الصفحات

2012/09/21

بيان لحركة نحن هنا: مجالس أمناء قصور الثقافة خطوة إيجابية ولكن..



                                                                                            
بيان رقم 16
مجالس أمناء قصور الثقافة
خطوة إيجابية ولكن...
ــــــــ

     اللامركزية وتوسيع دوائر المشاركة ورفع مستوى الخدمات الثقافية والتأكيد على جودتها وقدرتها على الارتقاء بوعى المواطنين أينما كانوا وأياً ما كان مستواهم الاجتماعى وقدراتهم الاقتصادية، مطالب رفعتها حركة (نحن هنا) الأدبية وستظل ترفعها باعتبارها ضرورات لا غنى عنها  لرقى هذا الوطن.

     من هنا ترى الحركة أن التوجيه الصادر من وزير الثقافة الدكتور محمد صابر عرب للهيئة العامة لقصور الثقافة بتوخى الجماعية فى إدارة الشأن الثقافى من خلال مجالس أمناء لقصور الثقافة بالفروع الثقافية الموزعة على أنحاء الجمهورية هو توجيه إيجابى الصفة فى عمومه، ويمثل استجابة لمطلب طالما رفعه المثقفون، وانتهت إليه الأبحاث العلمية التى كان المجتمع الثقافى المصرى موضوعاً لها، ونادت به الحركة، ذلك المطلب الذى يؤكد على ضرورة الأخذ بنظام لامركزية الإدارة، ليس فى الهيئة العامة لقصور الثقافة وحدها، وإنما فى جميع المؤسسات الثقافية التى تشرف عليها الوزارة.

     غير أن الحركة ترفض ما جاء بهذا التوجيه من حيث حث رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة على مخاطبة المحافظين والأحزاب السياسية (بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدنى) لترشيح من يرونه مناسبا لعضوية هذه المجالس، وتحفظ الحركة مبنى على عدة أمور:

أولها: أن الاستعانة بالمحافظين فى عملية الترشيح هذه تؤثر بالسلب على القدر النسبى اليسير من الاستقلال الذى يتمتع به العمل الثقافى فى المحافظات، وتتيح للمحليات استغلال مقدرات الوحدات التابعة للفروع الثقافية وتوظيفها لخدمتها وليس لخدمة الحركة الثقافية المحلية، وما فشل تجربة المجالس المحلية (العليا) للثقافة عنا ببعيد، وكان من أهم أسباب هذا الفشل تبعيتها للمحافظين. والاحتجاج بأنها مجرد ترشيحات وأن القرار قرار الهيئة العامة لقصور الثقافة ووزارة الثقافة، بعد الفرز والمواءمة، مردود عليه بأن آليات العمل التنفيذى فى مصر لا تتيح رفض ما يرشحه المحافظون، أولئك الذين يتمتعون بسلطات رئيس الجمهورية فى محافظاتهم ويطبقون مع هذا سياسات مرسومة مركزياً. إن تجربة مجالس الأمناء ليست بجديدة على وزارة الثقافة، إذ سبق تشكيل مجالس لأمناء المتاحف التابعة لقطاع الفنون التشكيلية بالوزارة دون لجوء إلى المحافظين، أو استعانة بالأحزاب السياسية.

ثانيها: إشراك الأحزاب السياسية بمسمياتها فى عملية الترشيح، يقلق كثيرين من المثقفين باعتبارها الخطوة الأولى لسيطرة أحزاب بعينها على واحدة من أهم المؤسسات المؤثرة فى البنية الفكرية والوجدانية داخل المجتمع المصرى، فضلاً عن أنه يحيل العمل الثقافى بالمحافظات إلى ساحات للتنافس على بسط النفوذ، فالأحزاب السياسية القائمة تنظر للأنشطة الثقافية، أدبية كانت أم فنية، باعتبارها وسائط للعمل الجماهيرى ليس إلا. وفى ذات السياق تدعو الحركة المسئولين فى الهيئة العامة لقصور الثقافة ووزارة الثقافة إلى تخيل حال أى حزب سياسى خلى مجلس الأمناء المختار من مرشيحه. وتتساءل الحركة عن الضرورة التى تلزم الاستعانة بالأحزاب السياسية فى ظل الواقع المريض الذى تعيشه مصر الآن والوحدات التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة مفتوحة لروادها من كل الانتماءات الفكرية والسياسية دونما تمييز أو تفرقة؟

ثالثها: المنطق يستدعى  تحديد أهداف واختصاصات وصلاحيات مجالس الأمناء هذه وشروط عضويتها قبل ترشيح واختيار أعضائها، وفى هذا السياق تذكر الحركة بالمجالس الاستشارية التى شكلت فى الأقاليم الثقافية وفروعها بقرار من رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة السابق الدكتور أحمد نوار، وكانت تجربة جديدة أفرزت العديد من الأفكار البناءة، لكنها لم تر طريقها إلى التنفيذ بسبب العقبات المالية والإدارية التقليدية.

     وعليه فإن حركة (نحن هنا) الأدبية ترى أنه من الضرورى مراجعة هذا التوجيه، وتؤكد أن تطبيق مبدأ المشاركة فى المؤسسات الثقافية خطوة هامة على طريق إصلاحها، وأن لامركزية الإدارة فى هذه المؤسسات تتدعم بابتعادها عن المحافظين والأجهزة التنفيذية المحلية والأحزاب السياسية، وأنه للوصول إلى أفضل تحديد لأهداف واختصاصات وصلاحيات هذه المجالس وشروط عضويتها، فإن الإدارة الرشيدة تقتضى طرح أسئلة استبيانية بشأنها على مجتمع المثقفين، أو عقد جلسات استماع للممثليهم، أو دعوة جمهورهم للإدلاء باقتراحاتهم وتصوراتهم بشأنها، وبعد تجميع الحصيلة تصاغ منها مسودة تطرح على ذات المجتمع قبل أن تقوم الهيئة العامة لقصور الثقافة بإقرارها ووزارة الثقافة باعتمادها، وبعد ذلك يتم اختيار أعضاء هذه المجالس، وللهيئة العامة لقصور الثقافة تجارب سابقة فى هذا المضمار.

     إن الحركة تستشعر النية الحسنة الباعثة لهذا التوجيه، لكنها ترى أن بعضاً مما احتواه يستدعى إلى الأذهان المقولة المشهورة "إن الطريق إلى الجحيم محفوف بالنوايا الحسنة".

تحريراً فى 21 سبتمبر 2012م.
حركة نحن هنا الأدبية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق