في عام1984 استلمت العمل كمدير لإحدى المدارس الخاصة . كنت قد اكتسبت خبرة
لا بأس بها خلال عملي في عدد من المدارس . وقد أهلني ذلك لمهمة الإدارة
وأثناء اطلاعي علي سجلات التلاميذ في المدرسة لاحظت اسم زرزور . وكنت قد
قرأت اشعار في بعض المجلات الثقافية . استدعيت التلميذة التي تحمل هذا
الاسم وحين سألتها قالت في فخر واعتزاز نعم انا ابنة الشاعر احمد زرزور طلبت منها رقم التليفون وهاتفته وقلت له أنني مجرد هاو ومتذوق للأدب بنثره وشعره ؛ شعرت بمدي السعادة في صوته وهو يقول لي --- أتمني أن تشارك معنا في ندوة الأربعاء بورشة بولاق الدكرور
. سررت كثيرا بهذه الدعوة واشتقت إلي عودتي مرة اخري لهذا المجال الذي
عشقته منذ الصغر. كنت أسكن خلف المكتبة حيث تقام ندوة الأربعاء أو مسمي
الورشة الأدبية وقد صك هو هذا المصطلح قبل غيره زرزور هو المايسترو في
هذه الورشة-همزة الوصل بين جميع الاصدقاء ومركز تجمع كل الأفكار والجهود
وإعادة بلورتها في سياق ثقافي يتفاعل فيه الجميع. مثل مجلة جسور التي
أنجزناها بالجهود الذاتية وقد صدر عدد واحد منها عام 87 . وباعتباره مثقفا
عضويا قادنا الي التنوع الثقافي والالتزام بالمجتمع الذي نعيش فيه . لم
ننشر قصصا واشعارا ومقالات فحسب وانما أجرينا حوارا مع المفكر الإسلامي
محمد عمارة وقمنا بتحقيق عن مشاكل التعليم والتقينا برئيس قطاع بولاق
الدكرور التعليمي الراحل محمد ربيع . وتطرق الحوار الي كل صغيرة وكبيرة في
مجال التعليم في هذا الحي الذي عرفنا فيما بعد ،أنه عشوائي . ثم توالت
الإصدارات بعد ذلك مسار 1؛ مسار 2 ؛مسار 3 اجتهد زرزور في صياغة مشروع يجمع بين الفكر الاسلامي المستنير والافكار اليسارية . فقد كان اشتراكيا حتي النخاع اختلفنا كثيرا . ومع كل اختلاف تزيد أواصر الصداقة بيني وبينه.
تحمل زرزور الجميع واستوعبهم . حازم شحاته وخيري عبد الجواد ومجدي ابراهيم
. سمير عبدالفتاح وعبده الزراع . سيد دعبس. وكوثر مصطفي ومصطفي الماحي
ونادر ناشد وبدوي راضي؛ . محمد سعيد .أحمد التبينى .ابن النيل هلال. محمد
عبد الراضي؛ محمد حامد . وانضم لنا أخيرا شوقى عبدالحميد فى نادى أدب
الدقى الذى يعتبر امتدادا لورشة بولاق الدكرور ومديره سيد جمعة . وفي
مجال الغناء احمد فكري وعلي الهلباوي وكثيرين أخرين . وفي الورشة لم نترك
كاتبا أو أديبا إلا واجرينا لقاء معه. منهم . عبدالمنعم تليمة . الغيطاني
والقعيد وادوارد الخراط؛ . حلمي سالم وحسن طلب . عمر غراب وايهاب البشبيشى
. ؛محمد جبريل؛ ومنتصر القفاش ونعمات البحيري . يسرى العزب . محمد
جبريل . زينب العسال .وغيرهم كثير تميز زرزور في كتابة قصيدة النثر ولكنه كان أكثر جمالا في الكتابة للطفل وقد قلت له يوما: سوف تكون واحدا من أهم الكتاب في مجال الكتابة للأطفال.
وبعد ذلك بسنوات قلائل حصل علي جائزة الدولة التشجيعية في أدب الأطفال عن
ديوانه ؛؛ويضحك القمر؛؛ وانطلق في عالم الكتابة للأطفال إلي أن أصبح رئيس
تحرير مجلة قطر الندي هذه المجلة التي كان له فضل كبير مع اخرين في اصدارها
وتميزها ومع ذلك فقد عاني كثيرا من بعض المسئولين الكبار حين ارادوا
إزاحته عنها لم تكن ؛؛قطر الندي؛؛ بالنسبة له مجرد مجلة بل كانت معشوقته وأثناء هذا الصراع الدائر والذي كان فيه مقاتلا شرسا وعنيدا تناوبت عليه الامراض من سكر وكبد وغيرها
ويرجع الفضل اليه في توجيهي الي مجال النقد والترجمة . واستفدت منه كثيرا
وكنت أقول أمام الجميع لقد خرجنا جميعا من معطف زرزور تيمنا بعبارة تكررت
كثيرا فى الأدب الروسى .خرجنا جميعا من معطف جوجول تضايق البعض من هذه العبارة. كثير من الناس لا يعترفون بفضل الاخرين عليهم ويغضبون لو ذكرّهم احد بذلك . لكنه كان يستوعب الجميع .
ترقي زرزور فاصبح مسئولا كبيرا في الهيئة العامة لقصور الثقافة إلا أنه
لم ينقطع عنا ولم ننقطع عنه . كان يحب ونس بولاق الدكرور ولمة الناس
والإحساس بالدفيء الإنساني. هذا الرجل الطويل النحيف رقيق القلب
والمشاعر . هذا الوجه المبتسم الذي يجعلك تحبه عند أول لقاء .وفي اخر سنوات
حياته عاش وحيدا في شقة متواضعة . لم يكن طموحه ماديا علي الإطلاق .
وكان ذلك سببا في مشاكل عائلية كثيرة . أهم ما يعنيه أن يجد قوته المتمثل
في وجبة متواضعة لا تتعدي الفول والبصل وكتابا يقرأه وورقة وقلما . كان
أقرب إلي المتصوفين رغم حبه وإقباله علي الحياه وكما عاش زرزور وحيدا مات وحيدا ولم يكن بجواره أحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق