الصفحات

2013/07/01

ابتهجوا بغير ما إسراف.. بقلم: قاسم مسعد عليوة



ابتهجوا بغير ما إسراف
قراءة سريعة لبيان القيادة العامة للقوات المسلحة
الصادر فى الأول من يوليو 2013م.

قاسم مسعد عليوة
     هو بيان واضح، حازم، حاسم. بيان يستدعى البهجة، بما اشتمل عليه من تأكيدات بأن القوات المسلحة لن تدخل دائرة السياسة أو الحكم، وأنها لن تخرج عن دورها المرسوم لها فى الفكر الديمقراطى الأصيل النابع من إرادة الشعب، مما يعنى انحياز القوات المسلحة إلى الديموقراطية وإلى الشعب. هو بيان مبهج لأنه أشار (وإن ظلت مجرد إشارة) إلى أن نية قادة لقوات المسلحة متجهة إلى عدم الزج بالجيش فى المعترك السياسى، ولأنه أشار بإصبع الاتهام إلى نظام الحكم وممارساته التى أضرت بالأمن القومى للدولة وعرضته لخطر شديد، ومن محاسن البيان إشادته بتصميم الشعب على الخروج إلى الشوارع والميادين بهذا القدرالهائل، وبهذا الشكل الباهر، بكامل حريته، واعترافه بأنه خروج مثير للإعجاب والتقدير والاهتمام على كل المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.
     بجملة واحدة هو بيان يعلن الانحياز للشعب المصرى والاحتكام إليه.

     لكن.. وآه من لكن.. لنتوقف عند الآتى ونتدبره:

  •  لم يتضمن البيان أية قرارات، ولم يعلن عن أية خطط.
  • فقط هى دعوة أخرى لتلبية مطالب الشعب فى مهلة حددها بـ48 ساعة (بعد مهلة سابقة امتدت إلى أسبوع، ولم تلبها سلطة الأخوان المسلمين).. نعم هى دعوة مقرونة بتهديد للسلطة السياسية الحاكمة، لكنها والتهديد المصاحب لها، موجهان للجميع.. وكان ينبغى أن يوجه للسلطة الحاكمة فقط.
  • جمع البيان كل القوى السياسية فى زاوية واحدة، وهذا أمر يخالف العلمية، فثمة ظالم مستبد، وثمة رافض لهذا الظلم وذلك الاستبداد.

     ونلاحظ أن صفة السلطة الحاكمة لم تـُذكر فى البيان، لا هى، ولا هويتها السياسية.

     وإلى ما سبق أضيفُ ما يلى:

  • الإمهال الثانى، لمدة 48 ساعة، فيه إتاحة فرصة لجماعة الأخوان المسلمين للملمة ما يمكن لملمته، وتوفير إمكانية تهريب من وما يمكن تهريبه، حتى مع حظر السفر إلى الخارج.
  • تتيح المهلة لهذه الجماعة ـ إن استجابت ـ البقاء فى السلطة والإشراف على تنفيذ كل أو بعض مطالب الشعب الثائر، بتكتيكاتها وأساليبها وبقرارات منها، مما قد يفرغها من مضامينها.. وهذا ما لا يريد الشعب من هذه السلطة ضعيفة الخبرة، ذات التوجه الفاشى المعادى لأمانى وطموحات الشعب، أن تقوم به.
  • إن لم يحدث هذا وزال الحكم الأخوانى، بعد هذه المهلة الثانية، فإن إشراف القوات المسلحة على إدارة شئون البلاد هو إشراف موقوت، ومن الخارج، ومدته غير قابلةللمد. هذا ما ينبغى أن تكون عليه الأمور.
  • على القيادة العامة للقوات المسلحة، التى ندرك مدى وطنيتها، ألا تكرر أخطاء مجلسه الأعلى السابق، وفى المقدمة منها ضلوعه فى تسليم مقدرات البلاد لجماعة الأخوان المسلمين بإعلان مارس 2011م. الدستورى، بالرغم من تحذيرات القوى الثورية، وما استتبع ذلك من أخطاء، وكذا الممارسات الدامية التى كان بإمكانه أن يربأ بنفسه وبالقوات المسلحة عنها.
  • الدقة والسرعة والقابلية للتطبيق محددات لا غنى عنها عند رسم خارطة المستقبلالتى أعلن عنها البيان، هى وإجراءاتتنفيذها، ولا مندوحة من اشتراك جميع أطياف الشعب، يساره ووسطه ويمينه، فى رسمها، وفى صدارة المشاركين الشباب.. ثم الشباب.. ثم الشباب.
  • القوى الثورية حددت منذ البداية ما يعين على رسم هذه الخارطة، ولو كان قد أخذ بها لتجنبت مصر ما حاق بها من ويلات، وأهم هذه التحديدات
1.  تسليم السلطه لرئيس المحكمة الدستورية العليا، و/أو  تشكيل مجلس رئاسى مدنى (بصفةمؤقتة ـ خلال الفترة الانتقالية).
2.  تشكيل وزارة مصغرة تملك الخبرة والكفاءة تعمل على تلبية وإدارة احتياجات البلاد (خلال الفترة الانتقالية).
3.    تعديل الدستور والاستفتاء عليه.
4.     الدعوة إلى انتخابات رئاسية وأخرى نيابية (فى نهاية الفترة الانتقالية)..
     وبعد..
     فإن مهلة الـ48 ساعة القادمة، بل والساعات والأيام التى تليها، على قدر كبير من الخطورة، وتحتاج إلى مزيد من اليقظة والاتحاد، فالمأزق الذى احتوى جماعة الأخوان المسلمين، ومن لف لفها ودار فى فلكها، قد يدفع بها إلى أفعال يائسة ربما أربكت الشارع المصرى كله.. لهذا فمن الخطأ، بل من الخطل، مغادرة الشعب للشوارع والميادين قبل أن تتحقق إرادته، وإنما عليه أن يثبت ويواصل الضغط والتصعيد حتى يرحل من تسببوا فى إيذائه، وتتحقق الجمهورية الثالثة، الجمهورية المدنية، جمهورية الحرية والمساواة، جمهورية الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
     وسلمت يا مصر.
                                                      قاسم مسعد عليوة
                                                                                الاثنين الموافق الأول من يوليو 2013م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق