الصفحات

2012/12/24

طحين المجاملة بقلم : حسين الأقرع


طحين المجاملة   
  بقلم : حسين الأقرع / الوادي . الجزائر  
النّقد باب الجودة , ولن تقوم القائمة لأيّ عمل إذا لم يـمرْ على صراط الأخذ والرّدّ , فبالرَّغم من المكاره التي تحفّه , إلاّ أنّ العاقبةَ خيرٌ وأبقى ... من هنا تبدأ الخاتمة .
العلقم مُرّ , وتبًّا لمن أصرَّ على أنَّه أحلى من السُّكَّر , ونِتَاج النِّفاق أمر, حين تقتحمُ الرَّداءةُ عرينَ التَّميُّز , فما رأيت , وما سمعت , وما خطر على بالي مصيبة أعظم من مصيبة المجاملة في غير موضعها , أو المبالغة فيها حتى لمن يستحقّها , فهي بحسب التَّشخيص وتكرار الفحص والتَّمحيص لَداء فقدان الإبداع , تُشِلُّ الفكر وترسم الصِّفر ولها مزَالق أخرى .
وعندما نتحدَّث عن إفرازات المجاملة , وشَرَرِ الجهل الذي ترميه على عجل , فلا يمكن أن نحصرها في جانب معين , فالشَّاعر وقرضه للشِّعر , والجامعي وتصفبفه للشَّعر !! والسّاسة والسِّياسة ... إلخ ... فكلّ ما يتعلق بالحياة الإنسانية فهو في حيِّز الخطر إذا نفثت المجاملة سُـمَّها عليه , فالمجاملة من أجل جَلب مصلحة على حساب فِكر له ما بعده ... لهي الهاوية بحقِّ اليقين وعلم اليقين وعين اليقين , وإنها والله موت للمُجَامَل لا بعث بعده .
فاللَّبيب من يرسم لِـخطوه معلمًا متعامدًا متجانسًا , ولا يسمع إلاّ من مختصّ , ولا يحسب أنّ مقياس الاختصاص الشّهادة , فقد يَجدُ حمارا في جلد إنسان ويحمل من الشّهادات الكثير !! , وعلى النّاقد أن لا يُبَدِّل النُّون راءًا فيصبح بِحدِّ ذاته علامة استفهام , وأن يجعل الضَّمَّة منهاج حياته , فقيمته بِـحسب ثقل شخصيّته , فالقوي الأمين من يؤثّر بإيجابية لا متناهية , لِيكون الـحُمَام لا الـحِمَام .
فما الانحطاط الذي تسبح فيه الأمّة العربية في جميع المجالات إلاّ نتيجة للتّصفيق وإرسال التَّهاني والأماني للفاشلين على حساب النَّاجحين , فهيهات أن يتقمَّص الغراب شخصيَّة الطاووس ...
فالمجاملة لها حدّ وتكون من باب التّشجيع للمبتدئين ولو أخطأوا , وهذا حسب معايير تحدّدها الأخلاق , أمّا من له في القوم نحو فخطأ منه له عطبه , فالأحسن التّشديد من غير تعنيف ولا يمكن نسيان أنَّ آخر العلاج الكي , فالحقّ أحق وما خاب من صدق , ولو تَسبَّب الصِّدق في نَتْف ريشه , وتكدير عيشه , وتعجيل نعشه ... فالنَّجاح فعل وقول , لأنّ النّاجحين أفعالهم تسبق أقوالهم وقد يُغْني الفعل عن الحديث ... هنا تنتهي المقدمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق