الصفحات

2013/12/23

مـجلة «شؤون أدبية» تـحتفي بالشعر وحوار الحضارات



في عددها:62
مـجلة«شؤون أدبية»تـحتفي بالشعر وحوار الحضارات
                                                  بقلم:محمد سيف الإسلام بوفلاقـة
                                                        -جامعة عنابة-
       صدر حديثاً عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بالشارقة العدد الجديد من مجلة«شؤون أدبية»،والذي حمل رقم:62(السنة الثالثة والعشرون).
       تعتبر مجلة«شؤون أدبية» واحدة من أعرق المجلات الإماراتية والعربية التي أسهمت إسهاماً كبيراً في إثراء وتنشيط الحركة الأدبية، وهي مجلة أدبية فصلية،يرأس تحريرها حالياً الأستاذ حبيب الصايغ،ويتولى إدارة تحريرها الأستاذ عبد الإله عبد القادر،تتكون هيئة تحريرها من الأديبين:يوسف أبو لوز وناصر جبران،ويشرف عليها فنيا الأستاذ وليد الزيادي.
         ويمكن أن نستحضر ونحن بصدد التعريف بها وصف الدكتور وليد محمود خالص الذي أنجز دراسة موسعة عنها،وسمها ب « نقد الشعر في مجلة شؤون أدبية -دراسة في المادة والمنهج- »،حيث يقول: «تقف هذه المجلة متفردة، تتميز بخصائص نذكر منها:  أنها مجلة تعنى بالشؤون الأدبية:المحلية والعربية والعالمية،فهي أقرب إلى أن تكون مجلة متخصصة بهذا اللون من النشاط الثقافي،وهي معنية بالجانب النقدي الذي تراه أمراً ملازماً لأية حركة أدبية.وهي إلى جانب ذلك متعددة الاهتمامات،لا تكتفي بالإبداع العربي وحده،بل يطل قارئها من خلالها على إبداع أمم متباعدة،شرقية وغربية،لتتواصل مع العالم المتجدد الذي يموج بالسرعة والحركة،وهي مرة ثالثة تختط لنفسها خطاً لم تحد عنه وهو الاستقلالية في التفكير،والديمقراطية في النشر،وهي مستمرة في   الصدور و مداومة على تطوير الذات».
           جاء العدد:62 مشتملاً على عدد من الدراسات النقدية والأدبية والفكرية والإبداعات الشعرية والقصصية والترجمات المتنوعة،تتصدرها افتتاحية العدد التي كتبها الأستاذ عبد الإله عبد القادر،مدير التحرير،وعنونها ب:«أحمد راشد ثاني...سلاماً»،وقد استهلها بالقول: «لا أرثيك..ولن أودعك،المساحة بين اللقاء الأول في بداية الثمانينيات والرحيل ليس بعيداً في البعد النسبي للزمن،إنما تلك المفارقة بين الشاب الذي كنت أعرفه واعداً بقصيدة جديدة،ومسرحية ليست نمطية أو بالمستوى الذي كان سائداً،كان يريد أن يرسم كل شيء من جديد،حتى سواحل خورفكان كان يود لو يجعلها تبدو أكثر زرقة،أو أن ورود ربيع الخور تبدو أكثر عنفواناً واحمراراً...بحثاً عن تخوم جديدة قد تسعفه في الرد على أسئلته،إلا أنني فوجئت أن الأسئلة المحيرة ظلت بلا جواب،بل انتقلت إلى ضمائر جديدة تحمل الهمّ كما حمله أحمد راشد ثاني أو حبيب الصايغ أو عارف الخاجة، ومن قبلهم سلطان العويس وسالم العويس وخلفان بن مصبح وحمد بوشهاب وأحمد أمين مدني،وهو السؤال ذاته :هل سينطفئ هذا الألق؟هل ستظل هذه الحماسة...؟».
      في القسم الأول المخصص للشعر نلفي ست قصائد،هي:هذا كل ما لدي لأحمد راشد ثاني،ولأجل تكونين أنثى لياسر الأطرش،ومونولوج طالب لجوء لعامر الرقيبة،وغابة براهما لعلي أبي عراق،وإيقاعات الورد الغارب لعصام ترشحاني،وبقايا أنوثة لجميل محمود عبد الرحمن.
     وفي قسم الإبداعات القصصية،نجد خمس قصص،استهلت بقصة الدكتورة سناء شعلان من الأردن،وعنوانها«أرض الحكايا»،تلتها قصة«الوارث»لابتسام شاكوش من سوريا،تليها قصة«واكذب يا أبتِ»لأشرف لطفي من مصر،وجاءت بعدها قصة«سلامات يا دكتور»لهمدان دماج من اليمن،واختتم قسم القصص بقصة«مول2030»لوليد الزيادي.
       وفي قسم ترجمات اختارت المجلة ترجمة مجموعة من القصائد من كوريا،من بينها نذكر قصيدة«يا طفلي»لكيم يونغ فال،وقصيدة«صوت المطر»لجو يوهان،وقصيدة«السر»لهان يونغ أون،وقصيدة«السهل الواسع»لأي يوك سا،وقصيدة«صلاة في الخريف»لكيم هيون سونغ،وقصيدة«عودة إلى السماء»لتشان سانغ بيونغ.
      افتتح قسم الدراسات بدراسة محمد سيف الإسلام بوفلاقة من الجزائر،الموسومة ب«جماليات الإبداع الشعري في ديوان العناقيد لسيف المري»،وقد افتتح دراسته بالإشارة إلى أن الأديب الإماراتي سيف محمد المري صوت شعري متميز،وهو واحد  من رواد الاتجاه الوجداني الرومانسي،وأحد أبرز شعراء الغنائية الوجدانية الجديدة ،  ويعتبر من أشرق الوجوه الشعرية التي أسهمت في إثراء الحركة الأدبية والإعلامية بدولة الإمارات العربية المتحدة،فهو يجمع بين الإبداع الشعري والقصصي،والعمل الصحفي،ويتسم الكون الشعري عنده بالرحابة والاتساع،و يتمحور ما بين تصوير العاطفة والوجدان،وتصوير الحب والجمال، وأغلب قصائده تتوزع بين الرومانسية الذاتية، والرومانسية الإنسانية.
        واختتم سيف الإسلام بوفلاقة دراسته بالإشارة إلى الخصائص الفنية في شعر سيف المري من خلال ديوان«العناقيد»،ومن أهمها:
 1-إن شعر سيف المري شعر رائق الديباجة سلس الأسلوب،وعذب الألفاظ.
2-تمحور الشاعر في قضاياه المطروحة في شعره بين الذاتي والموضوعي،إلا أن الجانب الذاتي نال حصة الأسد، وهو أمر معروف ومعهود لدى رواد الاتجاه الوجداني الرومانسي.
3-لم يقتصر شعر سيف المري على أغراض محددة،بل إنه طرق معظم الأغراض الشعرية العربية المعروفة كالغزل العذري،والفخر،والمدح، والرثاء،وأحياناً نجد هذه الأغراض مفردة في قصائد خاصة،وأحياناً نُلفيها في ثنايا قصيدة  جمع الشاعر فيها بين عدة أغراض.
4-من حيث القيمة الفنية يظهر شعره في مجمله عميق الدلالة،قليل التكلف،ويتميز بشعور ذاتي صادق،فشعره كان بمثابة مرآة صادقة للأحوال النفسية التي يعيشها الشاعر،كما يتجلى لنا ابتعاد الشاعر عن الغموض، والتهويم،الذي لجأ إليه شعراء هذا الجيل متأثرين بالتجربة الغربية،فشعره يتسم بوضوح معانيه،وصدق عاطفته،وحرارة الشعور...  
        وكتب الدراسة الثانية الدكتور فايز الداية من سوريا،وخصصها للحديث عن«مسرح الممثل:المصطلح والقضية الدرامية»،وسعى من خلالها إلى توضيح إشكالات المونو في عدد من الإشارات من بينها:ضياع مفهوم الأجناس الأدبية وأهدافها،ويرى أن تزايد الإقبال على هذه الحالة(المونو)يحبط المشاريع الدرامية الحقيقية القادرة على اختراق سكون مجتمعاتنا العربية.
       واختتم قسم الدراسات بمقال الشاعر والباحث الإماراتي عبد الله محمد السبب المعنون ب«الشعر الحديث في الإمارات: اشتعالات اللون..انفعالات الأمكنة»،وقد افتتح هذه الدراسة القيمة بقول ذياب شاهين:«الشعر في الإمارات فيه الكثير الذي ينتظر النقاد والمتبعين لفحصه ودرسه ومتابعته».
        وتضمن العدد حواراً مع الباحثة نادية بوشفيرات أجراه الأستاذ الأديب والإعلامي محمد حسين طلبي،وهو باحث جزائري معروف بنشاطاته وجهوده العلمية والثقافية المتميزة،ويلقبه الكثير من أدباء الجزائر بسفير الثقافة الجزائرية بالإمارات العربية المتحدة،وله عدد كبير من المؤلفات القيمة نذكر من بينها: «يسألني بوعلام عن حال البلد»،«هذيان الأحاجي في تخاريف الدراجي»،«عزف على نزف»،«شجن وتواصل»،«بنات فاطمة»،«غربة الكلام»،«يدور حول نفسه»،«قريباً من طقوسهم»،«غنيمة الحرب غنيمة الحب»،«خواطر حول الثقافة العلمية»،«الجاحظية بيتنا-الطاهر وطار نضال في كل الاتجاهات-»،«لاعبون بالريح»،«هبوب ثقافي ولكن»،«بلون الأوراس-محطات ثقافية من الجزائر»،والأستاذ محمد حسين طلبي واحد من الكتّاب المؤسسين لمجلة دبي الثقافية، وهو يسعى دائماً في منطقة الخليج العربي للتعريف بالثقافة الجزائرية،وتسليط الضوء على جهود ومنجزات أدباء الجزائر،وكشف النقاب عن النضال الجزائري،و لتحقيق هذا الأمر فقد كتب مئات المقالات في مختلف المنابر الإعلامية،ونشط عشرات المحاضرات،واللقاءات التلفزيونية والإذاعية.
           وقد حمل ملف المجلة مجموعة من الأبحاث والدراسات الأكاديمية التي قُدمت في ملتقى«الشعر وحوار الحضارات»الذي نظمته مؤسسة جائزة سعود البابطين للإبداع الشعري بدبي في الفترة الممتدة من:16-18أكتوبر2012م،وقد افتتح الملف بمقدمة الأستاذ عبد الإله عبد القادر التي أشار من خلالها إلى أن الملتقى جاء نموذجاً لتقارب الشعوب من خلال الشعر الذي يعتبر الجسر الحضاري والإنساني للتقارب والتعايش السلمي ولتكريس الكلمة لغة للحوار والتعايش،فالشعر جسر الإبداع الحضاري و الإنساني .
        تلتها كلمة الدكتور أحمد فوزي الهيب عن«الشعر في ظلال الحروب الصليبية»،وملخص الدكتورة بربارا ميخالاك  التي أشارت إلى أن بحثها يتناول تأثيرات الإبداعات الأدبية العربية في مؤلفات الشعراء والكتّاب البولنديين التي مازالت مستمرة،ورأت أن التوسع الجغرافي للعرب والاحتكاكات السياسية والثقافية وأسفار الرحالة من أهم العناصر التي أدت إلى وصول الموضوعات والأجناس والأشكال الأدبية إلى القارة الأوروبية.
       في حين رصد الباحث جان كلود فيلان موضوع«العرب والمشرق في الشعر الفرنسي»،وركز خوان بدرو سالا ونادر الجلاد على«حضور الشرق في الشعر الإسباني»،وقد جاء في مستهل بحثهما أن«أثر الشرق في أدباء اللغة الإسبانية عميق بعيد الجذور ويتجلى في صور عديدة غنية بتنوعها وفريدة في أشكالها.إن الموضوعات والشخصيات والاستعارات والرموز الشرقية تشكل جزءاً هاماً من التقاليد الأدبية الإسبانية في الشعر والنثر.فقد استخدم أدباء اللغة الإسبانية على مر القرون في اللغة والأدب العديد من العناصر الجغرافية والثقافية والدينية والسياسية المستوحاة من الشرق،هذا الأثر والدور الملهم للشرق نلمسه بشكل خاص في الأدب الإسباني في القرون الوسطى،وقد وصل تأثير الشرق إلى أصول الأدب الملحمي الإسباني».
        واهتم الدكتور عبد الرزاق حسين في بحثه ب«الآخر المسيحي في الشعر العربي في الأندلس وصقلية»،وألقى الدكتور عبد الله عبد الفتاح التطاوي الضوء على«حضور الآخر في الشعر العباسي»،وقدم ملخصاً عن دراسته ذكر فيه أنها تأتي بغرض قراءة بعض النماذج في الشعر العباسي التي تعكس صوراً من تجليات الآخر من واقع حضوره في فضاء النص الشعري-صوره وتقاريره-ومن خلال تأثيره في فكر الشاعر ووجدانه على السواء،وتأكيداً على الطبائع النوعية لحضور الآخر في الشعر العباسي كانت مرتكزات البحث من خلال صور الحضور السياسي لذلك الآخر في ضوء إعادة قراءة الظواهر الكبرى التي شهدتها الساحة العباسية...
    وتناول الأستاذ فخري صالح موضوع«الاغتراب والانتماء في شعر المهاجر الأمريكي»،وتركز بحث الدكتور يوسف نوفل على«رؤية الآخر في مرآة الشخصيات والنماذج الإنسانية العالمية في الشعر العربي الحديث».
    وفي القسم الأخير من المجلة الموسوم ب«مدار»كتب الدكتور محمد عبد الله المطوع ورقة عنونها ب«الإنجازات هي الباقية إلى الأبد». 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق