الصفحات

2012/09/03

كلام في الرواية (3) إعداد: خيري عبدالعزيز



كلام في الرواية (3)
إعداد: خيري عبدالعزيز
ثالثا الحوار
"الحوار من أكثر الأشياء قبولا في الرواية طالما أنه ينمو لسرد القصة الرئيسية"
أنطونو ترولوب

    وبصفة عامة يجب أن يشذب الحوار ويوجه لما هو ضروري في حركة الرواية وتحديد معالم الشخصيات, ويجب التنبيه أن لكل شخصية من شخصيات الرواية لها لغتها النابعة من ثقافتها وبيئتها فهناك مثلا عشرون طريقة مختلفة لقول "نعم" كل شخصية تقولها حسب ثقافتها, فمثلا لو طلبت أحد شخصيات الرواية غلق الباب من شخصية أخري فمن الممكن أن تكون الإجابة احد الإجابات التالية "نعم, حاضر, بالتأكيد, ولما لا, نعم سأفعل, سأفعل بالتأكيد, تحت أمر, تؤمر سعادتك, خدامك.. الخ" هذه الإجابة تعتمد علي طبيعة الشخصية المطلوب منها غلق ذلك الباب وكذلك الشخصية الطالبة لذلك, وهذا يحتاج إلي تفهم تام من الروائي لطبيعة الشخصيات وتكوينها الثقافي والبيئي..
التساؤل الآن: كم من الوقت يجب للشخصية أن تتكلم؟..
يقول أنطونو ترولوب:
 "ليس علي الشخصية أن تتفوه أكثر من اثنتي عشرة كلمة في الزفير الواحد ما لم يستطع الكاتب أن يجد مبررا لدفقا أطول للحديث بفعل خصوصية المناسبة"
   وعلي وجه العموم الحوار لا غني عنه في أي عمل روائي فمن الممل كتابة عمل روائي بأكمله في صورة سردية, حيث أن الحوار الجيد هو أسهل طريقة للكشف عن هوية الأبطال وثقافتهم وبيئتهم وطريقة تفكيرهم, كما أنه أحيانا يطرح حالة من الجدل الفكري بين الشخصيات تثير عقل القارئ وتمتعه ذهنيا, ولكن بعض النقاد والروائيين يرون أنه أيضا يجب ألا يكون مفرطا؛ بمعني ألا يتجاوز بأي حال من الأحوال ثلث العمل الروائي..
       ويمكن تلخيص أهم العناصر التي يجب أن تتوفر في الحوار الجيد الموظف بحرفية لخدمة العمل الروائي في النقاط التالية:
1-             أن يكون قصيرا مركزا, موظفا توظيفا دقيقا, مصيبا الهدف المرجو منه مباشرة..
2-             احذر بما يسمي بحوار البنج البونج, حيث الجمل تتقدم وتتأخر بشكل آلي دون إحراز هدف يذكر فيما يسمي بالسفسطة الحوارية التي لا طائل من ورائها, أو بمعني أخر التحدث في فراغ, وهذا يعمل علي حشو الرواية بالتفاهات وترهلها..
3-             تذكر أن قدرا كبيرا من أحاديث الناس في الحياة منصبا علي إخفاء الحقيقة أكثر من الكشف عنها؛ فلا تجعل الحوار سهلا ساذجا, ولكن اجعله يتمتع بقدر من المراوغة تحفز عقل القارئ علي التفكير واستنباط الحقائق؛ ليشارك في العمل بشكل أكثر تفاعل, من حيث تحليل الأحداث والشخصيات, بل وتوقع الأحداث المستقبلية, مما يجعل العمل أكثر تشويقا بالنسبة له..
4-             تجنب استخدام اللهجات العامية حيث أنها تضع صعوبات جمة أمام القارئ في مناطق أخري, ولكن ينبغي أيضا أن تتلاءم اللغة مع الشخصية, فلا يجوز أن تتحدث شخصية بسيطة بالفصحى المتقعرة, ولكن يمكن معالجة ذلك بأن يفصص الكاتب الفصحى ذاتها إلي دراجات؛ لتتحدث بها الشخصيات كل فيما يلائمه, وتذكر دائما أنك تعرض شخصيات كما هم في الحياة لا كما تريد أنت؛ ولهذا يجب علي الروائي أن يسمح لشخصياته أن تتحدث بمفرداتها الحقيقة..
المراجع:
1-             صنعة الرواية "دايانا داو بتفاير"
2-             كتابة الرواية من الحبكة إلي الطباعة "لورانس بلوك"


   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق