الصفحات

2014/10/10

قراءة في رواية "الفيل الأزرق" للروائي المصري أحمد مراد بقلم: خيري عبدالعزيز



قراءة في رواية "الفيل الأزرق" للروائي المصري أحمد مراد
خيري عبدالعزيز
   من ينتهي من رواية الفيل الأزرق لأحمد مراد لن يسعه سوى الوقوف مع نفسه لبعض الوقت لهضم ما فات واستيعابه وتكوين رؤية عامه شاملة للعمل.. زخم من الأحداث وتلاحق يجذب معه القارئ من رقبته.
   وأتساءل من أين لأحمد مراد بهذه اللغة وهذه الروح التي كتب بهما "الفيل الأزرق", فأجدني أجيب؛ هي لغة وروح شباب هذا العصر, وهذا العصر تحديدا وليس أي عصر آخر منصرم, الشباب الذي تربى فكريا منذ نعومة أظافره على يد دكتور نبيل فارق وأحمد خالد توفيق ومحمود سالم, شباب تجرع روح المغامرة منذ يومه الأول بالحياة, ثم تلقفه عالم النت بمواقعه الاجتماعية ولغته المرحة السريعة.. لغة احمد مراد وروحة وسمته الخاص في الكتابة يشكلهما هذين العاملين تحديدا من وجهة نظري, القراءة البكر لكتب المغامرات الخفيفة الشيقة, والنت بلمساته الطريفة وايفهاته المضحكة, لتخرج لنا لغة احمد مراد "المغامرتية الفيسبوكية", حداثية التوليف بين الفصحى والعامية والمدعومة بجمل ومفردات انجليزية. لغة تحمل روح الشباب ونزقه وعبوسه وثقافته ومغامراته وشروده وضلاله, فجاءت متوائمة مع "يحيي" ونفسيته, وبدت لائقة عليه, تستنطق نفسها من نفسه الغارقة في الندم والضياع.
  من يقرأ الرواية سيجد كما هائلا من المعلومات في نواحي مختلفة؛ الخمور, الطب النفسي, لغة الجسد, العالم السفلي.. وسيخطر في ذهنه أن الكاتب يدرس المواضيع التي يتناولها في عمله ويذاكرها جيدا ليوظفها في بنية النص فيما يخدم النص, وإن كانت هناك صفحات عديدة زجت للعمل حشوا وكان يمكن الاستغناء عنها, وهذا جعلني أفكر أن الكاتب يكتب ما يواتيه من أفكار ومواضيع منفصلة ثم يولفها ويربط بينها بعد ذلك في سياق العمل العام, أحيانا تأتي في خدمة للنص, وأحيانا دخيلة تزيد من حجم أوراقه لا أكثر.
  وبين الخمور التي يدمنها البطل يحيي, والطب النفسي الذي يمتهنه, ولغة الجسد التي يعشقها فيفهم بها سلوك الناس والخفي منهم, ثم العالم السفلي الذي يزج بنفسه في حياة يحيي من خلال صديقه شريف الذي يتلبسه جني يسمى "نائل النكاح"- تدور أحداث الرواية. ويأخذنا قرص عجيب يسمى "dmt" أو الفيل الأزرق إلى دهاليز تقودونا لعالم بائد بعيد حيث بدأت أسطورة الرواية بين المأمون وزوجته والعلاقة الجنسية المنتكسة بينهما.. ومن أكثر ما نجح فيه الكاتب هو ترك الرواية في أكثر من جزئية مفتوحة على أكثر من تأويل, والنهاية أنموذجا.
العمل فانتازي يدور في جو نفسي, ويعمل في منطقة بكر على المستوى الروائي.



هناك تعليق واحد: