الصفحات

2012/12/30


أشرعة حسن النجار في أفق القصيدة العربية المعاصرة

  د. محمد عبد الرحمن يونس
 حسن النجار, شاعر عربي مبدع استطاع أن يثبت حضورا جماليا إبداعيا متميزا في الخطاب الشعري العربي المعاصر, وهو يعد من الجيل الثاني من جيل الرواد, الجيل الذي قامت على يديه معمارية القصيدة العربية المعاصرة تشكيلا ورؤية وإبداعا ، هذا الجيل الذي كان له دور كبير في رسم معالم الخطاب الشعري المعاصر.

 وحسن النجار مخلص في كتاباته الإبداعية , وطني نبيل في انتمائه  وثقافته وقومي مبدع في توجيهات خطاباه الشعري ، وأممي في همومه وبعده الإنساني . ولا نغالي إذ قلنا انه من أكثر شعراء جيله عطاء إبداعيا وإخلاصا لفنه ورؤى قصيدته. لماح قادر على استنفار الشرط الإنساني المعرفي وتوظيف هذا الشرط على صداقته وفنه وأدبه .

 تعددت مواضيع خطابه الإبداعية, فقد كتب للثورات العربية. وكتب للأحلام العربية الملغاة, و يطمح إلى وطن حضاري تتحقق فيه إنسانية الإنسان وكرامته وحريته . وكتب قصائد جميلة ملونة بشفافية البحار, وجمال الأشرعة المرتحلة صوب مدن نظيفة لم تتلوث بعد .

 وتعد قصائده  في المرأة وشفافيتها, وجمالها من أجمل التجارب العربية في القصيدة العربية المعاصرة .
عمد حسن النجار في خطابه الشعري على جملة قصيرة مكثفة في بعدها الاشاري والدلالي ,  تارة تميل إلى ترميز وتارة تستمد بعض مكوناتها من الإرث المعرفي التاريخي  والأسطوري .

لقد قرأ التراث العربي قراءة الفاحص المتبصر بجماليته, وامتداده الزمني والتاريخي, ومن هنا نجد إشارات عديدة إلى رموز من هذا التراث  واطلع على الأساطير العربية القديمة,ووظفها توظيفا جماليا إبداعيا في خطابه الشعري متجاوزا دلالتها القريبة , لتصبح في خطابه ذات بعد حضاري وإنساني. ومعاصر تشير إلى الهم العربي في واقعه وامتداده داخل جسد الأمة الواحد .

 إننا عندما نقرا قصيدة حسن النجار فإننا نقرا تجربة عميقة في بعدها وفي لغتها,وفي رؤيتها , واستشرافها لمستقبل يتمناه الشاعر مشرقا قادرا على تخطي واقع الاستلاب والهزيمة بكل أبعاده ،هذا الواقع الذي يخيم على الذات العربية عقودا طويلة, واسهم في تعطيل طاقتها وقدرتها على ان تكون ذات فعالية مبدعة .

لم تكن قصائد حسن النجار تعبيرا عن هم فردي, وداني ضيق, بل في بنيتها العميقة تعبير صادق عن هم جمعي إنساني في رؤيته وأطروحاته .
ورغم بلوغه الخامسة والسبعين لازال يكتب بهمة الشاعر الشاب المتدفق , والقارئ التواق الى مزيد من التحصيل المعرفي.
 إنني وإذا احتفي من بعيد بقصائد هذا الشاعر المبدع فإنني احتفي احتفاء القارئ المحب للشعر واحتفاء الصديق واحتفاء الباحث عن جماليات الخطاب الشعر المعاصر .
ومن حق الشاعر حسن النجار علينا أن نحتفي بشعره وان نوليه مزيدا من الدراسة والنقد والتحليل, طالما نحن نحتفي بالشعر المعاصر وآفاقه وتجلياته .
وإنني أرى وفاء لهذا الشاعر الذي اخلص زمانا طويلا لهم قصيدته وبعدها المعرفي وبالتالي لهم الشعر العربي المعاصر في بعده ، أن تقوم شعب الدراسات العليا في الجامعات العربية المعاصرة بدراسة شعر هذا الشاعر الكبير وحق طلابنا الباحثين على تسجيل بعض مواضيع رسائلهم وأطروحاتهم الجامعية في بنية الخطاب الشعري وأبعاده عند حسن النجار، لان المواضيع التي طرحها  في شعره قادر على إثارة المزيد من الإشكاليات النقدية ، وبالتالي المزيد من الدراسات لشعر هذا الشاعر الثر المتدفق نبلا وسحرا وجمالا , وبعدا متعدد الاتجاهات ومن هنا تأتي أهمية دراسة شعر هذا الشاعر وأهمية الرسائل الجامعية التي تتناول شعره لأنها ستضيف جديدا إلى حركة النقد العربي المعاصر وبخاصة نقد الشعر, وأفاق الجديد.
إن ماأكتبه الآن عن حسن النجار ليس دراسة معمقة ، وهو يستحقها ، وليس تقدمة ، بل هي اقتراب من شاعر كبير نضجت علي يديه وعلي أيدي جيله من الرواد أجيالا متعاقبة من الشعر .

      __________________

  د. محمد عبد الرحمن يونس

أستاذ بجامعة جين جي الوطنية –تايوان- الصين

رئيس قسم اللغة العربية في كلية اللغة العربية بجامعة ابن رشد- هولندا- التعليم المفتوح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق