الصفحات

2014/07/20

الوشــــــم.. قصة بقلم: ياسر محمود محمد



الوشــــــم
ياسر محمود محمد

وشم، لأحشاء رجل تنفجر . تلاشي حتى كأنه عدم
    كائن خرافي يشبه وجهي أو وجهك ! حينما ينظر كل منا منفرداً– و مجتمعين – في المرآة .
    غرائب الأحداث تجعل ذلك ممكناً ، الوشم علي صدور كل من أقابلهم ، يميزهم عن الأخرين من غير بني الإنسان .
     لعبة غريبة بدأت في ابتكارها علي شاشة الكمبيوتر لعبة سميتها باسم الوشم ، برمجتها و أعددتها ثم أرسلتها لشركة تبنتها فانتشرت علي الانترنت و علي ألعاب المحمول .
    ناس كثير تجري وراء رجل لا يصيبه سهمهم الأول - و هذا ضروري في هذه اللعبة - و لا الثاني و لا الثالث – من الممكن أن يصيبه الثالث أو الرابع – أما السهم الخامس فيعتدل الرجل في مواجهته و يتحول إلي قنبلة تقتحم بطنه فتنفجر أحشاؤه
***
     الوشم تحول إلي كتاب .. صاحبه – و هو أنا – نال أعلي الجوائز ، و قرر فجأة تأليف عدة أجزاء له و هو يمثل نظرية التطور بالنسبة للعبة الكمبيوتر ، في الجزء الأول – كما شاهدنا – تنفجر أحشاء الرجل بعد السهم الخامس
    أما في الجزء الثاني من الكتاب ، فيتحول الرجل بعد أن يصيبه السهم و تنفجر أحشاؤه – و يموت بالطبع – إلي كائن سوي الخلقة ، علي لسانه بثور عجيبة و هنا يطلق الناس سهمهم السادس ( THE SIXTH ARROW  هو عنوان الترجمة الانجليزية للجزء الثاني من كتابي ) يدور السهم حول الرجل في لحظات أشبه بالقدر ، يحيط به ثم يفجر مخه ، تتناثر أجزاء المخ علي كل شخص من الناس ، يشعرون بالقرف و الاشمئزاز الشديد .. و تبدو علي وجوههم علامات الدهشة و الاعتراض .
( كأن ما فعلوه لم يكن )
     العبارة السابقة ختمت بها الجزء الثاني من كتابي ( لأنك مرآتهم .. فهم يعذبونك .. يجعلون منك كبش الفداء لحياتهم القاسية .. التي تخلو من أقل المشاعر ، يرون فيك كائنناً نبيلاً صادقاً رحيماً .. قادراً علي قول لا في كل شكل من أشكال الزيف في هذا الكون ، المجتمع ) .
     فقرة مهمة استهللت بها تتر الفيلم الذي استوحي من الجزء الثالث من كتابي ، و وضعه النقاد في مصاف فيلم SEVEN الشهير و الذي يدور في عوالم لا معقولة علي عكس قصتي و لعبتي و وشمي .
     عبقرية الفيلم و الذي سمي باسم ( القدر و ذكريات رجل ) تنحو في شكل الناس ، و لقد تحولوا إلي شكل مرعب مقزز أصاب الرجل الذي يجري منهم بالخزي من كونه واحداً منهم .
     طاشت كل سهامهم ، نفدت جعبتهم ، كاد الرجل أن يهرب منهم إلا أنه وقف فجأة .. و تحداهم ، استدار بمواجهتهم ، أصبح وجهه الطيب الجميل البريء في مواجهة " وشوشهم " الكريهة القبيحة التي تتغير في كل شخص منهم .. حتى كأنهم بمليون " وش " .
الكائن النبيل .. ارتدت أحشاؤه إلي موقعها بعد أن تجمعت من شوارع عديدة دارت فيها مشاهد الفيلم .
     في المشهد الأخير .. و الذي حصل علي إعجاب لجنة التحكيم في جائزة أوسكار العالمية .. الرجل رفع سبابته في وجه متتبعيه و أشار لهم أن توقفوا ثم حركها بإشارة ( لا ) .
     كأنما انفتحت أبواب الجحيم, صوت صراخ الناس .. خيوط عنكبوتية انبعثت من السنة التاس تجاه الرجل .. سقط الرجل .. داروا حوله وفوقه فى رقصة بدائية عجيبة وطقوس خاصة بأصحاب الوشم وليس منهم الرجل بالطبع .
     اتحدت أيديهم فى يد عملاقة مزقت صدره وأخرجت قلبه الذى ظل ينبض وينزف دما بين أصابع اليد العملاقة القاسية .. تنزل كلمة النهاية.
( هامش كتبته علي تتر النهاية )
     هذا الدم من قلب الرجل كان يغنى .. نعم يغنى .. اغان عبارة عن عمرى انا فى مراحله المختلفة – بمعنى : أغنية لعبد الحليم أذيعت  بعد موته فى مناسبة المنصة وتتحدث عن الزعيم الراحل (كان عمرى وقتها أربع سنوات ) .
     أغنية فى فترة المراهقة بل اغان بطعم موسيقى دائما ما قوبلت بالرفض لحميد الشاعرى والأصدقاء .
     أغنية حفل عرسى يغنيها على الحجار تذكرنى بماضى قبل ان اعشق النساء.
     كان الدم يغنى وينزف مقاطع من الموسيقى التى يهواها كل الناس ( ممن وضعوا فيه سهامهم ) لأنه لا يحمل وشمهم .
     وأنا اصعد على خشبة المسرح الكبير – مسرح الحياة كما أخبرونى باسمه – لأتسلم جائزة ابرع من صمم وألف وأخرج ..فوجئت بأحد الصحفيين .. يسرع خلفى يمسك بأسفل ساقى ..وبآخر يعرى-ويا للعجب- صدرى من الملابس ثم صرخا فى حس واحد :
    انظروا , انه ليس مثلكم..
ليس منكم ..
لا يوجد على جسده شعارنا المقدس الوشم .
                                                                         الأربعين – السويس - مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق