الصفحات

2013/08/23

عن إخلاء سبيل مبارك ووضعه تحت الإقامة الجبرية.. بقلم: قاسم مسعد عليوة



عن إخلاء سبيل مبارك ووضعه تحت الإقامة الجبرية

قاسم مسعد عليوة

     اعترف بأننى غضبتُ فور سماعى لخبر إخلاء سبيل محمد حسنى مبارك، لعلمى بأنه غير مطلوب فى قضايا أخرى غير تلك التى نظرتها المحاكم، وانتابنى شعور بأننا سنعود إلى نقطة البدء من جديد، وأن العبء سيكون أبهظ مما هو عليه الآن، فالتوقيت عصيب والمخاطر جمة؛ لكن سرعان ما أفقتُ إلى أنّ مبارك مازال متهمًا فى القضية الرئيسة، وهى قضية قتل المتظاهرين، هذه القضية المنظورة لاتزال، وبالتالى فمبارك لم يبرأ قضائيًا، وكل ما هنالك أن فترات الحبس الاحتياطى قد انتهت. أليست هذه هى الشرعية الدستورية، التى تقابلها الشرعية الثورية؟.. إبان الثورة كان فريق منا يتنادى بالشرعية الثورية، لكن حكومات تسيير الأعمال والمجلس العسكرى الأول وبعض القوى الثورية رأت تفعيل الشرعية الدستورية وإعمال القانون، وهذا هو القانون. 

     وجاء قرار نائب الحاكم العسكرى بوضع مبارك تحت الإقامة الجبرية ليهدئ بعض الشىء من حدة انفعالاتى، وكانت مبرراته منطقية وهى: الظروف التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن، حالة الطوارئ المطبقة فى البلاد، واحتياجات الفترة القادمة إلى الهدوء لتنفيذ خارطة المستقبل. نعم، هناك من اعترض على هذا القرار باعتبار أن الإقامة الجبرية ضد حقوق الإنسان؛ وهناك من أيده  باعتباره يوفر له الحماية من غضب الجماهير ومن استهداف الأخوان المسلمين له.

     وإذا كان قرار إخلاء السبيل قرارًا قضائيًا، فإننى أرى فى قرار الإقامة الجبرية خليطـًا قضائيًا وسياسيًا وأمنيًا، ففى الإقامة الجبرية احترام للقانون، وفيه حل منطقى للحرج الذى تستشعره الحكومة، وهو كذلك إجراء أمنى لابد منه، ليس فقط لمصلحة مبارك، ولكن أيضًا لمصلحة الشعب، فترك مبارك حرًا يتيح له التحرك عبر أكثر من محور ومنها محور الإعلام الأمر الذى قد يثير المواطنين مؤيدين له ومعارضين. المسألة ليست فى شخص مبارك، فيقينى أنه لن يعود إلى سدة الحكم، لأنه فقد الكثير من ثقله السياسى، وإنما الخطور تكمن فى نظامه، وفى أتباعه، وقد رأينا كيف توزعوا على الأحزاب القائمة بعد حل الحزب الوطنى.

     ومن ناحيتى.. أحمِّل قدرًا كبيرًا من المسئولية عن صدور الأحكام القضائية التى جاءت لصالح مبارك على كواهل المجلس العسكرى الأول (مجلس المشير حسين طنطاوى)، ووزارة الداخلية، والنيابة العامة، ونظام الأخوان المسلمين، فقرائن كثيرة وأدلة ومستندات أخفيت عن القضاء، ولم تبذل النيابة الجهد الكافى فى البحث عنها أو فى محاسبة مبدديها، ولا ننس أن أغلب الأحكام التى جاءت لصالح مبارك جاءت فى عهد الأخوان المسلمين، ولا ننس كذلك أن أول حكم صدر بشأن مبارك كان بالسجن المؤيد.

     لقد حاول أنصار د. محمد مرسى، من الأخوان المسلمين ومناصريهم استغلال قرار إخلاء سبيل مبارك لتهييج الجماهير يوم الجمعة التى أطلقوا عليها جمعة الشهداء (23 أغسطس 2013م.) وصيغت الشعارات بهذا الاتجاه، لكن الشعب أفشلها، وكانت مسيرتهم فى بورسعيد ـ على سبيل المثال ـ هى أقصر مسيرة شهدتها المدينة منذ ثورة 25 يناير 2011م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق