شهداء الكرة
قصة قصيرة
أماني طلعت
مع تباشير الصباح الخفى إلتفت ببردتها السوداء وربطت رأسها بشالها الكتان الأزرق إذ لابد لها أن تقى نفسها من المرض قدر الإمكان من أجل أولادها الصغار الذين لامورد لها ولهم سوى الجنيهات القليلة التى تحصلها يوميا من بيضات الدجاجات العشر التى تربيها وزيادة فى الإجراءات الوقائية لاكت ثمرتين من الليمون الأخضر فى فمها لتقى نفسها من أمراض الشتاء القاتلة بناءا على نصيحة إحدى الجارات الطيبات ثم ألقت نظرة على أولادها الصغار لتتأكد من وجود الغطاء عليهم وتركت منزلها وهى تتمتم ببعض السور القصيرة لكى تذهب عنها الإحساس بالوحشة حاملة فوق كتفها سلة البيض ومهرولة إلى السوق خوفا من أن يستولى على مكانها أحد البائعين الأشقياء الذين لاهم لهم سوى الإفتراء على البائعين الضعفاء أمثالها ومزاحمتهم فى أرزاقهم وحمدت الله عندما وصلت إلى السوق ووجدت مكانها فى انتظارها ولم تمضى سويعات قليلة حتى لاح رجال البلدية بوجههم العابس وعصيهم الغليظة فهرولت بسرعة للإختفاء فى الشارع الضيق المقابل للسوق لكى تحمى تجارتها المتواضعة ورغبة منها فى إتمام بيع بقية البيض إذ تبقى لها خمسة عشر بيضة من إجمالى ثلاثون بيضة ولكن حدث مالم يكن فى الحسبان إذ كان بعض الأولاد يلعبون الكرة فى هذا الشارع وفى إحدى الرميات سقطت الكرة فى داخل سلة البيض فتهشم مابداخلها فحبست دموعها مسلمة أمرها لله ومعتبرة أن بيضها فى عداد الشهداء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق