الصفحات

2013/11/11

عابر سبيل.. بقلم: اشرف مصطفى توفيق

عابر سبيل
اشرف مصطفى توفيق

الاماكن :

أصْبَحْتُ أمام مطعمٍ أعرِفُه , بحثْتُ بِعَيْنَيَّ عن ركن بعينه , كان المكان ممتلئًا بالنَّاسِ من كُلِّ بِقَاعِ الأَرْضِ، شمال أفْرِيقْيا، لِبْنَان بعض أَهْل الْخَليج وكَثْرَة عِرَاقِيَّة وَسُورِيَّة ... سعودية تمسح بيديها على سائر جسدها بحركه سريعة بعد أن قرأت المعوذتين والإخلاص ثلاثا مخافة الحسد. محمرة الوجه والجسم وكانهاخارجة من حمام مغربي مع فتلة الوجه والحلاوة.ارتدت بنطالاً فضفاضاً فيه الكثير من الجيوب مع سترة ضخمة لتخفي معالم الأنوثة منها، "وطاقية بندانة" خبأت تحتها شعرها، بقية السعوديات معهاارتدين العباءات المخصرة والمطرذة مع لثمات تغطي ما بين الأنف والنحر، وتبرز جمال أعينهن المكحلة وعدساتهن الملونة ونظاراتهن الغريبة.ياتى صخبهندخيلك هدي حالك ما صار شي ! لسّاتون الناس مأربزين هون ما حدا فل ، وبعدين كليات العرايس الكوول بيتأخروا شوي التقط حواراتهن فالموائد قريبة : - من تكون ؟ - يبدو لي أنها سنعة دبرة .! تصدقين أنا سمعت إن الرسول r دعا للشينة ؟ - عليه الصلاة والسلام . إيه والله ، الشيون هم اللي سوقهم ماشي هالأيام . مهوب حنا ، مالت على حظنا ! فيها عرق ؟ بياضها بياض شوام مهو بياضنا المشوهب !- لا تصيري سهلة ' التمنع في السر لإثارة شهوة الرجل . لم تسلم أختك الكبرى نفلة نفسها لزوجها إلا في الليلة الرابعة ، ومثلها خالتك حصة ،- ها انا ذي احطم الرقم القياسي ببلوغى الليلة السابعة بعد زواجى دون أن يمسسنى رماح حتى الآن ، مع أنى كنت على استعداد للتخلي عن نظريات امى بعد أول ليلة معه ولكنة بدى وكانة مايبغى !!

أَشْعُرُ في قِلَّةِ الْمِصْرِيِّين بِغُرْبَة وَتَوَتُّرٍ. لَكِنِّي تَذَكَّرْتُهَا فَشَعَرْتُ براحَة لا أعرف مَصْدَرَها , كان وجودُها معي يجعلني أتحَدَّي غُمُوضَ الأماكن جمعتني بها دراسَةُ القانون، بعد أن سيطر القانونُ الْفرنْسي على منطقتنا - بما يُعْرفُ بِالقُوَّةِ النَّاعِمَة - قَدَرٌ نَاعِمُ الخُطَى فِي جامعَة ليون ! جمعتْنا قليلا قاعات الدَّرس .. وكثيرًا الصُّدَف !! أنا فِي مِنحَةٍ دراسيَّة قصيرَة أبحث عن صحيح النَّص الْقانونيِّ (ظاهِره وباطنه) وهي فِي دراسَة مُعَادِلَة لِتَعملَ كَمحاميَّة بفرنسا، هِيَ تبحث عن مكامِنِ ضَعْفِ النَّصِّ وأنا أُقَدِّس النَّص ولا أَخرُج عليه بِحُجَّةِ ضَمَان النَّظام واستمرار حركَة المجتمع وهِيَ تتحايل عليه، تلاعِبُه لا مانع عندها من الإفْلات من قسوته، فهِيَ لها أيضًا مصالحُها، والغريبُ أنَّ النَّص يسعُنا ويعطِينا ولا يتمَلْمَل! ولسْنا إلا وَسَائِل لِيُجْرِيَ الْقَدرُ المشيئَةَ - مَنْ يُدانُ ومَن يُفلتُ.
الْمَكَان بِزجاجه الْملوَّنِ وبديكوره الْبسيط يُوحِي بأزمِنَةٍ أُسْطوريَّة مشربيَّات بالأَرَابِيسك الْمُتداخل،عَاشِق ومَعْشُوق، مشكاوات مُتناثِرَة هُنَا وهُنَاكَ، قُلَل فخَّاريَّة تخرج منها إضاءَة خَافِتَة تَتَلوَّن بلَوْن جَوْف الْفخَّار، فترى كل ألوان قوس قزح؛ الأحمر يتداخل بالأزرق والأصفر يطل من الأخضر، النِّساءُ كثيرات بجَمالِهنَّ، وأناقَةِ مَلابسِهِنَّ الْعَاريَةِ عفويَّة، جِلستُهُنَّ تُظْهِر مِن أفْخَاذِهِن أكثر بكثير مِمَّا تعوَّدْتُ، فتُعْطِي الْمكانَ مَذاقَ الْمُعاصَرَة ! وكيف لا.. ونحن فِي فرنسا؟! ماذا حدث للذُّكور؟! أغلب الْمَناضِد الَّتِي حولها فرنسيَّات بِدُون رجال! حَلَقَاتُ الدُّخَان من فَمِ الْفرنْسيَّات لهاتداعِيَات خَاصَّة، هل هذه الْمناضِد:(جيتو خاص - أم أنَّ فرنسا تعرِف الْحرَمْلِكَ؟!) بَاقي النِّساءِ منَ الْجِنسيَّات الْعربيَّة مُرْتَبِكَات بين السُّفُورِ والْحِشْمة، مع تدرُّجٍ مِزاجِيٍّ فيما يُظْهرْنَ من الشَّعر، أخَصْلَة تكفي؟ أم حِجَابٌ لا يُظْهِرُه ؟!أوإِطْلاقُه على حُرِّيَّتِهِ لِلنَّسِيم ليقول آهاتٍ؟!
الْفُرجَةُ والْبحْلقَةُ أكثرُ إِثَارَة..
الْمَكَان بزُجاجِه الْملَوَّن وبديكوره الْبسِيط يُوحِي كما قُلْت بِأزمنَةٍ أسْطوريَة، كِتَاب كولن ويلسون (جُذورُ الدَّافِع الجنسي) بين يَدَيْ فرنسيَّة فِي الثَّلاثِين يتجسَّد وهِيَ مُستغرِقَة فِي صفحاته تتململ تركَتْ كِتابَها، عَيْناها ترمِيَان من الْمجْهول إِلَى الْمجهول!! النِّساءُ لا يَصْبِرنَ على الْقراءَة؟! غلاف مجلَّة لامرأَةٍ عَاريَة - فَرَشتْ رَمْلَ الْبحر ونامت وتغطَّت بالشَّمْس- إنَّها نَاعومي عارضَة الأزياء. فأيُّ زِيٍّ تَعْرِضُ وهِيَ "بلبوص"؟! مِشْكاوَات متناثرَة هُنَا وهُناكَ، عِبَارَة (w.c) فِي نهايَة مَمَرٍّ.
كان ..فى كان.
ما قَاله طَهَ حُسيْن فِي روايته (أديب) عن فرنسا .. بلاد الجِنِّ والْملائكَة، ولكن هل تنزِل الْملائكَةُ فِي حُضورِ النِّساءٍ ؟! أتذَكَّرُ أَنِّي طرحتُ هَذَا السُّؤَالَ عَلَيْهَا من قَبْلُ، كُنَّا فِي (كان .. وَقْتَ مِهَرجَانِها السِّينِمَائي الشَّهِير) مشْدُودٌ كنتُ لِلأُبَّهَةِ والْبَالو ودلال نجمات السِّينِمَا، والرُّجُولَة اللامِعَة لبعض الْمُمثِّلين الْعالَميِّين، والْمُوضات والْملابس الْجذَّابَة. فقلت: هو فِي كده!! أم هو السَّرَاب. سراب الْمدن السَّافرَة.!؟ فرقَصَتْ يمينا ويسارا فِي بنطلونها الْجينز الضَّيِّق وهِيَ تقول...
-          :Quelle surprise. ده فِي كده وكده ؟!
بانت تضَاريسُها.. حسدتُ الْجِينز الْمُمسك بنصفها الأسفل فِي إحكام تحسده عليه الأنظِمَة الْقمعيَّة!.. فجاء السُّؤَالُ الْغَبي: هل تنزِل الْملائكَةُ فِي حُضور النِّساء ؟! تهكَّمت عليَّ بأنِّي جَمَل صحراوي!! وفي الْمُدن .. لا يوجد سراب!! فالْملائكَة ترافق النِّساء، وأنَّ مريم الْعذراء كانت ترافقها الْملائكَة ! وأنَّ الأنبياء أفضلُ من الْملائكَة، وكان لكلِّ امرأَة واحدَة،.. أكثر. التوراَة تقول: إن النَّبي داود كان عنده 99 امرأَة وكان مُستعدَّا أن يرسل ضابطًا عنده إِلَى الْحرب على الْحدود بعيدًا لِكَيْ يضم إليه زوجَة الضَّابِط فيُكمِل مائَة امرأَة!! ... كنَّا قد اقتربنا من دار الخيالَة (السِّينِما).. فلم أُعَلِّق على ردِّها الْمُفاجِئ والطويل، فلماذا لم أقل لها بأنَّ النَّبِي داود عاتبه الله على عِشقِه الْمِئَوي.لأنه نظر إِلَى مُتَع جارِهِ، ولم يشكر على ما عنده فيظَلُّ السُّؤَال مَطْروحًا؟! هل لأنِّي أمسكت يدها وأخذت أعُدُّ الخَواتِم في أصابعها؟!أم لأني مثلُ النَّبي داود لم أكتف يوما بنعجة واحدة، فكيف سيتم عتابي أو عقابي وأنا ليس لي فِي الْغرام إلا أقل من عُشْر داودَ ؟!
بَدَا فيلم “ disclosune ” وفيه: "امرأَة تُرَاوِد مَرءُوسَهَا فِي الْعَمَلِ جِنْسِيًّا (ديمي مور).. وما أدْراك ما ديمي مور؟! فتُهَدِّدُهُ بأن لم يفعل ستَدَّعِي عليه التَّحَرُّش بِهَا حتَّى تصل به إلى الْمحاكم؟! ويكفي أن تقول - وبلا شهود - وتقضي تمامًا على مستقبله رغم أنها هي الْفاعل لا الْمفعول به؟!"
 سألتْني ونحن بالسينما:
 -  ما هو التحرش؟ أهُنَاكَ شيء عنه فِي الْقانون الْمصري؟
 -  : لم نعرفْه بَعدُ!
(مايكل دوجلاس يخاف.. فالقانون فِي هذه الْجريمَة يحمي الْمرأَة فقط ؟ مع أن أهم ما فِي الْقانون فكرَة (التجريد) أي أن يُطبَّق على الكافَّة؛ الوزير والغفير، الرَّجل والْمرأَة)
 -    : amour'l Vive .. هل يُقاوِم أحدٌ (ديمي مور) ؟!
 قالت : بل من الَّتِي لا تراود (مايكل دوجلاس) عن نفسه ؟!
(الْقانونُ هُنَا لا يقبل الْقولَ بالتحرش الْجنسي من رجل ضد امرأَة حتَّى ولو وقع من رئيسته فِي الْعمل ؟!) ..وديمي مور لا تهدأ إن لم يفعل ما تأمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين . ولكن الْقانون يقبل بسهولَة الْعكس.. التحرُّش الْجِنسي مِن رجل ضدَّ امرأَة؟!
قلتُ: الْباب الرَّابِع من قانون الْعقوبات عندنا من الْمواد: 267 حتَّى 279. لم يذكر التَّحَرُّش.. أعندكم أنتم شيء؟
- : فِي كتاب الْمُلاطفَة والْمُداعبَة.. وليْس فِي قانون الْمَغْرب !!
(مايكل دوجلاس يعرض عَلَيْهَا مشاكل الْعمل، فتطلب منَة أن يحل مشكلتها معه؟! يحدثها عن الأسواق الْجديدَة، فتقول له: الْمُهِمّ اللِّقَاءَات الْقَادِمَة! يُقدِّم التَّقْرير الشَّهْري فتطْلُب منه تَقْريرًا عن تَفاصِيل وَسَامته شِبرا .. شِبرا، سَاقًا، وَوَجهًا، وَظَهرًا! حتَّى مِشيَته تقول عنها أنها تَرِنُّ بقلبها- إنَّها تُرَدِّد أُغنيَة أُمِّ كُلْثوم "وَاثِقُ الْخُطْوَةِ يَمْشِي مَلَكًا" بألفاظ جديدَة! يُقَدِّم اسْتِقَالتَه فَلا تَقْبَلُ مِنْه إِلا الْورُودَ والْقُبلات!)
ضحكنا.. ما نراه على الشَّاشَة لا هو اغتصاب، ولا هتك عرض ولا حتى خدش حياء؟!انة مسمى سيىء التحرش!!
همست: إنها امرأَة تبحث عن موافقَة رجل00 عشق امرأَة، لا تنس أنها مديرَة الْمكان، هكذا يفعل نساء بُرْج الْحَمَل!!
- : ولكن بوحشيَّة الْحضارَة الْغربيَّة ؟!
استوقفتني.. كأفوكاتو .. "مُحاميَّة" شاطرَة
- : أتعاقبون على خدش حياء رجل ؟!
-   لا.. للأسف؟!  م306 مكررا من الْقانون الْمِصْري تعاقب الرجل على خدش حياء الأنثى.. وتحبسه شهرا، خدش حياء رجل تعبير قانوني جديد.
-   أَلِهذا لا تمسك يدي ؟!
- : أَلا تتَّهِميني بالتَّحَرُّش ؟!
- نساء برج السَّرطَان يؤمِنَّ بحاسَّة اللَّمس!
(ديمي مور.. وما أدراك ما ديمي مور، لا تقبل إلا الْورود والقبلات! تطلبه بمكتبها، وتطلب منه أن يحدثها عن أيَّام مراهقته، فقبلَةٌ منه تكفي اليوم !)
الاماكن تعاود الحنين
ضوء أزرق وديع يخرج من نمانم النُّحاس الْموضوعَة بالْمَكَان بتلقائيَّة تُلْقي هُنَا .. وهُنَاكَ .. أنوارًا خَفيفَة مُرْتجفَة وظِلالا شفَّافَة، هُنَاكَ امتِدَاد تلقائيٌّ لِنَظَري ينتهي عند بِركَة مُتَّسعَة تتوسَّط الْمَكَان ذكَّرتْني بيوم غازلتُها بأنَّ عيْنَيْها بلَوْن بُحُور الْجنَة !!  استفسرت ؟!.. كانت عيناها عسليَّة وبالجنَّة بُحَورٌ من عسل، قَهْقَهت وأشارت إِلَى شفتها السفلى.. هل أجد فيها علامَة خروج آدم من الْجَنَّة؟! .. لم أفهم ؟!فشرَحتْ لي أَنَّهم فِي الْمغرب يعتبرون (الأشرم) من النِّساء , ذات الشفَة الْمشقوقَة، امرأَة ساخِنَة لا تهدأ رغبتها ؟! وأنَّها قامت بعمليَّة تجميل اتِّقَاء للشُّبُهات!! ولكنها تركت ندبَة بشفتها السفلى. وجدتُ نفْسِي أُقَبِّلُها . ركَّزْت على الشَّفَة السُّفلي عند مكان النّدبَة أرغب أن تتحقق فتنَة الأسطورَة !..  كنت أدور فِي فلكها مجذوبًا بقوَّة هائلَة، كأنَّها الشَّمْسُ وكأنني الأرض.اعتدلت فِي خجل. قلت : كنت فِي الْجنَّة أنا مثل أبي الأوَّل آدم .. إنها جينات الْغوايَة!! ابْتَسمتْ وهي تُغَمْغِم بالفرنسيَّة..: أنا لست بقايا الْجنَّة، أنا بقايا الْحريم، كانت بوَّابَة بيتنا تفصل حريم النِّساء عن غرباء الشارع، وكان شرف أبي ارتبط بهذا الْفصل كان بوسع الأولاد عبور الْبوَّابَة بصعوبَة أما النِّساء الْبالغات فلا؟! حَلِمَ جميع النِّساء أن يَهِمْنَ على وجوههن بحرِّيَّة فِي الشَّوارع، وكانت حكايَة "الْمرأَة الْمجنحَة" الَّتِي تستطيع أن تطير من الْفناء متى شاءت كلما رُوِيَت فِي الْمغرب .. كانت النِّساء يُعلِّقْن أطراف قفاطينهن بزَنَانِيرِهن ويأخذن فِي الرَّقْص.. وقد مددن بين أذرعهن وكأنهن ينوين أن يطرن ! وقد بذرت ابنَة عمِّي"نوَّارَة" الَّتِي بلغت السَّابعَة عشرَة الاضطراب فِي ذهني عندما أَفْلَحَتْ فِي إيهامي أنَّ للنِّساء أجنحَةً غير منظورَة، وأنَّ أَجْنحتي ستطلع عندما أكبر!!
هَذَا ما استطعت عليَه صبرًا من فرنسيَّتِها الْجميلَة.. أما باقي ما قالتْهُ كان غريبا وأخذتُه إجمالا ؟! وكان يدور حول عدم اعتقادها بأن تكون الْجنَّة مخلوقَة الآن! قالت بل الله يُنشِئها يوم الْقيامَة، خَلْقُ الْجَنَّة قبْلَ الْجَزَاء عَبَثٌ غير واقِع على وجه الْحكمَة؟!*

جاء النَّادِل فجأَة وبدون طلبي .. ارتبكتُ، حسِبتُه من غِلمان الْوَالي فَمَلابِسُه الْمُزَرْكَشَة بين التُّركي والإيراني- لزوم إيحاء الْمَكَان – توحي بحكايات ألْف ليلَة .. اعتقدت معها بأنه سيبدأ بـ "أيها الزبون السَّعيد ذو الْمَقام الْعَالي والذَّوْق الرَّشيد" حركاته مهلَة، ابتسامته لدنَة، انحناءته أنثويَة، كلمني فِي نعومَة، فطلبت الْعَشاء والنَّبيذ بسرعَة دون أن أنظر إِلَى الْقائمَة الَّتِي معه ! قد يَكُون ذَلِكَ بسبب اللُّغَة، قل بدون تفصيل وبدقَة حتَّى لا يجادلك أحد، أنت تتحدَّث الْفرنسيَّة، ولكن لا تعرف كيف تسمعها جيِّدًا - هذه نصائح أهلي والأصدقاء فِي الْقاهرَة أَسْمع رقرقَة الْمِياه الَّتِي كانت بفعل موتور صغير بالحوض.. حوض السمك الْملَوَّن حيث أجلس.سجائري (مينتول) بلونها الأخضر بمكانها على الْمِنْضَدَة بجِوَار شَنْطَتِي الصَّغِيرَة، الَّتِي بِهَا أوراقي والْبسبور. أشعلت واحدَة .. قلل فخاريَة تخرج منها إضاءَة خافتَة تتلَوَّن بلَوْن جوف الْفُخَّار...اتَّجَهْت إِلَى الـ (w.c) فِي نِهايَة الْمَمَرِّ.
تايور قصير باهت
فِي منتصف الْممر الضَّيِّق قابلت الْمرأَة الْفَرَنْسِيَّة الَّتِي كانت تقرأ كتاب: كولن ويلسون نظرت إلي فِي وُدٍّ كأَنَّهَا تَعْرِفني! أكانت تتلصَّص أَيضًا؟ أم شَعَرَتْ ببحلقَتِي على رجلَيْها الْمُمتَدَّتيْن فوق الْمِنضدَة، مُتجاهلَة أنها ترتدي "تيور" بجيب قصير!! أهي علاقَة تلصُّص خفيَّة . أم أن أوتار الْوجود تجود بالنَّغَم الْمكنون، واللَّذَّة تسطع حتَّى تُعانِقَ الْجميع ؟!.. كانت تريد أن تُخْرِجَ شيئًا من حقيبتها وفي نفس الْوقت تضع كتابها.. ارتبكت، كادت شنطتها تفرغ ما فيها على فسيفساء الأرض، تدخَّلتُ فتَمَّ تدارُك الأمْرِ.
  قالتْ : Merci.
  أخرجت فوط الْحفَّاضات النِّسائيَّة؟! حاولت أن أقويَ اللغَةَ الْفَرَنْسِيَّة   ببعض الْغزل معها، ضحكتْ، علقت ببلاهَة بقصد جذب أطراف الْحديث، وانتباهها أيضا - بالطريقَة ﺇياها- لدى الْمصريين ؟!
-        ما السِّرّ في الْحفَّاضات، ألا يُوجَد ورق تواليت بالحَمَّام، إِنِّي قد أحتاج لواحدَة إذا كان الأمر كذلك ؟
-        'femme la pour chose quelque' حاجَة حريمي كده ؟!
-        أيحدث فِي فرنسا نفس الشّيْء للنساء؟! كنت أعتقد أنَّ الْفرنسيات من الْحُورِيَّات!
-        ومن هن؟
-    النِّساء الْمَوْهوبات من الرَّب فِي الْجنَّة للرِّجال الطَّيِّبين، يُعْطى الرَّجلُ الصالح "حوريَّتَان". اعتقدتُ أنَّ هُنَاكَ ما جعل بعضهن ينزل فرنسا حين رأيتك؟!
-        ارْحَمْني أنا أنزف.
-        الْحُوريَّات لا يستخدمن الْحفاضات النِّسَائِيَّة – فهنَّ لا يحضن- فهل حوريات فرنسا ضد النَّص؟!
-        أيها الشّبق اللحوح .. ﺇني أنزِف.
 تركتْ شنطتها بين أحضاني؟! دخلَتِ الْحمَّامَ مُسرِعَةً بِفُوَط الْحَفَّاضَات النِّسَائِيَّة.. دخلتُ الْحَمَّام الْمجاور الخاص بالرِّجال - فحَتَّى فرنسا تفَضِّل الْفصل فِي هَذَا الشّأن !! ارتبكت قليلا فعلى كتفي شنطَة حريمي حمراء مكتوب عليها بالفَرنْسِيَّة: لماذا لا تفعل ما أراه فِي عينيك..؟؟
?yeux votre dans est quelle pas faites ne tu porquoi أ
 اَيَدْخُلُ رَجل حمَّام الرَّجال بهذا الْعرض!
الاماكن تحاصرنى بالاشتياق:
كان عُنوان الْمُحاضرَة: (أهميَّة نصوص الرَّأفَة وإيقاف التَّنفيذ فِي التّشريع الْعِقَابِي).. تحدثت باختصار عن نص م17 في مصر وكذا م55 فِي إيقاف التَّنْفيذ . كانت تتدخل وتسعفني فتشرح ما أقوله إذا تطلب الأمر اﻹطالَة .. كانت لساني فِي غربتي ففرنسيتي عرجاء عَلَّق الْمُحاضر (جارودي مارسل): ليس الأمر متروك للقاضي فالْمحامي يجب أن يحثه فِي مرافعته ويتمسك بذلك فِي مُذَكِّرَة طَلَباتِه فالسُّلطَة التّقديريَة * للقاضي هُنَا سُلطَة وَقائِع لا سُلْطَة مُطلَقَة. ولِذا فالعمل بالعدالَة يقتضي معرفَة علم الاجتماع وعلم النَّفس، وليس الْقانون وحده. فالأوراق الْجنائيَّة عندنا بِهَا خانَة لدراسَة الْحالَة تتحدث عن ظروف الْجاني ** بيئته، معتقداته فهِيَ تَهْتمُّ به قبل وقوع الْجريمَة، فنحن لا نشعر بغليان الْماء إلا فِي درجَة 100 فِي حين أن الْغليان قادم مُنْذُ درجَة 98 ولو لأتفه الأسباب.؟؟ هل قرأ أحد روايَة (الغريب) لكامي ؟ إنّ الْقتل يأتي من مجرد انعكاس ضوء الشَّّمْس بقوَّة على عيني بطل الرِّوَايَة، إنه فِي حالَة غليان لا يعرفها النَّص، لأن النَّص الْقَانُونِي يتحدث عند وقوع الْفعل لا قبله ولا بعده، بغير ذَلِكَ تُصبح أعمال الرَّأفَة ووقف التّنفيذ والاختيار بين الْحَدِّ الأقصى والأدنى للعقوبَة درب من التّخمين ؟! أثناء ذَلِكَ تركت الدَّرْس، قالت لِي وهِيَ تنصرف :
 - 'femme la pour chose quelque' حاجَة حريمي كده!
 قالتها بنفس طريقَة الْفَرَنْسِيَّة. فعدت لها. الإسقاطات تأخذني لِدُنْياها؟! كانت شُعلَة من سعادَة تحظى بحريَّة، وتذعن لسنن فوق مَدَاركي، فأنا رماد من وجوم، وهِيَ نغم سحري يستقر فِي الأعماق يُغرِّد دوما بسهولَة الْحياَة.
التايور الباهت ..بدى جذابا!!
تنبَّهْت أثناء الْعَشَاء إِلَى أَنَّ نصف زجاجَة النَّبيذِ على وشك الانتهاء فاسْتعمَلْتُ الْجرس الصَّغِير الْموجود بجوار طفايَة التّبغ لنداء النَّادل، تحرَّكت الكورَة الْمعدنيَّة بداخله .. حركَة بندوليَّة اصطدمت بالحوافِّ فصَدَرَ صوتٌ أحضر النَّادلَ، وألهب الذكريات ..
" علَّمَتْني كيف أُحب النَّبيذَ وكيف أشربه ؟ ومتى يَكُون أحمر.. ومتى يَكُون أبيض؟ - النبيذ الأحمر مع اللحوم والأبيض مع الأطباق الأخرى.-احترمت أني لا أشرب الخمور- ووجدت هوايا فِي فتوى لأبي حنيفَة بعدم تحريم النَّبيذ؟! "
وجدتُ الْفَرَنْسِيَّة عند رأسي .. جذبتني .
قالت: أنت .. يا أنت .... انتبهتُ.
-        هل بالتيير بُقَع ظاهرَة فِي الخلف ؟
الْتَفَتُّ أنظر.. وكانت مستمرَة فِي الكلام بعصبيَّة.. وهِيَ تُدير لِي نفسها فأراها من الخلف، عجيزَتُها كورَة تنضح بنضج وأنوثَة يا لها من عجيزَة فرنسيَة جمعت بين الْعجرفَة واللُّطف، يكاد الْغريب مثلي أن يحس بطَرَاوتِها وشِدَّتها معا بالنَّظر الْمُجَرَّد.
عذرتُ فِي هَذَا الْوقت اللُّوطيِّين، فهل هُم مَن يَأْتُون الرِّجَال دون النِّساء – أم هم من يأتون النِّساء مِن هَذَا الْمَوْضِع؟! أطَلتُ النَّظرَ وقد بدا أنَّ الأمر جَدِير بالْبحث فِي فرنسا.. أليست أرض النُّور، والحرِّيَّات !!
 استدارت معتدلَة .. كانت حانِقَة ومُتَبرِّمة.
- عَطَّلتْني ... حاولت مُعالجَة الأمر بالْماء فتعقَّد الأمر أكثر، أبك شَبَق ؟! عندي موعد مُهِم مَعَ "برجريت بارد" بعد دقائق..!
 - برجريت باردو (ب.ب) الْمُمثِّلَة الشَّّهِيرَة ؟!!
- برجريت باردو أستاذ علم الاجتماع الْجنائي ..إنها تشرف على بحث لِي .
-  إِنِّي أعرفها، ودرَّست لِي فِي جامعَة (ليون)، ﺇنها فِي الخمسين من الْعمر، بدينَة، جادَّة، درسها تقليدي بالسبورَة والطباشير، تَرُصُّ الْمعلومات بتدفُّق وبدقَّة .
- هي بشحمها ولحمها ..عليك تعطيلُها حتَّى أحضر . فلا بد أن أُغيِّر ملابسي، عَوِّضْ شَبَقَك بذوقك !!
نزعت شنطتها من الْمنضدَة، وانصرفَتْ حانقَة، بقامَتِها الهَيفاء وأناقتها الْباريِسيَّة، كانت فِي عينيها نظرَة تلقي إلي الظمأ، والتأفف  معا - شعرت بخجل.  استعملتُ الْجرس الصَّغِير الْموجود بجوار طفَّايَة التَّبغ لنداء النَّادِل تَحَرَّكَت الْكورة الْمعدنيَة بداخله حركَة بندوليَّة اصطدمت بالحوافِّ فصَدَرَ صوتًا.. ولكن لم يحضر النَّادل!!
تحرش .
كانت هُنَاكَ عجوز مكرمشَة الْوجه عند مدخل الْمَكَان .. عند الْقُلل الْفُخَّاريَّة الَّتِي تخرج منها إضاءَة خافتَة تتلَوَّن بلَوْن جوف الْفخار فترى كلَّ ألوان قوس قزح .. كانت "باردو" واقفَة شدَّت شعْرَها للخلف، مُتأنِّقَة، ولكن فِي حشمَة، تضع إيشارب مزركش حول رقبتها يبدو موضة. ولكن أدركت أنها خدعَة لمداراَة تجاعيد السِّنين حول رقبتها.. استقبلتُها بترحيب الْمصريِّين، أفهمتها بأن تلميذتها على وصول، وأني تلميذها فِي جامعَة ليون من طلبَة الْمنح الْفَرَنْسِيَّة الْمجَّانيَّة، ويُسعدني أن تكون على منضدتي لحين حضور تلميذتها الْفَرَنْسِيَّة، استغربت من استعمالي كلمَة تلميذَة على امرأَة ناضجَة فِي الثَّلاثِين؟! سأَلَتْ أسئلَة تقريريَّة عن علاقتي بها؟ وعني؟ وضَحِكَت على إجاباتي السَّاذجَة عندما شرحتُ باختصار ظروف معرفتي بِهَا، كانت مندهشَة من أني لا أعرف حتَّى اسمها؟! ولكنها استسلمت للمقادير، ولأسئلتي الْمبطنَة لحالَة هزَّة الْقلب، والإسقاطات الْمُروِّعَة داخلي وكَأنَّها تعلم مغزى وخطورَة ذَلِكَ على الْوجود! هِيَ لها خبرَة بكيف يتصرف طلبَة الْمنح الْمَجَّانيَّة فِي فرنسا عند بدايَة الأمر.
سألتها: (التَّحَرُّش الْجِنْسِي)؟
قالت: وفى عيونها ارتداد الثِّقَة بدلا من الْحيرَة.. التَّّحَرُّش موجود فِي مدرسَة الْقانون السكسوني وخَاصَّة أمريكا، ولكن فِي فرنسا النَّصوص كافيَة.
 تلعثَمَتْ فرنسيتي. وهِيَ تنتظر مناقشَة مطولَة .
قلت: pbeaucou onnaitrec veux je,  لنعرف الْمزيد...
قالت- التَّّحَرُّش يمكن نقله من الْقانون الْجِنَائِي إِلَى الْقَوَانِين ذات الطَّابع الإداري.. ولذا قررت وزيرَة الْمرأَة فِي أَلْمانيا جَعْل هَذَا الْقانون (ضمن قوانين الْعمل والوظيفَة) وبالتَّالِي فالعقوبَة فيه تأديبيَة، لا جِنَائِيَّة. وبالطَّبْع هَذَا عكس الْوضْع فِي أَمْرِيكَا.. ولكنه التّدبير الْمقدم للأمر فِي فرنسا.. فالأمر لم يُحْسَم عندنا؟! لكن في ألْمانيا، الْقانون موجود باسم الْوزيرَة (إنجلا مركل) وهو ينص على التَّّحَرُّش الْجِنْسِي بمكان الْعمل وهو: كلُّ تصرف جِنْسِي مُتَعَمَّد من شأنه أن يجرح مشاعر الْعاملات فِي مكان الْعمل. (لاحِظْ أنه لم ينص على جرح مشاعر الْعامِلين - الذُّكُور- فهو تمييز) إذا ما ترتب عليه رفض أو تأفُّف أو خجل النِّساء بالْمُؤَسَّسَة..
مثل: الأقوال الْجِنْسِيَّة، الْمطالبَة بالقيام بتصرفات جنسيَة، الْجنس الخفيف متمثلا فِي اللَّمَسات الْجَسديَّة، الْملاحظات الْمحتويَة على معان جِنْسِيَّة : كعرْض أو إحضار صور عاريَة بالْمكتب أو مكان الْعمل، أو استخدام التّليفون الخاص بالعمل فِي علاقات شديدَة الخُصُوصِيَّة (جِنْسِيَّة) .
كانت تقول بمُنْتَهى الاتزان ودون أن ترِفَّ عينيها- رغم اهتزاز نهداها الشّامخين كمركز ملاحَة مستتر، كان له شأن فِي الْمَاضي فِي إرْشَاد سُفُن الذُّكُورَة الضَّالَّة فِي الْبَرِّ- أو تلاحظ وقع هَذَا الشّرح على أعصابي.
      - وكَيْف يعلم الْقانون كيف ترفض الْمرأَة ؟
أجابتْ :- الرَّفض فِي هَذَا الْقانون لا بد أنْ تُعَبِّر عنه الْمرأَة بشكل مادي، مثل: أن تتقدم بشكوى مكتوبَة، أو شفهيَّة لصاحب الْعمل، ويجب أن تكون محدَّدَة، أي أن تحدد الْفِعْل، ولا تكون شكواها عامَّة، وبعد ذَلِكَ يبقى على صاحب الْعمل أن يمنع هَذَا التَّّحَرُّش بصورَة عاجِلَة خلال طرق يختار منها وهِيَ : النَّقل – لفت النَّظر اﻹنذار – التّحويل إِلَى إدارَة أخرى ..طرق الْعقاب الإداري وليس لرئيس الْعمل الْحقُّ فِي غَضِّ الْبصر، أو عقد الصُّلح أو الْحِفْظ وإنما هذه الخيارات ﺇجباريَّة.
-        وماذا إذا رضيت الْمرأَة فِي أوَّل الأمر، ثم حدث ما يُعَكِّر الصَّفْو؟! أتصبح الْعقوبَة مُسلَّطَة على الرَّجل؟
-    هذه الشّكوى تسقط إذا مر أكثر من ثلاثَة شهور على حدوثها حتَّى يستقيم الْعمل، ونبعد عن الْكيديَّة فِي الشَّكوى فهِيَ وﺇن كانت جريمَة ﺇداريَّة فإنها تخضع للتقادم.
حضرت الْفَرَنْسِيَّة.. مَلْهُوجَة.. سلَّمَتْ على باردو دون أن تَشْكُرَني أو تُعِيرَنِي اهتمامًا !! دَخَلتْ فِي الْحديث وهِيَ واقفَة تُسَوِّي شَعْرَها بأناملها وقد لاح إِبِطُهَا من فُرجَة الْقِطْعَة الْعُليا للتيير- نصف الْكم- تماما كالجيب الْميني الْمكمل له، تتحدث عن بحثها.. تنظر لِي وكأَنَّهَا تدرك سكرَة انتابتني، عينيها تقول لِي كفى فضولا؟!..
لها حاسَّة حدس تفوق حواسَّها الأساسية!!
الفَرنْسِيَّة: اشتغلتُ على ما قاله "ويلسون" فِي كتابِه. وانتهيْتُ إِلَى وجود علاقَة بين الدَّافِع الْجِنْسِي والْمَلابِس ﺇذ إنها ممكن أن تقوم بدور الْمثير، وأن ذَلِكَ أدى إلى تغيير ملابس الْغانيات على مرِّ العصور.
برجريت: هل قُمْتي بدراسَة مَيْدَانِيَّة.. كدراسَة الْملابس الَّتِي كانت تلبسها الْمرأَة عند وقوع جرائم جِنْسِيَّة عَلَيْهَا (هتك الْعرض أو الاغتصاب) ؟!
سجَّلت الْفَرَنْسِيَّة ملحوظَة باردو، فانتهزت الْفرصَة للكلام.
- روايَة نجيب محفوظ (السَّرَاب) تقول شيئًا قريبًا من هَذَا "فكامل" بطل الرِّوَايَة لا يستطيع أن يمارس الْجنس مَعَ زوجته الْجميلَة ولكنه يمارسه بسهولَة مَعَ خادمَة، وامرأَة شَعْبيَّة فالدَّافِع الْجِنْسِي لديه مرتبط بالْملابس الْفقيرَة أو الشّعبيَة .. وقد عالجه طبيبه النَّفسي فِي الرِّوَايَة على هَذَا الأساس.
برجريت - مسيو محفوظ نوبل .. نوبل ..آه أنت مصري ؟
لكزتني الْفَرَنْسِيَّة بمرفقها..
همست: شبق .. وعشوائي .. حشري أيضًا !
برجريت- الأدب مصدر مهم فِي علم الاجتماع الْجِنَائِي وأيضا علم الإجرام.
الفَرنْسِيَّة- excusez moi ..أعتقد أنه حان الْوقت لننصرف .
أخذت باردو بشكل طفولي، وكأَنَّهَا تنتزعها من الْكرسي، فقد أمسكت يدها، وأجبرتها على الْقيام، لا أعرف ﺇن كان أخذها نظارَة دكتورتها تم عن عمد أو بعفويَّة؟ فلقد استسلمت لها، ولم تُعَلِّق وواضح أن باردو لم تكن ترى بوضوح!! انتقلا إلى مِنْضدَة أخرى.. شعرتُ بمدى شراسَة الْفَرَنْسِيَّة، أهي فَرِسَة من هَذَا النَّوْعِ أم هِيَ أعراض الْعادَة الشّهريَّة؟!
زاكرة مفخخه بالعشق:
لحظَتُها ... انكسرت أشعَّةُ الضوء وشعرت بِهَا وكأَنَّهَا واقفَة بجسدها الْفارع
الْممتلئ بلا ترهل, رائحتها فِي عبق الْمكان، أهي حقيقَة أم رغبَة لا تكف
عن الْمثول. أشعر بأصابعي بين أصابعها فِي عناق حارٍّ!
أذكر يوم قالت: ماذا يريد الرَّجل بعد أن تعطيه الْمرأَة كفَّهَا فِي أمان؟
قلت : ومتى يحدث ذَلِكَ ؟!
قالت: حينما يمنحها الرَّجل براءته !
أهي ثورَة النَّبيذ الذي طلبته !!
       حمى الخيالات الَّتِي لا يَكْبح جِماحَها الْعقل، في مشد صدر أصغر بدرجتين عن
       مقاسها !! فترجرجا هَذَا التّرجرج الذي يبيح بأنهما لم يخلقا للأمومَة !!
       يدي فِي يدها فِي تراخ حذر, قالت فِي كبرياء:
     -  تأخرت عليك ..
       ضحكت حينما وجدتني على نفس الْمقعد بجوار حوض السمك الْملَوَّن عند رَقْرقَة الْمياه الَّتِي بفعل موتور صغير بالْحوض، ابتسمت حينما وجدت سجائري (الْمينتول)
      بلونها الأخضر النّعناعي .. أشعلت واحدَة وهي تُرَدِّد
    -   متى تُغَيِّر شعالَة النَّار هذه؟!
 تذكرت يوم قلت لها:  .. شيئا خطيرًا أن يغير الرَّجل نوع تبغه !!
 قالت: لا مفر.. استسلم؟!
 ومن يومها وأنا أدخن سجائر مينتول خضراء ...
 كنت لا أدخن السيجارَة.. بل أدخنها بداخلي. فهل هي مُضِرَّة أيضًا بالصدر!!
 آه يا هي ... آه يا عربدَة الْعقل.
 أخذت نَفَسًا عَمِيقًا من السِّيجارَة الَّتِي توهَّجَت بين أصابعي .. وابتلعتُه.
 حينما نظرت إليها.. كانت لا تزال فِي نظرتها جرأَة الْمرأَة الَّتِي تعلم الصبي
 كيف يعرف ذكورته فيرفع جلبابه * ؟
غواية.. ثُلاثيَة نجيب محفوظ.
جذبتْني فِي حركَة عُهْر حقيقيَّة.
قالت : اللَّيْلَة استَقْبِلنِي بمنزلك ؟!
 قلت : أنا متزوج ؟!.
قالت: استلذّ مغامرَةَ الْمرأَة الشّرعيَّة، والْمرأَة الْمرغوبَة!!
قلت : لا يفعلها إلا يس عبد الْجَوَّاد ... ابن سي السَّيِّد؟!
شرِبْنا فِي نخب يس عبد الْجواد بطل ثُلاثيَة نجيب محفوظ !! كانت سَمْراء ذاتَ لَوْن يوحي بأنها تنتسب للبربر في شمال أفريقيا
 راجعنا الْمشهد معًا... فهي قارئَة جيدَة لما يكتبه الْمصريون.. هي تستعيد الرِّوَايَة... وأنا أسترجع الْفيلم.
(أخذ عبد الْمنعم إبراهيم "يس" ناديَة لطفي "زَنُّوبَة الْعالْمَة" وهو سكران طينَة فِي حنطور ودخل بِهَا على زوجته فِي منزل الزوجيَّة – لم يجد مكانًا آخر؟.. قِلَّة الْحيلَة !!– استيقظت زوجته ترك الزوجَة والعشيقَة معًا فِي عراك !! وذهب للقهوَة؟!)
قالت: عندي عزف بالفرنساوي على نفس الْمنوال ولكنه حقيقَة لا روايَة خياليَّة.. أغرب ما فِي مذكرات (برجريت باردو أو "ب.ب" كما اشتُهرت.. كم هو غريب عالَم نجمات السِّينِمَا!!) هو فضائحها مَعَ الرِّجَال, فبعد طلاقها من زوجها فاديم غرقت فِي علاقات مَعَ الرِّجَال فوقعت فِي حُبِّ (جان لوي ترينتيان) الذي كان يشاركها بطولَة فيلم (وخلق الله الْمرأَة) بل إنه انتقل للحياَة معها وترك زوجته , ثم تعرفت على الْمُغَني (جيلبرت بيكو) وشاركتْه استعراض رأس السَّنَة وتعترف بسهولَة أن قلبها وفراشها قد جمع بين الاثنين * !! وأدى ذَلِكَ إِلَى هجر جان لوي لها بعد أن ضبطها مُتَلبِّسَة مَعَ الآخر !! وحينما عرفت أن الْمُغَني بيكو يحب عَلَيْهَا أخرى جُنَّ جنونُها، وانتحرت ولكنَّها أُنْقِذت بأُعْجوبَة، ولم تتعلم مِمَّا حدث لها، فارتبطت بالْمُغَنِّي (ساشا) لتغيظ بيكون، وكان ساشا فِي بداياته، فاتَّخذها سُلمًا لِيَصِل للشُّهرَة؟! ولكنَّها كعادتها فِي الْجمع بين الرِّجَال والسقوط فِي حب أبطال الأفلام الَّتِي تشارك فيها وقعت فِي حب جان شارييه وبنفس الطريقَة اكتُشِفَت هذه الْعلاقَة الْجديدَة؟! إنها "ياسين عبد الْجواد – الأنثى"؟!
 قبل أنّ أستغرب وأعلق. استمرت قائلَة:
-        الأمر عادي .. راجع الْقانون !! إِنِّي أعرف من يجمع بين أكثر من واحدَة ؟ وأكْمَلَتْ: كان هُنَاكَ عصرٌ يجمع فيه الرِّجَال الْجواري والإماء، وما ملكت أَيْمَانُهم، الْعصر اﻵن يقبل الْعشيق ويقبل الْعشيقَة – الآخر مهم يا رجل؟! لا مفر من الاحتفاء بالجسد بدلا من قمع رغباته..
-        العصور تُوجِدُ لنفسها تِقْنيَّة سرِّيَة بأشكال متعددَة لتجديد الْغرام! فيبدو أن هُنَاكَ ثَمَّة حركَة بين الرِّجَال والنساء، تلعب فِي حياتنا ما تلعبه قوَّة الْجاذبيَّة بين الأجرام والنجوم.
-        بدأت بالْبِغَاء الْمُقَدَّس فِي الْمعبد * وانتهت بالْمُخَادِنَة، أو العشيقَة. وأدرك الرَّجل مُنْذُ الْبدايَة أنه إذا لم يكتف بزوجته فإنها هِيَ أيضًا لن تكتف به، ولذا ظهر في التّاريخ الرَّجل الذي يصنع لزوجته حزام الْعِفَّة الْحديدي ويُمسك بمِفْتاحِه معه؟! ولكن لأنه خَصَّص لنفسه نساءً أُخْرَيات خارج نِطَاق الزَّوَاج، فهو عاجز عن الاكتفاء بواحدَة ؟! وهو لا يرضى بالتالي كل ما تريده واحدَة ! فقد قلدت الْمفاتيح وظهرت الْمفاتيح الْمُصْطنعَة! فإذا كان الرَّجل الْفاضل له الْحق فِي كل ذَلِكَ، فالْمرأَة الْفاضلَة يكفيها زوج وعشيق واحد ! ما رأيك أتقبل بهذه الْقسمَة ؟! وﺇن كان الأمر لن ينتهي ؟! ففي الْمغرب اﻵن عندنا ما يعرف بالزَّوَاج الصَّيْفي، وهو زواجٌ الْكُلُّ يعرف أنه مُؤَقَّت ولكنه يَصْمُتُ حتَّى لا تَبُور النِّساء والْبنات ! هو زواج مُحَدَّد الْمُدَّة يحل مشاكل الرَّجل الْغَنِي، و الْمرأَة الْفقيرَة  مَعَ وجود هَمِّ الْعُنُوسَة الْقابِع على أنفاس حَرِيم الْمغرب .. فحَلُّ الْمُشْكِلَة الْجِنْسِيَّة لا يستطيع أحد قولَه، ولا كتابته!
بحث فى القانون:
 تَحَرَّكَ الْعقل الْقَانُونِي.؟! الْقانون الْفَرَنْسِي لا يتدخل إلا عند الاعتداء على الْحُريَة الْجِنْسِيَّة .. وفى حالَة الرِّضا يُتْرك الأمر لدائرَة الأخلاق- الأمر مُطَمْئِن - !! الاغتِصَاب هو اتِّصال رجل جِنْسِيًّا بامرأَة دون مُساهمَة إِرَاديَّة من جَانِبِهَا - فإن رَضِيَت – لا شيء فِي الْقانون؟ انطلق لساني الْفَرَنْسِي الأخرس فِي داخلي أليس اعتداء على شرفها؟ ردت رغبتي الْمُتَرقّبَة: الشَّرف مفهوم أخلاقي لا قانوني. الرِّضَا هُنَا قرين الْحُب . الْقانون علم تجريبي ﺇنساني فكيف يغفل الْحب !! تساءلت: هل ينتهي الْحب عندما تنتهي الْحكايَة ؟! أم أنه يُشبِه الأرابيسك الَّذِي يشتغل على وحدَة رئيسيَة يعيد إنتاجها على امتداد مسطح الْعمل كله ؟  شعرت بأني تخلَّصتُ من الْجمل الصابر، الْمبالغ فِي التّأقلم مَعَ الصحراء، الْقاسي مَعَ نفسه فِي فَهْم نصوص الأقدار تخلَّصْت من حياءِ الْجِمَال الَّذِي تأخذه عليَّ الْمغربيَّةُ السَّمْراء، فالْكلام واضح ولا حَيَاء فِي الْقانون ؟! ولا فِي الْعُيون !! فالجَمَل الَّذِي لا يأتي أنثاه إلا فِي خلوَة رغم رحابَة الصحراء!! يحتاج لمُرَاجعَة الْقانون الْفَرَنْسِي، والاستسلام للقوَّة النَّاعمَة والأقدار النَّاعمَة!! فلماذا أنا عاجز تمامًا عن أيِّ مُلاطفَة لها فِي مكان عام؟ وسيِّئ فِي اختيار الْمقعد الْقريب منها الَّذِي يسهل لها مني ممارسَة نَزَوَاتِها أو أُمُومَتها؟ فلم تكن زوجَة ولم تكن أُم، ولكنها من فقهاء قانون الْمدرسَة اللاتينيَّة!!
اخلع خُفَّيْك فإنَّك بالجسد الْمُدَلَّل طُوى ؟!
أُلْهِمت النَّفْسُ الْفجورَ، فسبحان من أًلهمها فُجُورَها وتقواها. أَيقظت    حسي بالعُريْ الْمُبْهِج، الفائر، الناعم.. كل كُؤوس الْحياَة الْمُتْرعَة بخَمْر الأحزان والأحلام , نشوَة .. كآبَة . سَكِر الْقلب الذي لا يراع  هذه لحظَة من أَجَلِّ ما عرف الزَّمن رغم أنها مُعادَة وتحدُث فِي اليوم الْواحد آلاف الْمرَّات، فهِيَ الْمَعاد الَّذِي لا يُملّ، وما ينبغي أن يُمَل؛ فهو يَتضمَّن سِرَّ الْوجود الأعظم! لا تزال أشياء بيننا.. لا يكفي أن يتعرى الْجسد للجسد ؟! وإنما يجب أن يتعرى الإنسان للإنسان..الْموقف تعدى الْملاطفَة.. أبدأ فِي الْوصول لأحلى أوقات جنوني . ماذا بعد الأعمال التّحضيريَة. أَعُدُول أم شروع * ؟ أَمُمْكِن أن يتراجع رجل اﻵن؟ كيف تراجعْتَ يا يوسفُ !! كيف أيُّها الصِّدِّيق ؟ أُقَاوِم حارسي الدَّاخلي ؟! كم يعذبني ﺇنه سجاني؟! ولا شهود على تعذيب سجان؟
هي - أريد أن أراك كجورب مقلوب ؟!
أنا  - هَذَا لن تحتمليه.. داخلي مسكون بالحزن والخوف القديم!
    هي - ولماذا لا يَكُون بداخلي أيضًا ؟!
  أنا  -  أأفعل ما أخاف ؟
 هي-  افعل ما تحب، أنت فِي أحضاني، ألا يبرُك هَذَا الْجمل  الْعبيط! ألَمْ تسمع نجيب محفوظ فِي (السَّرَاب) وهو يقول "أعظم واجب فِي الدنيا أن تلاعب فتاَةً جميلَة تحبها" أنت (ظاهرَة مُنَافيَة للطَّبيعَة) أن تسعى لهدف، فإذا أصبح بين يديّكَ تركتة ! أَنْهَت الْفلسفَة جمال اللَّحظَة ؟! كانت تعرف أني أُحِبُّها، أُعْجِبتُ بِهَا سَعَيْتُ إليها.. فرفضت أن أكون عاشقًا مهزوما! قامت فِي غلالتها الْحمراء الشّفافَة .. تألَّقت أنوثَتُها حين انتصبت. وضعت يَدَها بيْن فَخِذَيّ.. وكأَنَّهَا عاهرَة بالسَّليقَة ؟! ضَحِكَت. اسْتَمَالتْنِي !! فنزعتها.. وهبَبْتُ وَاقِفا .. مُنْهِيًا الْحالَة بِرُمَّتها .  لاحَظْتُ خُمُود نَهْدَيْها من الْفَوَرَان وكأَنَّهَا أُخِذَت على غِرَّة بِعِنَادي؟! فتحسَّرْت من التّردُّد، لم أفعل بنصيحَة شجرة الدر "الْملِكَة الْمملُوكِيَّة"
: ﺇياكَ ﺇياكَ.. والتردُّدَ يا أيْبَك .. التّردد؟!
الْعَقْل يَتَمَادَى فِي جُنون الْحُزن حين تَسْطَع اللَّذَّة حتَّى تعانق الألم كانت فِي عيوننا دموع الهزيمَة؟!
دموع فرسان الْمماليك وهِيَ تنطلق بسيوفها فتقتلها مدافع نابليون بدون قتال، لم يكن الأمر بطولَة لبونابرت، ولكنه مُجَرَّد فروق التّوقيت، بين الْمدفع والسيف، بين الْجَمَل وبَنَات الأَطْلَسِي!!
 فنجاني الْمقلوب..
قالت: أنشرب الْقهوة.. فأنا أعرف قراءَة الْفنجان !!
- لا تعبثين. فليس لِي غيب محوج .
- أنا امرأَة من الْحريم يا سيدي. لا توجد امرأَة فِي (فاس) لا تقرأ الْبُن؟! وما حدث، يحدث دوما مَعَ حالتِك ؟!
- أأنا حالَة؟!
- وأنا لستُ قَحبَة، من قحبات طنجة!
- وأنا لست عِنِّين !
       جَلَسَتْ والشَّوق فِي عَيْنَيْها تتأمل فنجاني الْمقلوب..
 قالت:.. (يا رجلي لا تجزع. فالعِشْق فِي فِنْجَانك مَكْتُوب؟ فِنْجَانُك كُلُّه نساء لكن نساءك بلا نُهُود ولا فُرُوج .. ألا توجد فِي حياتك امرأَة هي الْمسك، والورود؟! رجل بلا رغبَة تشعله رجل مَوْءُود!)
ضحكت .. نظرت لِي فِي تَشَفٍّ !!
قالت – ألست ذا مآرب فِي السمراء والْبيضاء والسوداء، ألك فِي الْغِلمان ؟!
إنها تَنْتَقِم بأُنُوثَة جرحها التَّرَدُّد.. فَضَحِكَت بلَوْن أَصْفَرَ.
استمرَّت:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق