الصفحات

2013/08/31

جوائز الدولة بين فساد الوزارة وفساد المثقفين.. بقلم: أحمد قرني



جوائز الدولة
بين فساد الوزارة وفساد المثقفين
أحمد قرني*
يبدو أن فساد جوائز الدولة فى مصر ليس مرتبطا قط بعهد من العهود أو فترة من الزمن سواء عهد فاروق حسنى أو ما تلاه من وزراء ساروا على خطاه, سواء كان قبل الثورة أو بعدها ,الأمر لم يختلف أبدا تلك الجوائز التى تمنح دائما لعواجيز الفرح وقدامى الكتاب لأسماء أكل الدهر وشرب على إبداعها ماتت اكلينيكيا وماتوا ابداعيا منذ سنوات لكن حب البقاء وتلك الشيخوخة التى تستحوز على وزارة الثقافة والمواقع المؤثرة فيها .تجد أسماء بعينها تتصدر المشهد المؤسف ..تحارب أى جديد أو تجديد انظر إلى الأسماء التى تستحوز على مقاعد لجان المجلس الأعلى للثقافة هى أسماء تجاوزها الزمن فى مصر الفساد يطال النفوس ذاتها, لن تنجح ثورة مهما كانت قدرتها فى استئصال ذلك الفساد إلا أن يقضي الله أمرا كان مفعولا حتى الجوائز الخاصة مثلا جائزة ساويرس استحوزوا عليها إلى حد كبير فلا يحصل عليها إلا من كان تابعا أو مسنودا أو صحفيا يمتلك عمودا فى جريدة يتم استرضائه أو خوفا من بطشه ولولا الجوائز العربية النظيفة التى تمنح للكتابة الهامة والمبدعة المصرية ولا تمنح لشخص الأديب تمنح دون وساطات ولا محسوبيات لكان مثلي الآن ـ معى آخرون كثرـ قد كف عن الكتابة وجلس في صومعته بعيدا ...والعجيب أن من سيقرأ هذا من هؤلاء سيعلن تماما أنه معك ! وأن الفساد فعلا يستشري فى الحركة الثقافية المصرية سواء على صعيد الجوائز الأدبية أو صعيد النشر بمؤسسات الدولة! ولن يختلف معك! وهنا تبدو حالة من "الشيزوفرنية" العجيبة فهويمارس الفساد وينكره فى ذات الوقت ..هؤلاء عواجيز الكتابة الذين غادرهم الإبداع منذ سنوات وباتت حياتهم متوقفة على الذكريات  ونفوذهم محصور فى الإفساد و إعطاء من لا يستحق جائزة هنا أو هناك لإنتاج أدب ضعيف مراهق لنفر لا يملكون من الإبداع وكلفة الكتابة ومهارتها سوى القليل القليل ولكى يكفر الكاتب الحقيقي بواقعه ويترك الساحة بعيدا وكم ترك الساحة من كتاب وأدباء حقيقيين هربا ..أعرفهم والله وبعضهم مات كمدا وسخطا على الواقع المؤلم للثقافة في مصر, المدهش أن المثقفين هم من صنعوه بأيديهم ورضوا به ...صدقونى إن فساد المثقفين طغى على فساد الدولة ..وصار هم هؤلاء هو إفساد الواقع الأدبي المصري وحدث ولا حرج عن حكايات الفساد التى لا تمل من سماعها عن واقعنا الأدبي المخيف فمثلا يحدثك أحدهم عن ذلك الناقد العجوز المراهق الذى منح كاتبة مراهقة جائزة كبيرة خاصة ؟!! وآخر يعلن أنه مستعد لمنحك جائزة (؟؟) فقط سيطلب منك نصف قيمتها المالية وآخر سينشر لك كتابا فقط نظير تنازلك عن قيمة مقابل النشر بتلك المؤسسة  وآخر منح صحفيا جائزة كبيرة ارضاء لقلمه وليضمن ولائه فى وقت الشدة ..هؤلاء متى يختفون عن المشهد ..هم لا يريدون أن يتخلوا عن الصدارة والمشهد العفن الذى صنعوه بل يصرون كل يوم على التشبث والبقاء ليمعنوا فى قتلنا وإزاحتنا . لا يريدون أن يغادروا واقعنا إلا وقد أجهزوا على كل شئ ,إنهم حتى لا يتركون الفتات ولا تتعفف نفوسهم عن ترك بقايا الطعام لجيل يصارع البقاء يكتب وقلمه يتوجع وحلمه يتساقط نحن جيل يئن سخطا يرتاب في جيل الأساتذة الذي تخلى عن دوره كمعلم وملهم لجيل يأتى من بعده وقعد يتشبث بأهداب كرسي زائف أو رئاسة تحرير مجلة لا يقرأها سواه أو يقتنص مقعدا للسفر إلى دولة خليجية لحضور مؤتمر من أجل حفنة من دولارات لا يحتاجها.كنا نسمع عن جيل سبق كان يقدم جيلا صاعدا ويفتح له الأبواب سعيدا بدور المعلم, جيل مثل يحي حقي ومحفوظ وطه حسين والعقاد والحكيم ونحن منينا بجيل يتصابى على كبر ويتهافت على جيفة نتنه ولا يترفع ولا يترك ولو خرم إبرة لجيل يريد أن يتنفس يصارع البقاء ويصارع فى الآن نفسه جيل عواجيز الإبداع الذين لا يبرحون مكانهم منذ سنوات ولم يكتب أحدهم حرفا منذ سنوات وسنوات, والأعجب أنهم يريدون الآن أن يصنعوا لنا مستقبلنا أى مستقبل سيصنعون ؟!! وهم أفسدوا الحاضر وشوهوا الماضى بأنانيتهم ورغبتهم الملحة فى البقاء عبر كل العصور كائنات لا تفنى ولا تموت أفسدت الواقع وتريد أن تشوه المستقبل.

  *روائي مصري

2013/08/30

الطبعة العربية لكتاب تدريب المدرب- المرشد العملي للمدربين والأساتذة

Inline image 1
الطبعة العربية لكتاب تدريب المدرب-
المرشد العملي للمدربين والأساتذة

  • المؤلف: مايكل بريكنيبل
  • الناشر: مجموعة النيل العربية

المرجع الأساسي لجميع المدربين والمتدربين
يُعدّ هذا الكتاب ـ بحق ـ نموذجًا للكتابات الجادة الرصينة التي تتناول موضوع تدريب المدربين؛ حيث يتعرض لكل كبيرة وصغيرة تخص هذا الموضوع المهم والحيوي بالرصد والتحليل والتوجيه من خلال مناقشة كل مواصفاته وضوابطه التربوية والسيكولوجية التي لا غنى عن الإحاطة بها من جانب المدربين والمتدربين والدارسين والمشتغلين والمهتمين بهذا المجال. بالإضافة إلى تقديم كل المعارف والخبرات والمهارات التي يحتاجون إليها إذا كانوا يرغبون في تحقيق النجاح، ويريدون استمراره والحفاظ عليه من خلال التركيز على المحاور الأساسية التالية:
أساليب التخطيط لعقد الندوات والدورات التدريبية، وطرق تنفيذها وتنظيمها وإدارتها.
عقد ندوات التواصل والتفاعل للأطراف المعنية بمجال التدريب لتبادل المعارف والخبرات.
الاستعانة بدراسات الحالة، وتعريف الأدوار، وتوصيف المهام.
يقدِّم هذا الكتاب مئات النصائح والاستشارات والطرق التي تساعد المحاضرين والمدربين محدودي الخبرة على عقد الندوات والدورات التدريبية الناجحة؛ إذ إنه حتى أمهر المحترفين أصحاب الخبرات الطويلة في مجال التدريب يحتاجون إلى الإحاطة ببعض المجالات الصعبة والدقيقة التي تصادفهم أثناء عملهم، مثل القضايا المعرفية والوجدانية وأهداف التعلم والتعريفات العملية وبناء الاختبارات على نحو يجمع بين الشمول والبساطة والموضوعية

"الفاس فى الراس " شعر: محمد عبدالرازق زهيري

الفاس فى الراس
محمد عبدالرازق زهيري

فاسك فلق راسى
يامين يد اوينى
يانبض احساسى
ياضى يهدينى
ياضلتى وناسى
سحرك دوا عينى
*****
فاسك غشم ولا
اصله عشم ولى
كنتى كما الفله
ريحك دوا العله
صرتى بلا مله
حيرتى تكوينى
*****
فاسك على راسى
والقلب مش راسى
عينه على برك
لكن مانال برك
ولاعدتى تدينى
*****
فاسك مناويشى
خداع نفش ريشى
لاسماكى طولنى
ولا ارضى نزلنى
وهجرت تمكينى
*****
مهما تصدينى
عاشق انا لدينى
حيرتى تكوينى
سحرك دوا عينى
والفاس على راسى

إنهم يخترعون دينا جديدا ، فماذا نحن فاعلون ؟! بقلم: أحمد مصطفى الغـر



إنهم يخترعون دينا جديدا ، فماذا نحن فاعلون ؟!
بقلم: أحمد مصطفى الغـر
" هوا إحنا هنخترع إسلام ؟ " بهذه الكلمات أنهت الممثلة المصرية "يســرا" جزءا من حديثها فى برنامج تلفزيونى خلال شهر رمضان 2013 عن الدين الاسلامى فى مصر ، وقد كان للصحابى الجليل عمرو بن العاص نصيبا من حديثها ، لكن يبدو أنها لم تلحظ أنها بالفعل كانت تخترع إسلاما جديدا و تشكل تاريخا له لم يسمع به احدا من قبل ، فالمبشرون بالجنة عشرة وليسوا أربعة كما أفتت الممثلة ، كما أن الصحابى عمرو بن العاص ليس منهم بحسب حديث النبى محمد صلى الله عليه وسلم.
 
لكن لأن الدين ليس حكرا على أحد بعينه ، فثمة من فهم المعنى السابق بأن الفتوى الدينية و التفسير وعلم الحديث و سرد تاريخ الاسلام ليسوا حكرا على أحد .. وفى عهد الحرية المفرطة يمكن للجميع الخوض فى أى أمر تحت مسمى حرية التعبير والاعلام ، و ربما من هذا المنطلق قد إنطلق "توفيق عكاشة" الموصوف على قناته "بالاعلامى الدكتور" ليسرد جزءا من رحلة الاسراء والمعراج ، فبحسب شرحه فإن الصخرة التي وقف النبي محمد ، قبيل المعراج في المسجد الأقصى المبارك، ضغطت نفسها لتكون "سوستة" ترفع النبي إلى السماء.
 
عكاشة الذى يتنقل خلال الحلقة الواحدة من برنامجه بين موضوعات عديدة ليبدو وكأنه شخص يجيد لعب كل الأدوار والمهن بشكل يشعرك أنك امام (طبيب ومهندس ومؤرخ ورجل دين و ضابط مخابرات وخبير اعلام و قاهر للماسونية .. بل وحتى عسكرى مرور" فى أن واحد .. يقول : ( أن الله ـ عز وجل ـ أمر الصخرة أن تتحول من صخرة صماء جامدة صلبة، إلى سوستة يقف عليها النبي فتضغط من نفسها ضغطة فـ "تنطره" إلى السماوات العلى ) ، قبل أن يعود ليشرح معنى "تنطره" أى "تذهبه" !
 
حرية سرد تاريخ الاسلام فى مراحله المختلفة ، هى حرية لم يتركها "محمد الغيطى" الكاتب الصحفى ، والاعلامى عندما تكون الفرصة متاحة .. ليحدثنا عن سقوط الاندلس و ضياعها من أيدى المسلمين ، فبعد كل هذه العقود إكتشف الغيطى : أن جماعة الاخوان المسلمون فى مصر هى السبب فى سقوط الاندلس ! ، ولأنه على يقين تام من معلومته فقد طالب المشاهدين بالبحث فى كتب التاريخ للتأكد من كلامه ، لكن فقط يكفى للمشاهد الباحث أن يعرف مبدئيا أن الاندلس قد سقطت تقريبا فى عام 1492 م بعد سقوط غرناطة ، أما جماعة الاخوان فقد تأسست فى العام 1928 م ، أى أن الفارق الزمنى بين الحدثين يقارب 436 عام !
 
عموما فإن تشويه التاريخ الاسلامى أمر ليس بجديد على الاعلام المصرى ، فقد سبق كل ذلك .. خروج المذيع "يوسف الحسيني " ليشوه تاريخ القائد صلاح الدين الأيوبي ، حيث قال إن صلاح الدين حرر القدس ولكنه سلم كل فلسطين للصليبيين وبمعاهدات ثابتة، وبحسب كلامه فإن صلاح الدين «بهدل مصر» وترك رجاله يظلمون الفلاحين المصريين والفقراء ، كما أن جباة الضرائب في عهده كانوا يضربون الناس لتحصيل الضرائب.
 
وللعلم والتذكير فإن هذه أمثلة قليلة مما حدث على الساحة الاعلامية مؤخرا من تشويه للدين وتحريف لتاريخه كجزء من صراعات سياسية تشهدها مصر ، أما لو تدبرنا و دققنا أكثر فى برامج التوك شو وكل ما يقوله الاعلاميون و يكتبه الصحفيون .. فسنجد ما يطرب أتباع ذاك الدين الجديد الذى يضع الاعلاميون قواعده ، و أمام هذا الدين الجديد يبقى التساؤل : ماذا نحن فاعلون ؟!
 

2013/08/29

"أصيلة " قصة بقلم: غادة هيكل



أصيلة
القصة الفائزة بالمركز الاول فى مسابقة صلاح هلال
غادة هيكل

يذهب إليها كل يوم لا يتأخر عن موعده أراه ..أرقبه.. حتى يصل إليها بسلام متكأ على عكازه ، يستظل بما تجود به من ظل بحجم ارتفاعها الشاهق  واستدارتها الربانية  ، يقف أمامها برهة وكأنه يناجى حبيبة قد طال انتظاره لها، ثم يجلس يسند رأسه ويتنفس في تنهيدة طويلة كمن أراح رأسه على صدر حبيبة ضمته بين كفيها بحنو .
آه لو أعلم ما يدور برأسه الآن ؟ ولما هذه النخلة التى يأتيها كل يوم وحوله من النخيل الكثير ؟ تلك هناك نخلة عجيبة انقطعت من وسطها  ولكنها تقف شامخة ،ليس بها ثمر،  ينظر إليها كثيرا  ثم يسلم بعينيه إلى الفضاء الواسع  لا يشعر بما يدور حوله من أحداث وما يمر به من رجال يلقى بعضهم السلام والبعض الاخر يكتفى بقول (لا حول ولا قوة إلا بالله) .
آه الفضول يقتلنى لا بد أن أذهب إليه ،لابد أن أحدثه !
مما أخشى ؟!
بنيانه القوى رغم مرور السنين أم شاربه الذى يتحاكى عنه القوم ؟
أم صوته الذى يخشاه الكبير والصغير رغم اشتياقهم لسماعه من سنين  ؟
تسللت بهدوء الحذر لعله نائم جلست بقربه أتفحص وجهه  الذى يخفي نصفه شارب مبروم يقف عليه الصقر فلا يتحرك، وعينان رغم اغلاقهما أشعر بأنه يرانى وهما مغمضتين، شعره الاسود الكثيف وحاجبيه المتصلتان  وشفاه غليظة غلظة يديه .
أقترب أكثر فيمسك يدى وينتفض جسدى الصغير  أذوب داخل نفسى فلا أشعر بساقي ولا أستطيع الحراك أفقد الأحساس بساعدى من قوة قبضته على كتفي .
يشعر بألمى فيخفف من قبضته ويبتسم بحنو تبدو اسنانه من بين فكيه بيضاء كالشمع  وينير وجهه كبدر فى ليلة تمامه
يا ألله ما هذا التحول الغريب من الصلابة للرقة ومن الخشونة إلى الحنان .تهدأ نفسي أبدله ابتسامة صغيرة يشوبها بعض الخوف.
يربت على بحنان ، أساله هل تعرفنى يا عم محمد
نعم يا ولدى أعرفك أنت على ،هلتظن أنى قد أصابنى الكبر ونسيت
حاش لله يا عم محمد
ماذا تريد ولدى ؟
أن تروى لى
هل تحب الحكايات ؟
أنا أبحث عن ماضى أرى فيه مستقبلى وأبنى عليه رسالتى فى الحياة فنحن بدون ماضيكم لن يعلو لنا بناء؟
ابتسم برفق  كمن راقه حديثى وهو لا يعرف أنى أريد أن أعرف قصته هو  وقال:
ماذا تريد من ماضينا يا بنى ؟
كل شئ فلنبدأ بهذه النخله
شرد بعيدا عنى  ثم نظر إليها وتبعها بنظرة إلى النخلة المقطوعة وقال هذه أم تلك يا على ؟
قلت هذه التي نجلس تحتها
قال : هل تعرف يا بنى أن هذه النخلة لا تطرح إلا إذا سُقيت بالعسل عندما نقوم بعملية التطريح نعم.. ولذلك يكون ثمرها شهدا وطرحها كثير  وبلحها طويل لا تجد مثله .
أنظر إلى طولها الشاهق الكل يخاف أن يصعد فوقها فهى لا تألف غيرى ولذلك لم تعد تثمر مثلها تماما.
من؟
كانت مثل هذه النخلة أصيلة من بيت كرم وحسب ونسب مثلى،
تسير بين بنات القرية تدب بخلخالها الفضى فتهز قلوب الرجال تغار منها كل البنات ويقلدنها في لبسها ومشيها حتى في ابتسامتها وحيائها،
نظرت إليه فلم يشعر بى وأكمل يقول:
 هذه النخلة زرعتها مع أبى منذ ..الكثير لا أتذكرا، كبرت معى وكنت أتسلقها كل يوم ، دبت بجذورها فى الأرض سريعا ونما عودها وكنت كلما قمت بتلقيحها يتساقط طرحها سريعا فخطرت لى فكرة  وقمت بتلقيحها عن طريق العسل حتى يتمسك الطرح بها وبالفعل أتت بثمرها يقطر شهدا   .
أما هى فقد امتدت جذورها في قلبى وعقلى حتى صرت  أتغنى باسمها  ، فكرهت في اندفاعى بحبها وصار اسمها يتداوله أهل القرية  وكأنى وصمتها بعار وعندما تقدمت لخطبتها أبت ولكن أهلها أجبروها علىّ حتى تقف الألسنة عنها.
ألمح حزن دفين  ، وصمت يطول .أقطعه متسائلا : كيف لها أن ترفضك وأنت من أنت؟
يهز رأسه ويحرك شفتيه مع تنهيدة صدر كرماد احترق بداخله
علشان بتحبنى
تحبك!
حز فى نفسها وهى من هى أن تتناقل الالسنة سيرتها وأكون أنا سرها وحبها هو السبب
ولكنك تزوجتها ؟
نعم ولكن فى عرفنا نحن الفلاحين هذا خطأ كبير يا بنى لا يداويه الزمن .
ازداد شوقي لمعرفة حكايته.
تزوجتها في عرس لم تعرف له القرية مثيل وعم الفرح كل جانب فيها إلا هى فلم تكتمل فرحتها ولم تنسى ولكنها أصيلة كتمت أساها بداخلها وغرست برجلها في حياتى وأقسمت لتحول هذا الرجل الأهوج إلى رجل تتحاكى عنه الجيهة كلها.

***
توقف طويلا عن الحديث حتى ظننت أنه مل منى فقلت له أعذرنى هل أتعبتك قال نعم فلنكمل غدا
 وكانت الشمس تميل إلى المغيب ، حاولت مساعدته على النهوض فوكزنى بعكازه وقال  ما زلت شديد يا ولد وقف قبالة النخلة مودعا وانصرفنا كل إلى حاله
وكلى خوف ألا يتكرر اللقاء . 
****

عدت ساعات الليل بطيئة ومع أول خيوط الفجر وجدتني أسرع الخطى إلى مكان النخلة المعهودة أنتظر قدومه .
رأيته من بعيد يمشى الهوينى فقد فعل معه الزمن فعلته ونهل من صحته التى يداريها بقوة عزيمته وقوة بنيانه
تبسم لى وقال :   كنت اظنك لن تأتى ؟
وكيف لى ألا آتي ولم أنم ليلتي فى انتظار بزوغ الشمس !
هل أحكى لك ؟
نعم
أحكى لى عنها
من؟
الست أصيلة
كانت مثل هذه النخلة  فارعة الطول جمالها ليس له مثيل جلب لى ولها مشاكل عده
هل تسمع عن الهجانة
نعم فى فيلم الارض  مع محمود المليجى وشاربه الذى يشبه شاربك
قال : ولكن محمود المليجى لم يقوى على الهجانة فى نهاية الامر ومعهم الانجليز ولكنى غلبتهم.
كيف ؟
كانو طوال وسمر الوجوه كشريط السكة الحديد الذى لا ينتهى وكالليل حالك السواد الذى لا تضاء فيه حتى الشموع بأوامر منهم فنبيت كما الفئران داخل الجحور يصمت كل شئ حولنا إلا دبيب أرجلهم في أحذيتهم الميرى وبريق عينيهم وضوي كرابيجهم عندما نتلصص عليهم من وراء الشبابيك المغلقة.
لم نقوى على التماشى مع هذا النظام الذى فرض علينا وكنا مجموعة من الشباب الاقوياء الاصحاء
وقررنا ان لا نلتزم بالاوامر وعجل لنا ألامر ما حدث لأاصيلة .
لفت جمالها نظر رئيس الهجانة واراد أن يحادثها فخلعت نعلها وقامت بضربه فى وضح النهار أمام رجاله .
وكانت عاركة ضرب فيها من ضرب وحبس فيها البعض .
وأقسمت اصيلة أن تاخذ بالتار
نظر إلى النخلة المقطوعة وغاص مع نفسه لدقائق ثم عاد ليقول:
على هذه النخله قمنا بربط رئيس الهجانة وجلده حتى الموت .
كانت أيام بعدها لم يدخل  واحدا منا بيته لمدة طويله كنا نبيت فى الغيطان، ولكنى ملكت قلب أصيلة كله وأصبحت أنا حبيبها وسُقيت شهدها كما رويتها عسلي.
مرت الأيام وسافر الهجانة وعادت الحياة إلى طبيعتها فى القرية .
وكانت أصيلة قد دبت بجذورها في بيتى وأنجبت لى من الرجال أربعة  وأصبح الكل يعمل لها ألف حساب.
فهى سيدة البيت وسيدة قلبى وسيدة البلدة كلها .
ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن!

وهنا توقف ورفض الحديث وكأن هم السنين قد عاد فى تلك اللحظة وانكب فوق رأسه فأهملته للغد
*****
على موعدنا إلتقينا منهك القوى بطئ الحركة مشغول البال ابتعدت خطوات حتى اتخذ مجلسه طال الصمت بينا ، لا أقوى على الحديث خشية اغضابه
ولكنه برقة العالم بحالى نظر إلى وقال الدنيا لا تسير على وتيرة واحدة ومن يأمن لها تلدغه يا بنى حية رقطاء لا يستطيع الفكاك منها .
مثل تلك النخلة التى انقطعت ثمارها لانها لم تجد وليفها  ليغذيها وأبت أن ترضى لغيره .
طلبونا فى الجهادية وكنا على مشارف الحرب التى لا ناقة لنا فيها ولا جمل 
حملونا إلى الجهادية وألقو بنا إلى الحرب كم طالت علينا وكم عانينا فيها ونحن لا نعرف لمن ومع من وضد من ،قتل الكثيرين ودفنو بغير أرضهم وعلى شواهدهو فى بلاد الانجليز كتب _إنا لله وإنا غليه راجعون_ ونحن هنا نقول مفقودون وحسب .
أنت إذن على دراية بما يحدث حولنا وما تتناقله الأخبار !شئ مدهش .
لقد حفظت القرآن كله وبعض الأحاديث والتحقت بعض الوقت بالأزهر واشتركت فى مظاهرات عديدة،
عدت شهور علينا كالدهور لم نعرفها ولم نحسبها كانت كلها ألم وموت ودماء وأشلاء متناثرة  وجسور من الموتى نسير فوقها دون هوية .
لم يعد منا الكثير  وكنت واحدا من العائدين الذين لا تُجبر لهم روح من هول ما رأيت.
يعود إلى شروده وحزنه الدفين وأعود إلى صمتى .
 يعلو صدره فى تنهيدة طويلة ويقول:
عدت وكلى شوق إليها إلى طرحها وشهدها إلى دفئ حضنها وبرودة ظلها ونسيم هواها العليل .
سألته من النخلة
نعم نخلتى وضيا عينى وحب حياتى الست أصيلة
تمتمت كم أنا غبي!
أردف يقول: هى مثلها فى كل شئ حتى في صبرها وغدرها فكم حاولو الصعود فوقها وأطاحت بهم من أعلى دون شفقة او رأفة
سألته متعجبا من؟!
قال :
من أول دخولى إلى القرية والكل ينظر إلى وعلامات التعجب والدهشة تعلو وجوههم  والهمس يدور مع الريح التى تصفر فى ليالى الخريف والكل يدارى نفسه من أمامى كأوراق الشجر المتساقط .
دخلت الدار وقد سبقت أحاديث وصولى وجدت الكل ينتظرنى فى وجوههم فرحة ودهشة وخوف تداريه كلمات الترحيب .
سكن الهدوء بعد قليل وصمت يلف المكان وبعد لم أنتظره منها وكلما اقتربت كلما ذاد البعد .
كنت فى شوق  لكل ركن فى البلدة لوجوه الناس لضحكات الاطفال لرؤية النساء وهن يحملن المياهويتمازحن بعبارات الغزل  ، خرجت أسير بين الزرع الأخضر والنسيم العليل اشتقت لرؤيتها
فأتيت لها وهنا عرفت ما يدور .
أسّرلى صاحبى تحت ظلها  بما فعله ذلك الخسيس بأصيلة  وما شوه به سيرتها  وكيف يختال بنفسه .
عض على أصابعه ودب بعصاه فى الأرض وقال: لم يكن يعلم أنى سأعود
في نفس الليلة لم أنم وكان هو مربوط على هذا الجذع أمامك ومقتول شر قتلة
قلت بانفعال: هكذا بكل بساطة أليس هناك بوليس ومحاكم ؟
أبتسم فى سخرية وقال : وكيف أبيت فى دارى وسمعتى ملوثة وأزيد الطين بلة وأذهب غلى الحكومة !
صمت فى خجل وقلت وماذا بعد؟
عدت إلى البيت وكان الصمت هو حوار الليل وكل ليل والتار هو حديث الموت الذى يفر منه الكبير والصغير وتلك هى ملاذى فى الشدة والغدير.
وأشار إلى الأرض ونخلته .
عم السواد والعتمة فر الكثيرين وعمّرو بلاد أخرى خشية على أبنائهم حتى أبنائى سافرو إلى أخوالهم وأصبحو من السواحليه فى بحرى
امتلأت البلد بالعسكر والبوليس لوقف نزيف الدم الذى سال ولوث النهر.
ولم ينهيه سوى المرض والكبر والهم
حتى أبنائي لم يعد يربطنى بهم سوى اسم تعقبه ذكريات ألم وصوت رصاص ومشاهد دم
أصبح لى دار وسكن وخريف طويل مستمر ، وأمراض كهولة تحرمنى من رؤيا من أحب
لم يعد لى الأن سواها .
سألته من ؟
قال بأسى واضح :حب حياتى ومنى قلبى وعنفوان شبابى وشهد أيامى وحلاوة ذكرياتى
لم يصعدها غيرى ولم يسقها غيرى ولم يذق شهدها غيرى فقط أنا وهى .


غادة هيكل 

عبد القادر كعبان يحاور الشاعر والقاص حسن البصام



حوار مع الشاعر و القاص العراقي حسن البصام
من إعداد عبد القادر كعبان من الجزائر


حسن البصام شاعر تعانق قصائده الآخر بحميمية مطلقة و تعبر عنه من خلال ذاته المشبعة به و بأحلامه الجميلة حيث تأخذه أصوات اللغة و إيحاءاتها الى الغوص في أعماق الإبداع، كما ولج ابن العراق عالم القصة بأناقة خاصة يحرص فيها على سردية بقدر عال من التركيز و التكثيف. نشر نصوصه في العديد من الصحف و المجلات العراقية و العربية، إضافة الى عضويته في اتحاد الأدباء و الكتاب العراقيين و اتحاد الأدباء و الكتاب العرب.
بداية عرفنا بشخصية حسن البصام؟
حياتي مكابدات ومجازفات وصبر وتحدي .. تجاربي اكتسبتها من اخطائي  . لان جيلنا هو جيل الحروب .. والحرب لاتخلف الا الموت او العوق .. ونحن جميعا معاقين سواء جسديا ام فكريا..
شخصيتي الادبية تبلورت ملامحها .. حين تتلمذت على يد جدتي . كانت تتقن سرد القصص الخيالية ..وتضطر تحت الحاحنا ان تطلق لمخيلتها العنان لتصطاد لنا قصصا يتلبسنا الانبهار او الخوف او متعة التخيل لنذهب ننام .. وكذلك منذ أول دهشتي امام جمال شروق الشمس على نهر الفرات وانا انظر بمتعة فائقة الى ظل النخيل وحمرة الشفق .. منتظرا ان ارى كيف تتوضح خلال دقائق مصائر الاشياء ..ونضجت حين تجسدت في فكري قناعة ان الفقر هو المعول بل الحزام الناسف الذي يحطم كل شئ..حتى المبادئ في احايين كثيرة .
  ولدت عام 1960 من ام غاية الجمال ( رحمها الله ) عيناها خضراوان.. ووجها المستدير ابيض كنقاء روح قديسة, وصفاء البياض..وكنت مشاكسا في طفولتي .. رميتها وكان عمري بضع سنين ..بسكين صغير فاصابت جبهتها .. وظل ذلك الاثر ملازما لها طيلة حياتها.. وحين كنت في الجبهة اللعينة كانت أمي تبكي كثيرا لغيابي .. وكان يمزح معها اخي قائلا لها : اتبكين على من ضربك على جبينك بالسكين ؟؟ فتجيبه : لو كان فمي الان يصل الى أثر الضربة لقبلتها في كل لحظة ..
  ومن اب متسامح ومرن.. على الرغم من انني اتذكر عدد المرات التي ضربني فيها .. وكلما كبرت تيقنت ان فلسفة حياته مجدية امام حياة قاسية وسلوك الاخرين.مبدأ التسامح والعفو وعدم الاختلاط بالاخرين ومساعدة المحتاجين
  لم يكن احد من افراد اسرتي معني بالقراءة او الكتابة .. ولم يؤسس لي معلم او مدرس قاعدة لاطلاق اول حرف في فضاء الابداع ..كنت اشعر اني بحاجة للكتابة وقد سبقها احساسي بحاجتي الملحة للقراءة .. 
كيف و متى بدأت علاقتك بالكتابة؟
 بدأت علاقتي (العاطفية) معها.. حين دفعتني روايات جرجي زيدان للتحليق والتخيل. وجدت نفسي عاجزا عن التحليق فكتبت عن الفقراء المعوزين وارسلت اول قصة قصيرة كتبتها الى برنامج في اذاعة ( صوت الجماهير) في السبعينيات ولم يتجاوز عمري الخمسة عشر سنة.. وتم قبولها ودعوتي لقراءتها بصوتي في الاذاعة ولا يحدث ذلك الا لقصص لها اهمية عندمقدم البرنامج الاستاذ خضير عبد الامير الذي اصبح فيما بعد رئيس تحرير الطليعة الادبية.

نشرت أول قصيدة كتبتها عام 1981 في جريدة الجمهورية، كيف كان شعورك؟
أول مولود كانت انثى جميلة ..قصيدة من مواليد 1981 .. حين ولدت على سرير الصفحة الثقافية في جريدة الجمهورية ..شعرت ان لي جناحين.. كانت في صدري فرحة عارمة لاادري اين اطلقها ..
بمن تأثر حسن البصام من الكتاب الكبار؟
بدات علاقتي بالكتاب في الصف الرابع الابتدائي.. وبدات بقصص الانبياء ..
فتحت عيني بقطرات من دهشة سرد جرجي زيدان.. والف ليلة وليلة ..كنت احفظ نهارا قصة طويلة لاقصها على اصدقائي ليلا ..قرأت روايات ديستيوفسكي بمتعة وشغف ..قرات الجريمة والعقاب باقل من ثلاثة ايام..وقرات روايات همنغواي .. وماركيز.. كانت السبعينات والثمانينات فترة الترجمة الذهبية في العراق .. وقرأت الشعر المترجم اكثر من الشعر العربي ..لم احب قراءة الشعر العمودي كنت اشعر به كاني مطالب بالحفظ المدرسي .. وكنت اقرا لبدر شاكر السياب فقد كانت قصائده مزيجا من السرد والشعر ..وعبد الوهاب البياتي الذي لمست ثورية كلماته ونضجها .. وبلند الحيدري واحببت جدا سعدي يوسف .. وقصائد ادونيس ..عالم شعري مميز..والماغوط الذي لايشبهه احد .
   دثرت قلبي بروايات دافئة لاتنسى .. حنا مينا .. اسماعيل فهد اسماعيل وجمله القصيرة المشحونة وفكره الثائر ..جبرا ابراهيم جبرا ..عبد الرحمن منيف ..عبد الرحمن مجيد الربيعي .. محسن الخفاجي. انهم الابواب التي طرقتها ودخلت من خلالهم الى ممرات الكتابة ..
احببت جدا بابلو نيرودا ولوركا وناظم حكمت واعجبت بحياة جيبفارا وفيدل كاسترو ..
ما مفهوم القصيدة النثرية في نظرك؟
  ان قصيدة النثر قادرة على توظف الاجناس الادبية الاخرى والفنية لمصلحة النص بامتياز ..كتبت عام 1980 في مجلة فنون مقالا ( قصيدة النثر والمحك الحضاري )  ردا على الشاعر والكاتب  ( احميده الصولي )  .. مؤكدا انها قادرة على التواصل العالمي بما تمتلك من خصوصيات ادبية وامكانية ترجمتها دون المساس ببريقها ..وكان الاستاذ احميدة منتقدا ورافضا لقصيدة النثر وقد استشهدت في المقال بكتابات انسي الحاج والماغوط وشوقي ابي شقرا وخليل حاوي..كان مقالا مؤثرا في مسيرتي الادبية ودافعا قويا لان اخطو نحو الامام .. اعقبتها مقالات اخرى نشرتها في المجلات العراقية حول قصيدة النثر .
صدرت لك مجموعة شعرية تحت عنوان "أساور الذهب الأسود" عن دار رند- دمشق 2010_ توزيع دار الينابيع ، حدثنا عن هذه التجربة؟
انتظرت طويلا لترك بصمة ورقية خاصة بي .. لملمت قصائدي المتفرقة وارسلتها للطباعة فولد قمر اضاء عتمة الاوراق المخبأة في الحقائب والادراج ..ان اغلب قصائد هذه المجموعة هي صرخات احتجاجية ضد الحروب والاضطهاد ومصادرة الحريات .. وقصائد للحب وسمو المشاعر والاصدقاء ..
ما الذي حرضك لكتابة الشعر بعدالقصة ؟
اول ماكتبت القصة القصيرة وكانت بعنوان ( الموقد) التي اشر ت اليها, وهي تتحدث عن حالة الفقر والمرض ومعاناة الفلاحين أظن انها عام 1973 وهي التي ارسلتها الى الاذاعة وكان مقدم البرنامج الاديب الكبير الله يرحمه ( خضير عبد الامير ) اصبح فيما بعد رئيس تحرير مجلة الطليعة الادبية ..لكن قراءاتي المكثفة في حينها للشعر وخاصة المترجم حثتني لكتابة الشعر ..او انه ولد تلقائيا بعد القراءات .
هل تحدثنا عن مضمون مجموعتك القصصية الأولى؟
القصص التي كتبتها في ظل ظروف الحرب والحصار كانت ادانات برمزية عالية .. في احدى القصص توقعت سقوط النظام الدكتاتوري وكانت القصة بعنوان ( سقوط نخلة ) وبعد سنة تقريبا  .. حدث التغيير .. وكدت اسجن في حينها لاني نشرتها في جريدة محررها الثقافي الاديب الرائع نعيم عبد مهلهل الذي جازف بنشرها وقد اعرب عن قلقه في حينها ..حيث امتنع عن نشر قصيدة ( رسالة اخيرة الى ابليس ) .. لانها ان نشرت يذهب جلدنا للدباغ .. وياله من دباغ !! والقصص الاخرى هي كذلك قراءات للواقع العراقي المحير المرتبك الذي توزع بين سلب ارادة المواطن وبين شيوع القلق وانعدام الامان .. بين الاضطهاد وانعدام الحريات وبين شيوع الفساد وانتهازية التدين السياسي..
العراقي ضحية حكوماته المتعاقبة عليه ..او المعاقبة لانسانيته ..كل حكومة لها سوطا بلون مميز .. ولاندري متى يسلم جلد المواطن من الدباغة ..
بين رحاب الشعر و القصة، أين يجد المبدع حسن البصام نفسه اليوم؟
كتابة القصة كمن يحرث ..وكتابة القصيدة كمن يحلق ..الذي يحرث يحتاج الى بذل جهد واستعداد. في القصة انت ترسم مصائر وعلاقات وحيوات .. تخلق كل هذا على الورق  .. والشعر يحتاج الى جناحين وسعة فضاء
أمشي بقدمين حافيتين متلذذا على تراب ارضية القصة القصيرة ..واحلق بجناحين ملونين في سماء الشعر..اجد نفسي في صورة متكاملة أو انفاس بيت شعر عذب تنفسته .. وكذلك في ثيمة مرتدية ثوبا بالوان مبهرة
القصة هي اكتشاف انساق او رؤى او وشائج علاقات لمجتمع او افراد من لحم ودم .. اجس نبضهم وحرارتهم واسمع بكاءهم او ضحكاتهم .. يهمسون لي واهمس لهم اصادقهم او اعاديهم .. انظر لهم استقبلهم او اودعهم
والشعر هي مشاعري التي اراها .. لونها هويتها اجنحتها . وهو رؤيتي للذات والاخرين والكون .. وهو فلسفتي .. الشعر اكثر استجابة لايعازات القلب او العقل ..
هل حظيت أعمالك بما يكفي من اهتمام الناقد؟
لم استطع اصدار كتاب قبل 2003 لذلك جاء اصداري متاخرا عام 2010 وقد كتب عنه بعض النقاد .. وقرات العديد من نصوصه في اماس شعرية متعددة ..لااعتقد ان الاديب يتوقف حين لم يكتب عنه .. ولكن الحمد لله لقد كتب عني بعض النقاد خاصة من الاصدقاء عن محموعتي الشعرية وكتب البعض من النقاد عن قصائد وقصص متفرقة نشرت سابقا في الصحف والمجلات .
كيف يرى حسن البصام المشهد الثقافي و الأدبي في العراق حاليا؟
  ان العلاقة بين المقرات العامة والفرعية تكاد تكون معدومة نهائيا .. الادباء حاليا ينظمون نشاطاتهم بجهود فردية او شخصية .. وقد تحولت اغلب النشاطات في بيوتات بعض الميسورين من المبدعين ومحبي الابداع ..
انها مهزلة ان يكون المبدع العراقي يجلس على الرصيف في مقهى مزري يستنشق اتربة السيارات المارة ويلسعه الذباب .. من اجل ان يتواصل مع اصدقائه .. اليس هذه حربا ؟؟ ألم تعمر المانيا مجتمعها بعد حروبها المدمرة بالادب والثقافة والفن والابداع الذي اسس ملامح المجتمع الجديد المناهض للعنصرية والحروب ؟
لكن لا يعني ان الحركة الثقافية معطلة .. لاانها سائرة ومنتجة ومبدعة ومتجددة والدليل على ذلك حصول الكثير من المبدعين على العديد من الجوائز في المسابقات والمشاركات الاخرى .. لكن الحالة مزرية ..الفكر السياسي صادر الفكر الثقافي.. وان صناديق الاقتراع لم توصل المثقفين الى السلطة .. ولم تقود السلطة الى المثقفين

ما رأيك في القيم و المفاهيم التي تدور في المجتمع العربي بعد موجة الثورات؟
تكاد تكون جميع ظروف التغيير في الوطن العربي متشابهة ..تحكمها القبيلة او الاحزاب .أو دول الجوار وامريكا ..تغلبت المصالح الفئوية والشخصية والحزبية والعشائرية على المشهد السياسي وتخللها وجود الارهاب في اوج نشاطه نتيجة قلة وعي المواطن وتعدد الانياب في جسد الضحية – الوطن ..ولكن ظهر في مصر صوت المثقف ..نامل حذو الشعوب هذه التجربة .
ماذا تعني الحرية لحسن البصام؟
ان اصعد على سطح بيتي وافتح ازرار قميصي واصرخ احبك ياوطني باعلى صوتي .. دون ان يرميني احد بحجارة او اطلاقة او ينهرني قائلا هذا ليس وطنك ..
اشعر ان الوطن منحني اسما صالحا .. وانا منحته ولاء خالصا ..
                  ان اعشق دون تهمة او تكفير.. ان اغني دون ان يخنقني احد..      
ان لا يقتلني احد او يضيق علي الخناق حين ابني بيتا لايشبه بيت احد
ان لااسال احد او يسالني عن ديني او مذهبي
ما هي نوعية التشجيعات التي يقدمها النشر الإلكتروني في رأيك؟
يضيف للمبدع الرصين التواصل مع الادباء والمبدعين اذ ان اغلب الادباء لا يمكنهم نشر ابداعاتهم في الصحف والمجلات الورقية .. ورغبة الكثير منهم النشر في المواقع الالكترونية لوجود التعليقات وابداء الراي حولها وان كانت في بعض الاحيان تتخللها المجاملة والعلاقات الشخصية..لكنها وسيلة نافعة وممتعة لنا جميعا .. وفيها حرية كبيرة .. وسعة انتشار .. وارشيف جيد للكاتب او الناقد او الباحث .
ما الذي يحتاجه المبدع الشاب اليوم لصقل موهبته ورعايتها؟
اعتقد ان الابداع قبل كل شئ موهبة وعطاء متفرد من الله سبحانه وتعالى وهي نعمة وعلى المرء ان يصون هذه النعمة بالصقل والمتابعة والتقديس.
لااحد يمنحك او يعيرك جناحيه ..اختر الفضاء الرحب ومرن جناحيك وابدأ بالتحليق من امكنة امنة ثم حلق انى شئت
ما هي مشاريعك الأدبية مستقبلا؟
اصدار المجموعتين الشعرية والقصصية بالاضافة الى المجموعتين الشعريتين السابقتين .. واواصل الان الكتابة والنشر في الصحافة الورقية والالكترونية الرصينة التي احب النشر فيها .
كلمة أخيرة تود قولها للقارئ؟
  اغلب ماكتبته كنت اخاطب الاخر .. بل ان بعض القصائد
 الذاتية كنت اخاطب بها الاخر الذي يسكنني.. واعتقد ان من يقول انني اكتب لنفسي هو مخطئ لانه لايمكن ان يكون بمعزل عن الاخر انها دورة اتصال متكونة من قطبين منتج ومتلقي .. وكذلك مخطئ من يقول انني اكتب للاخر للسبب نفسه اذ انه يلغي ذاته .