الصفحات

2014/02/18

"أقاصيص " بقلم: سعاد محمود الأمين



أقاصيص
سعاد محمود الأمين
(1)
مَكفُول
أرخى الغردة  لبعيره وأناخه عند مضارب بني شوفان..
فقد قصدها لترف شيوخها ورغد العيش الموعود بينهم.
تمتم جزلا:
ــ شيخي ميسور..سأغتني لامحالة..
ابن السبيل لم ير سبيلا ضلت أحلامه وتبخرت.
أكل حنظلا وشرب مرا. التمس الأوبة.. فلم يجد بعيره!
عاش  مع شيخه عبدا إلا قليلا.

الأبدية
(2)
أغلقوا القبر بإحكام. تنفسوا الصعداء وانفضت الحشود المودعة،  موقنة أن  مهمته الدنيوية قد انتهت، وتركوه فى أبديته مغيبا، تمثاله  يتوسط  البلدة يمتد ظله أمامه. قد كسته الأتربة وانطفأت ملامحه. يمرون الآن من عنده يتبولون عند قاعدته. ويقذف الصبية  المشردين  الحجارة فوق جسده المهيب. ذات ظهيرة  والشمس تجلد الأرض بسياط من لهب، سمعوا طقطقات رتيبة منتظمة عالية،  تصدرمن جوف التمثال،  ايقظ  رعبهم، قبعوا فى خدر القيلولة ينتظرون الآتي !

(3)
ماءٌ مهين
حين هبط  فوق الأرض الجديدة، أرض الحلم. لم يسعد.. وجد  مقعده بثلاث أرجلٍ.أزعجه الجلوس عليه.. تململ جذعه فاهتز. فهطلت قطرات من مائه المهين، وتسربت على الأرض، حين نظر إليها نبتت زهرة..تفتقت أعطافهاعن زنبقة سوداء. وسط الزنابق البيضاء،  مشرئبة كالشامة على خد حسناء..همس يحدث نفسه : هنا.. أيضا ننبت الأسود !؟ يئس  وعاد أدراجه. لكن الزنبقة السوداء تميزت بعطرها الفواح. سادت به كل الزنابق فى الأرض الجديدة، وحل السعد.
(4)
 صمت الكنيسة
الأبيض الجالس على الأرض، جوار الحجر الأسود ملتحفا الأسود، يرتعش كأنه مقرور، وينظر خارج جسده!
يتمتم كمن يتلو صلاته:
ــ الموت زائرٌ معتادٌ، ينزل علينا ضيفا  فى كل مناسبة. ولم نألفه !
صوتٌ تردد صداه..قارعا دواخله:
ــ اليوم الأحد ولا أحد؟!...
مدّ كفه المبتورة ملوحا:
ــ لمن نقرع الأجراس؟
أطال النظرفوق الركام.ثم صرخ منتحبا:
ــ أوّاه.... كنيستاه..
رحل خارج جسده ليصعد. فتعثر بالحجر الأسود، فتدحرجا معا إلى أسفل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق