الصفحات

2014/10/17

الاضطرابات السياسية تعيد الإرهاب إلى الواجهة بقلم: نُهى البدوي

الاضطرابات السياسية تعيد الإرهاب إلى الواجهة
 نُهى البدوي

تُراهن التنظيمات الإرهابية على الظروف والمناخ القائم في هذا البلد أو ذاك لتنفيذ أنشطتها الإجرامية، وفي اليمن نجدها تسارع باستغلال الفرصة وانشغال الدولة بحواراتها لمجابهة واحتواء أي خلاف أو أزمة سياسية تنشب بين القوى والأطراف السياسية والحركات المسلحة، لتنفيذ جرائمها الإرهابية باستهداف المواطنين وأفراد الأمن والجيش والمدنيين الأبرياء، فالإرهاب يجد في بروز أية أزمة أو خلاف سياسي ثغرة تمكنه من استغلالها فمناخ الاضطراب والتأزم يجده أحد العناصر التي تلائمه لتوجيه ضرباته لقتل الأبرياء ليعمق الخلاف من جهة ويسفك دماء الأبرياء المسلمين أو أفراد الجيش بمهاجمتهم في نقاط التفتيش، لتحقيق أهدافه المتعددة، والتي من ضمنها ما بات واضحاً تمزيق النسيج الاجتماعي وإحداث انشقاق طائفي ومذهبي بين أبناء اليمن. ما حدث يوم الخميس الماضي حين شنّ تنظيم «القاعدة» هجومين في صنعاء وحضرموت، استهدف الأول تظاهرة للحوثيين عند مدخل ميدان التحرير وسط العاصمة وأوقع نحو خمسين قتيلاً وعشرات الجرحى، فيما استهدف الثاني مهاجمة نقطة للجيش «الغبر» غرب مدينة المكلا بسيارة مفخخة وأسفر عن مقتل 20 جندياً وجرح العشرات من الجنود. إعلان تنظيم "أنصار الشريعة" جناح القاعدة في اليمن بيانه الذي نشره على حسابه في تويتر تبنيه التفجير الانتحاري الذي استهدف تظاهرة للحوثيين بالعاصمة صنعاء.. وأطلق اسم «أبا معاوية الصنعاني» على الانتحاري الذي نفذ العملية .واصفاً إياه بالانغماسي الذي انغمس بحزام ناسف وسط تجمع للحوثيين أثناء تجهزهم للاحتشاد في ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء الخميس الماضي. وكذا تبنيه الهجوم الذي استهدف الجيش في محافظة حضرموت، الذي قال في بيانه المنشور في حسابه على تويتر السبت الماضي، «إن مقاتليه هاجموا الخميس الماضي نقطة عسكرية تابعة للواء 27 ميكا، في منطقة "الغبر" بمديرية (بروم ميفع) بحافظة حضرموت"، لافتاً إلى أن الهجوم بدأ بسيارة مفخخة قادها "موحد القيفي" قبل أن يقوم "بتفجيرها على حاجز التفتيش في النقطة المذكورة". والذي أشار فيه إلى أن الهجوم أدى إلى مقتل 20 جندياً وإصابة 17 آخرين، واصفاً الجيش بـ«المتحوث» نسبةً إلى جماعة أنصار الله المعروفة باسم الحوثي» . ويؤكد أن الهجومين يبرهنان بقوة من حيث التوقيت كيفية مسارعة التنظيمات الإرهابية لاستغلال الأزمة السياسية التي برزت الأسبوع الماضي حول اختيار وتكليف رئيس للوزراء لتشكيل الحكومة. لا شك أن الأجواء المشحونة التي تسيطر على المشهد السياسي في اليمن قد أوجدت واقعاً متأزماً يذكّرنا بنفس الأجواء التي نفذ فيها تنظيم القاعدة باليمن عدد من الجرائم والعمليات الانتحارية عند انتقال السلطة في عام 2012م - 2013م وما حدث من خلافات أثناء وبعد انعقاد مؤتمر الحوار، فوجود أي أزمة أو إطالتها يمثّل فرصاً ثمينة يراهن عليها تنظيم (قاعدة الجهاد في شبه الجزيرة العربية) الذي سارع جناحه (أنصار الشريعة) بتبني العملتين اللتين نفذتا في نفس التوقيت وما سبقهما من هجوم استهدف المقار الحكومية للسيطرة على محافظة البيضاء لخلط الأوراق وصرف الأنظار عن الجريمة التي خطط لارتكابها في صنعاء. مثّل التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية أملاً للمواطن يمكن بتنفيذه عودة الحياة إلى طبيعتها السابقة، والانتقال إلى مرحلة جديدة يسود فيها السلم والوئام بين اليمنيين وبناء الدولة وتنفيذ مخرجات الحوار بحسب ما تتبناه الأطراف السياسية الموقعة عليه، إلا أن بعض الأطراف تحاول التنصّل عن التزاماتها بتنفيذه وممارسة الابتزاز السياسي لبقية الأطراف المشاركة في العملية السياسية، وهذا يساعد على إثارة الاضطرابات السياسية، وإفساح المجال لأعمال العنف لتتسيد على المشهد اليمني وعودة التنظيمات الإرهابية القريبة من تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" لارتكاب جرائمها وتنفيذ هجماتها الانتحارية وقتل المدنيين الأبرياء. إن استقرار الأوضاع في اليمن وتهيئة الظروف لإحلال السلام فيه من خلال تجسيد الشراكة الوطنية بين الأطراف السياسية أصبح قضية ملحّة تتطلب إرادة وطنية شجاعة قادرة على سد وتلافي تلك الثغرات التي تُستغل لاستمرار إثارة الأوضاع السياسية وتذبذب المواقف للأطراف الموقعة على اتفاق السلم والشراكة، وتتيح ممارسة سلوك التربّص وابتزاز كل طرف للآخر، فالتنازل والتوافق بين الأطراف أصبح أمراً حتمياً وضرورة وطنية لتحقيق الإرادة المطلوبة التي بدون تحقيقها لا يمكن تسوية وإيجاد الأرضية المناسبة للوصول إلى تحقيق الاستقرار السياسي ولو (مؤقتاً) لتفويت الفرصة على التنظيمات الإرهابية واستغلالها للاضطرابات السياسية القائمة في البلد، وتنفيذها جرائمها الإرهابية لتعود للواجهة في المشهد اليمني، فضلاً عن حاجة اليمن لتهيئة الظروف فيه لإنجاز استحقاقات المرحلة القادمة ومن بينها إنجاز الدستور الجديد والاستفتاء عليه وتنفيذ بقية برامج وأهداف التسوية السياسية لإخراجه من أزماته المتكررة. 
n.albadwi2013@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق