الصفحات

2014/09/18

ليكُن عاماً استثنائياً للنجاح بقلم: نُهى البدوي

ليكُن عاماً استثنائياً للنجاح  
 نُهى البدوي
 انتظم الأحد الماضي 7 سبتمبر أكثر من 6 ملايين تلميذ وتلميذة في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي في مدارسهم مع بدء العام الدراسي 2014 - 2015م في بلادنا، في أجواء سياسية مشحونة في بعض المحافظات ودعوات إلى التظاهر وقطع الطرقات ومشاحنات غير مأمونة العواقب وأبرزها أمانة العاصمة صنعاء، ودون شك أن لها تأثيراتها على نفسياتهم، حيث عاود التلاميذ مدارسهم وهم وأولياء أمورهم يتطلّعون إلى تحقيق أمانيهم وأحلامهم بإحراز مزيد من النجاحات خلال العام الدراسي الجديد 2014ـ 2015م، لرفع مستوياتهم وقدراتهم الإبداعية وتحسين مستوى تحصيلهم العلمي بالاعتماد على الذات وإنهاء آثار صدمة (جريمة الغش العام الماضي) التي خيّمت على أوضاعهم النفسية واستعدادهم لاستقبال هذا العام. ومن الطبيعي أن تطال الآثار السلبية المترتبة عن تلك الإخفاقات والظواهر السلبية التي سادت في الأعوام الدراسية الماضية كظاهرة الغش، حياة كثير من التلاميذ المجتهدين لتصيبهم بالصدمة، حين تفاجأوا بتطور أساليب ارتكابها في العام الماضي ليصل إلى مستوى متقدم - تسريب أسئلة الامتحانات للمرحلة الثانوية عبر طرق ووسائل متعددة - ووضعت وزارة التربية والتعليم اليمنية في حرج، لكنها رغم ذلك اتخذت إجراءات شبه مقبولة، إلا إن ما اتخذته من إجراءات لم يمح آثرها الذي طال حياة أولئك التلاميذ المتفوقين والمعتمدين على أنفسهم، وجعل بعض الأُسر تشعر بمرارة الألم وهي ترى أبناءها وبناتها الملتزمين والساهرين ليلاً للمثابرة وتركيز كل جهودهم لتحقيق أحلام وآمال أولياء أمورهم بإحرازهم مستويات علمية مشرّفة، واكتساب معارف جديدة وتطوير مداركهم وإبداعاتهم الفكرية والعلمية في واقع يفرض عليهم التساوي مع التلاميذ الذين سخّروا معظم أوقاتهم للعب واللهو، وهم طلاب ذوو مستويات علمية متدنية. استقبل أولياء الأمور هذا العام والوطن مثقل بجراحاته وأزماته السياسية والاقتصادية، وهم مثقلون بأعباء غلاء المعيشة ليضاعف معاناتهم ارتفاع أسعار مشتريات متطلبات الدراسة أو الالتحاق بالمدرسة هذا العام، فاجتهدوا وكابدوا العناء ليوفروا لأبناءهم ما يحتاجونه من مستلزمات دراسية - ملابس وكراسات وحقائب وأجور مواصلات والبعض رسوم المدارس الخاصة - هكذا ينظر الآباء والأمهات والأُسر أن عليهم واجباً ينبغي الإيفاء بهِ لتهيئة الظروف لهم وتمكينهم من استقبال العام الدراسي الجديد بيسر وسرور، وهم يحملون في دواخلهم الأمل في أن يحقق لهم أبناؤهم تطلعاتهم وأحلامهم بالنجاح ونيل مراتب متقدمة في مشوارهم العلمي لتحقيق غاياتهم في الحياة ومكانتهم في المجتمع. الجميع يتفهم ويدرك مدى التعقيدات التي تسببت في إنتاجها الأزمة السياسية القائمة في بلادنا منذً ثلاثة أعوام، وألقت بظلالها على كثير من الجوانب، ومنها شلل العملية التربوية والتعليمية في بلادنا، التي ينبغي على الأحزاب أن تتعامل مع هذا القطاع بعيداً عن الحزبية والمحاصصة التي كان لها أسوأ النتائج والتأثير عليه لتزداد معه ظاهرة التسيب الإداري والانعدام شبه الكلي للرقابة على الجودة التعليمية من حيث أداء المعلم، وتلاشت خلال العام الماضي وما قبله كثير من الأنشطة الإدارية والتعليمية، كالتقييم والتدريب والتأهيل الموسمي وعقد الدورات التدريبية والندوات العلمية، إلى جانب عدم العمل بمبدأ الثواب والعقاب وتشجع وتحفيز الملتزمين والمبدعين في أعمالهم لمضاعفة جهودهم للدفع بتشجيع وتحفيز الآخرين من المعلمين والتلاميذ للاستمرار في العطاء. هناك كثير من الأعمال ينبغي أن لا نلقي اللوم على الأزمة حين نرى أن التقصير في القيام بها ناتج عن اللا مبالاة والفوضى الذاتية، وتنصّل البعض غير المبرّر من تأدية واجباتهم، دون أية أسباب مقبولة، فنجد من يردّد "وضع عام في البلد" وهذا المنطق غير مقبول لأنه أصبح مصدراً للإحباط ولكسر الهمم في المجتمع، بل أدى إلى هز وإضعاف ثقة المواطن بالجهات التربوية بدءاً بالوزارة وانتهاءً بإدارة المدرسة والمعلم، وهذا يضعنا أمام حقيقة واضحة تتطلب منا التخلي عن ممارسة سلوك التعاطي غير المسئول مع هذه المسائل، وإلا فإن استمرارنا في سلوكنا هذا هو الإسهام الفعلي في تجهيل النشء والمجتمع، وسيتجرّع المجتمع والأسرة والأجيال القادمة على المدى القريب آثاره السلبية. مع تأكيدنا أننا أصبحنا نلمس هذه الآثار ومؤشراتها منذُ مدة عندما ظهرت حالات التسرّب من المدرسة بحجة تراجع مستوى التحصيل العلمي ليجد فيها الشباب ضالتهم ويهرب من الواقع الذي يعيشه إلى الشوارع للتسكع والخروج عن طاعة الوالدين وأسرهم، دون أن يدركوا المشاكل التي يتسببون فيها والأضرار بالمجتمع - فتعاطي الحبوب والمخدرات والقات والسيجارة - إلى جانب الالتحاق بالمليشيات المسلحة كأولئك الأطفال الذي نراهم مع (جماعة الحوثي) وهم يرتدون القمصان الحاملة للشعارات " الموت لأمريكا - الموت لإسرائيل .." هي من أبرز نتائج هذه الظواهر والأفعال غير المبرّرة. لازال القطاع التربوي والتعليمي في بلادنا يمتلك عدداً كبيراً من الكوادر المؤهلة التي لم ترضخ لهذه التأثيرات، والقادرة على فعل الكثير لانتشال العملية التربوية والعلمية من وضعها الحالي "المحزن" ونقلها إلى وضع أفضل والقادرة على وضعها في الاتجاه والطريق الآمن والصحيح الذي يصب لصالح البلد والمجتمع والأُسرة وممارسة السياسة خارج أسوار المدرسة، وسّد بعض الثغرات أينما وجدت وتوفير المستلزمات الدراسية للطلاب، كالكتب التي تأخر وصولها بغير قصد إلى بعض المديريات مع بدء العام الدراسي الجديد الأسبوع الماضي. نتمنى من الكوادر وأبنائنا وبناتنا أن يكونوا بمستوى الثقة عند أولياء الأمور والأُسر بأنهم سيحولون هذا العام إلى عام استثنائي للنجاح بالاعتماد على النفس ودون تكرار ظاهرة الغش، فأبناؤنا وبناتنا أمانة في أعناقكم، فخافوا الله فيهم.
 n.albadwi2013@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق