الصفحات

2014/12/19

من يشتري الأحزاب المصرية؟ بقلم: فؤاد قنديل

من يشتري الأحزاب المصرية؟
 فؤاد قنديل 
 في مصر الآن أربعة وتسعون حزبا تأسس معظمها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 بغرض استلام التركة والاستحواذ على نصيب من الكعكة السياسية التي لا شك تهاوت أعمدتها الرئيسة المتمثلة أساسا في الحزب الوطني فقد هوي عرش رئيسه وفي أعقابه معبده الذي بناه بالاستبداد والجهل والنفعية والتعالي وفي ظل فراغ الحياة السياسية من حوله بلا أي منافس أو حتى محاور. ومن سوء الحظ أن الأحزاب التي تأسست لا يضم كل منها غير نفر قليل أجروا شقة وركبوا تليفون مجاني وعلقوا لافتة ضخمة باسم الحزب ثم تقدموا بطلب لتسجيل الحزب ، ونال عدد منها الموافقة ولم تنل أخري لكنها جميعا سواء قانونية أو غير قانونية تتصرف على أنها أحزاب مصر السياسية التي تحاول رفع عقيرتها بالصراخ في كل مناسبة حتى يتردد الاسم لدي القاصي والداني وربما تمكنوا من إصدار صحيفة لا تكلف مليما فالإعلانات تقوم بالمهمة ، ورغم كل ما تضج به الحياة السياسية من صخب وصراخ وتصريحات وأحيانا مشاركة في مظاهرات فلم يعرف الشعب المصري عن هذه الكائنات الهلامية والطحلبية أية معلومة إيجابية تريق ماء الوجه وتبرر الضجة وتوحي بأن المستقبل السياسي يمكن أن يكون مبشرا ولو بنسبة 30% ، والمواطن البسيط يسأل سؤالا مثله بسيطا : هل نزلت الأحزاب وأعضاؤها إلى الشوارع للتعرف على مشكلات الشعب ومدارسة سبل حلها مع أصحابها والمضارين منها؟ ما ذا فعلت هذه الأحزاب لمساعدة الدولة في علاج المشكلات ؟ .. هل قدمت حلولا عملية للقضاء على بعض الأزمات ؟ .. هل توقفوا عن الكلام في وسائل الإعلام يوما واحدا؟. هل حاولت الأحزاب الدعوة لحملة لصيانة المدارس من حيث التجهيزات وليس الإنشاء؟ هل فكروا لمدة ساعة واحدة في تفضيل المصلحة القومية على مصلحتهم الشخصية ؟.. هل قاموا بأي دور لتوعية الجماهير إزاء التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجارية في الواقع الجديد ؟ هل فكر أعضاء أي حزب في محاولة الحوار مع القيادات السياسية للدولة لبحث وسائل المشاركة في دعم المسيرة الديمقراطية أو قدموا اقتراحات مباشرة لتطوير العمل الحكومي والخاص أم أن الأحزاب الهشة لا تهتم بالبحث عن الحلول ومسندة الدولة بل الاجتهاد بكافة الطاقة للتربص بالقيادات الحكومية وإدانة أية خطوة يراها عضو الحزب دليل عجز وتقصير ومن ثم يملأ الدنيا صراخا منددا بجريمة المسئول ومن ثم يحرز شهرة عكسية أي باستخدام الإدانة بدلا من اقتراح التطوير والمساندة؟ هل اقترحت الأحزاب أفكارا للقضاء على البطالة ؟ هل اقترحت الأحزاب الكرتونية المائة أية رؤى للإصلاح الإداري للجهاز الحكومي؟ هل قامت الأحزاب بأعمال تطوعية كنماذج تقتدي بها الجماهير لنظافة الشوارع ومحو الأمية وتجميل الميادين والشوارع الرئيسية ولصق التوجيهات المعدلة لسلوك الأفراد فيما يختص بحماية المجتمع من العشوائية والدعوة لاحترام قوانين المرور والعناية بالصحة الشخصية ورعاية الأطفال وتقدير المرأة والجندي والمنشآت العامة ؟ هل قام أي حزب بدور من أجل توعية التجار والباعة لتخفيض الأسعار وتخفيف نسبة الربح التي تسحق البسطاء ؟ هل قام حزب بالنزول إلى الشارع للحوار مع الناس بشأن السلوك الأخلاقي المتمثل في لغة الحوار والصراخ والإهانات غير المبررة والآداب العامة وضرورة الارتقاء بوسائل التعامل مع الممتلكات العامة مثل سيارات النقل والمباني والسيارات ؟ هل قام أي حزب بالمشاركة الفعلية في بناء منشأة صناعية تمثل نموذجا في الجودة والسعر الزهيد وتوقف استيراد سلعة أو عدد من السلع المرهقة للاقتصاد المصري ؟ هل قام حزب بمحاولة استصلاح وزراعة مساحة من الأرض مكونة من عشرة آلاف فدان على الأقل وتقديمها كنموذج لمحصول نظيف وبسعر رخيص ويعمل به ألف عامل على زراعي على الأقل ؟ هل أعلن أي حزب عن مشروعه القومي الزراعي أو التعديني أو السياحي أو البترولي أو الكيماوي الذي يستعين في تشغيله بالآلاف من الكيميائيين والفنيين والمحاسبين والعمال في جميع التخصصات ، والغرض منه خدمة المجتمع عمليا وفي الوقت ذاته تدريب كوادر الحزب على الإدارة والقيادة وطرق التفكير في مشكلات البناء ومتطلبات الإنتاج حتى إذا حلموا بالوصول إلى الحكم أو دخول البرلمان كانت لديهم الخبرة والصيت والمعرفة وثقة الجماهير لأنهم عملوا على تطوير أنفسهم بشهادة الواقع وليس الكلام ؟ هل تلك الأحزاب قامت بتشكيل هياكل حزبية لإدارة أفرع الحزب من النواحي القانونية والإدارية والمالية طرق اختيار الأعضاء وشروط العضوية والاشتراكات والمهام ومن حيث نظم تدريب الأعضاء وهل هناك أفرع من الأساس في كل محافظة وآليات عملها مع الجماهير ، أم أن معظم الأحزاب تكتفي بالتقاط أفراد ذات وهج تليفزيوني وصيت إعلامي لضمه كصوت يمكن أن يجتذب الجماهير لبرنامجه أو ندوته وطلاقة لسانه وكفي ؟ الأمر الغريب أن كل هذه الأسئلة سوف تصدمنا الإجابة عليها ، لأنها في الأغلب لن تكون غير .. لا ..لا .. لا ..أي أنه لا دور على الإطلاق لهذه الأحزاب بما فيها أقدمها مثل الوفد والتجمع الوحدوي والعربي الناصري وما تلاها .. إذن ما الذي يكشف عنه الواقع السياسي لمصر خارج الحكومة أو السلطة التنفيذية التي لا تجد أي عون من أي نوع .. لا من الأحزاب ولا رجال الأعمال ولا الكثير من العمال ولا الملايين من موظفي وعمال الهيئات الحكومية ، ولكن عندما تنطق القيادة السياسية بأية كلمة أو مشروع قرار يخرج الكل من الغرف ليهتفوا ضد الرجعية والطغيان وعودة نظام مبارك واستمرار حكم مرسي و.. و.. فأين اليد الممدودة حتى بالسؤال ، أو بالدهشة أو طلب التفسير ؟ ونرتد مجددا إلى السؤال الذي طرحناه في البداية واستدرجنا لكل ما قلنا .. من يشتري الأحزاب المصرية ؟ رأيي الشخصي .. ضرورة إعادة كتابة السؤال ليكون .. من يحب أن يحمل عنا الأحزاب المصرية ويريحنا من وجع الدماغ والهشاشة والزيف والادعاء وخطط الصعود إلى الصدارة والاستمتاع بالوجاهة الكاذبة لمزيد من تخريب الدولة عبر البرلمان .. شكرا لمن سيأخذ الأحزاب ولا نريد أي مقابل ؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق