الصفحات

2012/09/24

فرصة أخرى قصة بقلم: مريم سمير احمد



فرصة أخرى

مريم سمير احمد*
كتبت و هي تبكى (لقد رحل..كان هنا ثم رحل و أنا لا أستطيع العيش من دونه ... لذا قررت الانتحار سامحيني يا سارة ...أرجو أن يسامحني الجميع )  رُقَيَّة
ترقرقت دموعها المنسابة حتى استقرت على الورق المكتوب فطمست إحدى الكلمات إلا أن رقية لم تلتفت لها و قامت لتشعل شموعًا ما إن لمس اللهيب فتيلها حتى انتشرت رائحة ذكية في الجو، لقد كان لدى رقية اعتقاد غاية في الرومانسية عن الانتحار فتحت النافذة لتستنشق نسمة الفجر ثم أغلقته إلا من فرجة صغيرة و انسحبت إلى حجرتها في خفة، هبت نسمة قوية فأوقعت بعض الشموع على الأرض..
و في حجرتها رمت الأزهار على فراشها في عشوائية و شجن و اقتربت من مرآتها التي تراصت أمامها أمواس حلاقة و زجاجات صبغة يود و نفتالين و عندما نظرت إلى الأمواس شعرت بقشعريرة تملأُ جسدها من فكرة قطع شرايين اليد اليسرى؛ لذا فقد رفضت الفكرة على الفور وانتقلت إلى فكرة تجرع صبغة اليود أو التقام النفتالين و هذه الفكرة أيضا نالت الرفض القاطع منها فهي لم تكن تستسيغ أى شيء مر في حياتها فكيف تشرب صبغة اليود أو تأكل نفتالين؟ ، لذا قررت أن تصعد حتى سطح المبنى لترمي بنفسها من فوقه.. و ما أن فتحت باب حجرتها حتى هالها ما رأت لقد اشتعلت الشقة بالنيران نار صفراء كبيرة تأكل كل ما أمامها ، تملكها الهلع بضع دقائق إلا أنها سرعان ما فاقت و في رأسها هدف واحد هو أن تخرج من الشقة حية.. كانت منذ قليل حزينة تريد أن تفارق الدنيا و لكن الآن انتصر أقوى ما لديها غريزة الحياة فأمسكت ببطانية فراشها و أخذت تطفىء و تزيح بها النار عن طريقها حتى وصلت إلى باب شقتها و ما كادت أن تفتحه حتى اعترضت طريقها علاقة ملابس محترقة و أصبحت رقية محاصرة من خلفها النيران ومن أمامها.. كان الحر شديد و أحست بروحها تخفق بين ضلوعها تطالبها بالاستسلام و بأنها في النهاية كانت تريد الانتحار إذن النتيجة واحدة.. و لكن لم تستمع لما يدور في نفسها بل قررت أن تنجو بنفسها تحت أي ظرف أو على الأقل تموت و هي تحاول، اندفعت نحو باب الشقة  وبالبطانية التي في يدها أزاحت علاقة الملابس و فتحت الباب هاربة  و في الخارج تنفست الصعداء..كان الهواء ساخنا و يحمل رائحة الحريق إلا أنها كانت أسعد ما يكون بهذا الهواء فهي لا تزال على قيد الحياة و هذا أول دليل على ذلك.. و في الصباح كانت في عملها نشيطة سعيدة مما جعل زملائها يتسألون كيف تكون سعيدة و البارحة فقط أحرقت شقتها و عند منتصف النهار جائها معتذرًا يحمل أزهارًأ وشيكولاته يطلب الغفران و إمكانية الرجوع إليها نظرت له باسمة ثم قالت : لقد هجرتني البارحة لذا نويت الانتحار و اليوم أنا أسعد ما أكون لكوني لازلت على قيد الحياة.. لقد أعطاني الله فرصة أخرى و هي فرصة غالية حقا لذا فإنك لا تستحق أن أهدرها معك..
*السويس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق