الصفحات

2014/08/23

صح النوم .. مونودراما الضحك والبكاء بقلم: سمر طاهر



صح النوم .. مونودراما الضحك والبكاء


بقلم: سمر طاهر

"صح النوم" هو اسم عرض مسرحي قصير لفرقة اللعبة تم عرضه على هامش المهرجان القومي للمسرح في دورته السابعة، العرض عبارة عن 45 دقيقة من المونودراما أو الأداء المنفرد،ومنذ اللحظة الأولى للعرض يشعر المتفرج بإبداع الكاتبة الفنانة "منحة البطراوي" وما بذلته من جهد واضح لتهيئة النص لملائمة الثقافة المصرية . أبدعت "البطراوي" في عملية " تمصير" أحالت من خلالها نص "نوبة صحيان" للكاتب الأيطالي وصاحب نوبل "داريو فو" الى مفرداتمصرية خالصة، ربما كانتصعبة في ترويدها بالنسبة للكاتبة، لكنها يسيرة على المتلقي، وبديعة في كل الأحوال.
أما المسرح فقد ضم ديكور معبر لكنه بسيط، أقرب ما يكون لمحاولات الأطفال في خلق عالمهم الخاص حين يعدون غرفهم للعبة التمثيل، هنا غرفة النوم وهنا المطبخ وهناك الحمام... كل ذلك في أمتار معدودة وحميمية للغاية، دعمها في توصيل المعنى إضاءة تخدم المضمون المسرحي لمصمم الإضاءة  "صابر السيد ".
البساطة في الوسط المادي الظاهر على خشبة المسرح، والخلفيات الموسيقية التي تصيب الهدف مباشرة لـ " شريف الوسيمي"،  يقابلها أداء تمثيلي سهل ممتنع من الممثلة والمخرجة  الشابة "دعاء حمزة" التي عزفت منفردة لمدة تقل عن الساعة أسعدتنا خلالها وأشقتنا في تكثيف بديع لحياة امرأة مصرية فقيرة.. في لحظة وليس أكثر نراها طفلة بريئة واسعة الابتسامة تحمل لعبا وتستمع لأغاني الأطفال التراثية.. وفي لحظة تالية زفافها السعيد الحزين، إلى أن نراها في هيئتها وهويتها الأخيرة  "أم إمام" التي لا نعرف اسمها قبل مولد إمام !
ككل الأمهات المصريات الفقيرات.. امرأة "شقيانة" . مجنونة قاسيةوحنونة  وسعيدة وحزينة!
يصدق فيها قول الشاعر صلاح جاهين "مجبر عليك يا صبح مغصوب يا ليل" ،  فمنذ استيقاظها الاجباري وكل ماتفعله هو اجباري.. من اعدادها لمنزلها وتلبية احتياجات طفلها، حتى غسيلها لوجهها التي لا تستطيع ان تكمله، استعدادها للخروج بمظهر لا ترضى عنه لكنه ربما يرضي المجتمع، بحثها عن أغراضها التي لا تعلم في أي مكان وضعتها في اليوم السابق من كثرة ما تحمله من أعباء و"أكياس"،تطاولها على زوجها ثم خوفها من ان تؤدي صراحتها معه الى الوصول للطلاق، ورغبتها في التخلص من أيام الأسبوع والابقاء على يوم العطلة فقط في محاولة لاقتناصساعات من الراحة لنفسها المكدودة..
أخذتنا "حمزة" في تنوعات بديعة بأدائها الجسدي والصوتي المتميز، تحولت خلالها في لحظات بين المرأة الشقيانة، والزوجة الساخطة، والأنثى الوديعة، والأم الغاضبة الراضية، والعاملة في مصنع وسط ماكيناتتقطع أصابعها في كوابيسها الليلية..
في دقائق خاطفة تقتنص من المتفرجين ابتسامات ودموع وتغمرهم بمفاجآت ساخنة وباردة متتالية غير منقطعة، لا تكاد تفلت لحظة واحده من انتباه المشاهدين سوى في اللحظة الأخيرة للعرض التي تحاول فيها الاستسلام لبعض الهدوء وإعادة رضيعها الى النوم مجدداً بعد نوبة صحيان مزعجة وتعيسة أصابتهما.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق