الصفحات

2014/06/21

رد على التقاعد من الأحاسيس بقلم : عبد القادر صيد

رد على التقاعد من الأحاسيس
بقلم : عبد القادر صيد
 
    يؤسفني أن أعلم سيادتكم برفض طلب التقاعد من الأحاسيس و ذلك للأسباب التالية:
 لا يتقاعد من الأحاسيس إلا من نفذت الأقنعة من خزانته، وبما أن وجهك لا يلائمه أي   قناع ، فلم يكن بإمكانك أن تتنصل من أؤلئك  الذين خدعوك في العلاقات الإنسانية بنجاحهم في أول امتحان ،ترسّموا في قلبك ثم خيبوا أملك ،  نجحوا و السلام في اقتحام القلعة بعد أن تحصلوا على تأشيرة الأرقام السرية للباب الحميمي.. وما كادوا يستقرون في القلعة  حتى بدأوا في امتهان هوى طروادي المزاج ، و شرعوا في ممارسة فن  النقش على الرسومات المعلقة على الجدران.
     فهنيئا لهم لقد نجحوا في أول امتحان ، فكان ما كان.. و لكن من الآن فصاعدا تخندق أيها القلب كلما تحالفوا و زحفوا كما الأحزاب ..تطعّم بمصل الحب لئلا تعديك برودة قلوبهم. .و انظر إليهم من خلف الزجاج ،فما أمتع  النظر إلى الدببة الشتوية المفترسة من  خلف نوافذ زجاجية في غرفة دافئة !
 ـ أيها القلب:
  قافلة من الأصدقاء لطخت بحوافرها بساطك الأحمر ،لكنها انحرفت عنك كقافلة أبي سفيان يوم بدر، فضلت المصلحة على الصداقة ، إنه منطق التجارة ، منطق الربح           و الخسارة ، ورغم ذلك  لم تتوقف عن تكرار التجربة ،فأنت محكوم عليك بالصداقة الشاقة مدى الحياة،مع تسديد غرامة تضميد جراح الفراق ..
 أيها القلب :
 تسربل فجراحك عورة ،و دثّر بكاءك فدموعك تخدش أوتار قيثارتك فتحدث النشاز في سمفونية العزة التي انفردت بها طيلة نبضاتك.
  أيها القلب :
 امتص الصدمات و لا تخف من التصدع فبفضل التصدع يخرج جميل مكنونك ، فما لم تتشقق الأرض لا تخرج النبتة..لن تضرك هذه الصدمات فهي كهرباء الحياة لإنعاش المشاعر.
أيها القلب   
   كن شجرة عظيمة لا يضيرك سقوط ورقة ملّت  أكنافك، و لتتذكر بأنك أنت من  تحتضنها و ليست هي التي تحتضنك ، و لتهتم بالأوراق التي مازالت متعلقة بك ،و تذكر أن الساقطة إنما تسقط تحت قدميك لتزكي ترابك و تصبح إحدى جواريك، فلست وردة  تبتئس لسقوط وريقة منها ، فوريقاتها هي التي تحتضنها و تسترها.. المسكينة وريقاتها معدودة..
   كالبحر قلبك يجب أن يكون ، بقدر ما يأخذ منه الصيادون بقدر ما يجدد نفسه و يعوض ما ضاع منه ، كالبحر لا يحتضن  من بردت أوصاله بل يرميه إلى الساحل .و كالبحر يمج كل من لا يحترم قوانينه..و كالبحر عميق و كريم و مهيب ،نعم مهيب فلولا هيبته لنفذ من فرط كرمه.. يداعبك أمتارا على ساحله و يتساهل معك ، و متى تقدمت فإنك تدفع الثمن في أتفه غلطة..
    افسح مجالا في قلبك للفراغ ، عرشه زوبعة من الألغاز والغموض ، فما أضيع الناس أمام الغموض ! أليس للبحر مثلث الضياع من اقترب منه فهو المفقود..المفقود؟!
   و في الأخير و بعد رفض  طلبكم التقاعد من الأحاسيس ، تدعوكم الحياة إلى قبول اللعبة كما هي ، و في حالة إصراركم يمكنكم  تقديم استقالة و يمكن اعتبارها من الآن مقبولة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق