الصفحات

2014/08/21

سارة .. إبنة الحرب ! قصة لأميرة الوصيف

سارة .. إبنة الحرب !
أميرة الوصيف
 
وقالت له " أحبك بعدد لعنات بلادى للمُحتَل " 
لا زالت سارة تُعلنها لحبيبها فى ساحات الحرب المتمردة !!
وقف الفتى فى منتصف الطريق بين قلبه و جثث الضحايا !
؛ أخذ يُلملم خطابات الهوى 
ويبعثها لمن غزت قلبه دون سابق علم !
إنها " سارة " 
؛ تلك الأنثى التى لا تؤمن برجال العوالم الورقيه !!
ويُعجبها ذلك المجنون الذي يصرخ فى وجه دباباتهم :
أحبها " 
و لا يُبالي !
في الحرب لكل شيء نكهة " الرصاص " !!
إلا الحب 
لا وفاق بينه وبين رائحة الموتى !
صباح كل حرب لا تأتى الشمس !
تمنح أهالى الوطن وعداً باللقاء ولا تأتى !!
ربما تعثرت فى ليل الإحتلال الكئيب !
وربما 
أدمنت الهروب حد الإحتراف !
كانت سارة تلك المرأة التى أنجبتها الحروب 
لا يُفزعها صوت الفئران !
و تُدلل قطتها السمينة ذات الشريطة المُلَونه كل مساء !
ولا تحلم بطلاء شفاه مُحَير !!
وكان قدر " آدم " أن يصنع من جسده درعاً واقياً 
؛ يكفى حبيبته الثائرة شر النيران الغير مُبَررة !!
منذ أن قطن دنيا العشرة أعوام 
وهو أبدي الإقامة بأرصفة الوطن !
مُغترباً ؛ يحمل هوية الأرض الأم !
صدره يضج بأنفاس الحبيبة 
وحواسه تلتصق بصور حوائط منزله القديم
؛ الذى بات ذكرى ما إن لامس خاطره 
إلا و إنهمرت فى حضرتها دمعات تتكاثر فى انتظام
غير مرغوب فيه !!
راحة يدى وطنك ياسارة 
عليكِ الإحتماء بها إن خانتك وجهة الوطن !
وتآمر على حقك المتآمرون " ..
عبارته تلك المُبَللة دمعاً ودماً 
؛ ألقى بها فى صندوق أثرى تحمله سيدة مُتجعدة الجبين 
تتجول فى المدينة بأسرها بحثاً عن شربة مياة 
وكِسرة خبز !
سيدة دهستها عجلات العدو 
وحرمتها حاسة البصر 
ومنحتها حق كاذب فى أن تحيا ( نصف حياة ) !!
؛ تقضيها هائمة على وجهها بمدينة فاحت بميادينها 
رائحة القهر و أصدقائه !!
تتنقل بالقرب من معسكرات المُحتَل
كمن يتسول " الحب " !
كلما أبصرها " آدم " هون عليها ما تُلاقيه
مانحاً اياها وعوداً من كرامه !! " و ما إن تُنصِت العجوز لغنوة الغد من آدم 
إلا و يقفز قلبها فرحة 
وتهب مُسرعة للجهة الأخرى فى المدينة 
حيث تجلس سارة بين مصابي الحرب 
تُضمد جراحهم العميقة 
و تُلقى عليها سلام 
تَنشده فى غدها القريب !
وتمنحها خطاب " آدم " فى الحب والحرية !
تجاوزت خطابات العاشقين مداها 
وطافت أحلامهم بحدود الأرض الرهينة !
وحلق قلبهم بعيداً 
؛ حيث يقطن (سحرة الحرية ) !
لم يعد الحب كلمة 
و لم يبقى للقلب أمانى دنيوية زائلة " !
لم تكن سارة مجرد فتاة 
؛ عانقت النضج بكل قوة 
ومضت على أعتاب العمر قُدماً فحسب !
بل كانت مُلهمة للإنسانية 
؛ التى يستعرضها الأبطال على مسرح أوطانهم المُحتَلَة !
لم ترى " آدم " حبيب 
يتنفس و يشعر ويمضى !
بل كان فى عينيها وطن 
؛ يخفق نبض ثورته يوماً فيوم 
الى أن يُحَرر من أغلال الأمس القاسية !!
لم تره شاعراً بقدر ما رأته ثائراً !
ولم تره ثائراً بقدر ما رأته مُحارباً !
ولم تره مُحارباً بقدر ما رأته بطلاً !
بطلاً 
فى إحتضانه يتنفس " صُبح الإستقلال " !
أنتِ شمسي يا سارة 
وقمرى الساهر .. لا تتوقفي عن المُثابرة 
و احفري من قبور الغُزاة بيتاً بديعاً لكِ ولي !
و لأبنائنا الذين سنراهم حتماً فى العالم الآخر " !!
كانت تلك آخر رسالة 
؛ عثرت عليها " سارة " فى أحد جيوب سُترَة حبيبها 
بعد موته دفاعاً عن أبناء الحرب
 !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق