« العالم » ترصد ملامح المشهد الثقافي في القاهرة
كتاب مصريون: إقصاء الادباء من الحوار دليل عداء ولا خوف من الإخوان على حرية الإبداع
القاهرة - محسن حسن
المعركة على أشدها في مصر، بين دعاة الثورة
الثقافية والتغيير الأمثل والحقيقي لما عساه يعرقل تقدم المجتمع المصري نحو
نهضة توعوية فاعلة، وبين المتشبثين بمقاعدهم ومناصبهم بغير حق في أروقة
المؤسسات الثقافية المصرية، وفي خضم هذه المعركة المشتعلة يحلو لأقطاب
الاستبداد الثقافي الوظيفي في مصر، ممن هيمنوا على مؤسساتها الثقافية
والتنويرية بقوة وبطش نظام المخلوع مبارك، يحلو لهم أن يشعلوا معاركهم
الوهمية هنا وهناك من أجل إشغال الرأى العام عما يدسونه في جيوبهم من أموال
الدولة المصرية ومن الصناديق الخاصة ومن ميزانيات الطبع والنشر والمؤتمرات
المعدة خصيصاً للتطبيل لهم ولما يروجونه من فكر هجومي أعمى تجاه كل تغيير
ثوري على المستوى الثقافي والإبداعي، وهؤلاء جميعاً معروفون سلفاً للمصريين
بكتاباتهم الصحفية والمسرحية المادحة للنظام القديم بفلوله وشخصياته
المحشورة الآن بسجن مزرعة طرة، هذا هو المشهد الثقافي المصري باختصار هذه
الأيام . ويأتي بيان اتحاد كتاب مصر الصادر مؤخراً اعتراضاً على استبعاد
أعضاء الاتحاد من اجتماع الاتحادات النقابية والمهنية مع الرئيس محمد مرسي،
ليضيف بعداَ آخر من أبعاد المشهد الثقافي المصري، من حيث كونه يدل على
انقطاع الصلة بين المؤسسات الثقافية الرسمية وبين المؤسسة الرئاسية، إما
بعمد أو بغير عمد لكن الواضح دوماً في كل هذا هو ارتفاع نبرة الاتهام
والمعارضة لدى القائمين على المؤسسات الثقافية في الوقت الذي تنفي فيه
الرئاسة أية نوايا سيئة تجاههم، وبالطبع يبقى الإخوان المسلمون هم الوسيلة
المفضلة للطعن في كل شيء في مصر وليس الثقافة وحدها، في الاستطلاع التالي،
حاولنا معرفة ما يدور في أذهان أعضاء اتحاد كتاب مصر بخصوص البيان الصادر
عن رئيسهم، وكذا ما يدور في أذهان الطرف الآخر.
استياء واطمئنان
من جانبه عبر الدكتور "جمال التلاوي"، نائب
رئيس اتحاد كتاب مصر، عن رأيه في بيان الاتحاد مقرراً أن سبب البيان هو
استياء اتحاد الكتاب ـ كنقابة رأي ـ أن يتم تجاهله للمرة الثالثة على
التوالي؛ مرتين فى اختيار تأسيسية الدستور و كان المسئول عن ذلك أغلبية
مجلس الشعب و يمثلها الإخوان - ثم دعوة الرئيس لكل النقباء باستثناء نقيب
اتحاد الكتاب . ويؤكد التلاوي على علاقة الرئيس بالإخوان مؤكداً أن أعضاء
الاتحاد يدركون أن الرئيس لن يجلس و يكتب بنفسه من يحضر و من لا يحضر و
إنما فريق العمل معه وهم نفس حزبه أو توجهه، وحول هاجس التخوف من الإخوان
أعرب نائب رئيس الاتحاد قائلاً: بصفتي الشخصية ككاتب و مثقف و ليس بصفتي
النقابية، لا أرى أي تخوف من الإخوان على حرية الرأي و الإبداع بل أرى أن
من يتخوف من ذلك يهوّل الأمور كثيرا، لهذا أنا لا أرى أي مشكلة في هذا
الصدد وأرى أن مسيرة حرية الإبداع إلى الآن تسير كما هي بل وأكثر حرية من
قبل.
دليل عداء
أما عضو اتحاد كتاب مصر عن محافظة المنصورة
الكاتب "محمد خليل" فقد أعرب عن رأيه في البيان قائلاً: نعرف أن الأنظمة
الدكتاتورية دائما لاتتوافق مع المثقفين والمبدعين الذين يدافعون عن حقوق
المهمشين وحرية التفكير، وطبعا نعلم جميعا أنه لولم يكن التفكير لما كان
التقدم العلمي الذي تنعم وترفل فيه هذه الأنظمة، وفي مصر وبعد هذه الثورة
العظيمة ووصول الإخوان إلى الحكم كان ولابد من أن يحسن هذا النظام التعامل
مع الكتاب والمبدعين لصالح الناس من ناحية والنظام من ناحية ثانية، ولكن
ماهو التفسير لإقصاء نقابة مهنية مهمة غير العداء لأصحاب هذه المهنة التى
تعمل فى مجال التثقيف والتنوير، وكان من الواجب على الرئيس مرسى أن يحرص
على لقاء المبدعين لقاء خاصا يستمع إلى أفكارهم ورؤاهم. وحول توقعاته
للصدام القادم بين الطرفين، قال خليل: إذا حدث صدام فسوف يكون صداما عقليا
وفكريا، فالكتاب ليس لديهم مليشيات تعيش فى الجبال أو الكهوف، إنما صدام
المثقفين من أجل حياة ديمقراطية واجتماعية يتحقق فيها العدل والحرية، ولابد
لمؤسسة الرئاسة أن تتجاوز فكرة الصدام العنيف مع المثقفين أو إقصاء أصحاب
الرأى فليس هذا من صالح أحد، خاصة وأن الثورة ما تزال قائمة وقد تشتعل مرة
ثانية وفى أى لحظة.
واعتبر عضو اتحاد كتاب مصر أن الإقصاء
المتعمد للاتحاد، هو ما يستند إليه الاتحاد فى اتهامه للإخوان، مستشهداً
بأنه شخصياً شارك فى إحدى اللجان التي طافت محافظات مصر تحت شعار (اكتب
دستورك)، وأن مشاركته هذه لم تكن بصفته كاتباً، إنما بصفته رئيساً لإحدى
الجمعيات.
بين الاقتصاد والثقافة
ومن جهته صرح عضو المجلس الأعلى للثقافة،
القاص "أحمد طوسون" للعالم قائلاً: مشكلة الرؤساء عندنا أنهم يعتقدون أن حل
أزمات بلادهم في مفتاح سري لا يملكه إلا الاقتصاديون وحدهم ولعل هذا أحد
أهم كوارثنا التي نعيشها وأدت بنا إلى البقاء في ذيل الدول النامية
والنايمة في العسل، ولا أعرف لم يتوارث هؤلاء الساسة الفكرة
"الجوبلزية"(نسبة إلى السيد جوبلز وزير خارجية هتلر) عن الثقافة والمثقفين
فهم دائما يتحسسون مسدساتهم في مواجهة المثقفين، استبعاد اتحاد كتاب مصر من
لقاء الرئيس مع النقابات والاتحادات المهنية أراه متعمدا ويعكس مؤشرا
خطيرا في نظرة الدولة ممثلة في منظمة الرئاسة ونظرتها للثقافة والمثقفين،
فاتحاد الكتاب سواء اتفقنا مع مجلس إدارته أو اختلفنا معه يبقى هو الممثل
الشرعي للكتاب و المثقفين ومجلس إدارته جاء عبر صناديق انتخاب نزيه وتجاهله
هو انعكاس لعداء التيار السياسي الحاكم لكل من له صلة بالوعي والخطاب
الثقافي وعلى رأسهم الكتاب والأدباء، وقد رأيت في بيان الاتحاد الذي يتهم
الإخوان بمعاداة الكتاب والمثقفين الحد الأدنى لرد الفعل تجاه هذا التجاهل
الذي يسيء لصورة الدولة المصرية التي تفتخر بأن أهم ثرواتها نجيب محفوظ
وزويل وغيرهما من رموز الثقافة والعلم، وقد عمد التيار السياسي الحاكم على
استبعاد وتجاهل اتحاد كتاب مصر أكثر من مرة لعل أهمها تجاهل ترشيحاته للجنة
التأسيسية للدستور، أو تمثيل الاتحاد بها.
أما عن الصدام فأنا أعتقد أن الصدام إن حدث
فهو يحدث من جانب السلطة لأن المثقف عليه أن يقول كلمته صريحة وصداحة في كل
وقت وأن يمارس دوره كضمير للوطن، فإما أن يستوعبه الوطن أو يضيق به
وبأفكاره وفي الحالتين نحن لا نملك إلا أن نقول كلمة الحق وفق ما ترتضيه
ضمائرنا، ومما لا شك فيه أن هذا يزعج بشدة التيارات التي تعمل على تغييب
الوعي فتسارع بإلقاء التهم في وجه مخالفيها أو تمارس القمع أو تمارس ما هو
أبشع متمثلا في القتل المعنوي الذي يمارسه البعض.
تدمير ثقافي
وبشكل مخالف لكل ما سبق، اعتبر الشاعر ضياء
الجبالي أن اتحاد كتاب مصر الحالي هو أحد المعوقات الثقافية في مصر، لما
يصدر عنه من أخطاء فادحة منها المالي ومنها الإداري، معتبراً أنها أخطاء
أدت إلى تدمير قطاع الثقافة والأدب والشعر، بل دمرت كافة الصروح الثقافية
لدى المصريين، وشوهت فكر ووعي الشعب المصري، ويقرر الجبالي أن تلك الأخطاء
ما زالت ترتكب إلى الآن، بل وتستهدف تكريس النفاق للرئيس المخلوع
وللاستعمار العسكري الإجرامي لمصر، معتبراً أنه لن ينصلح حال الثقافة
والأدب في مصر؛ إلا بعد أن يتحد مثقفو وأدباء مصر المخلصون والصادقون؛ لعزل
وإقالة لصوص ومجرمي ومنافقي عصابة الثقافة والإعلام المصري؛ المعروفين
للجميع.
http://www.alaalem.com/index.php?aa=news&id22=49893
موضوع ممتاز جدا شكرا لكم
ردحذف
ردحذفVielen Dank ... Wo neue Themen?