الصفحات

2014/09/22

وعد غير مكتوب.. قصة قصيرة بقلم: سمر طاهر



وعد غير مكتوب
 بقلم : سمر طاهر
نجوى حلمي ... نجمة السينما الأولى في التسعينيات...  ممشوقة القوام... جميلة لكن شيئ ما غامض أصبح يعتري جمالها.. يبدو أن موضة هذا النوع من الجمال انتهت...ربما.
 آخر فيلم قدمته  منذ عشرة أعوام.. وأين المشكلة.. على الأقل ما زالت تتمتع بالذوق الرفيع في انتقاء الملابس...والكلمات..
تظهر أحيانا على صفحات  بعض المجلات.. كما أن ثقافتها تؤهلها بامتياز لتصبح عضوة  في الكثير من المهرجانات الفنية.. كل شيئ على مايرام.. ماذا يريد الفنان العظيم أكثر من ذلك؟!
 لكنها ليست تحت الأضواء ... الأضواء الحقيقية ..المبهرة.. وليست الخافتة.
تتذكر المخرج رأفت صادق، تعرفه منذ كان مساعدا صغيرا "جدا"  لمخرج  أعمالها  "الراحل"..          ورأفت أسمه الآن.. في السماء.. يسير بسرعة برق ولمعان نجم.. تراه في برامج وصحف لا حصر لها.. هل أصبح المخرجون نجوما في هذا الزمان؟؟
  لم لا.. وهو بمثابة تلميذ في مدرستها .. طبيعي أن يصبح لامعا الآن .. لمعانه يعيد لها نشاطها .. تبحث في أوراقها القديمة عن رقمه... تدعو الله أن يكون الرقم صحيحا، ويستجيب الله للدعاء..
 تكلمه.. تهنئه على نجاحاته ... يبلغها أن فيلمه الأخير مشترك بالمهرجان الأعظم للسينما العربية ..في "الدولة الشقيقة الفلانية" .
تطير نجوى من السعادة، ياللمصادفة المكتوبة.. هي عضوة لجنة التحكيم بهذا المهرجان.. ستراه هناك.. ربما كل ذلك مكتوب.. بالتأكيد هو كذلك..
يكلمها عن مشروعاته الكثيرة القادمة وحلمه في التعاون معها.. يحمر وجهها من خلف ستار الهاتف لكن.. ترد بهدوء بارد.. بثقتها المعهودة غير المبالية.. مثلما تتحدث نجمة مع مساعد مخرج – فقط -  لتشجعه.
تغلق الهاتف وتضحك.. وتضحك لها الدنيا، تسحب مبلغا كبيرا من المال من حسابها لشراء ملابس جديدة.. ليت الوقت والمال كانا يتسعان للسفر إلى باريس من أجل التسوق.. لكن ملحوقة..
 تصبح ملامحها أكثر استرخاءا عن ذي قبل.. لا مانع أن تكون عودتها مع مخرج صغير.. مثل رأفت.
 تزيل كل الأفكار السلبية التي تراودها بأن مخرج فيلمها القادم، رغم تحقيقه لعدة نجاحات في العام الأخير،
  إلا أنه لايزال لا يليق بمقامها ..
في المهرجان .. هي الخبيرة.. فيلم رأفت جيد ... تنظر له بإعجاب طوال  المهرجان.. فعلا يستحق أن يكون تلميذ الأستاذ الكبير.. رحمه الله ... الأهم أنه يستحق أن يكون مخرج فيلمها الجديد..
 لكنها مازالت خائفة من خطوة قدميها .. هل يريد أن يستغل أسمها الكبير لتلميع أسمه؟.. هل تقبل بطولة فيلمه القادم؟ وماذا لو لم تكن بطولة؟ لا تتحمل صدمات جديدة.. لكن ولم لا، كل نجوم العالم الكبار يمثلون أدوارا صغيرة جدا في بعض الأفلام... ستقبل الدور لأنها تثق في رأفت... وبذكاءها ستجعله دورا لا ينسى..
تصحو من غفلتها.. تصوّت نجوى لرأفت.. هي وعضوان آخران من دول شقيقة أخرى..  ويصوت العضوان الأجنبيان لفيلم آخر..
تحسم نجوى النتيجة لصالح فيلم رأفت .. هي سعيدة للغاية... الآن فقط يصبح هو"مخرج كبير" يستحق العمل مع نجوى حلمي ...
 تلتقي به على العشاء ... يتحدثا كثيرا عن فيلمه الجديد ... يثني على موهبتها وتاريخها.. ويتمنى أن يكون الأداء في الفيلم الجديد أشبه بأداءها في فيلمها القديم الأشهر.. تعده بذلك بنظرة من عينيها..
 يأتي النجوم للتهنئة ..تهنئه النجمة الشابة بحرارة، ينظر لنجوى ويبلغها أن النجمة الصاعدة.. بطلة فيلمه الفائز..معهم أيضا في فيلمه الجديد... تجاملها نجوى، رغم عدم إعجابها بتمثيلها .. المتكلف...
 ينظر للنجمة الواعدة ممازحا " عاوزك تعصري الأستاذة ومفيش مانع تقلديها كمان".. يبتسم ...
ينتقل نظره لنجوى "يشرفني أنك تحضري معانا أول يوم في اللوكيشين .. وياريت كل الأيام ..هتنورينا " ..
تضيع الابتسامة في وجه نجوى .. تسترجع ماحدث في اليومين الأخيرين مثل التائهة.. يقاطع رأفت أفكارها   "على فكرة لازم أشكرك.. متأكد أن صوتك كان لصالحي .. مش ممكن يكون فيه فيلم مصري وماتديلوش صوتك ..حضرتك مشهورة بتعصبك لبلدك"..
تحملق في وجهه بابتسامة مُرهقة كالبكاء : "  أنا ضميري المهني مايسمحليش بالمجاملة حتى ولو علشان أرفع أسم مصر"..  تشيح بوجهها عنه.. " فيلمك كان أحسن فيلم السنة دي"..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق