُّهُورُ تَكَسَّرَتْ
وَلَكَمْ فَدَاكِ بِظَهْرِهِ الْمُتَكَسِّرِ
مَا زَالَ مَنْحَنِيًا يُفَصِّلُ بالرُّبَى فُسْتَانَ عُرْسِكِ فِي رِضًا مُتَشَكِّرِ!
خَيَّاطُكِ الْقَرَوِيُّ مِنْ خَرَزِ الْبُذُورِ يَزِينُ ثَوْبَكِ،
وَهْوَ مِنْ فَقْرٍ عَرِي
وَفَسِيلَةٌ خَضْرَاءُ إِبْرَتُهُ،
وَخَيْطُ وَرِيدِهِ، بِحَرِيرِ جِلْدِكِ يَا حَبِيبَتَهُ حَرِي
مِنْ حَوْلِ بَكْرَةِ نَبْضِهِ خِيطَانُهُ شُدِّي
وفي إِبَرِ الْفَسَائِلِ مَرِّرِي
وَدَعِيهِ يَلْقُطُ مِنْ فُصُوصِ ثَرَاكِ مَا سَيَطُرِّزُ الْفُسْتَانَ مِنْهُ بِجَوْهَرِ
أَزْرَارُهُ وَرْدٌ
وَنَقْشَتُهُ خُزَا مَى
وَهْوَ أَحْلَى مِنْ رَبِيعِ الْبُحْتُرِي!
هُوَ صَيْحَةٌ أُخْرَى
وَلا تَعْلِيقَ-
فِي زَمَنِ الْجَمَالِ بِزِيِّهِ النَّيْلُوفَرِي
خِيطِي لأَرْضِكِ مَا تَشَاءُ أُنُوثَةٌ بِخُيوطِ عِرْق أَبِي لِحَفْلِ أَخْضَرِ
خِيطِي لِرُوحِكِ مَا تَشَاءُ أَمِيرَةٌ مِنْ طَاعَةٍ تَعْمَى بِصُبْحِ تَأَمُّرِ
خِيطِي! وَلا تَحْتَاجُ مِثْلُكِ أَنْ تَخِيـــطَ، أَبِي يَخِيطُ..
وَبالثِّيَابِ تَبَخْتَرِي
حَتَّى وَلَوْ حَكَمَتْ فَلَمْ تُعْجِبْكِ أَثْــ ــوَابُ الْحُقُولِ...
لَخَاطَ مَاءَ الأَبْحُرِ
وَيَبِيعُ مَجَّانًا أَصَابِعَهُ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ هُوَ أَنْ تَكُونِي الْمُشْتَرِي
لَكِنْ عَلَيْكِ!
-
وَأَنْتِ فِي حَفْلِ انْتِصَا رِكِ حُلْوَةٌ-
أَنْ تَذْكُرِي وَتُذَكِّرِي
أني بحفل القَفْرِ...
أَمَسَت جُثَّتِي أَطْبَاقَ دُودٍ لِلْجُلُودِ مُقَشِّرِ
فِي قَبْرِيَ النَّاسِي-كَنَاسِي- سَحْنَتِي
عَقْلُ الظَّلامِ بِهِ مَرِيضُ (زِهَيْمَرِ)
وَدَمِي بَقَايَا ذِكْرَيَاتٍ حَمَّرَتْ خَدَّيْكِ..
لَمَّا احْتَجْتِ بَعْضَ الأَحْمَرِ
وَمُهنِّئوك مُصَافِحُوكِ!
وَفِي يَدٍ مِنْهُمْ دِمَايَ! وَغَالِبًا يَدُ عَسْكَرِي
وَأَبِي تَرَقَّى مِنْ مُخِيِّطِ رَبْوَةٍ مَحْنِيِّ ظَهْرٍ، فِي الْوُحُولِ مُشَمِّرِ
لِيَكُونَ خَدَّامًا بِحَفْلِكِ..
حَانِيًا ظَهْرَ الْمُنِى قُدَّامَ نَعْلِ الْمُخْبِرِ
وَتَصُبُّ أُمِّي دَمْعَهَا فِي أَكْؤُسٍ مَعَ قِطْعَةٍ مِنْ لَحْمِهَا لِمُؤَجِّرِ
وَنَرَاكِ فِي شُغْلٍ!
فَمِنْ ضَيْفٍ إِلَى ضَيْفٍ وَمِنْ لِصٍّ لِـ(شَيْخِ الْمَنْصَرِ)
وَكَعَادَةٍ أُولَى:
ابْنُ لِصٍّ سَابِقٍ يَأْتِي لِيَخْطُبَ بِنْتَ شَيْخِ الأَزْهَرِ
فَتُوَافِقِينَ!
وَيَحْضُرُ الأَغْرَابُ كَتْبَ كِتَابِكِ الثَّانِي عَلَى يد مُحْضرِ
// //
عَجَبِي! دَمِي ثِقَةٌ بِأَنْ لَنْ تَذْكُرِي
وَأَبِي سَيَبْقَى من عَبِيدِ الْقَيْصَرِ!
لَكِنْ أَسِيرُ بِرِجْلِ قَلْبِي نَحْوَ قَبْري حَافِيًا مِنْ فَوْقِ شَوْكِ تَوَتُّرِي
وَأُصِرُّ أَنْ أَبْقَى شَهِيدَ مَحْبَّتِي لَكِ
رَغْمَ أَنَّ هَوَاكِ مِثْلكِ عُنْصُرِيّ

هناك تعليق واحد: