الصفحات

2013/08/05

"جمهورية رابعة.." بقلم: فؤاد قنديل

جمهورية رابعة
 فؤاد قنديل 
تسببت رخاوة الدولة ومواقف القوي السياسية المختلفة وتشبث الجماعة المتأسلمة بالسلطة ولو على جثث الشباب والأطفال والنساء في تكوين تشكيل سياسي وإنساني يتعذر الاكتفاء بالتعامل معه على أنه " مستعمرة " ولا يتعين تجاهله والأنسب اعتباره جمهورية . هذه الجمهورية الصغيرة نسبيا تتمتع بكل مقومات الدولة ، فهي تحتل موقعا على الأرض له حدود جغرافية وإن كانت تتماثل مع الفلسفة الجغرافية المتحركة للكيان الصهيوني الاستيطاني العنصري حيث المساحة قابلة للزيادة وليس للنقصان . هذه الجمهورية الناشئة تربطها بدول الجوار صداقات وعداوات وأيضا مصالح تجارية وعمرانية وعسكرية ، و لها قواعد ونظام حكم وحماية أمنية وأجهزة استخباراتية وإدارات نشطة للتمويل وفعاليات اجتماعية ورياضية وثقافية ودينية واتصالات دولية وتشكيلات عائلية ، كما أن هناك تقسيمات إدارية وأنظمة هرمية للتوجيه ، وهناك قصر للحكم مقره مسجد رابعة ، ولا يغيب عن البال بأي حال ذلك التاريخ الخصيب لاسم رابعة الذي مر بثلاث مراحل .. المرحلة الأولي التشرد ثم المجون والتمسك بالعيش عبر سراديب الفاحشة ، والمرحلة الثانية شهدت مرحلة النور الذي أشرق قي روحها وهداها إلى الطريق القويم واجتذبها إلى ميادين العشق الإلهى الذي دفع السيدة إلى أن تبكي من أعماقها على ماض ملوث وأقبلت من كل قلبها على التعبد تطهرا وتقربا إلى الله حتى قالت : عرفت الهوى مذ عرفت هواك وأغلقت قلبى عمن عاداك وقمت أناجيك يا من تري خفايا القلوب ولسنا نراك أحبك حبين .. حب الهوى وحًًبا لأنك أهل لذاكا فأما الذي هو حب الهوي فشغلى بذكرك عمن سواك أما الذي أنت أهل له فكشفك لي الحُجب حتى أراك فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاك ثم تأتي المرحلة الثالثة لتشهد تكوين الدولة المشهورة بالتجارة بالدين والكذب والقتل والهدم والتخريب باسم الشرعية .. هل تكون رابعة فكرت في حياة مختلفة عن السابقتين فتلجأ للجريمة بوصفها الأكثر تأثيرا وشهرة وجلبا للمال والسلطة؟!!.. يأتي غرس هذا الكيان الاستيطاني المدمر في المنطقة مماثلا لإنشاء الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية والإسلامية..لقد رصدت الدولة الرخوة بدايته الحيية وكانت مجرد جماعة تتظاهر وتحتج ، وما لبثت أن تمددت وتوسعت واستشرت كالطاعون في الجسد المنهك وتركتها الدولة التي لا يفيد رجالها من التجارب السابقة ، فأشاحت بوجهها عنهم بحجة أنهم فئة ضالة ضئيلة الشأن لا يفزعون ذبابة ، وفي ساعتين - إذا لزم الأمر- يمكن الإطاحة بهم ، ولما تضخمت الفئة الضئيلة المنظمة والمجتهدة ذات التمويل المحلى والعالمي وذات الملكات الشيطانية ، ظهر دور العديد من القوي السياسية المؤيدة حق التظاهر وحرية التعبير ومعظم سلوكيات هذه القوي وتصريحاتها تجارية بالرجة الأولي - حتى أصبحت الدودة ديناصورا ، والضفدعة كيان هائل مدجج بكل أشكال القوة والتجذر والتهديد لكل مسارب الحركة وطرق المرور حيث أوقفت الدولة الجديدة معظم صور التنمية ، وطردت أغلب أشكال الإنتاج حتى أصبحت مرضا عضالا ينخر في بدن المصريين . في هذه الجمهورية شعب يحاول أن يعيش ولا بأس أن يموت سكان المنطقة الأصليين كما حدث بالضبط للهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكما حدث لسكان أستراليا الأصليين وما حدث للشعب الفلسطينى الذي لا يكاد يجد من أرضه الأصلية غير مزق هنا وهناك .. في هذه الجمهورية أسلحة آلية وشبه آلية حسب وصف المواقع الإعلامية الأمريكية المناصرة للإخوان ، وهناك مسدسات وقنابل مولوتوف ، وشوم ودروع حديدية وخناجر وعصي هناك أيضا تلال من الرمال والزلط ، وقد حفروا طلمبات وأقاموا مراحيض، أما دورات مياه المسجد ودور الضيافة فهي للقيادات وقد أشار موقع السي آى إيه إلى استخدام القنابل اليدوية فى بعض الحالات ضد قوات الشرطة وقد قامت مجموعات مسلحة منهم عدة مرات بخطف ضباط الشرطةوجنودها وضربوهم بالحجارة على رؤوسهم ، وطعنوهم وعذبوهم وتم إنقاذهم والعشرات من المدنيين عذبوا حتى الموت واحتفظوا بجثثهم وصوروهم بوصفهم قتلاهم وتابع الموقع الأمريكى قائلا إن بعض التقارير التى لم يتم التحقق منها تشير أيضا إلى أن المئات من أعضاء حماس ممن كانوا يحاربون فى سيناء، انضموا إلى الجمهورية الوليدة وشاركوا بقوة فى هجمات مسلحة على الشرطة وقوات الجيش.. وتتركز خططهم في الأيام الأخيرة على إطلاق هجمات مركزة على ضباط من أصحاب الرتب العليا، وعلى مواقع تخص الجيش والشرطة وأيضا على ثكنات عسكرية. وبشكل أكثر تحديدا، هناك جهد مستمر لمهاجمة محيط السيسى فى محاولة للوصول إليه بشكل مباشر احتاجت الدولة توفير الخدمات فأمدت السكان بأنابيب البوتاجاز وتبرع العشرات من الأثرياء بتزويد السكان بالطعام ، سواء الجاهز أو المطلوب طهيه ، وكل يوم تذبح عشرات العجول والأغنام والفضلات موزعة في كل مكان مما اضطرت معه النساء إلى تربية الدواجن من الوز والبط والدجاج ، بينما الشباب يتدرب على ممارسة رياضة الكراتيه والكونغ فو والأولاد يلعبون ، والنساء يشاهدن قنوات التليفزيون ويقزقزون اللب ويأكلون الفول السوداني ويعدون الفشار ، أما معظم وقت الشباب فيقضونه في تجهيز الأسلحة الخشبية سواء بقطع الأشجار أو بخلع بعض الأسوار الخشبية أو تأتيهم جاهزة ، وتنصرف جهود الكثيرين في خلع بلاط الأرصفة وقد خلعوا بلاط أكثر من ثلاثة كيلومترات ، ورتبوها وشكلوا بها أسوارا عالية كسواتر يحاربون من ورائها وهم في أمان أو يتصورون ذلك ، وهم مطمئنون تمام الاطمئنان أن اتخاذهم النساء والأطفال الحاملين أكفانهم كدروع بشرية لن يسمح لأحد خاصة الكائنات الرخوة من الاقتراب منهم . إنهم يطبقون إسلامهم الشائه بكل دقة ، ألا لعنة الله على مشوهي الدين الذين يمرغون اسمه الغالي في التراب والدم والحقد. وتنطلق منهم بين الحين والحين مجموعات تمارس الإرهاب في الشوارع وتخرب ما تستطيع في محيط المساحات الإقليمية للجمهورية الجديدة ، وثمة فريق منهم يعيش في عالم مستقل وإن كان يمارس دورا حربيا خطيرا وهو فريق العاملين على شبكات الإنترنت والفيس بوك والتويتر والكتابة إلى المواقع الغربية ضد الدولة الرخوة التي استنامت للوحش الذي يتضم بشكل دائم ويتوغل ويتغلغل بينما القادة يتناقشون في القاعات المكيفة ويتحدثون عن المصالحة والسلمية وعدم إراقة نقطة دم ، وهم الذين يقولون إن دم المصري على المصري حرام بينما " الإسلاميون " لا يرونه حراما بل هو الحلال الوحيد على الأرض حتى يعود مرسى .. ولا أدري من هذا المرسي الذي تضيع بسببه مصر ويتبدد الوطن في صحراء التتار ؟ كل القنوات التليفزيونية والصحف خاصة الحكومية تعمل لحسابهم ليلا ونهارا..تتحدث وتحاور وتستضيف من يؤكد أهمية عدم إراقة الدماء .. والكل غاب عنه أن هذه الحسابات القميئة لا تليق بالأوطان إبان الأزمات ، و الجميع شاهدوا كيف تعاملت الدول الديمقراطية المتقدمة مع أية محاولة لتعطيل العمل ساعة .. لقد نسفوهم نسفا وجاءوا إلينا ليقولوا لا يجب أن تمس الشرطة أي إنسان .. ومن يقول هذا داخل مصر أو خارجها لا يريد بها خيرا ولا يتمنى لها الفلاح والازدهار تحرك يا وزير الداخلية حتى لو قتلت نصف المعتصمين وسَلم نفسك بعد ذلك للمحاكمة ولن يمسك ضر بل ستكون بطلا قوميا .. أنقذ البلاد والعباد من أكبر شر تتعرض له مصر بالتدريج من الناعم إلى الخشن .. انطلق وسجل عبورا جديدا ضد قوي البغي والتخريب وسفاكي الدماء الذين يحاربون الله ورسوله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق