الصفحات

2014/01/22

في ذكرى الجواهري شعر: رعد الدخيلي



   في ذكرى الجواهري
 شعر: رعد الدخيلي


واقفــاً عاشَ وميْتاً وقفا

في رُبى الشامِ فأبكى النجفا

شجرُ البانِ مع الريحِ سفى

ما انحنى يوماً إلى أنْ نحفا

أطفأ الشمسَ بديجورِ النُهى

وبها البدرُ تأسّى وأنطفا

لغةُ الضادِ تعرّتْ وغفتْ

وكذا الشعرُ تعرّ ى وغفا

هو قد عاشَ بأثيابِ الإبا

كفنُ العِزِّ إرتداهُ مِعْطَفا

هو مجهولٌ ومجبولٌ على

مضغةِ الطينِ عليها أُوقِفا

وشَّحَ العُمْرَ إزاراً أبيضا

كلَّما اشتاقَ إليهِ التحفا

ما تسجّى في فراشٍ مسقما

كلّما إلتفَّ بهِ الداءُ شفى

شَرِبَ الصحوَ بأقداحِ الطِّلى

نطقَ الحقَّ، وما يوماً هفا

هو للفصحِ بدرداءِ اللمى

أكلَ الدهرُ عليهِ وعفا

ما تزاوى في بلادٍ خائفا

يالشيخٍ مرَّةً ما ارتجفا

آثرَ النأيَ غريباً وحدَهُ

وعن الدنيا لأمرٍ عَزَفا

مُبتلىً عاشَ وميْتاً مُبتلى

بالحقيقاتِ، بما قد صَنَّفا

هو للأرضِ وفاءٌ وأنتما

بينما الأرضُ أَخَلَّتْ بالوفا

يا لعُمْرٍ لغريبٍ مُتْعَبٍ

بين دهرٍ ما بيومٍ أنصفا

آدمُ المخدوعُ للأرضِ هوى

قد عصى اللهَ.. لهُ الرَّبُّ نفى

رحمـةُ اللهِ علينا أُنزِلَتْ

فذبحناها إلى النحــرِ قفا

إنَّما الإنسانُ قِردٌ عاقلٌ

شابَهَ الآسادَ خوفاً وأكتفى

إنَّما الإنسانُ طيرٌ حائرٌ

بين أيــدينا ذبيحاً رفرفا

أرموا يا ناسُ عليهِ وردةً

أبكـوا يا ناسُ عليهِ أَسَفا

شاعرٌ عاشَ بأنفاسِ الورى

ثم في الصمتِ توارى واختفى..

عن ديــار آنسَتهُ زمنا

وبنهــــريها هُياماً غَرَفا

عن ديــارٍ أرَّقتهُ قلقا

عن ديــارٍ تُبْدِلُ الودَّ جَفا

شاعراً كالطودِ .. إنساناً أرى

يالإنسانٍ كطودٍ وصِفا !!؟

مِدْفَعُ الشِّعْرِ على القبرِ كبا

بعدما الزُلفى بكِبْرٍ نَسَفا

وَيْحَ بغدادَ بسُكْرٍ أنكرتْ

مرةً أُخرى نبيّاً مصطفى

ويحَ بغدادَ بقرْفٍ أَحرقتْ

مثلما التاتار فجراً صُحُفا

دجلةُ الخيرِ تباكتْ صَبّةً

قلبُها الغضُّ دماءً نزفا

أطمى الطين على الماءِ طغى

أم قذى العينِ على الدمعِ طفا؟!!

كَدَرُ البحـرِ أُجَاجٌ رائقٌ

وعلى الكأسِ قِراحٌ ما صفا

لا تكِلْ للميْتِ ذنباً مُفترى

ربَّمــا اللهُ عن العبدِ عفا

غِصَّةُ الرّيقِ على الحَلْقِ شجا

هو قد ماتَ ، فلبّوهُ الوفا !

***


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق